مؤيد لتركيا.. لماذا تخشى قوى ألمانية وصول حزب "دعوة" للبرلمان الأوروبي؟
"هذا الهدف يبدو قابلا للتحقيق تماما"
احتمالية وصول حزب ألماني ذي أصول تركية إلى قلب السلطة التشريعية الأوروبية لم تعد بعيدة المنال، منذ اقتحام الحياة السياسية الألمانية من قبل حزب "التحالف الديمقراطي من أجل التنوع والتجديد" (دعوة).
وأشار موقع "فرانس 24" إلى ردود فعل الأحزاب السياسية الألمانية على وجود الحزب ونشاطه، كما تحدث عن احتمالات نجاحه في الوصول إلى البرلمان الأوروبي.
انتقاد واسع
وأوضح الموقع الفرنسي أن "دعوة" هو حزب شكله ألمان ذوو أصول تركية، بهدف الحصول على مقاعد في البرلمان الأوروبي خلال الانتخابات القادمة، المقررة في يونيو/ حزيران 2024.
وداخل الطبقة السياسية الألمانية ووسائل الإعلام المحافظة، تسبب الإعلان عن هذه المبادرة نهاية يناير/ كانون الثاني 2024، في ظهور العديد من ردود الفعل.
وارتفع -بحسب الموقع- العديد من الأصوات المنتقدة لتشكيل حزب مماثل لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا.
وفي حديث له مع وكالة "فرانس برس"، وصف أحد ممثلي الحزب اليميني المتطرف الألماني حزب "دعوة" بأنه "ذئب يرتدي زي حمل".
كما انتقد النائب عن حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"، تورستن فراي، نشأة الحزب قائلا إنه "من المتوقع أن يصبح (بوابة جديدة للتأثير الأجنبي على السياسة الألمانية)".
وعلى منصة "إكس"، كتب وزير الغذاء والزراعة من حزب "الخضر"، جيم أوزديمير، وهو من أصل تركي، إن "ترشح ممثل لسياسة (الرئيس التركي، رجب طيب) أردوغان لمنصب الرئاسة هو آخر شيء نحتاجه في ألمانيا"، وفق ادعائه.
وفي إطار ما سبق ذكره، لفت الموقع الفرنسي إلى أن "مسألة نفوذ أنقرة في الشؤون الداخلية يُعد موضوعا متكررا للنقاش في ألمانيا، التي تعد موطنا لأكبر مجتمع من ذوي الأصول التركية في العالم، بحوالي 2.8 مليون شخص".
وأفاد الباحث المشارك في المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول، جان ماركو، بأن "حزب العدالة والتنمية كان دائما منتبها للغاية لمصير الأتراك في الخارج، لاستخدامهم كوسيلة ضغط والتأثير على الحياة السياسية للدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي".
وأضاف أن "أردوغان يشجع الأتراك بقوة على المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية من خلال ترشحهم لمناصب سياسية وقيادية في دول المهجر".
وأشار الموقع إلى أنه "منذ وصوله إلى السلطة قبل 20 عاما، تعهد أردوغان بالفعل بإغراء مواطني الشتات لتوسيع نفوذ حزب العدالة والتنمية وزيادة قاعدته الانتخابية".
وتابع: "في عام 2014، سمح بالفعل بشكل خاص للمواطنين الأجانب بالتصويت في الانتخابات التركية، وهو النشاط الذي أكسبه شعبية كبيرة بين الأتراك الذين يعيشون في الخارج".
جدير بالذكر أنه خلال الانتخابات الرئاسية عام 2023، فاز أردوغان بنسبة 64 بالمئة من الأصوات في ألمانيا.
لا ارتباطات خارجية
وفي هذا السياق، نوهت "فرانس 24" إلى أن معارضة حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس انتقدت الإصلاح الأخير الذي يتيح إمكانية الحصول على جنسية مزدوجة، وبالتالي التصويت في ألمانيا.
وينص التعديل على أن "الأجنبي يمكنه أن يتقدم بطلب ليصبح ألمانيا بعد خمس سنوات فقط -بدلا من ثمانية- من وصوله للبلاد".
