وزير بالمعارضة السورية لـ"الاستقلال": خسائر الزلزال تتجاوز 100 مليون دولار
أكد وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم حسين المصري، أن حجم الخسائر الاقتصادية في شمال غربي سوريا (مناطق المعارضة) التي خلفها الزلزال تتجاوز مئة مليون دولار.
وقال المصري في حوار مع "الاستقلال"، إن الحكومة المؤقتة (معارضة) تلقت وعودا من الأمم المتحدة والمنظمات في زيادة مشاريع التعافي المبكر ودعم المتضررين من الزلزال بمناطق المعارضة.
وأشار إلى أنه من المفترض أن يلعب رجال الأعمال السوريون دورا بارزا في مثل هذه الكارثة من خلال مساعدة الأهالي في شمال غربي البلاد، عبر إقامة مشاريع وتأمين فرص عمل جديدة للمتضررين بشكل خاص من الزلزال.
سياسيا، أكد الوزير المعارض أن نظام الأسد يحاول الاستفادة من الكارثة راهنا، لكنه استبعد أن يستفيد من الأمر على المدى الطويل، لكون العالم غير معترف به سياسيا.
وفي 6 فبراير/شباط 2023، ضرب زلزالان جنوبي تركيا وشماليّ سوريا، بلغت قوة الأول 7.7 درجات والثاني 7.6 درجات، فضلا عن مئات الهزات الارتدادية العنيفة. وخلّف الزلزال آلاف القتلى والجرحى في تركيا وسوريا.
وتركز الضرر الأكبر على شمال غربي سوريا (مناطق المعارضة) حيث شرد الزلزال نحو مليون شخص، ودمر بشكل كلي 1123 منزلا، بينما بلغ عدد المنازل هناك غير الصالحة للسكن نتيجة الأضرار المختلفة نحو 14 ألفا.
ويضم شمال غربي سوريا الخارج عن سيطرة نظام الأسد، نحو 5 ملايين إنسان، كانوا يعانون أصلا من نقص المساعدات والخدمات قبل وقوع الزلزال.
حجم الخسائر
- بداية.. ما حجم الخسائر الاقتصادية في مناطق المعارضة السورية التي خلفها الزلزال؟
لم يجر تقدير الخسائر المادية التي خلفها الزلزال ولكن مع ذلك، يمكن القول مبدئيا إنها قد تتجاوز نحو مئة مليون دولار أميركي.
كما أن الحكومة المؤقتة تجرى عمليات تقييم للأضرار وهذا يعني تكشف مزيد من الأضرار والخسائر في الشمال السوري.
لكن الزلزال الثاني الذي ضرب شمال سوريا بتاريخ 20 فبراير 2023، سبب خسائر جديدة من ناحية تضرر الأبنية التي كانت قابلة للإصلاح والترميم، حيث أصبحت غير صالحة للسكن.
- كيف ستتجاوز مناطق المعارضة السورية الخسائر الاقتصادية التي خلفها الزلزال؟
أهالي شمال غربي سوريا كان وضعهم الاقتصادي قبل وقوع الزلزال صعبا من الناحية المعيشية والإنسانية، خاصة مع وجود بطالة ودخل منخفض بالنسبة للعوائل.
إذ يعيش المدنيون في المخيمات ويعتمدون على المساعدات، وهذا يعني أننا بحاجة لوقت مع وجود صعوبات تعتري عملية تأهيل المناطق المتضررة، إلا في حالة جرى دعم المنطقة بالشكل الجيد.
لقد وعدت الأمم المتحدة بالتخفيف من حدة الخسائر في شمال غربي سوريا، من خلال فتح المعابر الحدودية مع تركيا وإدخال المساعدات، مما يعني أنه سيكون لها دور كبير في هذا الصدد، بالإضافة إلى بعض المنظمات.
ومن المفترض أن يلعب رجال الأعمال السوريون دورا بارزا في مثل هذه الكارثة عبر مساعدة الأهالي في شمال غربي سوريا، من خلال إقامة مشاريع وتأمين فرص عمل جديدة للمتضررين بشكل خاص من الزلزال.
- ما تأثير الزلزال على مشاريع التعافي المبكر في مناطق المعارضة السورية؟
لقد حان وقت دعم مشاريع التعافي المبكر لمن يود المساعدة في ذلك، في ظل الصعوبات الحالية، مع التأكيد على أن الزلزال هو أمر طبيعي وخارج إرادة البشر.
وبالتالي يمكن أن تتأثر هذه المشاريع لكن كانت هناك وعود من قبل ممثلي الأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بزيادة عدد مشاريع التعافي المبكر في المنطقة بالإضافة إلى وضع بنية تحية والقيام بعمليات ترميم.
خطط التعافي
- هل وضعت الحكومة المؤقتة خططا للمساعدة في البناء؟ وهل تلقت وعودا أممية أو من دول معينة لذلك؟
الحكومة المؤقتة بدأت بالمرحلة الأولى من خطة الاستجابة السريعة لانتشال الضحايا والبدء بتقييم الأضرار التي أحدثها الزلزال الأول، لكن الزلزال الثاني (وقع في 20 فبراير 2023) سيدفع الحكومة إلى إعادة تقييم من جديد وسيأخذ وقتا أطول.
عقب ذلك، سيجرى تحديد المشاريع والأولويات، في ظل الوعود الأممية بالمساعدة، إضافة إلى وجود منظمات بدأت بالسعي لبناء مدن جديدة شمال غربي سوريا للمتضررين، وأخرى بدأت بالسعي لتأمين فرص عمل، حتى إن الأمم المتحدة وعدت بزيادة المشاريع الإنتاجية وعدم الاعتماد على سلل المساعدات الدولية.
