صلاح العرباوي.. سياسي شاب خرج من رحم الفساد ليكون "أول" معارض لحكومة العراق

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

اشتهر السياسي العراقي صلاح العرباوي، في المشهد السياسي بتقلباته الجذرية رغم حداثة مزاولته العمل السياسي، إذ كان أول ظهور لزعيم حركة "وعي الوطنية" مع إعلان رجل الدين الشيعي عمار الحكيم، تأسيس تيار "الحكمة الوطني" في العراق عام 2017.

وتولى العرباوي في وقتها إدارة مكتب الحكيم، أحد أبرز رموز الإطار التنسيقي المُشكِل لحكومة محمد شياع السوداني، والذي كان يتزعم قبل ذلك "المجلس الأعلى الإسلامي" في العراق المُؤسس في إيران مع اندلاع حرب الخليج الأولى عام 1980.

ورغم ذلك، لم ينتظر العرباوي طويلا، من أجل الإعلان عن معارضته لحكومة السوداني، أي بعد 100 يوم فقط على تشكيلها، ليكون أول زعيم حركة سياسية، يتبنى المعارضة السياسية لحكومة الإطار التنسيقي الموالية لإيران.

أول معارض

وقال العرباوي، مطلع فبراير/ شباط 2023، إن "العمر الحقيقي للحكومة وللائتلاف الحاكم ليس (100) يوم، إنما عقدان من الزمن. مع إدراكنا أن المعادلة السياسية القديمة لا يمكن أن تنتج شيئا جديدا، ولكننا لم نشأ الذهاب للمعارضة عند تشكيل الحكومة أملا بالتغيير".

ورأى العرباوي خلال مؤتمر صحفي في بغداد أن "منح المزيد من الفرص سيؤدي إلى مزيد من الانهيار والدمار"، واصفا الحكومة الحالية بأنها "نسخة طبق الأصل من الحكومات السابقة (كوبي بيست)".

وعزا السياسي العراقي أسباب إعلان معارضته، للأزمات المتراكمة والمتفاقمة التي لم تستطع الحكومة الحالية وحاضنتها السياسية حلّها أو التخفيف من حدتها، ومنها: "انهيار العملة الوطنية، وتضخم القطاع العام، والفقر، والبطالة، والفساد".

وعن رؤيته السياسية، قال إن "معارضتنا ستحمل السمات الآتية: تشخيصية وليست مشخصنة، تصحيحية وليست تسقيطية، واقعية وليست فيسبوكية، منهجية وليست همجية، تقويمية وليست انتقامية".

وزاد: "في معارضتنا خطان أحمران: الأول، لا تستهدف إسقاط نظام الحكم، بل تغييره عبر الاستفتاء العام وبوسائل سلمية وديمقراطية، والثاني، لا تدعو إلى الفوضى المجتمعية والاحتجاج العنيف وتعطيل مؤسسات الدولة إنما تهدف إلى صناعة احتجاجٍ سلمي منضبط ومنظم وواع".

وفي 25 يناير/كانون الثاني 2023، شاركت حركة "وعي الوطنية" بقيادة العرباوي في تنظيم وقيادة المظاهرات الشعبية التي خرجت أمام البنك المركزي العراقي في بغداد احتجاجا على ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار.

ويشهد العراق منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، ارتفاعا غير مسبوق بسعر صرف الدولار أمام الدينار، حتى وصل إلى 1750 دينارا لكل دولار، بعدما كان يعادل 1480 دينارا فقط.

وقبل ذلك أبدى العرباوي اعتراضه على إعادة تكليف علي العلاق محافظا للبنك المركزي العراق، فقد غرّد عبر تويتر في 23 يناير 2023، قائلا: "علي العلّاق؟ ما أعرف ليش احنه البلد الوحيد بالعالم اللي يرجع لورى؟".

وأضاف: "يجب أن يكون في سيرتك الذاتية (السيڤي) علامة فشل واضحة حتى تستحق منصبا سياديا، مثلا أن يغرق في عهدك السابق 7 مليارات دينار"، في إشارة إلى حادثة تلف أموال عراقية ضخمة جرّاء تسرّب الأمطار إلى مبنى البنك المركزي حينما كان العلاق محافظا عام 2018.

مدير مكتب

صلاح حسن كريم العرباوي المولود في محافظة الديوانية العراقية عام 1979، حاصل على دكتوراه في فلسفة القانون عام 2018 من جامعة بغداد.

وهو حاصل أيضا على ماجستير في الاختصاص ذاته عام 2015 من الجامعة ذاتها، وبكالوريوس في القانون عام 2012 من جامعة القادسية، وبكالوريوس في علوم الرياضيات عام 2004 من جامعة بغداد.

