عبد الله كامل.. شيخ مصري كفيف أنار القلوب بالقرآن ورحل داعيا للإسلام

داود علي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رحل بعيدا عن وطنه في الولايات المتحدة الأميركية، القارئ المصري البارز، صاحب الصوت الندي، الشيخ عبد الله كامل عن عمر ناهز 38 عاما.

ففي 27 أبريل/نيسان 2023، أعلنت صفحة المركز الإسلامي في حي بروكلين بمدينة نيويورك، نبأ الوفاة، وهو المركز الذي أم الشيخ عبد الله المصلين فيه بصلاة التراويح خلال شهر رمضان. 

ثم نشر مسجد التوحيد الإسلامي في مدينة جيرسي الأميركية الذي اعتاد كامل على الصلاة فيه، خبر وفاة الشيخ المصري.

وأورد في منشور عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: "إنا لله وإنا إليه راجعون، بقلوب يملأها الحزن، نعلن وفاة حبيبنا الشيخ عبدالله كامل، عاد إلى ربه الليلة وخسارته تركت أثرا عميقا على مجتمعنا".

وهز نبأ الرحيل المفاجئ للشيخ مواقع التواصل الاجتماعي، وعم الحزن محبيه ومتابعيه، الذين تفاعلوا مع الخبر المفجع، ونشروا مقاطع كثيرة له، وهو يتلو القرآن بصوت عذب ومقامات متنوعة اشتهر بها. 

حياة الشيخ

ولد الشيخ عبد الله أحمد كامل، في الأول من أغسطس/ آب 1985، في قرية "المشرك قبلي" بمركز يوسف الصديق في محافظة الفيوم. 

وولد الشيخ كفيفا، لكنه أتم حفظ القرآن الكريم في صغره على طريقة بريل، ودرس المراحل التعليمية المختلفة في محافظة الفيوم، إلى أن التحق بكلية دار العلوم بجامعة الفيوم، وتخرج فيها عام 2005، حاصلا على شهادة البكالوريوس. 

اشتهر عندما شارك في مسابقة المزمار الذهبي التي كانت تقدم على قناة الفجر الفضائية منذ العام 2010.

وفي عام 2015 حصل الشيخ على المركز الأول في المسابقة، التي تتابعها جماهير عريضة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. 

وعرف الشيخ بنظمه للشعر وكتابة القصائد وترديدها بصوت عذب شجي، وكانت له تسجيلات عديدة على قناته الرسمية في يوتيوب التي يتابعها أكثر من مليون شخص.

وكذلك شارك في تقديم مجموعة من البرامج الدينية الإسلامية في عدة قنوات فضائية إسلامية، مثل "الناس - الحافظ - الرحمة - الندى". 

النشاط الدعوي للشيخ عبد الله لم يقتصر على مصر فقط، فسافر إلى العديد من الأقطار العربية والإسلامية، ومختلف أنحاء العالم للإمامة بالمصلين.

ومن أشهر سفرياته إلى دولة الكويت حيث بثت الصلوات التي أمها خلال شهر رمضان الكريم على التلفزيون الكويتي. 

قصائده ومواقفه 

كانت للشيخ قصائد لاقت صدى واسعا وانتشرت في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، منها أنشودة "هل حقا تشتاق إليه؟ هل صليت اليوم عليه؟" في مدح النبي عليه الصلاة والسلام.

وعرف عبد الله كامل بمواقفه السياسية الواضحة الصريحة، فقد كان من المشاركين في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وللشيخ الراحل صور ومقاطع فيديو وهو مقيم في ميدان التحرير، يصلي بالناس، ويردد الأناشيد الإسلامية. 

وكان رافضا ومناهضا للانقلاب العسكري الذي وقع في مصر في 3 يوليو/تموز 2013، بقيادة وزير الدفاع آنذاك ورئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي. 

وبعد الفض الدموي لميداني رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس/ آب 2013، نظم عبد الله كامل قصيدة شهيرة بعنوان "مصر يا نهر الدماء". 

وكان مما قاله فيها: "هتف الرصاص فأخرس الميدان.. جرت الدماء كأنها فيضان، وحشية عجز الخيال أمامها ومجازر يبكي لها الصوان". 

وأضاف الشيخ الراحل: "ياويل من سفكوا الدما أو فوضوا.. خاب الأثيم وساءت الأعوان". 

اللحظات الأخيرة 

شهدت المحطة الأخيرة من حياة الشيخ عبد الله كامل، رحلة دعوية إلى الولايات المتحدة الأميركية، للصلاة بالمسلمين خلال شهر رمضان، وقد طاف عدة ولايات، وصلى في مختلف المراكز الإسلامية.

