"سيناريو عرفات".. اتهامات لإسرائيل وسلطة عباس بتسميم أيقونة جنين فتحي خازم

12

طباعة

مشاركة

لمع اسم العقيد الفلسطيني الخمسيني المتقاعد، فتحي زيدان خازم، عقب خروجه مفتخرا باستشهاد نجله رعد (29 عاما) منفذ عملية "ديزنغوف" البطولية بتل أبيب في أبريل/نيسان 2022، التي أسفرت عن قتل 3 إسرائيليين وإصابة 16 آخرين.

وظهر "أبو رعد" أول مرة من أمام بيته في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، صامدا صلبا موجها رسالة للاحتلال قال فيها: "قل هل تَرَبّصون بنا إلا إِحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأَيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون".

وبعد نحو 5 أشهر من استشهاد الابن الأول للخازم، حاصرت القوات الإسرائيلية منزل عائلته ما أدى إلى استشهاد نجله الثاني عبد الرحمن، ليخرج "أبو رعد" داعيا إلى وحدة المقاومة والفصائل في جنين، ومعلنا أنه لن يتوقف، وسيبقى صامدا في وجه الاحتلال.

ومنذ 8 يناير/كانون الثاني 2023، تشهد الحالة الصحية لخازم تدهورا شديدا، اتهمت على أثرها عائلته الاحتلال بتسميمه في محاولة لاغتياله والتخلص منه بعد أشهر من مطاردته، وملاحقته بتهمة التحريض ضد إسرائيل، عبر احتضانه للمقاومين ودعمهم في مخيم جنين.

وقال شقيقه أمين خازم، في منشور على حسابه بفيسبوك، إن "أبو رعد في حالة صحية حرجة، وموجود بأحد المراكز الطبية بمدينة رام الله، والطب عجز عن علاجه، ونسعى لنقله إلى أحد المستشفيات بالأردن لعلاجه هناك".

وحمّل شقيق أبو رعد إسرائيل المسؤولية الكاملة عن "تسميمه الذي بات مؤكدا طبيا وبالنسبة لهم كعائلة"، موضحا أنه "بات يعاني من انتفاخات وتورمات بمختلف أنحاء جسده وتسمم بالدم".

واتفق ناشطون مع رواية عائلة خازم بشأن تعرضه للتسمم على يد قوات الاحتلال، وأشاروا إلى أن الكيان يترصد له بعدما فشل في اعتقاله مرارا بفضل الحاضنة الشعبية التي كان يتمتع بها وحماية أهالي مخيم جنين له إبان محاولات مطاردته والقبض عليه.

وأكدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #فتحي_خازم، #أبورعد_خازم، أن ما يحدث لوالد الشهيدين يأتي ضمن سياسة إسرائيل في تصفية المقاومين، مذكرين بآخرين قتلوا في ظروف غامضة لم يكشف عنها. 

وتحدث ناشطون عن مكانة خازم وما يمثله للفلسطينيين خاصة أهالي مخيم جنين، إذ أصبح أيقونة للصمود والمقاومة ومعنى للفداء والرجولة والشجاعة والتضحية والجسارة، مؤكدين أنه "شوكة في أعين الشاباكِ الإسرائيلي ورجال التنسيق الأمني".

واتهموا الاحتلال بوأد أي نموذج مقاوم يخلق في الضفة ويصبح ملهما للمقاومين، كما استنكروا تقصير السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس في حماية خازم، واتهموها بـ"التورط في مؤامرة اغتياله وعدوها شريكا فيما جرى له".

تجدر الإشارة إلى أن الإعلام العبري نقل عن مسؤول رفيع في السلطة الفلسطينية أن الاحتلال توقف عن ملاحقة خازم، بعد صفقة قضت بتسليم جثة فلسطيني درزي حامل للجنسية الإسرائيلية تعرض لحادث سير وتوفي في جنين واحتجزه مسلحون.

وأفادت جهات إعلامية بأن خازم نقل إلى رام الله، بعد تسليم جثة الدرزي مباشرة، ويتعالج في مستشفى يتلقى فيه العلاج شخصيات رفيعة في السلطة، ويملك أحد كبار المسؤولين في السلطة نسبة من أسهمها.

تعريف بخازم

وخصص ناشطون تغريداتهم للتعريف بخازم وتضحياته ومواقفه الصلبة وصموده بوجه الاحتلال الإسرائيلي، داعين له بالشفاء العاجل ومطالبين الجميع بتذكره في دعائهم.

