عودة مرتقبة للأمير محمد السنوسي إلى ليبيا.. هل يسهم في حل الأزمة؟
رجّحت تقارير إعلامية عودة محتملة لولي العهد الليبي السابق، الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، إلى ليبيا، خلال شهر فبراير/شباط 2024.
وتناقلت أوساط ليبية خبرا بأن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أبلغ المجلس الرئاسي بأن "السنوسي" سيصل إلى العاصمة طرابلس في 9 فبراير وسيشارك في احتفالات الذكرى الثالثة عشرة لثورة 17 فبراير 2011.
ونشر موقع "يوراسيا ريفيو" الأميركي مقالا لـ"ميرال العشري" الرئيسة المشاركة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز حرية الإعلام بجامعة شيفيلد البريطانية، استعرضت فيه احتمالية دخول "السنوسي" إلى السباق الرئاسي في ليبيا.
وقالت العشري إن "ليبيا ستتخذ قرارات سياسية جديدة على مختلف المستويات الدولية والإفريقية، في عام 2024، وبشكل غير متوقع، هناك احتمال لاستعادة الملكية من خلال حفيد الملك السنوسي".
واستعرضت الكاتبة آخر التحركات على الساحة الليبية، حيث ما زالت البلاد منقسمة بين شرق يسيطر عليه الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وغرب تحكمه حكومة الوحدة الوطنية.
دبلوماسية مكثفة
وقالت إن "مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، ما زال يعمل مع مختلف الكيانات الليبية، مثل المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية، والقيادة العامة للجيش الوطني الليبي (قوات حفتر)".
وأفادت بأن هذه الجهود تهدف لإيجاد حل وسط بشأن القضايا العالقة، مثل الالتزام بعقد الانتخابات الرئاسية، وتشكيل حكومة جديدة تقود البلاد إلى عملية التصويت.
ومع بداية عام 2024، كثف باتيلي اجتماعاته في طرابلس، مع أحزاب محلية وممثلين دوليين من مصر وتونس وهولندا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي؛ لحل الأزمة الليبية.
ومن جانبه، دعا السفير الهولندي لدى ليبيا، جوست كلارنبيك، الأطراف الليبية إلى الالتزام بإيجاد حل.
فيما دعاهم السفير الألماني، ميخائيل أونماخت، إلى المشاركة في العملية التشاورية؛ لإنهاء الأزمة السياسية وإجراء الانتخابات وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في ليبيا.
وبدوره، حث السفير الفرنسي، مصطفى مهراج، القادة الليبيين كافة على تحمل مسؤولية إطلاق الحوار لحل الأزمة.
كما أكد باتيلي ضرورة الحل السياسي لتجاوز الأزمة، وذلك في لقاء له مع السفير التونسي لدى ليبيا، الأسعد العجيلي.
علاوة على ذلك، أكد المبعوث الأممي خلال لقائه مع السفير المصري بليبيا، تامر مصطفى، على أهمية المشاركة الإيجابية من الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل التوصل إلى حل.
وأشارت الكاتبة إلى أن "الأطراف الليبية المعنية فوجئت بأخبار وكالة نوفا الإيطالية، التي تحدثت عن محاولة مستمرة لجلب الأمير السنوسي إلى ليبيا في 17 فبراير".
ونقلت أن "مشاورات بشأن عودة السنوسي قد جرت في إسطنبول، مع مسؤولين من المنطقتين الشرقية والغربية".
واستدركت: "لكن خلال عيد استقلال ليبيا الثاني والسبعين في 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، صرح الأمير أن هدفه ليس استعادة النظام أو العرش، بل تحقيق التقدم لليبيا في ظل قاعدة دستورية ومرجعية مؤسسية تحترم إرادة الشعب".
وبعد هذا الخطاب بدأت المشاورات والمحادثات مع الأطراف المعنية كافة. وقالت الكاتبة: "يمثل قرار السنوسي دخول الانتخابات الليبية تطورا كبيرا في المشهد السياسي في البلاد".
وأشارت إلى أنه "بصفته عضوا في عائلة السنوسي المرموقة، التي لها علاقة تاريخية بالنظام الملكي الليبي، فإن ترشحه يجلب منظورا جديدا إلى الطاولة".