أما عن اليوم الأخير فيرويه، رفيق الشيخ في رحلته مصطفى أبو سيف، إذ كتب تدوينة على صفحته الشخصية بـ "فيسبوك" قائلا: "صلينا اليوم الفجر معا في مسجدنا (مسجد التوحيد بولاية نيوجيرسي) وألقى خاطرة بعد الصلاة ثم جلست أنا وهو في بيتي نقرأ ونتذاكر من الفجر وحتى صلاة الظهر ما توقفنا إلا للطعام أو الشراب". 

وأضاف: "كانت جلسة لم أر مثلها، كنا نقرأ ونتذاكر ونمزح ونضحك ونبكي ونتأثر وأذكر أنه مر على خاطرة عن سورة التكوير فبكى بكاء شديدا".

وعن خاطرة عن سن الأربعين وفيها: إذا تم أمر بدا نقصه .. ترقب زوالا إذا قيل تم، فقال كم عمري؟! قلت بالهجري قد جاوزت الأربعين بخمسة أشهر، فتأثر لما سمع وبدا ذلك على صفحات وجهه!، وفق ما روى. 

وأورد: "عند صلاة الظهر طلب مني أن أتقدم للصلاة فأبيت إلا أن أقدمه فتقدم والحمد لله صلى بنا، وبعد الصلاة قال بعضنا لبعض لنسترح قليلا ثم نواصل فنمت ونام، وقمت وما قام! وكانت الفاجعة! ذهبت لأوقظه فإذا بروحه قد صعدت إلى بارئها".

فيما غرد محمود شقيق الشيخ عبدالله، أن زوجته أنجبت مولودا قبل وفاته بـ 15 يوما، أسماه "سفيان"، وكان متشوقا للقائه، ولكن القدر لم يمهله.

وأضاف أن الشيخ كان منذ نعومه أظفاره والجميع يتوقع له النبوغ لولعه وحبه للقرآن الكريم.

وأشار إلى أن الشيخ في عمر 4 سنوات كان يتسلق الشباك الحديدي لكي يخرج لأداء صلاة الفجر وكان محبا للجميع، ويحبه الجميع. 

يذكر أن الفقيد قد نظم قصيدة بعنوان “قالوا مات” نعى فيها نفسه قبل وفاته، وتداولها ناشطون على نطاق واسع بعد إعلان نبأ رحيله.

شهادات في حقه

من أول من نعاه، كان أحمد عيسى المعصراوي أستاذ الحديث بجامعة الأزهر ورئيس لجنة مراجعة المصحف وشيخ عموم مقارئ الديار المصرية سابقا، الذي كتب "رحم الله الشيخ عبدالله كامل ونوّر قبره ورفع درجاته في عليين".

وكتب القارئ مشاري بن راشد العفاسي: "اللهم اغفر لعبدك الشيخ  عبدالله كامل وارفع درجته ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد واجبر مصاب أهله ومحبيه". 

وغرد القارئ الكويتي أحمد بن عبدالعزيز النفيس: "وفاة الشيخ القارئ عبدالله كامل المصري الكفيف الذي اشتهر بعذوبة تلاوته وقوة أدائه الخاشع في أمريكا قبل قليل والحمدلله قد بلغ رمضان وصلى بالناس إماما للتراويح والقيام فاللهم ارحمه وتقبله وأكرم نزله واجعل اللهم القرآن شفيعا له.. إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقه لمحزونون".

وأضاف الصحفي الكويتي عبد الله الساري: "وفاة  القارئ المصري الكفيف عبدالله كامل في أميركا.. كتب الله له رمضان كاملا أم فيه العباد بالتراويح ثم رحل عن الحياة، اللهم عوضه بحبيبتيه الجنة، نعم الأثر الذي تركت يا عبدالله ونعم الختام ونعم الرحيل.. جمعنا الله وإياك في مُستقر رحمته".

ودون الداعية المصري أحمد الجوهري: "من المزايا التي رصدتها في عطاء عبد الله كامل، أنه يعيش الحدث بلحظاته ويشارك فيه أثناء جريانه ويتعاطى معه بما يستطيع من جهود".

وأردف: "يختم حياته بالتركيز على الحديث عن عقيدة إبراهيم، دفعا في صدر الدعوة الضالة إلى ما سمي ببيت العائلة الإبراهيمية، وما بينهما كان الرجل حاضرا في الأحداث التي عاصرها يتجاوب معها بالشعر المنظوم تارة وبالكلمة المنثورة تارة أخرى".

وغرد الناشط الفلسطيني جهاد حلس: "لمن لا يعرف الشيخ القارئ عبدالله كامل الذي توفاه الله اليوم، اسمع هذه التلاوة التي تهتز لها القلوب وتوقظ النفوس من غفلتها". 

وقال الناشط المصري عبد الله الشريف: "اللهم إن عبدك عبدالله كامل ما ارتبط ذكره في خاطري إلا بذكرك، فما رأيت وجهه يوما إلا وأسمعني كلامك فارحمه اللهم ببركة حمله لكتابك الذي جال الأرض يبلغه للناس".