مهمة صعبة.. ما إمكانية إعادة تطبيع العلاقات بين البحرين وإيران؟

5 months ago

12

طباعة

مشاركة

في ظل التحولات الجيوسياسية الكبيرة، تأتي خطوة البحرين لتطبيع العلاقات مع إيران كإشارة مهمة على التغيرات الدبلوماسية والإستراتيجية في الشرق الأوسط. 

ويعد هذا القرار جزءا من موجة تطبيع علاقات الدول الخليجية مع إيران، والتي شملت أخيرا السعودية والإمارات والكويت، وفق ما ترى صحيفة "مينا ووتش" الألمانية.

وتستعرض الصحيفة الجهود المبذولة من قبل البحرين لاستعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد ثماني سنوات من التوترات والقطيعة.

كما تسلط الضوء على الأسباب الكامنة وراء هذا التحول الدبلوماسي، بما في ذلك الرغبة في مواكبة التحركات الإقليمية وتجنب التصعيد غير المقصود، بالإضافة إلى التحديات والعقبات التي قد تواجه هذه الجهود، خاصة فيما يتعلق بوضع المجتمع الشيعي في البحرين. 

مبادرة بحرينية

وكشف رئيس الشؤون السياسية في مكتب الرئاسة الإيرانية، محمد جمشيدي، في 7 يونيو/حزيران 2024، عن طلب البحرين وساطة روسيا لتطبيع العلاقات مع إيران.

وأوضح للتلفزيون الإيراني أن المنامة سبق أن طلبت بشكل مباشر من طهران إحياء العلاقات معها، ثم طلبت من موسكو التوسط للغرض نفسه.

وفي يناير/كانون الثاني 2016 أعلنت البحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، إثر تهم متكررة بالتدخل في شؤونها، وذلك بعد يوم من اتخاذ السعودية القرار نفسه عقب اقتحام محتجين سفارة الأخيرة في العاصمة طهران وقنصليتها بمدينة مشهد.

ومن الصين التي توسطت بين الرياض وطهران في مارس/آذار 2023، قال عاهل البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، في 31 مايو/أيار 2024، إن بلاده "تسعى إلى عودة العلاقات الدبلوماسية مع إيران كجارة".

وأضاف خلال لقاء مع رئيس مجلس الدولة بالصين “لي تشيانغ”، على هامش زيارته لبكين: “نرحب بدعمكم لهذا المسعى (التطبيع مع إيران) لإرساء السلام وعودة الاستقرار في المنطقة”.

وأردف: "بصفتنا دعاة للسلام والتسامح والتعايش الإنساني، فإننا نؤمن بضرورة اعتماد نهج الحوار والدبلوماسية السلمية القائم على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

وكان أول تصريحات ملك البحرين بهذا الخصوص، جاء في لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالكرملين في 23 مايو.

وأشار وقتها إلى "تطلع مملكة البحرين، بدعم من الدول العربية وروسيا، إلى تحقيق مبادئ حسن الجوار للحفاظ على علاقات طبيعية ودبلوماسية وتجارية وثقافية مع دول الجوار".

وأكد أن "دعم روسيا والرئيس بوتين (في هذا الخصوص) هو شيء مرحب به من جانب أهل البحرين ومن جانبه بشكل شخصي".

وعبر عن "تطلع مملكة البحرين لتحسين علاقاتها مع إيران"، مؤكدا أنه "لا مشاكل لدينا معها ولا يوجد سبب لتأجيل عودة العلاقات بين البلدين".

وفي لهجة تظهر التودد والرغبة الكبيرة في حل الأزمة، قال الملك: "أهل البحرين يحبون إيران وزيارتها ولهم تاريخ معها".

وبعدها بثلاثة أيام، رحب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، بتصريحات الملك البحريني، وقال: "إنها ستكون محل اهتمامنا".

كما شكر كنعاني البحرين على رسائل التعزية بوفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان، ومشاركة وزير خارجيتها عبداللطيف بن راشد الزياني في مراسم العزاء في طهران.

لماذا الآن؟

حاولت الصحيفة الألمانية الإجابة على سؤال: "لماذا تريد البحرين إعادة العلاقات مع إيران الآن؟". 

وأشارت إلى أن المملكة تريد “مواكبة الدول الخليجية الأخرى التي أعادت علاقاتها مع إيران”.

ورأت أن هذا يعد أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع المنامة لاستعادة العلاقات مع طهران في الوقت الراهن.

وأضافت: "سبب آخر هو إنشاء قناة اتصال مباشرة لحل الخلافات القائمة وتقليل احتمال التصعيد غير المقصود".

وتابعت: "مثل هذه القناة يمكن أن تكون مفيدة لإدارة العلاقات وتجنب التصعيد في سياق التوترات الإقليمية المتزايدة والتقدم في البرنامج النووي الإيراني".

ونقلت عن عضو مجلس النواب البحريني ممدوح الصالح قوله، إن استعادة العلاقات "في هذا الوقت مهم جدا للحفاظ على المنطقة من التوترات والصراعات وإعادة بناء الجسور بين البلدين بطريقة تسهم في تخفيف التوترات والمخاطر المحتملة". 

كما يتوقع أن "تؤدي الإرادة السياسية القوية من الجانبين والجهود الدبلوماسية المستمرة إلى تطبيع كامل في المستقبل القريب".

لكن بالنسبة لرئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، باقر درويش، فالأمور تبدو مختلفة قليلا. 

ويعتقد درويش أن "روسيا ترغب في تعزيز وجودها بالمنطقة وترى في دورها كوسيط فرصة لدخول (زيادة النفوذ) الشرق الأوسط"، في إشارة إلى أن موسكو تعد "عرابة للتطبيع بين البحرين وإيران".

وفي الختام، تلفت الصحيفة الألمانية إلى وجود "عقبات في طريق التطبيع بين إيران والبحرين". 

وأشارت بشكل خاص إلى "وضع المجتمع الشيعي في البحرين، الذي تزعم طهران أنه يتعرض للتمييز من السلطات البحرينية". 

وأوضحت أن "هذه الخلافات المتعلقة بالمجتمع الشيعي والروابط المزعومة بين المعارضة البحرينية وطهران كانت سببا رئيسا في الجمود الدبلوماسي بين البلدين لسنوات عديدة".