"المال ليس كل شيء".. لماذا فشلت السعودية في مشروع استضافة كأس العالم؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع أميركي الضوء على فشل مشروع السعودية في استضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2030.

وقال موقع "يوراسيا ريفيو" في مقال لكبير الباحثين في جامعة "نانيانغ" التكنولوجية بسنغافورة، جيمس دورسي: "للمرة الثانية خلال شهر واحد، اكتشفت السعودية أن المال يمكنه شراء الكثير، لكن ليس كل شيء".

وأضاف دورسي "في البداية، رفض نجم الكرة الأرجنتيني، ليونيل ميسي، عرضا سعوديا مغريا، وفضّل الذهاب إلى فريق "إنتر ميامي" الأميركي، على عكس النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، والفرنسي كريم بنزيمة، اللذين تعاقدا مع ناديين سعوديين.

وتبع رفض ميسي للعرض السعودي "انهيار واضح للخطة المشتركة بين السعودية واليونان ومصر لاستضافة كأس العالم 2030"، وفق المقال.

تلميع مشوه

وقال الكاتب إن "السعودية كانت تأمل في أن يسمح لها هذا العرض الآسيوي الإفريقي الأوروبي غير المسبوق، بالتغلب على إحجام الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن تنظيم كأس العالم في نفس القارة ونفس المنطقة، مرتين في غضون عقد واحد".

وتابع: "بعد 8 سنوات فقط من استضافة قطر للحدث، كان من الممكن أن يمنح العرض السعودي تنظيم البطولة للشرق الأوسط مرة أخرى".

وأفاد الموقع بأن "قرار فيفا بتأجيل عملية الترشح لاستضافة كأس العالم 2030 حتى أواخر عام 2024، يمنح المملكة فرصة تقديم عرض جديد، إذا ما قررت ذلك".

لكن يرى الكاتب أنه "لا ميسي ولا الفرصة الضائعة لتنظيم كأس العالم، ولا تحقيقات الكونغرس بشأن دور السعودية في دوري الغولف الأميركي، قد أثر بشكل خطير في الحملة الرياضية التي تشنها المملكة".

يذكر أنه في يونيو/ حزيران 2023، طالبت اللجنة المالية في مجلس الشيوخ الأميركي رئيس دوري الغولف في البلاد "بي جي إيه" بتقديم توضيحات، بعد إعلانه عن اندماج مفاجئ مع دوري "ليف" الممول من السعودية.

ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن وزارة العدل الأميركية فتحت تحقيقا خاصا في الاندماج المعلن، بشأن احتمال إساءة استخدام قانون مكافحة الاحتكار.

ورجح دورسي أن تحقق السعودية نجاحا من خلال مبادراتها الرياضية رفيعة المستوى، والتي تضخ فيها تمويلا ضخما.

وتشمل هذه المبادرات استضافة العديد من الأحداث العالمية والإقليمية مثل كأس العالم للأندية 2023، وكأس آسيا 2027، وبطولات في الشطرنج والملاكمة وسباق الخيل.

بالإضافة إلى العطاءات المحتملة للاستحواذ على "فورمولا 1"، وعروض المصارعة الحرة (WWE)، والاستثمارات في الرياضات الإلكترونية، والتنس الأرضي.

ووفق التقرير، فإنه "بدلا من أن تكون مدفوعة في المقام الأول بالرغبة في تلميع سجل السعودية المشوه في مجال حقوق الإنسان، فإن هذه المبادرات محورية في جهود ولي العهد، محمد بن سلمان، لتنويع اقتصاد المملكة المعتمد على تصدير النفط".

وأفاد المقال بأن هذه الحملة الرياضية "تهدف أيضا إلى بقاء ابن سلمان كحاكم فعلي وملك مستقبلي للسعودية".

كذلك، فإن أحد أهداف الحملة -وفق المقال- هو "تلبية رغبات الشباب، في بلد 70 بالمئة من مواطنيه تحت سن الـ35 عاما".

وبشكل ساخر، قال المستثمر والمعلق الإماراتي علي السالم: "قد يكون الشرق الأوسط خاليا من أسياده الاستعماريين، لكن سكانه لا يزالون أسرى المادية الأوروبية، بما في ذلك أندية كرة القدم الإنجليزية"، في إشارة إلى استحواذ السعودية على نادي نيوكاسل يونايتد، وشراء الإمارات لمانشستر سيتي.

تراجع الاستثمارات

"وعلى نفس القدر من الأهمية، تساعد هذه الحملة على تحويل الرياضة إلى إحدى ركائز الاقتصاد السعودي، وتعزيز السياحة، وربما جذب الاستثمار الأجنبي الذي تشتد حاجة المملكة إليه"، حسب دورسي.

