مع تخاذل العالم.. غزة تؤرق الاحتلال بمقاومتها وجندي أميركي يحرق نفسه لأجلها

احتفى ناشطون على منصة "إكس" بمشاهد بثتها "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لمعارك ضارية خاضها المجاهدون مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.
المشاهد التي بثتها القسام في 25 فبراير/شباط 2024 تظهر رصد مجموعة من جنود الاحتلال بينهم قناصة، في أحد منازل خانيونس، قبل أن يقوم مقاتل من القسام بإطلاق قذيفة مضادة للتحصينات، وإصابتهم بصورة مباشرة.
وتضمنت لقطات لاستهدافات مختلفة لناقلات جنود، ودبابات في عدد من مناطق خانيونس، وتحقيق إصابات مباشرة فيها، ومنها لحظة تفجير عبوتين كبيرتين بدبابات الاحتلال، خلال تقدمها في أحد محاور خانيونس.
ويأتي الكشف عن هذه العمليات بعد إعلان كتائب القسام وسرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، نجاح مقاتليهما في استهداف قوة صهيونية خاصة مكونة من 10 جنود، تحصنت داخل منزل في منطقة بلوك بخانيونس، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.
وفي بلاغ عسكري صادر عن القسام صباح 26 فبراير، أعلنت الكتائب أنها فجرت عبوة بقوة من 15 جنديا إسرائيليا بمنزل في عبسان الكبيرة بخانيونس، قائلة "أوقعنا أفرادها بين قتيل وجريح".
وتأتي عمليات المقاومة ومعاركها في غزة، بينما يواصل الاحتلال عدوانه على القطاع لليوم الـ143 على التوالي مرتكبا مجازر في مختلف أنحاء غزة، مشهرا سلاح التجويع الذي يفرضه على الفلسطينيين نتيجة الحصار ومنه دخول المساعدات.
وفي الضفة الغربية المحتلة، يواصل الاحتلال عمليات الدهم والاعتقالات الإسرائيلية منذ فجر 26 فبراير، واستشهد فلسطيني متأثرا بإصابته في قصف إسرائيلي بجنين، كما نصب الاحتلال كاميرات مراقبة على السور الغربي للمسجد الأقصى.
وأعرب ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على منصة "إكس" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #خانيونس، عن سعادتهم بعمليات المقاومة الفلسطينية في خانيونس، وتحدثوا عن دلالات وقدموا قراءات حول تأثيرها ووقعها على جانب الاحتلال.
وأكدوا أن المقاطع التي تبثها المقاومة لعملياتها تبرهن على "قوة العقيدة القتالية وصلابتها" لدى المقاومين، وتكشف عن قدر الاستعصاء الميداني الذي تعاني منه قوات الاحتلال، مشيرين إلى ما أصبحت تمثله مدينة خانيونس للشعب الفلسطيني بسبب ثباتها وإلهامها.
وتداول ناشطون مقطع فيديو لجندي بالقوات الجوية الأميركية يدعى آرون بوشنل، يشعل النار في نفسه وهو مرتديا الزي العسكري، أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن، احتجاجا على الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة، مشيدين بتضامنه وموقفه.
وتحفظوا على الطريقة التي تضامن بها الجندي بوشنل، وذكروا بالدعم الأميركي اللامحدود الذي تقدمه إدارة واشنطن برئاسة جو بايدن للاحتلال الإسرائيلي من تزويد بالأسلحة والصواريخ والذخائر وتأييد الإبادة الجماعية في غزة.
وقارن ناشطون بين موقف الجندي الأميركي وموقف الأنظمة العربية الضعيف والمتخاذل، متخذين مما يحدث في معبر رفح من تكدس للمساعدات مثالا على التواطؤ والخذلان وعدم المبالاة لأمر الفلسطينيين الذين يحاربون بسلاح التجويع.
حفاوة وإشادة
وتحت عنوان "معجزة خانيونس"، أشار الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، إلى أن "خانيونس تقاتل سبعة ألوية ضخمة منذ 80 يوما، ولا يكاد يمضي يوما إلا ويقتل رجالها من الشرذمة ويصيبون".
وأضاف: "ثمانون يوما ولم تسقط المدينة الصغيرة، الصغيرة جدا، ولكنها الكبيرة بأهلها ورجالها، ثمانون يوما ومدينتنا باقية، تُلهم العالم أن أصحاب الحق يمكنهم هزيمة الأقوياء".
وعرض الكاتب رضوان الأخرس، مشاهد من التحام مجاهدي كتائب القسام مع آليات وجنود الاحتلال في محاور خانيونس جنوب قطاع غزة.
وقال الأخرس: "الله أكبر ولله الحمد"، مستشهدا بقول الله تعالى في الآية 17 من سورة الأنفال: "وما رميت إِذ رميت ولكن اللَّه رمى".
وأشار الكاتب عبدالله السعافين، إلى أن "أهل خانيونس يسمونها اختصارا وربما تمييزا وربما اعتزازا (الخان)، وغالبا ما يلفظون اسمها مع حذف حرف الياء خانونس".
وأضاف: "إنها خانيونس التي اجتاحتها 7 ألوية من نخبة جيش العدو منذ شهرين برا وبحرا وجوا، لكنها مازالت واقفة تقاتل".
قراءات وتحليلات
وفي قراءة لحال المقاومة في غزة، قال الصحفي ياسر أبو هلالة: "ولا يزالون يثخنون في العدو إلى اليوم.. هذه إرادة لم يعرفها العدو الذي اعتاد الاستسلام السريع في حروب خاطفة".
وعرض إصدار القسام الجديد عن التحام مجاهدي القسام مع آليات وجنود الاحتلال في محاور خانيونس.
