كيف يمكن ترسيخ السردية الإسرائيلية بشأن فلسطين؟.. سؤال عبري يبحث عن إجابة
ضغط كبير من الاحتلال الإسرائيلي على الولايات المتحدة الأميركية لـ"إجبار" الدول العربية والإسلامية، لـ"ترويج السردية الإسرائيلية" حول القضية الفلسطينية.
وأكدت العضو السابق في الكنيست الإسرائيلي، روث واسرمان، في مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، على أهمية إحداث ما وصفته بـ"الثورة" في وعي الشعوب العربية والإسلامية، عبر جعلها "شريكا في السردية الإسرائيلية".
غربلة الرسائل
وقالت واسرمان: "إننا نخوض حربا على عدة مستويات من أجل الحفاظ على إسرائيل".
وأضافت أنه "ما من شك في أن المستوى العسكري هو الأساسي والأكثر أهمية، ومع ذلك، فإن المعركة حول سرديتنا لا تقل أهمية".
وأكدت واسرمان على أنه "حتى بدون دعم العالم، سنستمر في الوقوف بحزم ضد الشر الذي نواجهه، وحتى بدون الشرعية الدولية التي نستحقها، سنواصل الكفاح والعمل من أجل عودة المختطفين، وحتى بدون دموع مواطني العالم، سنستمر في طريقنا"، وفق ادعائها.
واستدركت: "رغم كل ذلك، فمن المهم أن نعمل على عدم خسارة معركتنا لجعل العالم الإسلامي يقبل سرديتنا، أو على الأقل يعترف بها".
وتابعت أن "العالم العربي والإسلامي لا يتعرض تقريبا لأية معلومات تضعه على خلاف مع الرسائل المعادية لإسرائيل التي اعتاد عليها".
وأردفت: "تقوم الحكومات العربية -التي طبعت مع إسرائيل- بغربلة الرسائل الإعلامية التي تتعرض لها شعوبها، بطريقة لا تُظهر سردية إسرائيل".
وترى البرلمانية السابقة أن "الوقت قد حان لتغيير هذا الوضع"، مؤكدة أن "هذه ليست سذاجة ولا مجرد أمنيات، بل هدف قابل للتحقق".
وفي استعراضها لأهمية هذا الهدف، أشارت واسرمان إلى أن "العرب والمسلمين يشكلون نسبة كبيرة من سكان العالم، ما يجعل لهم تأثيرا كبيرا على الخطاب العالمي".
وذكرت أن هذا التأثير يمتد "سواء في المنظمات الدولية أو في قدرته على تسخير الرأي العام في مختلف الجامعات، وفي شوارع أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا".
وقالت واسرمان: "رغم أنه من المهم الاعتراف بأن هذه المهمة صعبة ويجب أن نستعد وفقا لذلك، إلا أنه لا يوجد سبب لتبني حالة ذهنية انهزامية عندما يتعلق الأمر بمحاولة مس قلوب جماهير هذه المنطقة".
وادّعت الكاتبة أن "هناك بعض الأسس التي تثبت أن هذا الهدف قابل للتحقق".
ومن هذه الأسس -وفق وصفها- أن "الثقافة العربية تعتمد بشكل كبير على العاطفة وبدرجة أقل على العقلانية".
وأوضحت أن "هذه ليست قاعدة قطعية، لكن العاطفة لها ثقل كبير جدا بالنسبة للكثيرين في العالم العربي والإسلامي".
وشددت على أن "أي جهد إسرائيلي أو يهودي أو أي جهد آخر لنشر السردية الإسرائيلية مع العالم العربي والإسلامي، لابد أن يرتكز إلى حد كبير -إن لم يكن بالكامل- على العاطفة".
وأردفت: "يجب أن نتوقف عن إعلان الهزيمة مقدما، أو أن نقول: أنهم حتى لو عرفوا سرديتنا سيرفضونها أو سيتجاهلونها أو حتى سيسعدون لما وقع بنا".
وتعتقد واسرمان أن "بعض العرب والمسلمين سيكونون بالفعل سعداء لما حلّ بنا، بل إن بعضهم، من غزة، شارك في الاحتفاء بعملية 7 أكتوبر".
