مكانة مفتي عمان.. هكذا منحته الجرأة بانتقاد تقرب بلاده من إسرائيل

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز دراسات تركي عن التصريحات والمواقف الجريئة لمفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المتعلقة بملف التطبيع مع إسرائيل وقضايا أخرى.

وتطرق مركز "إنسامر" للأبحاث الإنسانية والاجتماعية إلى انتقاد الخليلي قرار عمان بفتح المجال الجوي أمام إسرائيل، وطلب من القيادة السياسية إعادة النظر في القرار.

وأعلنت هيئة الطيران المدني في عُمان، في 23 فبراير/شباط 2023، أن أجواء السلطنة مفتوحة أمام جميع الناقلات الجوية التي تستوفي شروط عبور الأجواء العُمانية، زاعمة أن ذلك يأتي التزاما ببنود معاهد شيكاغو 1944، وإنفاذا للمتطالبات الدولية بعدم التمييز بين الطائرات المدنية.

وغداة ذلك الإعلان، أصدر مفتي سلطنة عمان، بيانا عبر تويتر، قال فيه: "فوجئنا مفاجأة لم تخطر منا على البال بقرار فتح المجال الجوي -بما يُمَكِّن طيران الكيان الصهيوني من استعماله-، وكنا نرجو أن يستمر الموقف الصامد الرافض لأي علاقة بذلك الكيان من سلطنتنا الأبية"، راجيا من السلطنة مراجعة مواقفها.

ولقى موقف الخليلي، إشادة واستحسانا وتأييدا واسعا بين الناشطين على تويتر، إذ أعربوا عن تضامنهم معه وأثنوا على شجاعته على قول الحق في وجه السلطان وإعلان موقفه دون مواربة، وهو ما أثار موجة هجوم إسرائيلية ضده.

خط أحمر

وقال الكاتب "أحمد فاروق جوكسون": كانت عُمان مشغولة في الأيام الأخيرة بالقمع الصهيوني والهجمات على المفتي "أحمد بن حمد الخليلي". 

وأوضح: "فتحت الإدارة العمانية المجال الجوي العماني أمام إسرائيل، وشكر وزير الخارجية الإسرائيلي "إيلي كوهين" عُمان أمام شركات الطيران ووصفه بأنه "قرار تاريخي". 

وتابع: "أدان المفتي بشدة قرار عمان على وسائل التواصل الاجتماعي وطالب بمراجعة القرار، ثم استخدمت الحسابات الصهيونية ومؤيدوها عبارات مهينة ودعت الخليلي إلى الاعتذار عن هذا الموقف". 

ولفت الكاتب النظر إلى موقف الشعب، الذي رأى في الخليلي خطاً أحمر، وأيد المفتي كالمعتاد في مواجهة ردود الفعل هذه".

وعلى الرغم من انزعاج الإدارة العُمانية من كلمات الخليلي القاسية التي يوجهها إليها بين الحين والآخر، فإنها مترددة في التدخل المباشر بسبب موقعه في قلوب الناس، وفق الكاتب.  

وأضاف: اتحد شعب عمان في أجزاء أخرى من العالم حول الخليلي وأعربوا عن دعمهم له كما هو الحال دائما في مثل هذه القضايا. 

كما أطلقوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى تحت عنوان "بيان الشيخ الخليلي يمثلني"، واحتل هذا العنوان الرئيس التريند على تويتر في عُمان لساعات. 

ولم تقتصر رسائل الدعم للخليلي على الشعب العماني، بل على العكس من ذلك، جاءت رسائل الدعم من جميع أنحاء العالم الإسلامي.

وأضاف الكاتب: "جرى تقديم أكبر ثناء للخليلي لأن واجبه الرسمي لم يمنعه من قول الحقيقة". 

"بالإضافة إلى ذلك، دعت العديد من الحسابات التي تدعم الخليلي سلطان عُمان، هيثم بن طارق، إلى التراجع عن هذا القرار"، بحسب الكاتب التركي.

إثارة الجدل 

ولفت الكاتب النظر إلى اعتبار بعض الدوائر فتحَ عُمان مجالها الجوي أمام إسرائيل خطوة تمهيدية نحو التطبيع.

ويعد قلق المفتي في تصريحه من أن خطوات أخرى ستتبع هذه الخطوة زيادة في شرعية هذا التفسير. 

وفي هذه المرحلة، يجب التذكير بأن خطوات المغرب نحو التطبيع مع إسرائيل عام 2020، بوساطة الولايات المتحدة الأميركية، لاقت إشادة من وزارة الخارجية العُمانية.

