إيران تعدم علي أكبري.. ما حقيقة اعترافاته بالتجسس لصالح بريطانيا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أدانت دول عديدة تنفيذ السلطات الإيرانية حكم الإعدام في علي رضا أكبري، وهو مسؤول إيراني سابق، يحمل أيضا الجنسية البريطانية، وشغل مناصب مختلفة في المؤسسات الدفاعية والأمنية في إيران.

وأعلنت السلطان الإيرانية، في 14 يناير/كانون الثاني 2023، تنفيذ حكم الإعدام في أكبري، بتهمة "الإفساد في الأرض وتنفيذ أعمال ضد الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، من خلال التجسس لمصلحة المخابرات البريطانية، في مقابل حصوله على مبالغ مالية طائلة".

ونشرت صحيفة "جمله" الفارسية تقريرا موسعا حول اعترافات أكبري، استندت فيه إلى البيان الصادر عن وزارة الأمن الإيرانية، والذي ذكرت فيه الاتهامات الموجهة إليه.

وتحدثت عن الاعترافات المنسوبة إليه، حول التجسس لمصلحة بريطانيا، والاتصالات مع جهاز مخابراتها (MI6)، واللقاءات التي جرت مع ضباط الاستخبارات، والمعلومات التي زودهم بها، بحسب زعم السلطات.

ألقت الصحيفة الضوء على شخصية علي رضا أكبري، وأبرزت خطورة المناصب المهمة التي تقلدها، وهو ما أغرى المخابرات البريطانية بالتواصل معه وتجنيده للحصول على ما لديه من معلومات حساسة، بحسب رواية الجهات الأمنية.

ذكرت أن أكبري من مواليد 1962، وينتمي إلى أسرة ثورية متدينة، ولديه شقيق لقي مصرعه في الحرب مع العراق، وتواجد على جبهات القتال لمدة تقترب من 7 سنوات.

أما المناصب والمسؤوليات التي تولاها أكبري فهي عديدة، ومهمة جدا. فقد كان نائبا لوزير الدفاع للشؤون الخارجية.

وكان أيضا عضوا في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومستشارا لقائد البحرية الإيرانية، ومسؤولا عن الشؤون الدفاعية والأمنية في مركز أبحاث وزارة الدفاع.

هذا بالإضافة إلى أن أكبري كان مندوب المؤسسة العسكرية في تنفيذ القرار الأممي رقم (598)، الخاص بوقف إطلاق النار بين إيران والعراق، عام 1988.

وبعد التقاعد في عام 2002، أسس أكبري مؤسستين خاصتين في مجال البحوث والدراسات.  ويمتلك – بحسب الصحيفة – قدرة على التحليل من الناحيتين الفكرية والبيانية.

ولهذا فقد اهتم بمجال الدراسات والبحث العلمي، ونشط لمدة 30 عاما في أقسام الدراسات الإستراتيجية والسياسية الخارجية وأقسام الأمن السياسي للنظام.

وبحكم المناصب والمسؤوليات التي تولاها، تمتع أكبري بعلاقات واسعة وعميقة مع كبار المسؤولين، وكان وجها بارزا بينهم.

تجنيد أكبري

نشرت وزارة الأمن الإيرانية نص الاعترافات المنسوبة إلى علي رضا أكبري حول تجسسه لحساب البريطانيين، مصحوبة بسلسلة من مقاطع الفيديو التي تظهره وهو يعترف بما نسب إليه.

وجدير بالذكر أن أكبري كان قد قال في رسالة صوتية مسربة أنه تعرض للتعذيب، وأجبر على الاعتراف أمام الكاميرات بجرائم لم يرتكبها. 

ذكر أكبري في اعترافاته المسجلة، والتي نشرتها الصحيفة، كيف جرى تجنيده من جانب المخابرات البريطانية.

فقال إنه جرى التواصل بينه وبين الاستخبارات البريطانية من خلال السفير البريطاني وضابط استخبارات، وذلك في مؤتمر حضره عدد من السفراء.

ويقول أكبري إن السفير البريطاني جاء إليه ومعه شخص آخر، وأعطاه بطاقة بأرقام هواتفهم، واتصلوا به بعد ذلك، وجرت دعوته للسفارة البريطانية، للقاء والتحدث معه.

وبعد مدة، قدموا له تأشيرة خاصة لدخول بريطانيا، وسافر إلى لندن، ولم تكن لديه قيود أمنية تمنعه من السفر بسبب تقاعده.

 ولهذا فقد سافر إلى لندن، وخلال رحلاته الخارجية العديدة، والتي كان مهتما بها، جرى توظيفه من قبل جهاز المخابرات البريطانية.

وتضيف الصحيفة أن أكبري تلقى في اتصالات لاحقة مع ضباط المخابرات البريطانية اقتراحا لإنشاء معهد دراسات بحثية في إنجلترا.

وكانت مهمة هذه المؤسسة تقديم التحليلات والمعلومات للمؤسسات التي تريد تنفيذ أنشطة اقتصادية في إيران أو في المنطقة.

وبحسب الصحيفة، استفادت الاستخبارات البريطانية من نقطة ضعفه، وهي اهتمامه الدائم بتقديم التحليلات والدراسات في موضوعات مختلفة.