وعرض الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، إنفوغراف تعريفي بأبو رعد، قائلا إنه "واحد من أهم الشخصيات الفلسطينية التي شكلت حاضنة للعمل المقاوم ونموذجا للإقدام والتحدي في عموم الضفة الغربية وتحديدا مخيم جنين".

ولفت أبو سلمية إلى أن "الاحتلال فشل عدة مرات في اعتقال خازم أو اغتياله، لكنه وعلى ما يبدو وصل إليه عبر أدواته الناعمة (السم)".

ونشر الكاتب والباحث جهاد حلس، صورة لخازم، التقطت له أثناء مشاركته في جنازة نجله عبدالرحمن في 28 سبتمبر/أيلول 2022، والذي ارتقى في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال، ويظهر عليه الجسارة والثبات والصمود.

وعلق عليها بالقول: "هذا الأسد هو أيقونة فلسطين ووالد الشهداء أبو الرعد خازم، والذي حاول جيش الاحتلال اعتقاله أو اغتياله ففشل في كل مرة.. أبو الرعد دخل إلى العناية المكثفة إثر تسمم في الدم وانتفاخ في جسده، بسبب فيروس غامض زرعه الاحتلال في جسده".

وتساءل الكاتب والمدون عزات جمال: "هل كان استدراجا للرجل"، قائلا: "كلنا يعرف أن خازم قلب الطاولة في وجه أصحاب مشروع التعاون الأمني، بمباركة صنيع أولاده ورفضه الاستسلام، حتى أصبح أيقونة، فهل من يقود مشروع ملاحقة المقاومة سيفتح ذراعيه ليحتضن الرجل ويحميه؟" وكتب الباحث في القضايا الفكرية المعاصرة، عبدالله العقاد: "شفاك ربي وعافاك أبا الشهيدين، أنت عنوان الصدق، وقد حاول الخونة أن يسترقوا منك موقفا، ولكنك ذكرتهم بالواجب.. فلما انتهى الأمر، قاموا بواجبهم الذي هو خلاف ما تطلبه، ففعلوا مثلما فعلوا مع أبو عمار (ياسر عرفات) من قبل، قتلوه وتغنوا به، ليصادروا حقه في حياته ومماته".

الاغتيال الصامت

واتفق ناشطون مع رواية عائلة خازم واتهامهم للاحتلال بتسميمه، مع تسليط الضوء على الأهداف الحقيقية من وراء محاولة اغتياله.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة، إلى أن "صحة رمز وحدة المقاومة في مخيم جنين (فتحي خازم) في تدهوّر مستمر"، مؤكدا أن شكوك عائلة والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن "بتعرّضه لتسميم بطيء في مكانها".

وأضاف: "نعرف عدوّنا حق المعرفة، ونعرف متى يغتال علنا، ومتى يفعل سرا ودون إعلان، تبعا لتقديره السياسي والأمني، لديه سموم بطيئة لا تكشفها المختبرات".

ولفت الزعاترة إلى أن "العدو يعرف أن اغتيال خازم علنا ستكون له تداعيات كبيرة، ففضّل اغتياله سرا عبر سم بطيء".

وتابع: "لذلك سمح العدو بمرور خازم عبر السلطة للعلاج برام الله رغم كونه مطلوبا، وأن محاولة اغتيال خالد مشعل واغتيال عرفات نموذجان فقط"، موضحا أن "الكيان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي استقطب أهم خبراء السموم".

وأكد الإعلامي يحيى بشير، أن "الاحتلال لن يسمح بتكرار تجارب انتفاضة الأقصى عام 2000، وأن تتحول الضفة إلى قلاع للمقاومة ورموز وشخصيات وطنية كالتي كانت في حينه قبل أكثر من 15 عاما".

ويرى أن "سعي الاحتلال الآن للاغتيالات الصامتة والعلنية، هدفه فصل القيادة والقامات الوطنية عن المقاومين والجماهير".

وأكد الكاتب إبراهيم المدهون، أن "والد الشهيدين أبو رعد خازم، يتعرض لمحاولة اغتيال بالسم من قبل المخابرات الإسرائيلية، فهذه طريقتهم، لحظة عجزهم وخوفهم، فقد قتلوا عشرات القادة والمؤثرين بهذا الأسلوب".

وأوضح أن "محاولة اغتيال خازم تهدف لإخماد الانتفاضة وقتل روح الثورة الذي يشعلها ويقودها أبو الرعد بعدما أصبح الموجه والعنوان".