محمد السنوسي
ومحمد من مواليد 20 أكتوبر/تشرين الأول 1962، وهو ابن ولي العهد الليبي الأمير حسن السنوسي، والأميرة فوزية بنت طاهر بكير.
وأشارت الكاتبة إلى أن "الملكيين الليبيين يعترفون به كوريث شرعي للتاج السنوسي في ليبيا".
وأضاف أنه "طوال العقد الماضي، تفاعل السنوسي بشكل واسع مع الشؤون الليبية، ودعم المظاهرات ضد نظام معمر القذافي، ودعا إلى استعادة السلام".
وأفاد بأن السنوسي يقود حركة عودة الشرعية الدستورية، التي تهدف إلى إعادة دستور 1951 واستعادة الملكية الدستورية السنوسية.
والجدير بالذكر أنه قد أطيح بعائلته على يد العقيد معمر القذافي عبر انقلاب عسكري، خلال ثورة الفاتح عام 1969، مما أدى إلى اعتقالهم وفرض الإقامة الجبرية عليهم لاحقا.
وبعد تدمير منزلهم في عام 1982، انتقلوا إلى المملكة المتحدة في 1988، وقبل ذلك، عمل الأمير محمد في وزارة الزراعة الليبية في أوائل الثمانينيات.
وذكرت الكاتبة أن السنوسي تلقى تعليمه في المملكة المتحدة، واختير وريثا من قبل والده في 18 يونيو/حزيران 1992، ورئيسا للبيت الملكي الليبي.
وأشار إلى أن جده الأكبر محمد بن علي السنوسي، أسس الطريقة السنوسية عام 1837، موضحا أن لها دورا مهما بتشكيل النسيج الديني والاجتماعي في ليبيا وشمال إفريقيا.
وتحت قيادة محمد المهدي ولاحقا أحمد الشريف، وسعت الحركة نفوذها، وواجهت تحديات من المستعمرين الأوروبيين.
وقالت الكاتبة إن "محمد إدريس السنوسي، المعروف بنهجه الدبلوماسي، تفاوض مع الإيطاليين وقاد المقاومة ضد احتلالهم، وفي نهاية المطاف ضمن استقلال ليبيا عام 1951".
وأضافت أن "الأمم المتحدة أقرت نظام الحكم الفيدرالي حينها وعينت إدريس السنوسي ملكا وقائدا للدولة، ومع ذلك، انتهت الملكية عام 1969 مع الانقلاب الذي نفذه القذافي".
تحسن مرتقب؟
وترى العشري أن "إرث السنوسي يعكس تاريخا من المرونة والدبلوماسية والتأثير العميق على المشهد الاجتماعي والسياسي في المنطقة".
وتساءلت إذا ما كانت عودة السنوسي ستلعب دورا بناءً في حل الجمود السياسي" بما يتماشى مع تطلعات الشعب الليبي.
وأوضحت الكاتبة أن خطة باتيلي، الهادفة إلى حل الأزمة الليبية، تدعم جهود الاتحاد الأوروبي في تحقيق المصالحة والاستقرار العالميين، فضلا عن تحقيق توافق وطني في ليبيا.
ونوهت إلى أن "من العوامل المهمة الأخرى في عملية المصالحة، المؤتمر المرتقب الذي سيعقد تحت رعاية الاتحاد الإفريقي في 28 أبريل/نيسان 2024، إما في مدينة سرت أو في سبها".
وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وجه باتيلي دعوات إلى الأطراف المؤسسية الرئيسة، للمشاركة في الاجتماع، بغية التوصل إلى تسوية بشأن القضايا ذات الخلاف السياسي، المرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية.
والمقصود بالأطراف المؤسسية: المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية، والقيادة العامة للجيش الوطني بقيادة حفتر.
وتشهد ليبيا صراعا على السلطة بين حكومة عيّنها مجلس النواب مطلع 2022، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.
وقالت الكاتبة إن "هذا المؤتمر يهدف إلى حشد الدعم لسيف الإسلام نجل معمر القذافي، والنظام السابق، ربما بهدف الوصول إلى السلطة".
وختمت بالقول: "بالإضافة إلى اللاعبين الموجودين في ليبيا، دخل ممثلون جدد إلى الساحة، فهل سيؤدي ذلك إلى حل سياسي في ليبيا أم سيُصعّد الصراعات؟".