وزير للعدل أم "المحاباة"؟.. عبد اللطيف وهبي يشعل غضبا واسعا في المغرب

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب واسعة أثارها وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، تتعلق بامتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة.

وأظهرت نتائج الامتحان الكتابي لمزاولة مهنة المحاماة التي جرى الكشف عنها أخيرا، أن عددا من الناجحين يحملون ألقابا تنتمي إلى عائلات نافذة ومرموقة لمسؤولين سياسيين وقضاة ومحامين، من بينها عائلة الوزير وهبي.

وورد اسم نجل وهبي بين الناجحين، ما فجر اتهامات بالفساد والمحسوبية وغياب الشفافية في نتائج الامتحان الذي سجل نجاح 2081 شخصا من بين حوالي 70 ألفا.

وفي 3 يناير/كانون الثاني 2022، خرجت احتجاجات غاضبة من الراسبين في الامتحان الكتابي لمزاولة مهنة المحاماة أمام مقر البرلمان المغربي، للمطالبة بفتح تحقيق في هذه النتائج وإبطالها وإعادة تصحيح الأوراق.

ودافع وزير العدل عن مصداقية ونزاهة النتائج المعلنة في امتحان المحاماة، مؤكدا أنه جرى تصحيحها بشكل آلي وليس من طرف أشخاص، ومشددا على عدم فتح أي تحقيق في هذه النتائج لعدم وجود أي جريمة، وفق قوله.

وظهر صدى القضية أكثر بعد أن تداولت مواقع مغربية ووسائل التواصل الاجتماعي، اسم ابن وزير العدل كأحد الناجحين في امتحان الأهلية لارتداء الوزرة السوداء والالتحاق في مهنة المحاماة، وفق ما كشف في الثاني من يناير.

وقال وزير العدل معلقا على الضجة التي حدثت بشأن القضية، إن "ابني والده غني دفع ثمن دراسته في كندا"، وهو ما أثار لغطا أكبر.

واعتذر الوزير في لقاء له على القناة الأولى المغربية، عن تصريحاته، وقال وبررها بأنه كان في حالة استفزاز، موضحا أن ابنه حصل على إجازة داخل المغرب وأخرى في الخارج.

وعلق: "أنا خريج الجامعة المغربية وأحترمها وأعتذر لأستاذتي فيها سواء من مات ومن زال حيا"، متهما المنابر الإعلامية بأنها اجتزأت تصريحاته وأنه قال إن "ابنه حصل على إجازة في المغرب وإجازة في كندا"، وجرى بتر الجزء الأول.

انتهازية ومحاباة

اللقاء مع وزير العدل واستضافة القناة الأولى له في الوقت الذي تتصاعد المطالب الشعبية بإقالته، ضاعف استفزاز الناشطين على تويتر، ودفعتهم للتذكير بقضايا أخرى تتعلق بوهبي أثارت غضب الشارع المغربي.

ومنها المشروع الجنائي الذي يهدف إلى مكافحة التشهير على منصات التواصل الاجتماعي، والذي أثار مخاوف الحقوقيين وتحذيراتهم من أنه يهدف إلى تقييد الحريات كونه يتضمن قيودا وعقوبات مشددة بالسجن والغرامة المالية. 

وعبر تغريدات الناشطين على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #استقالة_وهبي_مطلب_شعبي، #وزير_العدل، #عبداللطيف_وهبي، #مباراة_المحاباة_لا_المحاماة، وغيرها، اتهموا وهبي بإهانة الجامعة المغربية وجميع الأطر التعليمية والانتقاص من قدر خريجي الجامعات الوطنية.

واستنكروا تصريحات وهبي أمام الكاميرات وطريقة تعامله مع الإعلام وتبريره ذلك بأنه كان مستفزا، لافتين إلى أن الدراسة في كندا ليست مفتاحا يمكن به الولوج إلى كل الوظائف بالمملكة المغربية، كما أنها ليست شرطا للرقي الاجتماعي.

وأشار ناشطون إلى أن عبارات وهبي كاشفة عن سمات شخصية ينبغي ألا تكون من صفات وزير العدل، منها التعالي والتباهي والنرجسية والتعجرف، مؤكدين أن مهاراته التواصلية لا تتناسب أيضا مع منصبه الحساس المفترض أنه عين به لخدمة الشعب وليس للتباهي.

ورأى ناشطون أن تصريحات وهبي تحمل في طياتها تحريضا على الطبقية واللا مساواة، واتهموه باستخدام نفوذه وموقعه الحكومي لأغراض شخصية، وسرقة أحلام الشعب ومنحها لأشخاص يشترون المناصب.

وكان وهبي قد قال إن نجاح عدة أسماء من عائلة واحدة أمر مقبول بحكم تشابه الأسماء العائلية في المغرب، وأبرز أن الامتحان شهد تقدم 25 مرشحا يحملون نفس الاسم العائلي ونجح منهم 4.

وذكر الصحفي والإعلامي محمد مواسي، بأن الوزير المتهم بمحاباة أقاربه ومعارفه في التوظيف له سابقة شهيرة في مجال "الانتهازية".

وأشار إلى أن وزير العدل في عهد الحكومة السابقة مصطفى الرميد، سبق وفَضَح "انتهازية" عبد اللطيف وهبي وكان حينها رئيس فريق حزبه (الأصالة والمعاصرة) في مجلس النواب.

