حكومة كتالونيا.. هل تواصلت مع اليمين المتطرف وحصلت على دعم من روسيا؟
بعد أزمة بشأن صحة المزاعم، صدر قرار من البرلمان الأوروبي بالتحقيق في تقارير إعلامية تزعم أن "الحكومة الكتالونية تتلقى أموالا من موسكو، وتتواصل مع الحركات اليمينية المتطرفة".
يأتي ذلك بعد نشر شبكة "إي آر دي" الألمانية، بالتعاون مع صحيفة "إل بريوديكو" الإسبانية ومنظمة "OCCRP" الأميركية، تحقيقا استقصائيا يقال بموجبه إن "حركة الاستقلال الكتالونية كانت على اتصال مكثف مع روسيا".
وكتالونيا هي منطقة تقع في أقصى شمال شرق شبه الجزيرة الإيبيرية، ووضعها الدستوري متنازع عليه بين إسبانيا، التي تعدها منطقة ذات حكم ذاتي داخل حدودها، وحكومة كتالونيا التي تعدها جمهورية مستقلة، بعد إعلان الاستقلال عن مدريد من جانب واحد في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
العلاقات مع روسيا
وفي صدد هذه المزاعم، تحدث موقع "تيليبوليس" الألماني إلى الممثلة الرسمية لحكومة كتالونيا في أوروبا الوسطى، كريستينا شرايبر.
وبشأن العلاقات مع روسيا، تساءل الموقع بشأن ما قالته شرايبر في مقابلة لها عام 2020، حيث صرحت بأن "العلاقات مع موسكو ليست أولوية في السياسة الكتالونية".
وأجابت شرايبر قائلة إن "الإطار الطبيعي للحكومة الكتالونية للعلاقات الدولية هو الاتحاد الأوروبي، والحكومة الكتالونية تضع نفسها في انسجام تام مع المؤسسات الأوروبية".
وتوضيحا لحدود العلاقات مع روسيا، أشارت الممثلة الرسمية لحكومة كتالونيا إلى "إدانة كل من الرئيس الكتالوني بيري أراغونيس، ووزير الخارجية ميريتكسل سيريت، للعدوان العسكري الروسي على أوكرانيا في السنوات الأخيرة".
كما ذكرت أن "الحكومة الكتالونية ركزت على مساعدة الشعب الأوكراني، سواء من خلال وكالات الإغاثة المحلية أو من خلال قبول اللاجئين بشكل مباشر".
وكما نقل الموقع الألماني، أكدت شرايبر أن "أي محاولة لربط الحكومة الكتالونية الحالية بروسيا لن تؤدي إلا إلى إثارة الضجيج".
وشددت في نفس الوقت على أن "حكومة أراغونيس لم يكن لها أي علاقة بروسيا أو بحاشية الرئيس فلاديمير بوتين".
وبحسب الموقع، وضحت شرايبر بشكل كبير أنهم "دقيقون جدا بشأن اختيارهم للشركاء"، منوهة أن "هذا النوع من الشركاء ليس مدرجا في قائمة عملهم".
انتهاك الحقوق
وبشأن مزاعم تمويل حركة الاستقلال في كتالونيا بمبلغ 425 ألف يورو من قبل رجال الأعمال الروس، أصرت شرايبر على أنها "ليس لديها أي علم بهذا التمويل المزعوم".
كما أكدت على أن "الحكومة الكتالونية ليست لها علاقات مع موسكو".
وتوضيحا لقيمة هذه التقارير، أشار موقع "تيليبوليس" إلى أن تقرير صحيفة "تاجيس شاو" الألمانية يستند إلى "بروتوكولات المحادثات بين المستشارين المقربين للرئيس السابق لحكومة كتالونيا المتمتعة بالحكم الذاتي، كارليس بوتشيمون".
علاوة على أن شبكة "إي آر دي" الألمانية تلقت هذه المعلومات من قاضي التحقيق الإسباني كذلك، بحسب الموقع.
وفي هذا الصدد، قالت شرايبر إنها "لا تستطيع التحدث باسم الآخرين، وإنما فقط باسم حكومة أراغونيس الحالية"، مؤكدة مرة أخرى على أن "موقف حكومة أراغونيس واضح للغاية، فهي ليس لديها أي اتصال مع روسيا".
