تداعيات مأساوية وتلاحم شعبي.. هكذا يواجه المغاربة دمار "زلزال الحوز"

12

طباعة

مشاركة

ليلتان من الفزع والهلع عاشها المغاربة على وقع الصدمة التي لحقت بهم جراء الزلزال العنيف الذي وقع في ساعة متأخرة من مساء 8 سبتمبر/أيلول 2023، وضرب وسط البلاد مسفرا عن أضرار مادية كبيرة نالت قرى ومدنا، بالإضافة إلى خسائر في الأرواح البشرية.

حصيلة الزلزال الذي بلغت قوته 7 ريختر، وتبعته هزات ارتدادية جنوب غرب مراكش في 10 سبتمبر 2023، بلغت قوتها 4.5 درجات، ارتفعت إلى أكثر من 2000 قتيل، ومثلهم مصابين، ومازال البحث عن ناجين تحت الأنقاض مستمر لليوم الثاني على التوالي.

وعقب ترؤسه جلسة عمل لبحث الوضع في أعقاب الزلزال، أعلن ملك المغرب محمد السادس، مساء 9 سبتمبر، حدادا وطنيا لمدة ثلاثة أيام على أرواح الضحايا، وتنكيس الأعلام الوطنية فوق جميع المباني الحكومية، كما أمر بتسريع عمليات الإنقاذ.

ومع تقدم الساعة نحو 11:13 مساء بالتوقيت المحلي، أي بعد 24 ساعة من وقوع الزلزال، ضاق القلب أكثر وازداد قلق أولئك الذين عاشوا تلك الليلة المؤلمة في مواجهة الموت.

وأمر العاهل المغربي بفتح حساب خاص لدى الخزينة وبنك المغرب بهدف تلقي المساهمات التطوعية التضامنية للمواطنين والهيئات الخاصة والعمومية وتشكيل احتياطات ومخزون للحاجيات الأولية من أدوية وخيام وأسرة ومواد غذائية لمواجهة كل أشكال الكوارث.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #المغرب، #زلزال_المغرب، #زلزال_مراكش، سلطوا الضوء على الإقبال الكبير من قبل المتبرعين بالدم على المراكز الطبية، للمساهمة في إنقاذ المصابين والجرحى.

وبرز تداول مقاطع الفيديو والصور التي ترصد التداعيات المأساوية للزلزال وما أسفر عنه من دمار للمباني وتشريد للمواطنين، عارضين مقاطع فيديو ترصد تباكي الرجال وأخرى توثق أنين النساء وقهرهم على فقدان مساكنهم وتشردهم وغيرها لإنقاذ الأطفال من تحت الأنقاض.  

ورأى ناشطون أن الزلزال رغم كونه ظاهرة طبيعية، إلا أنه فضح هشاشة البنية التحتية ونقص الإمكانيات، وكشف الفقر المدقع الذي تعاني منهم معظم البلدات في المغرب، مشيرين إلى أن قرى كاملة مبنية من الطين "تفتت كقلاع الرمل".

تداعيات مأساوية

وتفاعلا مع الأحداث، عرضت الصحفية، هبة زغلت، صورا توثق لحظة انتشال رضيع من تحت أنقاض زلزال المغرب.

فيما بثت مها يافا مقطع فيديو يرصد لحظات عصيبة لعملية انتشال طفل رضيع على قيد الحياة من أسفل الأنقاض في مراكش.  ونشر الصحفي يوسف بلهيسي، مقطع فيديو لرجل ينشر شهادة مؤثرة يوثق خلالها انهيار قرية بكاملها سويت بالأرض وعشرات من ساكنتها مازالوا تحت الأنقاض. وعرض مغرد بحساب "إنيساي"، مقطع فيديو لمغربي يروي تفاصيل ما حدث، معلقا بالقول: "عندما يبكي الرجال فاعلم أن الهموم فاقت الجبال".

ونقل عنه قوله: "نموت من أجل بلادنا ولكن ما وقع يؤلم ويُبكي".

تضامن وتعاضد

وسلط ناشطون الضوء على التضامن الإنساني مع ضحايا الزلزال والتكاتف والتعاضد المغربي الواسع، مشيرين إلى طوابير المتبرعين بالدم الذين سارعوا لإغاثة الجرحى والمصابين.

وأشار محمد أبو عبد الله ابن سعيد اغاض، إلى أن الأسطورة المغربي البطل في رياضة الكيك بوكسينغ، بدر هاري، ألغى نزاله أمام البريطاني جيمس ماكسويني، في باريس، ضمن أمسية "غلوري 88"، تضامنا مع ضحايا الزلزال.

وعقب قائلا: "أخلاق المغاربة في الشدائد"، واصفا هاري بأنه "بطل من أرض الأبطال، ومقاتل من أرض المقاتلين".

