كيف ستكون العلاقات التركية مع إسرائيل حال فوز المعارضة؟.. موقع أميركي يجيب
يشوب موقف المعارضة التركية من "إسرائيل" الكثير من الغموض قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو/أيار 2023.
وقال موقع المونيتور الأميركي إن المسؤولين الإسرائيليين لم يعلقوا على الانتخابات التركية المرتقبة، في محاولة لمنع التقارب الأخير بين الطرفين من أن يصبح قضية انتخابية هناك.
فخلال العامين الأخيرين شهدت العلاقات التركية-الإسرائيلية تطورا بعد نحو عقد من التوتر، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، جرى اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وتكررت هذه الاتصالات إلى أن زار إسحاق هرتسوغ، أنقرة في مارس/آذار 2022، ثم تبادل وزيرا خارجية كل طرف الزيارات.
وفي أواخر عام 2022، التقى أردوغان رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، يائير لابيد، في نيويورك على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.
وقال الموقع: "يبدو أن حكومة بنيامين نتنياهو الراهنة تخشى أن يحدث نقاش عام في تركيا حول العلاقات المشتركة في هذه المرحلة، يؤدي إلى إجبار الأطراف المتنافسة هناك على اتخاذ مواقف صارمة من إسرائيل".
أردوغان ليس حليفا
ووفق المونيتور، فإن إسرائيل لم تنظر أبدا إلى أردوغان، كحليف، لكنها في المقابل غير متأكدة من موقف منافسه، رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو.
وأشار أنه "قبل 3 سنوات، غيّر الرئيس أردوغان سياساته تجاه إسرائيل، ما أدى إلى إعادة تأهيل العلاقات، بعد أكثر من عقد من السياسات العدائية والخطاب الرنان ضدها"، حسب وصف التقرير.
وأردف: "ومع ذلك، فإنه إذا طعن خصومه في القضية الفلسطينية قبل يوم الانتخابات، فقد يُصدر أردوغان تصريحات سيجد لاحقا صعوبة في التراجع عنها".
وذكر الموقع الأميركي أنه "إذا فازت المعارضة، فقد لا تتراجع عن التقارب مع إسرائيل، لكنها قد تظهر بشكل أكثر انتقادا للحكومة الإسرائيلية".
وعلى مدار السنوات الماضية، أدلى كليتشدار أوغلو بعدة تصريحات تتعلق بإسرائيل.
ففي عام 2011، انتقد تقرير الأمم المتحدة بشأن حادثة "مافي مرمرة" - التي قُتل فيها تسعة مواطنين أتراك على متن قارب حاول كسر حصار غزة- القوات الإسرائيلية لاستخدامها القوة المفرطة.
وردا على ذلك، طرد أردوغان السفير الإسرائيلي وخفض العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لكن انتقد كليتشدار أوغلو هذه الخطوة.
وقال زعيم المعارضة التركية حينها: "لا فائدة من ذلك ولا حاجة لنا للمخاطرة بمصلحتنا بأعمال تافهة".
كما انتقد فاروق لوغوغلو نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أردوغان، قائلا إن "احتمال أن يكون الحزب (الحاكم في تركيا) قد دفع البلاد إلى حافة صراع ساخن أمر محزن وغير مقبول".
وأكد "المونيتور" أنه "إذا وضعنا التصريحات الأخرى لكليتشدار أوغلو في الصورة، سيبدو أن تصريحه الذي ذكرناه لعام 2011 كان في الأساس انتقادا لأردوغان، وليس إشارة إيجابية تجاه إسرائيل".
فبعد اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، دعا كليتشدار أوغلو، الذي كان عضوا في البرلمان حينذاك- أردوغان إلى قطع العلاقات مع تل أبيب.
وقال كليتشدار أوغلو موجها حديثه لأردوغان: "إذا كنت تريد قطع العلاقات، فاستمر في ذلك. نحن ندعمك".
وفي يونيو/حزيران 2022، وبعد ثلاثة أشهر من زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى أنقرة ولقائه أردوغان، زار كليتشدار أوغلو عائلة أحد الأشخاص الذين قُتلوا على متن سفينة "مافي مرمرة".