بدأ عمله السياسي في "المجلس الإسلامي الأعلى" في العراق، الذي كان يتزعمه عمار الحكيم ثم بعد إنشاء الأخير تيار الحكمة الوطني في 2017، انتقل إلى التنظيم السياسي الجديد وأصبح مدير مكتبه ثم عضو مكتب سياسي وناطقا باسم "الحكمة".

لكن في عام 2020، أعلن العرباوي استقالته من تيار الحكمة، فقد كان الأخير من داعمي الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 والتي أسقطت حكومة عادل عبد المهدي.

وفي 5 مايو/ أيار 2020، تحدث العرباوي خلال مقابلة تلفزيونية، عن تفاصيل انسحابه من تيار الحكمة والأسباب التي دعته إلى ذلك، بالقول: "إنني كنت مقيدا في تيار الحكمة وخرجت للمزيد من الحرية السياسية". 

وأضاف أن "الطبقة السياسية استولت على مقاليد الأمور صغيرها وكبيرها، وما زالت تنظر إلى الشباب على أنهم صغار رغم أن أكثر من 90 بالمئة من الشعب العراقي بعمر أقل من 50 عاما". 

وتطرق العرباوي في حديثه إلى حراك 2019، قائلا إن "70 إلى 80 بالمئة من الشعب تفاعل معه، وهو تعبير عن الناس البسطاء، وتمكن من تحريك الطبقة المسحوقة والفقيرة، والجيل الصاعد مستعد للتغيير العنيف الذي يسقط النظام.  لكنني من دعاة تغيير الحكام لا النظام". 

وفي الوقت الذي استثنى فيه الحكيم منهم، أكد العرباوي أن الطبقة الحاكمة التي تولت الحكم منذ 2005 تستحق المحاكمة، زاعما أن "الحكيم يسمي الثوار محتجين وهو يدعمهم".

ودعا العرباوي أيضا إلى "تشكيل محاكم مختصة لمحاكمة الفاسدين وقتلة المتظاهرين". 

وفي ختام حديثه عن أسباب خروجه من الحكمة، تقدم العرباوي بالشكر والامتنان والتقدير إلى الحكيم على كل الجهود التي بذلت في دعمه.

زعيم حركة

بعد خروجه من تيار الحكمة، أعلن العرباوي في سبتمبر/ أيلول 2020، تأسيس حركة "وعي" الوطنية، وتبنى شعار "الإزاحة الجيلية" والتي رأى أنها "ليست ترفا سياسيا وإنما حاجة ماسة"، وذلك بإمساك الشباب زمام العملية السياسية بدلا من الشخصيات التي تدريها منذ عام 2003.

وقال العرباوي في مؤتمر صحفي إن "حركة وعي لا تناقش الانتماءات وإنما كيف يتم إعادة بناء الدولة"، مشيرا إلى أن "رسالتنا إلى الخارج نحن لسنا أعداء أو عملاء، وإنما نحن أصدقاء وهناك جيل شبابي خارج التأثير السياسي الخارجي".

وخاطب "الكهول السياسية"، قائلا: "مكنوا شبابكم وأعطوهم الفرصة"، مضيفا: "سندعم إجراءات الحكومة التي تستحق الدعم ونعارض ما يستحق المعارضة، وأن الفاسدين داخل أروقة الحكومة يجب البدء بهم".

وتابع أن "الثورة أكبر من أن تختزل بحركة وحزب سياسي أو حكومة الثورة تعني الشعب و التغيير"، لافتا إلى أن "حركة وعي تدعم ثورة تشرين ولا تمثلها لأنها أكبر من تختزل بطرف أو حزب أو حركة".

وشاركت حركة "وعي الوطنية" في انتخابات البرلمان في 10 أكتوبر 2021 لكنها لم تحقق أي مقعد برلماني، علما أن العرباوي أعلن عدم مشاركته شخصيا في الانتخابات، بل اقتصر الأمر على مرشحي حركته السياسية.

وكان لافتا في حينها الدعاية الانتخابية الواسعة التي أطلقتها حركة "وعي" والتي اتهم فيها العرباوي بأنه لم يكن سوى واجهة سياسية لتيار الحكمة بزعامة الحكيم الموالي لإيران، وأن الأخير هو من وفر الدعم المالي لها، لكن العرباوي نفى ذلك جملة وتفصيلا.

ويعمل العرباوي- إضافة إلى رئاسته لحركة "وعي الوطنية"- أستاذا لمادة القانون الدستوري في عدد من كليات القانون بالجامعات العراقية. كما له مؤلفان هما: "عقلنة الحكم البرلماني في العراق، ومن الثورة إلى الدولة".