وذكر الكاتب التركي أنه في 23 فبراير نشر الخليلي رسالة دعا فيها جميع الشعوب الإسلامية إلى المساهمة في وقف قمع إسرائيل للفلسطينيين وتكريس كل الطاقات لمواجهة ذلك.

ولم يكتف الخليلي بالمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي فقط، بل طالب جميع الشعوب الإسلامية بدعم حركات المقاومة حتى يأخذ الفلسطينيون جميع حقوقهم المغتصبة ويعودوا إلى أراضيهم ويطهِّروا مقدساتهم.

وأشار جوكسون إلى أنه كان من الممكن قبول هذه الرسالة كتحذير ناعم من الخليلي، لكن عندما لم تتخذ الإدارة السياسية خطوة لمراجعة القرار المعني، وجه المفتي هذه المرة انتقاداته علانية وطالب بإعادة النظر في القرار. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة أن الخطاب الذي وجهه الخليلي في رسالته هو للشعوب المسلمة وليس للدول الإسلامية يمكن تفسيره على أنه توقع ردود فعل منها بدلا من الإدارات السياسية.

وتابع: "أثارت رسالة الخليلي هذه ردود فعل على وسائل التواصل الاجتماعي ضد المفتي في وقت قصير على الجبهة الصهيونية".

فعلى سبيل المثال، نشر الصحفي الصهيوني "إيدي كوهين" على حسابه في تويتر: "لا يمكن أن يكون هناك سلام أو تطبيع مع عُمان ما لم يعتذر المفتي عن تصريحاته المعادية لليهود وإسرائيل"، وفق وصفه. 

وانتقدت العديد من هذه الحسابات الخليلي باستخدام تعبيرات قبيحة تستهدفه، وفي المقابل دافع العمانيون عن المفتي.

رد فعل متوقع

ولفت الكاتب النظر إلى موقع الخليلي في عُمان وأدواره. ففي وقت قصير ارتقى إلى منصب نائب المفتي وعند وفاة معلّمه إبراهيم العبري، جرى تعيينه في منصب المفتي عام 1975.

ويعد الخليلي، الذي شغل منصب مفتي عمان منذ ذلك الحين، الشخصية الدينية الأكثر نفوذا في البلاد. 

وأضاف: "قدم الخليلي مساهمات كبيرة في الإصلاح العماني بقيادة السلطان السابق قابوس بن سعيد عام 1970، ولهذا فهو شخصية لا يريد السياسيون لمسها بسبب هذه المساهمات وموقعه في البلاد".

والخليلي أيضا باحث ولديه العديد من كتب الفتاوى والقضايا الدينية. وبالإضافة إلى ذلك، فهو يتابع عن كثب المجتمع والعالم ويدرس القضايا الملحة. 

ومن جهة أخرى يستخدم الخليلي وسائل التواصل الاجتماعي بنشاط، ويسلط الضوء على الأحداث التي يمر بها المسلمون في الوقت الحالي. 

فعلى سبيل المثال، يدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على فلسطين، واتخذ موقفا صريحا ضد الشذوذ الجنسي، الذي انتشرت دعايته بسرعة في جميع أنحاء العالم.

وهنأَ قرار قطر بعدم السماح بدخول المواد ذات الطابع الجنسي الشاذ إلى الملاعب في كأس العالم نوفمبر/تشرين الثاني 2022. 

وأشار الكاتب إلى أنه بالنظر إلى حياة الخليلي وبعده عن الإدارات السياسية، بالإضافة إلى دعمه للقضية الفلسطينية، ومعارضته الشديدة للتطبيع مع إسرائيل، فإن ردة فعله الأخيرة ليست مفاجأة. 

فغالبا ما يدين القمع الإسرائيلي ويدعو المسلمين إلى التضامن مع الفلسطينيين في قضيتهم. 

ويعرف الخليلي أيضا بانتقاده اللاذع للبنوك الربوية والأماكن التي تباع فيها المشروبات الكحولية في عُمان. ولا يتردد في إصدار تحذيرات لكل من الأفراد والمديرين بشأن مثل هذه القضايا. 

وأشار الكاتب التركي إلى أنه في حين أن هذه الدعوات والانتقادات الموجهة إلى الخليلي تجد دعما كبيرا بين جماهير الشعب، فهي لا تحظى بنفس الدعم من قبل السلطة السياسية.

إذ لم تتخذ الإدارة أي خطوات بشأن قضايا مثل البنوك ذات الفائدة، وأماكن الشرب، وما إلى ذلك، والتي كان ينتقدها لفترة طويلة. 

وعلق جوكسون: "على الرغم من حكم البلاد والسلطة السياسية، فإن موقف الخليلي المشرف ضد إسرائيل الوحشية والمحتلة يستحق التقدير والتهنئة".