جسر من المساعدات.. كيف كانت الشعوب العربية "سخية" في دعم تركيا بعد الزلزال؟
كانت الدول العربية على رأس الدول التي سارعت في تقديم الإغاثات والمساعدات لتركيا وسوريا عقب زلزال "كهرمان مرعش" المدمر، الذي ضرب البلاد في 6 فبراير/ شباط 2023، بقوة 7.7 درجات على مقياس ريختر، وتسبب في خسائر مادية ومعنوية وبشرية ضخمة.
وتقدمت قوافل المساعدات العربية لنجدة المناطق المنكوبة بعد الدمار الكبير في 11 ولاية تركية، هي "كهرمان مرعش وغازي عنتاب، وشانلي أورفة، ودياربكر، وأضنة، وآدي يامان، وعثمانية، وهاطاي، وكليس، وملاطية، وألازيغ".
وهو الأمر الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتوجيه شكر خاص للدول العربية التي وقفت مع تركيا، خلال مداخلة تلفزيونية مع قناة "هابر" التركية.
وقال: "إن السعودية، وقطر والكويت من أكثر الدول التي قدمت لنا المساعدة ولا نزال نتلقى منهم الاتصالات ويتعهدون بالمزيد من الدعم".
الرئيس #اردوغان لم يتأخر في تقديم واجب الشكر للدول العربية التي وقفت مع تركيا، وقال إن السعودية، وقطر والكويت من اكثر الدول التي قدمت لنا المساعدة ولازلنا نتلقي منهم الاتصالات ويتعهدون بالمزيد من الدعم.#تركيا_تشكر_العرب
— الرادع التركي ���� (@RD_turk) February 18, 2023
❤️ �� pic.twitter.com/Rk6iHKVepM
370 مليون دولار
إبان وقوع الزلزال أعلنت 16 دولة عربية رسميا إنشاء جسور جوية وتقديم مساعدات إغاثية وطبية عاجلة لدعم تركيا، وهي قطر والسعودية والكويت والإمارات ومصر ولبنان والجزائر والأردن والبحرين وليبيا وتونس وفلسطين والعراق وموريتانيا والسودان وعمان.
وبحسب ما نشرت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية، في 20 فبراير 2023، تجاوزت الحصيلة الأولية للمساعدات المقدمة من الدول العربية لضحايا الزلزال نحو 370 مليون دولار أميركي.
وجاءت قطر كأكثر الدول العربية مساهمة في الإغاثة، وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في 17 فبراير 2023، أن قيمة المساعدات التي قدمتها الدوحة لضحايا الزلزال في سوريا وتركيا بلغت 253 مليون ريال قطري (70 مليون دولار).
وأكد الأنصاري وفقا لما نقلته الخارجية القطرية: "التزامات دولة قطر للأشقاء المتضررين من آثار الزلزال في تركيا وشمال سوريا بلغت 85 مليون ريال، وذلك خلال الـ 10 أيام الأولى من وقوع الكارثة".
وبين أن حملة "عون وسند" الإغاثية العاجلة لمتضرري الزلزال التي دشنتها هيئة تنظيم الأعمال الخيرية جمعت في ليلة واحدة 168 مليون ريال، بما فيها تبرع حضرة أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بمبلغ 50 مليون ريال لصالح الحملة.
وقدمت قطر كذلك 10 آلاف منزل مسبق الصنع، ليكون محل إقامة للناجين من الزلزال من مواطني الولايات المنكوبة.
جسور المساعدات
وسيّر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، جسرا جويا وعمل على تنظيم حملة شعبية عبر منصة "ساهم"، لدعم تركيا، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، في 11 فبراير 2023.
وذكرت أنه شارك في الحملة وفق بيانات المنصة 709 آلاف و775 شخصا، وتجاوزت حصيلة التبرعات 249 مليونا و934 ألفا و8 ريالات (نحو 66.6 مليون دولار).
وحققت الكويت ملحمة إغاثية كبيرة لضحايا زلزال تركيا وسوريا، ففي 11 فبراير، أطلقت عبر بث مباشر على تلفزيون البلاد الرسمي، حملة تبرعات كبرى، أسهمت فيها شخصيات حكومية ومواطنون.
واستطاعت الحملة التي أطلق عليها "الكويت بجانبكم" جمع تبرعات بـ 13 مليون دينار كويتي (42.6 مليون دولار) في الساعات الأولى من انطلاقها، حيث تجاوز عدد المتبرعين 65 ألفا، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وأعلنت دولة الإمارات في 7 فبراير تقديم حصيلة مساعدات تصل إلى 50 مليون دولار لضحايا الزلزال في تركيا، ومثلهم في سوريا، مع إرسال مستشفى ميداني إلى المناطق المتضررة.