لكن استدركت بالقول إنه "من واجبنا أن نضع الحقيقة أمام أعين العرب والمسلمين، بالتعاون مع الحكومات العربية وبمساعدة الولايات المتحدة".
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نفذت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" هجوما على مستوطنات غلاف غزة قُتل فيه نحو 1200 إسرائيلي، وأصيب حوالي 5431، وأسر 239 على الأقل، في عملية أطلق عليها "طوفان الأقصى".
بالمقابل، شن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة مستمرة على قطاع غزة، خلّفت أكثر من 25 ألف شهيد، ونحو 63 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء.
دعم أميركي
وشددت البرلمانية السابقة على أن "الولايات المتحدة تتمتع بقدر كبير من النفوذ على الدول العربية، وبالتالي فإن لديها القدرة على مطالبة وسائل الإعلام العربية ببث السردية الإسرائيلية".
وأضافت أنه "لا يمكن أن نقبل كأمر واقع منع الحكومات العربية من أن تعرف شعوبها معاناتنا".
وأفادت بأن "هذا الواقع لا يمكن أن يستمر"، قائلة: "لقد طفح الكيل، لابد أن يكون هناك شيء من الاحترام، والاحترام يولّد الاحترام".
ورأت واسرمان أن "هذه القضية يجب أن تكون شرطا للتعاون" مع الدول العربية والإسلامية.
وأوضحت أنه "في المقابل، هناك عدد لا بأس به من القضايا التي يتعين على إسرائيل أن تبدي استعدادا لقبولها".
ومن هذه القضايا -وفق الكاتبة- السماح لمصر بزيادة قواتها العسكرية في شبه جزيرة سيناء بما يتجاوز ما هو مسموح به في "اتفاقية السلام"، ومنها أيضا المساعدات الإنسانية التي تسمح إسرائيل بدخولها إلى قطاع غزة.
وترى أن "هذا شرط ذو أهمية قصوى، لأن إبداء إسرائيل لهذا الاستعداد سيخلق تغييرا حقيقيا ومستداما تجاهها، في وعي الشعوب الكبيرة من العرب والمسلمين".
وأضافت: "كشخص شارك، لسنوات عديدة في نشاطات الدبلوماسية الشعبية لإسرائيل، فإنني أدعو للمرة الأولى إلى حملة كبيرة وواسعة النطاق لجمع التبرعات بغرض إنشاء حملة إعلامية عالمية تستهدف جيل الشباب في العالم، وتحديدا الشباب العرب والمسلمين".
وذكرت واسرمان أن "هذا استثمار إستراتيجي سيكون له تأثير على صمود إسرائيل".
وشددت على أن "مثل هذه الحملة يجب أن تستخدم أفضل التقنيات، للتغلب على الضعف العددي الذي تعاني منه إسرائيل".
وأردفت أن "الأمر ببساطة هو أن إسرائيل لا تملك رفاهية التجاهل أو غض الطرف عن التحريض الجنوني ضد الإسرائيليين والشعب اليهودي"، وفق زعمها.
وذكرت أن هذا التحريض "يشكل أساسا لكثير من الرسائل التي تُغذَّى بها الجماهير العربية والإسلامية من قِبَل بعض حكوماتها".
وأضافت: "يجب ألا نغض الطرف عن البرامج التعليمية التي تديم الكراهية تجاهنا في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، وفي الأردن، ناهيك عن الدول العربية الأخرى".
واستدركت: "ومع ذلك، فقد بدأت هذه الجهات بالفعل في تحسين رسائلها الإعلامية، مقابل الحوافز التي تتلقاها من المجتمع الدولي، وخاصة من الولايات المتحدة".
وتعتقد واسرمان أن "هذه خطوة من شأنها أن تخدم أيضا الحكومات العربية المعتدلة نفسها، لأن التحريض ضد إسرائيل كان دائما سلاحا ذا حدين بالنسبة لتلك الأنظمة".
وزعمت أن "الوقوف إلى جانب إسرائيل ضد الإرهاب والإسلام (الراديكالي) هو مصلحة لهذه الأنظمة أيضا".