وقال الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، إن "في خانيونس برز لنا نمط مختلف من المعارك تركزت على خطة (الدفاع الإستراتيجي) عدد أقل من المقاتلين مع إدارة ناجعة للموارد العسكرية القليلة (حروب الشوارع) وأدخل الجيش في حالة من الإرباك والاستنزاف".
وأوضح أن "ذلك تجلى في حرمانه وخلال نحو 80 يوما من القتال من الحصول على صورة انتصار واضحة واحدة"، مؤكدا أن هذا الأمر "يأخذ في الحسبان لدى قيادة الجيش الصهيوني الذي يهدد رفح".
وقالت الإعلامية مايا رحال، إن المشاهد البطولية لكتائب القسام في خانيونس تؤكد أنها كانت جاهزة لقتال الشوارع والقتال من المسافة صفر بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأضافت: "لنقل إن كل يوم من مقارعة ثاني أقوى جيش في العالم هو بحد ذاته تكملة لطوفان الأقصى، ولنا أمثلة على انتصار الحركات والمنظمات التحررية أمام جيش نظامي".
وأكد الصحفي عدنان الضالعي، أن "ما بعد السابع من أكتوبر ليس كما قبله"، مشيرا إلى أن "الموازين تغيرت والأقنعة كشفت، وأكدت المقاومة أنها على أتم الاستعداد لهذه المعركة حتى وإن كانت ذا نفس طويل".
وأضاف أن "لذلك تدير المقاومة معركتها بكل حنكة واقتدار، وهي من تتحكم في وقت الحرب وزمانها"، قائلا: "ها هي خانيونس تكتب البطولات في سجل الحرب".
15 جنديا
وإشادة بعملية القسام في عبسان بخانيونس التي أوقعت فيها 15 جنديا إسرائيليا، أعاد ناشطون نشر الخبر مرفقا بعبارة "الله أكبر".
يقظة جندي
وإعرابا عن الامتنان لموقف الأميركي المناهض للاحتلال والاستياء من ضعف الموقف العربي، قال خالد كريزم: "لن ننسى أن أميركيا حرق نفسه وهو يهتف الحرية لفلسطين ليوصل رسالة لحكومة بلاده بوقف الإبادة الجماعية، في وقت كان 110 ملايين من الجيران صامتين على منع نظامهم إدخال الخبز والماء والدواء إلى أهل غزة".
وعرضت الإعلامية سمر الجراح، لقطات أخذها الجندي الأميركي بنفسه ليشرح أسباب حرق نفسه أمام سفارة الكيان في واشنطن.
وأشارت إلى أنه "ظل يهتف فلسطين حرة فلسطين حرة رغم كل الألم"، قائلة: "حاليا سينتشر الخبر إعلاميا في أميركا بعد نشر هذه اللقطات".
وأكد أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، أن "هذه التحركات والمواقف واستقالات بعض المسؤولين تحرج بايدن وإدارته المتواطئة مع الصهاينة وتسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين وتفضح جرائم حرب الصهاينة!!!".
وعلق الطبيب المصري يحيى غنيم، على موقف الضابط الأميركي، قائلا: "آه لو كان العسكر الذين يحتلون بلادنا يحملون عشر هذه النفس اللوامة! كلا، لكن قلوبهم علينا أشد قسوة من الكفرة واليهود والنصارى".
وأضاف: "هم يزايدون على أعدائنا في إذلالنا والتآمر علينا حتى يرضى عنهم مستخدموهم!، فكلب الصيد أشد على الفريسة من الصياد".
وعرض الصحفي عبدالرحمن الخطيب، خبر الضابط الأميركي، متسائلا: "أين العرب والمسلمون؟"
معبر رفح
وفي سياق صب الغضب على الأنظمة العربية بسبب موقفها من غزة، أشار الكاتب السوري جورج صبرا، إلى أن "الجوع يفتك بأطفال غزة، بينما شاحنات المساعدات تتكدس أمام معبر رفح".
وتساءل: "أي عالم هذا الذي يقف بدوله وزعمائه ومنظماته السياسية والقانونية عاجزا عن فعل شيء لكبح متطرف عنصري ومأزوم اسمه بنيامين نتنياهو، ومنعه من الاستمرار بجرائم القتل والتجويع والترحيل والتدمير في غزة وبمواجهة أهلها".
وأشار الباحث والكاتب جلال الورغي، إلى أن "أكثر من 2000 شاحنة على الجانب المصري لمعبر رفح"، مؤكدا أن "نظام عبد الفتاح السيسي عنوان للعجز والتخاذل العربي الرسمي".
واستنكر أن أهل غزة أطفالا ونساء وشيوخا جوعى ومشردون، ونظام السيسي ينتظر الإذن الإسرائيلي لإدخال المساعدات.
وعرض الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، لقطات تظهر تكدس أكثر من ألفي شاحنة مساعدات على الجانب المصري من معبر رفح، متسائلا: "ماذا تفعل بنا الشقيقة الكبرى؟!، هل هذا ما تستطيع حقا؟"
وواصل تساؤلاته: "هل يعقل أن تتكدّس الشاحنات على معبر رفح، بينما يتضوّر أهلنا في القطاع جوعا؟!، هل يجرؤ الغزاة على قصفها لو دخلت وعليها العلم المصري؟!".
وأضاف الزعاترة: "إذا كانت الإجابة (لا)، فهي مصيبة، وإذا كانت (نعم)، فالمصيبة أكبر".
وأكد أستاذ الإعلام السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، أن "الصهاينة لم يحاصروا غزة إلا بدعم أنظمة عربية ومشاركتها، لا تبعية لهم فحسب، بل رغبة منها، ورهبة من نجاح أنموذج المقاومة وتحوّله إلى مصدر إلهام".