وكانت الجزائر من أسرع الدول تقديما للمساعدة، ففي يوم الزلزال (6 فبراير) أعلنت إرسال فريق بحث وإنقاذ مكون من 86 شخصا إلى جانب 95 طنا من المساعدات الإنسانية.
كما أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في 10 فبراير تخصيص 30 مليون دولار كمساعدات لتركيا في مواجهة آثار الزلزال المدمر.
وحضرت فلسطين بقوة في صفوف المتبرعين، حيث نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، حملة "أغيثوهم" في 18 فبراير وجمعت نحو 1.37 مليون دولار لصالح منكوبي الزلزال.
كما شاركت فلسطين بفريقي دعم إلى تركيا وسوريا لمساعدة المتضررين. وكذلك قدمت مصر 144 طنا من المساعدات، وشارك لبنان والسودان بفريق بحث وإنقاذ، وقدم العراق عددا من المعدات الثقيلة.
وساعدت ليبيا بإرسال 5 طائرات محملة بـ 15 طنا من المساعدات، وفريق بحث وإنقاذ، وأطلق المغرب حملات واسعة لجمع التبرعات، وكذلك فعلت موريتانيا.
وبدورها، أرسلت المملكة الأردنية فريق بحث وإنقاذ، وأنشأت مستشفى ميدانيا، وعملت على تقديم 10 آلاف خيمة مجهزة للمتضررين.
حملات شعبية
لم تكن الإغاثات الرسمية فقط هي ما قدمته الدول العربية لتركيا، بل أسهمت الشعوب العربية بشكل فعال في الإغاثة، وتفاعلت إنسانيا مع النكبة بالمشاعر والدعاء والدعم المادي.
وفي 17 فبراير أعلنت الحكومة الصومالية، جمع 4 ملايين دولار من خلال حملات التبرعات الشعبية، منها 3 ملايين دولار من لجنة التجار الصوماليين، وأسهمت الحكومة بمليون دولار.
ومنها كذلك الحملة الإغاثية الشعبية الإماراتية التي أطلقتها الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي قرينة حاكم الشارقة ورئيسة مؤسسة القلب الكبير.
ونجحت الحملة المذكورة في جمع 15 مليونا و649 ألفا و140 درهما (4.2 ملايين دولار) لإغاثة المتضررين.
وفي 12 فبراير، جمعت الجاليات العربية في بريطانيا تبرعات لصالح متضرري الزلزال على هامش أمسية "يوم الجاليات العربية" بنسخته السنوية التاسعة، التي نظمها المنتدى الفلسطيني، تحت شعار "القدس تجمعنا ودماء الشهداء توحدنا".
وأعلن رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، زاهر البيراوي، عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن أبناء الجاليات العربية في لندن عبروا عن تضامنهم مع المكلومين في تركيا وسوريا، وجمعوا 20 ألف جنيه إسترليني (نحو 24.1 ألف دولار) للضحايا.
وفي موريتانيا، تبرع تلاميذ "وقف المعارف" التركي بنحو 16 ألف دولار، في إطار حملة التبرعات الشعبية.
وأعلن المجلس الأميركي للمنظمات الإسلامية، الذي تقوده جاليات عربية، أن المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية جمعوا نحو 100 مليون دولار من المساعدات المادية والعينية للمتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا.
وفي 21 فبراير، أعلن أفراد الجالية المغربية في إسطنبول عن جمع تبرعات بأكثر من مليون ليرة تركية (نحو 53 ألف دولار) للمساهمة في الإغاثة.
تركيا تشكر العرب
ذلك التضامن العربي الواسع رسميا وشعبيا دفع ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، لإطلاق هاشتاغ "تركيا تشكر العرب".
وذكر ناشطون أن المساعدات التي قدمها العرب، عبرت عن صدق مشاعر المواساة لضحايا الزلزال. وغرد الناشط التركي آكار هاكان: "طابور الأمة العربية يصفع العنصريين".
في ظل هذه التفرقة والحروب والتنافر تأتي المحن لتجمعنا وتذكرنا بآية:
— Celal Demir (@celaldemir63) February 19, 2023
( إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) #تركيا_تشكر_العرب pic.twitter.com/dHfZ7lQ2XM
ونشر حساب باسم "الإسطنبولي" مقطع فيديو يظهر وصول المعونات، وعلق: "لم يتمالك هذا الموطن مشاعره وهو يرى مساعدات الكويت وهي تطعم متضرري الزلزال على مدار الساعة.. شكرا للشعب الكويتي على هذا الكرم والتضامن".