وأشاد الكاتب خالد السبع، بالشعب المغربي، مشيرا إلى أنه يضرب أروع الأمثلة في التعاضد والتكاتف للتخفيف من أثر الزلزال، عارضا مقطع فيديو يوثق طوابير طويلة جدا وأعدادا كبيرة في مراكز التبرع بالدم تلبية لنداء الإنسانية والوطن. وأكد الخبير في الشؤون الإستراتيجية والأمنية، عبد الحق الصنايبي، أن "مراكز تحاقن الدم تكاد تنفجر من كثرة الذين يريدون التبرع بالدم لفائدة ضحايا زلزال المغرب"، قائلا إن "هذا هو المضمون والمأمول من هذا الشعب العظيم الذي يُسابق إلى عظائم الأمور". ونشر محمد بلقاس، صورة عدة تظهر تجمع راهبات من إحدى الكنائس في طنجة في طابور التبرع بالدم أمام مراكز تحاقن الدم بطنجة، قائلا: "من أجل المغرب يجتمع كل أطياف الشعب".

تغييب الحقائق

واستنكر ناشطون ضعف التغطية الإعلامية من طرف وسائل الإعلام المغربية وعدوها "بائسة"، بينما مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الخارجي متقدم جدا في تغطية الحدث الجلل.

وأكد حميد المهداوي، أن "الدولة والإعلام في المغرب لا يهمهم الشعب ومصائبه، يعيشون في عالم مواز".

وأعرب الأكاديمي المصري حسام يوسف، عن أسفه "من وصوله معلومات من مصادر بأن هناك إخفاء متعمدا فى الإعلام المغربى للأرقام الحقيقية لضحايا الزلزال عن العالم، وأن جميع الأرقام الرسمية للضحايا غير صحيحة وأن الأعداد أكثر من ذلك بكثير". وعرض المغرد قصي، مقطع فيديو لمغربي يتساءل أين الإعلام والحكومة، مجيبا بالقول: "الملك والمخزن (السلطة) والنخب همهم الأخير هو الشعب المغلوب على أمره كان الله في عون الشعب المسكين". وقال عبدالله الفتاح: "مرة أخرى يؤكد الإعلام المحلي تخلفه، بينما يخصص إعلام دولة قطر تغطية استثنائية للأحداث في المغرب".

حادث كاشف

ورأى ناشطون أن زلزال المغرب الذي حصد الأرواح يعري هشاشة البنية التحتية، ويفضح فساد وفشل المنظومة الحاكمة.

وعرض الباحث في التراث المحلي والوطني المغربي، المهدي بن محمد السعيدي، صورتين لقرية جبلية قبل وبعد تعرضها للزلزال، مشيرا إلى أن "كان كل هم أهلها فيما يبدو متانة المسجد، فأتقنوا بناءه وأخلصوا فيه وأنفقوا، بينما تبلغوا بما تيسر في بناء بيوتهم، فجرفها الزلزال المدمر وبقي المسجد".

وأشار إياد الحمود، إلى أن "قرية على جبال أطلس في المغرب تهدمت بالكامل بسبب الزلزال عدا 2 من المباني، أحدهما مسجد القرية". وأكد أحمد عياش أن الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات تكشف حجم الفساد والغش المستشري في البلاد، قائلا: "لا يمكن لبنايات قديمة جدا وهشة مبنية بالطوب أن تصمد في وجه الكوارث".

وأضاف: "يظل الحاكم يتمتع بخيرات البلد، ويظل الشعب عرضة لجميع المصائب".

وقال إبراهيم معاذ: "حين تقع هذه الكوارث، فإنها تكشف ما تعانيه المناطق المنكوبة من إهمال وفساد وترهل البنية التحتية"، وتؤكد أن "نكبة الناس الكبرى هي في الأنظمة الفاسدة التي تسلطت على رقابهم وفرضت عليهم البؤس!". ورأى المغرد علي، أن "زلزال المغرب أوضح العديد من الأمور التي كان يخشاه المسؤول ودكاترة التويتر الخروج إلى العلن وفضح البنية التحتية الهشة".

ولفت إلى أن "الزلزال أوضح المستوى المعيشي الذي يعانيه الشعب في القرى وكأنهم في العصور الحجرية، وكشف الضمير الميت للمسؤول المغربي، والرداءة التي يعيشونها وانعدام المسؤولية". "

ورأى يوسف عدي، أن "زلزال المغرب يجلب معه تذكيرا قويا بأهمية التحضير والوعي الزلزالي، لنتعلم من هذه التجربة ونعمل على تعزيز البنية التحتية والوعي العام لتقليل مخاطر الزلازل في المستقبل". وقال حمزة عجابي، إن "الزلزال عرى واقع البنية التحتية الهش الذي لا تعاني منه المغرب فقط بل كل دول المنطقة دون استثناء، وفضح مخططات الوهم المتعلقة بالتمدن والحضارة وغيرها من الشعارات البراقة".