وغرد كليتشدار أوغلو بعد الزيارة قائلا: إن "استشهاد المواطنين (الأتراك) في المياه الدولية له ثمن. رسالتي لإسرائيل هي أن هذه القضية لم تُغلق بعد".
سياسة غير واضحة
لكن شدد التقرير على أنه "بالرغم من هذه التصريحات، فإن سياسة كليتشدار أوغلو تجاه إسرائيل لا تزال غير واضحة".
وألمح الموقع إلى أن "إسرائيل تشعر بالقلق أيضا بشأن بعض شركاء كليتشدار أوغلو في تحالف الأمة المعارض (الطاولة السداسية)".
"فقد كان زعيم حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، ضد إعادة تأهيل العلاقات مع إسرائيل، كما أن لديه علاقة معقدة معها".
علاوة على ذلك، يعارض رئيس حزب السعادة، تمل كرم الله أوغلو، بشدة التقارب مع إسرائيل، حيث إنه في عدة مناسبات، انتقد أردوغان؛ لتخفيفه حدة انتقاداته للعمليات الإسرائيلية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، واتهمه بخيانة القضية الفلسطينية.
وأكد "المونيتور" أنه "لا يبدو أن أي شخص في إسرائيل يعد أردوغان حليفا حقيقيا، لكن الدبلوماسيين الإسرائيليين يتوقعون منه أن يواصل عملية التطبيع إذا أُعيد انتخابه".
وبالمثل، قد يسير كليتشدار أوغلو على نفس الخط حال فوزه؛ وذلك فقط لتجنب المواجهة مع واشنطن، ولخدمة المصالح الاقتصادية لتركيا، وفق التقرير.
ونوه بأنه "لطالما كان السياح الإسرائيليون مغرمين بقضاء العطلة في الوجهات السياحية التركية، وبدأوا يعودون بشكل متزايد إلى تركيا خلال الفترة الأخيرة، كما نمت التجارة بين الطرفين منذ التقارب في عدة مجالات".
ووفقا لقاعدة بيانات التجارة الدولية "COMTRADE" التابعة للأمم المتحدة، بلغت قيمة صادرات إسرائيل إلى تركيا عام 2022 ما يقدر بـ 2.36 مليار دولار، في حين وصلت قيمة صادرات أنقرة إلى تل أبيب في نفس العام إلى 7.03 مليارات دولار.
وكمثال على ذلك، اشترت مجموعة "Sabanci Group" التركية عام 2022، حصة أغلبية في شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية "Radiflow" مقابل 45 مليون دولار.
وخلال مايو 2023، قال مسؤول التخطيط الإستراتيجي وتطوير الأعمال للمجموعة، لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، إنه يرى المزيد من الفرص للاستثمار التكنولوجي والتعاون بين الجانبين.
والجدير بالذكر أن أونال جيفيكوز السفير المتقاعد وكبير مستشاري كليتشدار أوغلو للشؤون الخارجية، كان قد صرح بأن "أنقرة لن تتبنى سياسة خارجية متشددة في الشرق الأوسط، وستحاول التحدث إلى كل من إسرائيل وفلسطين".
وقال "جيفيكوز" حول التعويضات التي وعد بها الإسرائيليون: "إحساسنا بشأن مافي مرمرة هو أن مدفوعات إسرائيل النقدية لم تصل إلى عائلات الضحايا".
وأضاف المسؤول في المعارضة التركية: "سننظر في هذه المسألة، لكنها لن تعطل علاقاتنا مع إسرائيل".
وحين أُعلن عن اتفاق التطبيع بين إسرائيل وتركيا، في يونيو/حزيران 2016، قال رئيس وزراء تركيا حينها، بن علي يلدريم، إن "تل أبيب نفذت الشروط كافة".
وقال يلدريم: "ستدفع إسرائيل 20 مليون دولار تعويضات لعائلات شهداء مافي مرمرة، وسيتم الإسراع في عمل اللازم من أجل تلبية احتياجات سكان قطاع غزة من الكهرباء والماء".
لكن وفق مصادر إعلامية، فإن "إسرائيل دفعت المبلغ المتفق عليه، لكن عائلات ضحايا مافي مرمرة رفضت تسلمه".