قلق متصاعد.. لماذا يغادر العلماء إسرائيل ويرفضون العودة إليها؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة عبرية أن "إسرائيل تعاني منذ سنوات من أن العديد من العلماء الذين أكملوا مرحلة ما بعد الدكتوراه في الخارج، يختارون عدم العودة بعد إكمال أبحاثهم وتدريبهم".

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن "إسرائيل تشتهر عالميا بأبحاثها المتقدمة، ويرجع ذلك أساسا إلى وجود دعم حكومي مهم يركز على البحث والتطوير، لكنها تواجه مشكلة في عدم قدرتها على التعامل مع هذه المشكلة".

وأوضحت الرئيسة السابقة لجامعة "بن غوريون" في النقب، ريفكا كارمي، أن "هناك تراجعا في الاستثمارات، وتسريحا لشركات التكنولوجيا الفائقة، وشعورا بعدم الاستقرار، سواء في الاقتصاد أو الدولة ككل".

وأضافت، في مقال نشرته الصحيفة، أن "هذا الواقع يشكل سببا إضافيا يحفز العلماء على البقاء في الخارج ليحققوا المزيد من الازدهار هناك، أو على الأقل، يجعل عملية اتخاذ قرار العودة إلى إسرائيل أكثر صعوبة".

قلق مضاعف

وأوضحت كارمي أن "أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل العديد من العلماء لا يندفعون للعودة إلى إسرائيل، هو أن فرص التطوير الوظيفي والترقي المهني محدودة".

وأردفت: "في بلدنا الصغير، عدد المناصب الأكاديمية محدود، ولا تتوفر إلا في حال تقاعد أعضاء هيئات التدريس المخضرمين، أو في حال توسيع مجالات البحث والتدريس، لكن ذلك محدود النطاق أيضا".

بالإضافة إلى ذلك "يحصل عدد غير قليل من العلماء الإسرائيليين الموهوبين على عروض مغرية -على المستويين المهني والمالي- من المؤسسات البحثية وهيئات البحث والتطوير في الخارج، وهذه العروض غالبا ما ترجح كفة الميزان ضد قرار العودة"، حسب كارمي.

وأردفت أنه "رغم أن الحكومة تستثمر الكثير في البحث والتطوير، فإن التمويل المتاح للعلماء -بشكل أساسي في بداية حياتهم الأكاديمية- أقل نسبيا من التمويل المقدم في البلدان المتقدمة الأخرى".

وأوضحت الأكاديمية أنه "رغم أن فرص العمل في القطاع التجاري أكبر من تلك الموجودة في الأوساط الأكاديمية، إلا أن الوظائف المتاحة محدودة، بالنسبة لأولئك الذين يعودون إلى إسرائيل بعد أبحاث ما بعد الدكتوراه".

واستطردت: "حيث تسعى الشركات إلى توظيف المواهب التي تحمل خبرة إدارية ومعرفة بالسوق العالمي، والتي أثبتت قدرتها على تعزيز قدرة الشركات على المنافسة في السوق العالمي".

وأشارت كارمي إلى أن "العلماء الإسرائيليين المقيمين بالخارج يكلفون خزينة إسرائيل 2.4 مليار شيكل (نحو 661 مليون دولار) كل عام".

وتابعت: "سيسأل البعض: لماذا يجب أن نشعر بالقلق؟ فلدينا عدد كافٍ من العلماء ورجال الأعمال، ولدينا صناعات قوية، لكن هذا غير دقيق للأسف".

وترى كارمي أن "الوضع الحالي ليس مُرضيا، والأكثر من ذلك، ينبغي ألا نعد استدامته أمرا طبيعيا".

وشددت على أنه "يجب أن يثير هجرة العقول الإسرائيلية قلقنا جميعا كقادة أكاديميين واقتصاديين".

وأردفت الأكاديمية أنه "يجب أن يكون هذا القلق مضاعفا لدى الحكومة، وعليها أن تفكر في إعادتهم كمصلحة وطنية عليا".