اتهامات للسلطة

ووجه ناشطون أصابع الاتهام للسلطة الفلسطينية واتهموها بالتورط في مؤامرة تسميم خازم وتسهيل ذلك على إسرائيل، وحملوها كامل المسؤولية عن سلامته، مؤكدين أن الاحتلال والسلطة "وجهان لعملة واحدة".

وقال الكاتب ماجد الزبدة، إن "الاحتلال وحده ليس المستفيد من تسميم الرجل الصنديد وتغييبه عن ساحة الضفة، فأبو رعد أضحى أيقونة الوحدة الوطنية ومواجهة الاحتلال".

وقالت الناشطة رشا محمود رزقه، إنه "غير مستبعد على السلطة الخائنة من سممت رئيسهم أبو عمار لمصالحهم الشخصية تسمم أيقونة الثورة الفلسطينية لعام 2022 أبو الرعد خازم". فيما قال حسن عمران أبو السعيد، إن "سلطة العار شريكة المحتل في تسميم أيقونة جنين أبو الرعد خازم وتدهور وضعه الصحي". ولم تستبعد أيضا مشيرة العقاد، أن تكون السلطة "شريكة في جريمة تسميم أبو الرعد فهو يتحرك تحت مسؤوليتها"، قائلة إنه "ليس غريبا عليها اغتيال الأبطال كما حدث مع كمال كحيل ومحمود الخواجا وكما هو الحال مع من تعذبهم في سجونها".

ورأى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرة، أن "ما يحدث يفتح المجال أمام تساؤلات عن سبب التدهور السريع في حالة خازم، خاصة أنه في رام الله وبرعاية السلطة".

وتساءل: "هل نحن أمام عملية اغتيال بطريقة ما أثناء وجوده في رام الله؟ وهل نقله من جنين لتسهيل ذلك؟".

سيناريو عرفات 

وأقر ناشطون اتهامات للسلطة الفلسطينية بالشراكة مع الاحتلال في تصفية خازم، ضمن عملية تنسيقها الأمني مع الكيان، بالتذكير بما حدث للرئيس الراحل، ياسر عرفات، وغيره من القادة الفلسطينيين أصحاب المواقف البارزة المناهضة لإسرائيل.

وقالت الناشطة والأكاديمية آية حسونة، إن "من قام بتسميم عرفات ليس من الصعب عليه توصيل السم للقائد أبو رعد خازم".

وأكد الناشط السياسي أبو حازم الدلو، أن "من تخلص من عرفات من السهل عليه أن يتخلص من غيره وبواسطة نفس الأشخاص". وكتب الناشط رعد علي: "من سمموا المغدور الرئيس عرفات هم غالبا سمموا أبو رعد خازم (..)".

اقتحامات الأقصى

وفي سياق استنكار التنسيق الأمني، برزت تغريدات الناشطين المنددة بصمت السلطة الفلسطينية على اقتحامات المستوطنين المتكررة للمسجد الأقصى تحت حماية الاحتلال.

وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، إن عشرات المستوطنين اقتحموا منذ صباح 9 يناير/كانون الثاني 2023، المسجد الأقصى، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية في المنطقة الشرقية من المسجد.

وأفادت بأن شرطة إسرائيل تواصل فرض قيودها على دخول المصلين الوافدين من القدس والداخل المحتل للأقصى، وتدقق في هوياتهم، وتحتجز بعضها عند بواباته، وأطلقت دعوات لتكثيف الرباط في باحاته.

وتساءل السياسي الفلسطيني، فايز أبو شمالة: "هل يستطيع عربي أو فلسطيني أن يشرح للشعب خطة قيادة منظمة التحرير لمواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل على الحجر والشجر، وعلى الأرض والبشر؟"

ونقل المغرد أنس نور، عن الخبير في شؤون القدس بسام أبو سنينة، تحذيره من أن "الاحتلال يريد أن يصل إلى مرحلة اقتحام المسجد الأقصى بشكل يومي وفي كل وقت ويسعى إلى تطبيق سيناريو المسجد الإبراهيمي في الأقصى". وقال المغرد أمير: "يستمر إجرام السلطة وسلوكها الخياني ضد أبناء شعبنا رغم وجود حكومة صهيونية لها هدف واحد، إبادة الشعب الفلسطيني وقتل الأسرى والسيطرة على الأقصى وإكمال احتلال الضفة وضمها، هذا يعني أن هذه السلطة جزء من مشروع الاحتلال، من أكبر ضابط إلى أصغر جندي ينفذ الأوامر".