وأشار الكاتب إلى أن "الاستثمارات الأجنبية في السعودية تراجعت منذ استيلاء ابن سلمان على السلطة عام 2017، عندما احتجز العشرات من رجال الأعمال البارزين وأفراد الأسرة الحاكمة في فندق ريتز كارلتون بالرياض، لابتزازهم".

وأردف أن "هناك تساؤلات تواجه الاستثمارات الأجنبية، تتعلق بمدى جدوى بعض مشاريع ابن سلمان الضخمة، التي يبدو أنها تنتمي إلى عالم الخيال العلمي".

وفي مقدمة هذه المشاريع مشروع "نيوم"، وهي مدينة مستقبلية صديقة للبيئة بقيمة 500 مليار دولار على البحر الأحمر، مصممة للمساعدة في استيعاب قفزة متوقعة في عدد السكان من 33 مليونا إلى 55 مليونا عام 2030.

وكانت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية قد أشارت إلى أن "المشاريع العملاقة في السعودية -مثل نيوم- أصبحت ضخمة جدا، لدرجة أن البعض يمكنه وصفها بأنها مخاطرة هزلية".

علاوة على ذلك، هناك "ملاحظات حقوقية على مشروع "نيوم"، بسبب معاملة قبيلة الحويطات التي تسكن في هذه المنطقة"، في إشارة إلى تهجير السكان لإقامة المشروع.

والجدير بالذكر أن المواطن السعودي، عبد الرحيم الحويطي، رفض تهجيره من منزله مع باقي أهالي القرية، فقُتل في 13 أبريل/ نيسان 2020، واتُهمت الحكومة بتصفيته.

وأكدت "الإيكونوميست" أنه "إذا نجحت السعودية في إغواء المستثمرين، فإن ذلك سيكون من خلال الوعود بعائدات المشروع، وليس من خلال الإبهار كما حدث في قرية بوتيمكين".

و"قرية بوتيمكين" هو مصطلح يستخدم لوصف قرى زائفة بنيت خصيصا للإبهار، ويعود المصطلح إلى القرن الـ18، عندما بنى حاكم روسيا، غريغوري بوتيمكين، مستوطنات مزيفة لإخفاء الظروف المتداعية في جزيرة القرم، أثناء زيارة للإمبراطورة كاترين الثانية.

ووفق دورسي، فإن "أحد الآثار الجانبية التي لم يلاحظها الكثيرون، هي أن الحملة الرياضية الخاطفة تضغط على ابن سلمان والسلطات السعودية لتسريع بناء وتسليم المشاريع الضخمة".

فمن المقرر أن تستضيف السعودية دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029 في مدينة "تروجينا"، وهي منتجع مفترض للرياضات الشتوية في "جبال السروات"، التي يبلغ ارتفاعها 2400 متر، حيث تتساقط الثلوج من حين لآخر، ومن المفترض بناؤها بحلول عام 2026 كجزء من نيوم.

العنصرية أم المال

ووجه دورسي انتقادات إلى بعض الصحفيين والمحللين الخليجيين، الذين تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة، لادعائهم أن بعض اللاعبين قدموا إلى الدوري السعودي بسبب العنصرية التي يواجهونها في أوروبا.

فقد أشار المحلل البحريني، عمر العبيدلي، في مقال له على موقع شبكة "العربية" السعودية، إلى أن "انتقال لاعبين -معظمهم مسلمون وذوو بشرة سمراء- إلى السعودية، يؤكد أن "الأمر لا يتعلق بالمال فقط".

وقال العبيدلي: "لكي نكون واضحين، فإن ملايين الدولارات المعروضة على هؤلاء اللاعبين هي بالتأكيد عامل رئيس".

وتابع: "ومع ذلك، فإن مزيجا من الغطرسة والجهل يجعل الغربيين البيض العلمانيين الذين يهيمنون على كرة القدم الأوروبية -بما في ذلك وسائل الإعلام- يقللون من جاذبية السعودية".

ويرى دورسي أنه "لا شك أن المشاعر المعادية للمهاجرين، والإسلاموفوبيا، والعنصرية المتزايدة في كرة القدم الأوروبية، والمعتقدات الدينية قد تلعب دورا في قرار اللاعب المسلم أو صاحب البشرة السمراء".

لكن تساءل الكاتب: "إذا كانت هذه هي العوامل الدافعة وراء قرارات اللاعبين بالانتقال إلى الدوري السعودي، فلماذا لم يفعلوا ذلك في وقت سابق؟".

وأكد المقال أنه "يمكن للسعودية أن تشتري بأموالها الكثير، لكن الأمر يتطلب أكثر من مجرد هذه الجيوب الممتلئة، لضمان بقاء الرياضة السعودية -وخاصة كرة القدم- في العناوين الرئيسة للأخبار بشكل إيجابي".