وتابعت: "أقول مصلحة وطنية عليا لأن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من خسائر فادحة، فقد خلصت دراسة أجراها معهد الأبحاث التكنولوجية الإسرائيلي (Nova)، عام 2018، إلى أن إسرائيل ستفقد مستقبلا من ناتجها المحلي الإجمالي ما قيمته 2.4 مليار شيكل، كل عام بسبب العلماء الذين يغادرون ولا يعودون".

قلب العجلة

وشددت كارمي على أن "هذا الفشل يجب معالجته بطريقة عميقة وشاملة، مع تخصيص ميزانية مكرسة فقط لعودة العلماء إلى إسرائيل".

وأوضحت أن "هذه الميزانية يجب أن تغطي الاحتياجات التي تمنع العلماء من العودة إلى إسرائيل، ويجب على الحكومة أن تروج لخطة مفصلة وشاملة، تحتوي -على سبيل المثال لا الحصر- على حوافز استثنائية للعلماء الذين يرغبون في العودة إلى إسرائيل".

وأضافت: "يجب أن تحتوي هذه الخطة أيضا على تدابير لتشجيع المستثمرين على استيعاب الباحثين في العلوم والتكنولوجيا، ودعم تطوير صناعات جديدة من شأنها أن تتيح المزيد من فرص العمل".

"ويمكن أن تتجلى مساعدة أصحاب العمل في توظيف العلماء الجدد بعدة أشكال، بدءا من حزمة استيعاب غنية تشمل راتبا قيّما مناسبا للعلماء لمدة سنتين أو ثلاث سنوات".

هذا فضلا عن "تقديم تدريبات إدارية متقدمة، وتخفيضات ضريبية، ودعم مالي آخر للشركات التي ترغب في الاستثمار في تعزيز التكنولوجيا والخدمات الجديدة في إسرائيل عبر توظيف العلماء العائدين"، وفق المقال.

وأكدت كارمي أن "النسبة التي ستدفعها الحكومة في هذه الرواتب لمدة سنتين أو ثلاث، تبدو ضئيلة نسبيا، إذا ما قورنت بالعائد الكبير الذي ستحققه مع كل عالم عائد، فضلا عما ستحققه هذه السياسة من تحفيز للاقتصاد".

وشددت كارمي على أن "على الجميع أن يفهم أنه في نهاية المطاف، حتى لو تم اتخاذ جميع الخطوات بشكل صحيح، فلن يعود الجميع، فهناك إغراءات كثيرة في الخارج، كما أن الاهتمامات الشخصية تختلف من فرد لآخر، ومع ذلك، يجب أن نعد علماءنا في الخارج مصدرا مهما جدا لإسرائيل".

وأضافت أنه "يمكن أيضا للعلماء في الخارج أن يفيدونا بشكل كبير، من خلال تعزيز ونسج علاقات دولية مهمة، وخلق شراكات مع الشركات العالمية وتعزيز المصالح، وهذا قد يتمثل في فتح الفرص للعلماء للتدريب واكتساب الخبرة في السوق العالمية، وإجراء مبادرات مشتركة للبحث والتطوير، وإنشاء مراكز في إسرائيل للهدف ذاته".

وأكدت كارمي أن "العلماء الإسرائيليين الذين اختاروا البقاء في الخارج سيكونون الأساس لكل هذه الأهداف، من منطلق التزامهم بالدولة ورغبتهم في مواصلة دعمها عن بُعد".

وتابعت: "علاوة على رغبتهم باستمرارية علاقاتهم مع إسرائيل، فإن هؤلاء العلماء يدركون أن وجود اتصال مستمر مع العلماء والباحثين في الأوساط الأكاديمية والصناعية الإسرائيلية، سيخدم مصالحهم المهنية والشخصية أيضا".

وأوضحت أنه "ليس بمقدور إسرائيل السماح للولايات المتحدة أو الأسواق الأوروبية بجني ثمار استثمارها في تدريب جيل المستقبل من العلماء".

وختمت كارمي بالقول: "في ظل أن كل عالِم يبقى في الخارج يتسبب في خسارة اقتصادية واجتماعية تراكمية، فإنه بدون وجود تدابير استباقية تمكّن العلماء من العودة، سيكون من الصعب قلب العجلة، التي تتدحرج اليوم بشكل أسرع من أي وقت مضى".