- ما أسباب تقاعس الأمم المتحدة عن إغاثة مناطق المعارضة بالمساعدات وبالمعدات في الأيام الستة الأولى من وقوعه؟
كما نعرف أن للأمم المتحدة أنظمة وقوانين معمول بها، مما أدى لحدوث تقصير وتأخر في تقديم المساعدات بشكل فوري للشمال السوري عقب وقوع الزلزال.
وأرجع البعض ذلك إلى أن الأمم المتحدة غير قادرة على اتخاذ قرار بسبب الفيتو الروسي داخل مجلس الأمن.
ولا سيما أن القرار الأممي يسمح فقط بدخول المساعدات من معبر باب الهوى شمال إدلب على الحدود مع تركيا. أما بالنسبة لفرق الإنقاذ ودخولها للشمال السوري، فإنه حسب ما تقول الأمم المتحدة فإنها ليس لديها فرق إنقاذ.
ولذلك فإنه من المؤلم والمؤسف انتظار أخذ موافقة نظام الأسد على إدخال المساعدات إلى الشمال السوري فور وقوع الزلزال من معبر باب السلام والراعي، على الرغم من إعلان الحكومة المؤقتة أن المنطقة منكوبة والمعابر جميعها مفتوحة، حيث دخلت مساعدات في اليوم الثالث للزلزال وشاحنات تجارية.
أما تأخر دخول المساعدات من معبر باب الهوى فربما يعود لكون الزلزال ضرب أنطاكيا والريحانية، بسبب وجود مشاكل في الطرق وكان هناك تخوف من ذلك.
لكن بالنهاية نحن لا نبرر ذلك، ولا يجب ربط هذا الأمر بقرارات معينة إذ يمكن للدول أن تقدم المساعدة للشمال السوري وترسل فرق إنقاذ عبر الطائرات المروحية والتي سبق وأن طبقوها في المنطقة لأغراض أخرى.
- ما البرامج والخطط التي وضعتها المعارضة السورية لمساعدة المنكوبين سواء في تأمين مأوى أو منع وقوع أوبئة؟
هناك تواصل مع الأمم المتحدة عبر عقد الحكومة المؤقتة اجتماعات عدة معها سواء موسعة أو مصغرة للعمل على تجاوز نكبة الزلزال عبر تأمين مشاريع إنتاجية.
الآن يجري تأمين خيم للمنكوبين في شمال غربي سوريا، إضافة إلى وجود دراسات لبناء أبنية سكنية صغيرة مثلا عبارة عن مخيمات من (بيتونية).
إذ يوجد خطط لذلك، كما يجري بناء مخيمات من خيم نظامية وصحية وفيها جميع المستلزمات والخدمات لتجنب حدوث أوبئة وأمراض معدية وذلك عبر التواصل مع المنظمات الدولية.
وهناك وعود في هذه المسألة حتى أن الأمم المتحدة وعدت بمبلغ يتجاوز 200 مليون لدعم الشمال السوري وترميم البنية التحتية وتأهيل المدارس ومساعدة الأهالي.
محاولات الاستغلال
- كيف يمكن للمعارضة السورية منع احتكار نظام الأسد للمساعدات الإنسانية؟
يمكن للمعارضة السورية توضيح للعالم ما يفعله ويهدف إليه النظام السوري وأنه يحاول استغلال الكارثة للاستفادة من المساعدات.
كما يمكن في هذا الصدد التواصل مع الأمم المتحدة والتأكيد على سرقة النظام للمساعدات على الرغم من معرفة المنظمة بذلك.
إن بقاء المعابر مفتوحة يمنع نظام الأسد من احتكار المساعدات، حتى إن معبر باب الهوى الحاصل على قرار أممي بإدخال المساعدات عبره يستبعد إغلاقه مستقبلا بمساندة من روسيا حليفة النظام.
لكن مع ذلك هناك خطط بديلة لدى الحكومة المؤقتة في حال جرى إغلاق معبر باب الهوى، لكن يجب التنويه بأن إغلاق المعبر هذا يعد حرمانا لسوريا من المساعدات الدولية بما فيه النظام السوري.
- ختاما.. هل تعتقد أن الزلزال الذي ضرب شمال سوريا سيمنح نظام الأسد فرصة للاستفادة من التواصل العربي والغربي والأممي معه سياسيا؟
زيارة بشار الأسد لسلطنة عمان (جرت في 20 فبراير 2023)، عقب الزلزال، ليست دليلا على حدوث شيء لكون العلاقة السياسية بينهما طبيعة قبل وقوع الكارثة.
ولذلك، فإن حجم المساعدات التي تدفقت إلى نظام الأسد عقب وقوع الزلزال قد نراها كبيرة، إلا أنه لم يجر تزويده بأشياء مهمة.
ولذا يمكن أن يستفيد النظام السوري من إعفاءات قانون قيصر الأميركي المخصص لمعاقبته والمتعاملين معه، من خلال التحويلات المالية التي تبقى محدودة لكنها لا توازي إنفاق الدولة وحاجتها وما يطمح له النظام.
وبالنهاية، فإن نظام الأسد يحاول الاستفادة من الكارثة راهنا، لكن لا أعتقد أنه سيستفيد على المدى الطويل لأن العالم غير معترف به سياسيا.