ولفتت إلى أن "كل هذه المعلومات تظهر إلى الجمهور في وقت يسود فيه وضع متوتر للغاية في إسبانيا بسبب حادث التجسس الإلكتروني الخطير الذي وقع في الاتحاد الأوروبي".
وأوضحت شرايبر أن "السلطات الإسبانية تراقب 65 من مؤيدي استقلال كتالونيا في مختلف البلدان الأوروبية عبر برنامج بيغاسوس".
وفي هذا الصدد، نوه "تيليبوليس" إلى أن الحكومة الإسبانية "لم تقدم بعد توضيحات كافية بهذا الشأن، رغم الطلبات المتكررة من الحكومة الكتالونية والمؤسسات الأوروبية".
وهو ما تعده شرايبر "انتهاكا صارخا للحقوق السياسية"، واصفة السلطات الإسبانية بأنها "لا تتصرف بشفافية ولا تتحمل المسؤولية".
رفض الأيديولوجية
وفي مقابلتها مع الموقع الألماني، أوضحت شرايبر أن "الحكومة الكاتالونية على علم بالمعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام بشأن مزاعم ارتباط كتالونيا بروسيا".
لكنها أشارت في نفس الوقت إلى أن "الحكومة لم تتلق طلبا من أي سلطة أو منظمة، ولم تُبلغ رسميا بخلاف ذلك في هذا الصدد".
وبحسب ما ورد عن "تيليبوليس"، أكدت شرايبر أن "الحكومة الكتالونية ليس لديها ما تخفيه ولا تعارض إجراء تحقيق في هذا الأمر".
وفي رأي الممثلة الرسمية للحكومة الكتالونية، من المهم "التأكيد بشكل قاطع على أن الحكومة الحالية في كتالونيا، برئاسة أراغونيس، لم تكن لها أي علاقات مع روسيا أو بيئتها".
ومن ناحية أخرى، متسائلا عن موقفهم من التطرف اليميني الأوروبي، أشار الموقع الألماني إلى ما قالته الأستاذة في جامعة ميونخ، فرانزيسكا ديفيز، بأن "حركة الاستقلال الكتالونية تمجد الأيديولوجية اليمينية المتطرفة".
وأجابت شرايبر على هذا الادعاء قائلة إن "موقف هذه الحكومة تجاه التطرف اليميني واضح جدا، فهي تدعم مكافحة جميع خطابات الكراهية والخطابات الشعبوية والمعادية للأجانب، والتي تؤثر على التعايش والتماسك الاجتماعي".
وفي هذا الصدد، أشارت شرايبر إلى أن "الرئيس أراغونيس ناقش مع أربعة مفوضين من الاتحاد الأوروبي في بروكسل أخيرا أن صعود اليمين المتطرف هو أحد أهم الاتجاهات التي يجب مكافحتها في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/ حزيران 2024".
ولفت "تيليبوليس" إلى أن اهتمام وسائل الإعلام كان مركزا للغاية على كتالونيا في السنوات الأخيرة.
ومع وصول حكومة بيدرو سانشيز الإسبانية، أشارت شرايبر إلى "عودة كتالونيا للأخبار بسبب تمكن أنصار الاستقلال أخيرا من دفع قانون العفو عن الانفصاليين إلى الأمام".
وفي هذا السياق، أوضحت أن "حكومة كتالونيا ترى أن قانون العفو (مازال في البرلمان الإسباني للمصادقة عليه) أداة ضرورية للغاية لإعادة الصراع السياسي إلى الساحة السياسية وإبعاده عن المحاكم".
ولفت إلى "وجود الآلاف من ضحايا القمع السياسي في كتالونيا، والذي يتخذ أشكالا عديدة مثل السجن والنفي والاضطهاد القانوني والاقتصادي والعزل والتجسس".
ولذلك، تعتقد شرايبر أن "قانون العفو، وهو أداة قانونية ومشروعة ومعترف بها دوليا لحل الصراع، ينبغي أن يتيح أساليب معالجة انتهاكات حقوق الإنسان وبدء مرحلة جديدة في حل الصراع السياسي".