وهو إجراء يهدف إلى الحد من نقص العمالة الذي يعاني منه أكبر اقتصاد في أوروبا، بحسب ما ورد عن الموقع.
من جانبه، وبعد تعرضه للعديد من الانتقادات، خرج حزب "دعوة" إلى المشهد لينكر ارتباطه بقوى خارجية.
وقال المحامي والعضو المؤسس لحزب "التحالف الديمقراطي من أجل التنوع والتجديد"، فاتح زنغال، لوكالة "فرانس برس": "لسنا منبثقين عن حزب العدالة والتنمية، ولسنا جناحا ممثلا لأردوغان".
وأكد العضو السابق في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أن هدفه الوحيد هو رفع صوت المسلمين في أوروبا ومحاربة "الإسلاموفوبيا" وملء "الفراغ السياسي" للألمان من أصل أجنبي "الذين لا يشعرون بارتياح سياسي، خاصة مع الأحزاب التقليدية القائمة".
في ضوء هذه الأحداث، لفت الموقع إلى أن معظم الأتراك الموجودين على الأراضي الألمانية هم من نسل العمال الذين وصلوا في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين.
وأوضح أن نصفهم تقريبا يحمل جوازات سفر تركية فقط، بينما يحمل الآخرون الجنسية الألمانية فقط.
وذهب الموقع إلى أن "حزب دعوة مهما نفى حصوله على تمويل من تركيا، فإن القرب الأيديولوجي من الرئيس واضح".
وبرهن ذلك بما ينشره أنصار الحزب على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ينشر العديد منهم صور الرئيس أردوغان مع تعليقات مدح له.
قابل للتحقيق
أما بالنسبة للملفات الشخصية للمسؤولين التنفيذيين في الحزب، فهي "لا تترك مجالا للشك حول الروابط التي توحد حزبهم مع حزب العدالة والتنمية"، وفق مزاعم الموقع.
وبهذا الشأن، أوضح أن فاتح زنغال هو عضو سابق في "اتحاد الديمقراطيين الدوليين"، وهو هيكل محظور حاليا في ألمانيا.
ومن بين الأعضاء المؤسسين، ذكر الموقع ممثل الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب)، علي أونلو.
وبحسب الموقع، فإن هذا الهيكل يعد من "أحد أدوات التأثير المميزة" لأنقرة، والذي يرتبط مباشرة بالرئاسة التركية، حيث يدير تمويل المساجد المقامة في الخارج.
إضافة إلى ذلك، أشار "فرانس 24" إلى مصطفى يولداس، العضو الذي كان في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية "IHH"، وهي منظمة إنسانية محظورة في ألمانيا منذ عام 2018.
جدير بالإشارة إلى أن سبب حظرها على وجه الخصوص هو صلاتها المزعومة بحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي يعدها الاتحاد الأوروبي "حركة إرهابية".
وأبدى الموقع الفرنسي تعجبه من "رغبة (دعوة) في تقديم 14 مرشحا في الانتخابات الأوروبية دون أن يصبح حزبا رسميا بعد، حيث يعتقد فاتح زنغال أنه قادر على الفوز بمنصب واحد على الأقل في البرلمان الأوروبي من أصل 96 منصبا مخصصا لألمانيا".
ومع وجود 1.5 مليون ناخب تركي مسجلين على القوائم الانتخابية في ألمانيا، يرى الموقع أن "هذا الهدف يبدو قابلا للتحقيق تماما".
وفي هذا الصدد، قال الخبير السياسي، إرنست ستيتر، إن "حزب دعوة يستهدف بشكل خاص الشباب الأتراك من الجيل الثاني أو حتى الجيل الثالث، ولأول مرة في ألمانيا، سيتمكن الشباب من التصويت بدءا من سن 16 عاما".
ومن وجهة نظر الموقع فإنه "رغم أن أنقرة واصلت الابتعاد عن النموذج الأوروبي في السنوات الأخيرة، إلا أن هذه الانتخابات الأوروبية توفر الفرصة لأردوغان لإرسال رسالة مفادها: تذكير الاتحاد الأوروبي بأنه لا يستطيع التخلص من تركيا بهذه السهولة".