ومنذ عام 2007، أدرك أكبري أنه يتعاون مع المخابرات البريطانية التي كانت – على حد قوله – ما تزال تحترم حساسيته الأيديولوجية في علاقتها معه. 

يقول في اعترافاته عن هذا الأمر: "ذهبت إلى هناك، ودخل رجل وسلم علينا، كان أجنبيا، وكان يتحدث باللغة الإنجليزية، كان يدعى السيد مارك".

ويضيف أن هذا الرجل أحضر له جميع المقابلات التي أجراها، مما يعني أنه كان على دراية بجميع زوايا أفكاره، وهذا يعني أنهم كانوا ينفذون إلى الشخص من خلال معرفتهم الكاملة به، وبأخلاقه.

حتى الغرفة التي كانوا يخصصونها له، لم يكن الحمام فيها في اتجاه القبلة، ويضعون له فيها ملاءات أكثر ليفرشها من أجل الصلاة.

ويؤكد أكبري أنهم كانت لديهم معرفة جيدة بعلم النفس والسلوك، وكانوا مهذبين للغاية، ويحترمون جميع معتقداته الدينية احتراما كاملا.

وطبقا للاعترافات المنسوبة لأكبري، فإنه علم بعد ذلك أنهم يهتمون به ويريدون التواصل معه، وأنه التقى بهم كثيرًا، وكان يعلم أنهم من الاستخبارات البريطانية.

وخلال عامين، تواصل مع ضابط مخابرات اسمه ماركو، ومن بعده العميلة جيسكا، التي تعرف عليها في بريطانيا، ومن ثم عرفته الأخيرة على العميلة كيث.

وتزعم وزارة الأمن أن أكبري كان يتلقى أعلى راتب بين الجواسيس البريطانيين، بالإضافة إلى حصوله على منزل في لندن، مع إمكانيات التعليم والمال للترفيه، إلخ. 

أما عن طريقة تزويد أكبري البريطانيين بالمعلومات، فتنقل الصحيفة عن الجهات الأمنية أنهم قدموا له جهاز كمبيوتر محمولا، وأخبروه أنهم صمموا له صفحة خاصة به، وعند فتحها سيعلمون أنه يحاول التواصل معهم.

الاعتقال والإعدام

في عام 2008، اعتقل رضا أكبري بتهمة التجسس، وبعد أن خضع للإجراءات القضائية، حُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، مع التعهد بعدم التواصل مع أي أجهزة مرة أخرى. وفي غضون ذلك، حافظ على مظهره الثوري والمعادي لبريطانيا.

وفي عام 2010، غادر أكبري إيران بحجة العلاج في الخارج، وعاود الاتصال بالبريطانيين في أوروبا، والتقى بهم كثيرا في إسبانيا.

وفي بريطانيا، نصحه البريطانيون بالتظاهر بالإصابة بجلطة دماغية ليتمكن من البقاء في الخارج، خشية إلقاء القبض عليه مرة أخرى.

فالإصابة بهذا المرض ستمنعه من السفر والعودة إلى إيران، وتتيح له استقدام أسرته لرؤيته والبقاء معه، وهو ما حدث، إذ بقي هناك وحصل على الجنسية البريطانية بشكل استثنائي.

وفي 2019، عاد أكبري إلى إيران، وفي هذه الفترة سعى – وفق ما ورد في بيان الاتهام – إلى التقرب من بعض المسؤولين في مواقع حساسة، للتأثير عليهم، وتحديث معلوماته.

وتزعم الصحيفة أن المخابرات البريطانية كانت تهتم بما لدى أكبري من معلومات حول التطورات الداخلية في إيران، والقضايا الاقتصادية، بما في ذلك التعرف على طرق الالتفاف حول العقوبات، وتعاملات إيران مع دول المنطقة، والدول الكبرى مثل الصين وروسيا.

هذا بالإضافة إلى تطورات الملف النووي، ومطالب إيران في المفاوضات مع الولايات المتحدة والدول الغربية، وموقف طهران من القضايا الإقليمية والدفاعية والعسكرية.

وتنقل الصحيفة عن وزارة الأمن أن أكبري زود البريطانيين بمعلومات تخص المسؤولين والأشخاص المهمين والمؤثرين في النظام، والذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 160 شخصية، بما في ذلك وجهات نظرهم وأفكارهم وطبائعهم النفسية.

ومن أبرز الشخصيات التي اهتم البريطانيون بالحصول على معلومات عنه من أكبري، العالم النووي محسن فخري زاده، الذي اغتيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2020. 

وأعلنت إيران اغتيال فخري زادة، المعروف بـ"عراب الاتفاق النووي" عن 63 عاما، إثر استهداف سيارة كانت تقله قرب طهران، واتهم الحرس الثوري، إسرائيل بالوقوف وراء عملية اغتياله.

وألقي القبض على أكبري مرة أخرى عام 2019، وبعد خضوعه لجميع الإجراءات الاحترازية والأمنية والقضائية، حُكم عليه بالإعدام بتهمة التجسس والإفساد في الأرض، وفقا للقوانين الإيرانية.