لم يتمالك هذا الموطن مشاعره وهو يرى مساعدات #الكويت وهي تطعم متضرري الزلزال على مدار الساعة.
— الاسطنبولي (@istanbulli1453) February 18, 2023
شكراً للشعب الكويتي على هذا الكرم والتضامن����#تركيا_تشكر_العرب pic.twitter.com/PsTa5ts6Yk
ودون الكاتب التركي إسماعيل ياشا عبر حسابه بتويتر: "شكرا لجميع الدول العربية التي تضامنت مع تركيا الجريحة، وشكرا لجميع الأشقاء العرب الذين قدموا إلينا تعازيهم في ضحايا الزلزال وأعربوا عن مشاعرهم الأخوية".
شكرا لجميع الدول العربية التي تضامنت مع تركيا الجريحة، وشكرا لجميع الأشقاء العرب الذين قدموا إلينا تعازيهم في ضحايا الزلزال وأعربوا عن مشاعرهم الأخوية..
— إسماعيل ياشا (@ismail_yasa) February 18, 2023
#تركيا_تشكر_العرب
وكتب رئيس بيت الإعلاميين العرب في تركيا جلال دمير، عبر حسابه في تويتر: "في ظل هذه التفرقة والحروب والتنافر تأتي المحن لتجمعنا وتذكرنا بآية: (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)"
في ظل هذه التفرقة والحروب والتنافر تأتي المحن لتجمعنا وتذكرنا بآية:
— Celal Demir (@celaldemir63) February 19, 2023
( إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) #تركيا_تشكر_العرب pic.twitter.com/dHfZ7lQ2XM
أمة واحدة
يقول الناشط مراد آفجي، المتطوع في وقف الديانة التركي: "إن العرب والأتراك وسائر المسلمين أمة واحدة لا تفرقهم قومية أو حدود، وهو ما شدد عليه نبينا الكريم في الحديث الشريف (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)".
وأوضح في حديث لـ"الاستقلال": "هذا رابط آخر يفوق كل رابط يجمعنا سواء الإنسانية أم الجوار".
وأضاف: "نحن كأتراك نستقبل الدعم العربي بشكل مختلف عن كل دعم، لأنه جاء من الأشقاء والمسلمين، مع تقدير كل من أسهم لأجل مساعدة الضحايا في تركيا وسوريا".
وشدد على وجود "دعوات عنصرية تظهر في هذه الأوقات لتفسد لحظات الود والوئام والتضامن، لأن الأعداء لا يريدون وحدة هذه الأمة، ويغيظهم كل نوع من التقارب بيننا، فيعملون جاهدين على إظهار الجوانب السلبية واستحضار التاريخ السيئ".
وأوضح: "مثلا رأينا هؤلاء يشيدون بفريق الإغاثة الإسرائيلي ويعظمون شأنهم، وهم عدو لتركيا ويكرهوننا كما يكرهون العرب والمسلمين، وعندما تبين أن هؤلاء الإسرائيليين لصوص وسرقوا وثيقة تاريخية، صمتوا ولم يتحدثوا".
وبينما كان فريق الإنقاذ الإسرائيلي يبحث بين الأنقاض في مدينة أنطاكيا بعد الزلزال المدمر على أمل العثور على ناجين محاصرين تحتها، اقترب منهم رجل يهودي مسن محلي يحمل شيئا فريدا بين يديه.
وتبين بحسب ما نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في 19 فبراير، أن ما جرى العثور عليه مخطوطات كتاب إستير عمرها أكثر من قرنين، والتي تم الاحتفاظ بها في الكنيس المحلي قبل الكارثة. وبعد انتشار الفضيحة وعودة الفريق، استعادت تركيا تلك الوثيقة.
واختتم الناشط التركي: "لذلك نريد أن نعظم من فكرة الوحدة وأن نتمسك بالأعمال الطيبة والتعاون والإخاء فيما بيننا، ونحن لن ننسى هذا الدور العربي العظيم في الوقوف بجانب تركيا في محنتها".
المصادر
- تفاعل في مواقع التواصل مع هاشتاغ "تركيا تشكر العرب" بعد الزلزال
- الكويت.. 42.6 مليون دولار خلال 6 ساعات بحملة تبرعات لضحايا الزلزال
- قطر تعلن قيمة مساعداتها لضحايا زلزال سوريا وتركيا
- مساعدات الدول العربية لضحايا زلزال تركيا تتجاوز 370 مليون دولار
- زلزال تركيا.. تواصُل حملات التبرعات وإرسال المساعدات من عدة دول عربية
- الجاليات العربية ببريطانيا تجمع تبرعات لضحايا زلزال سوريا وتركيا
- فلسطين.. حملة تبرعات جديدة لمنكوبي زلزال تركيا وسوريا