وأعرب المحامي والكاتب إسماعيل خلف الله، عن استيائه من تباهى وزير العدل المغربي بثرائه وقدرته على تدريس ابنه في الخارج وكله نشوة وفرح وكبرياء، داعيا المتابعين لملاحظة الطريقة التي تعامل بها مع الصحفيين ودفعه لهم بمكروفوناتهم.

واستنكر المغرد عبدالفتاح، دفاع وهبي عن نجاح ابنه في امتحان المحاماة بمبرر بقوله "باه لابأس عليه وقاري في الخارج"، قائلا: "معيار نجاح أبنائهم هو وجود آبائهم في مركز السلطة".

إقالة ومحاسبة 

وأكد ناشطون أن الشعب يريد إقالة وهبي أو أن يتقدم هو باستقالته احتراما للمطالب الشعبية، بالإضافة إلى محاسبته على كل القضايا التي أثارت الغضب، مطالبين بإقامة دولة القانون.

وقال محمد البريكي، إن عبداللطيف وهبي يجب محاكمته إن كنا فعلا في دولة قانون.

وكتب المغرد محمد: "نريد دولة القانون فيها يطبق على الجميع، نريد إقالة وهبي مع محاسبته قانونيا إذا ما ثبت استغلاله لسلطته من أجل إنجاح ابنه في مباراة المحامين".

وأكد المصباحى كمال، أن محاربة الفساد أولوية الأولويات، وليست شعارا انتخابيا موسميا بلْ مطلب اجتماعي وضرورة اقتصادية والتزام سياسي لكل الأطراف.

وأضاف أن محاربة الفساد هي أساس الحكم الجيد من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة ونزاهة القضاء وبناء الثقة والوقوف ضد تداخل المصالح واستغلال النفوذ.

وذكر جمال بلال، بأن مقولة "ربط المسؤولية بالمحاسبة" يسمعها الشعب دائما وأبدا في الخطابات الملكية وهي أهم بنود تجديد الثقة بين الدولة و المواطن، قائلا: "لهذا يجب محاسبة السيد الوزير بسبب تطاوله على التعليم العمومي بالمغرب".

وطالبت الصحفية المتخصصة في شؤون شمال إفريقيا تليلة الرازي، بإقالة "الوزير المستفز للمغاربة ولمشاعرهم ولذكائهم".

ورأت أن وزير العدل وهبي لا يتمتع بالأسلوب ولا المستوى ولا الأخلاق، قائلة: "على الأقل كون فنان في الإقناع وفي الخطاب ودبلوماسي في الحوار".

وقال الكاتب والناشط يوسف عزروال: "لأنه من المستحيل السكوت على هكذا خطاب والرضى بلهجة كهذه.. أدعو كل المغاربة لمشاركة وسم استقالة_وهبي_مطلب_شعبي على أوسع نطاق"، مضيفا: "نحن من وضعنا وهبي في مكانه.. ونحن من سنقيله منه". 

وأكدت تومرت السعدي، أن الضابطة القضائية إذا فتحت تحقيقا في قضية وزير العدل فمصيره السجن لا محالة، قائلا: "الأمر  متروك للسلطة العليا لتوجيه الأمر للنيابة العامة، فهل سيفتح التحقيق أم سيتم طمس القضية كالعادة؟"

وتساءل الصحفي عبد الصمد بنعباد: متى يحاكم وزير العدل عبد اللطيف وهبي؟، قائلا إن هذا السؤال الذي على المغاربة أن يتحركوا لتحقيقه، بعد هذه الطريقة التي أدار بها ملف امتحان المحاماة، ومغالطة المحامين حول "إغراق" المهنة.

تكبر وتفاخر 

وصب ناشطون غضبهم على وهبي، واتهموه بالإساءة إلى المغاربة في تصريحاته الأخيرة، معلنين تبرؤهم منه.

وعلق المغرد أشرف على تصريح وهبي، قائلا: "هذا الشخص لا يمد لا من قريب ولا من بعيد لمسؤول عن شؤون البلاد والعباد، تكليفه بهذا المنصب لم يخدم إلا مصالحه الشخصية، كفى من العبث، يجب محاسبة ومعاقبة المتطاولين على هذه الجملة من التجاوزات".

ورأى المتخصص في الشأن الجزائري سلوبودان ماروكاناك، أن وهبي أهان نفسه والمغرب، والتعليم، والفقراء، ومن صوت عليه.

ورأت المغردة سكينة، حوار الوزير كشف تعاليه واستفزازه وذكرت بأن الوزير خادم للشعب، قائلة إن إعادة الامتحان والتحقيق في النتائج ومحاسبة كل من سولت له نفسه التعالي على أبناء الشعب صار مطلب شعبي.

وحذر المغرد بن راشد، من أن استنساخ الماضي لا يقدم إلا سرابا للحاضر وعتمه للمستقبل.

وتوقع أحد المغردين، أن تصل قضية وزير العدل إلى يد الملك، ويتم عزله خلال السنة الجارية، لافتا إلى أن الفضيحة أصبحت مدوية وأصبحت قضية رأي عام في المغرب.

ووصفت المغردة رشيدة، وزراء المغرب بأنهم رأسماليون ينضخون بما فيهم من عجرفة وتعالي على الشعب، أبناؤهم يدرسون في الخارج ويحصلون على وظائف بنفوذ أقربائهم وابن الشعب حتى إن كان محظوظا ودرس بالخارج فمصيره الاغتراب لأنه لن يجد وظيفة في بلده.

ورأى مغرد آخر، في تصريح وزير العدل اعترافا منه بأن الجامعات في المغرب لا تصلح للدراسة.