استفتاء يوجب رحيل قيس سعيد.. دلالة المقاطعة الواسعة لانتخابات تونس

12

طباعة

مشاركة

رحب ناشطون تونسيون وعرب على تويتر بالنتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التونسية التي جرت في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022 وبلغت نسبة المشاركة فيها 8.8 بالمئة، إذ عدّوها ضربة قوية لشرعية الرئيس قيس سعيد.

وأفادت الهيئة العليا للانتخابات المستقلة في تونس بأن نحو 803 آلاف شخص أدلوا بأصواتهم من أصل نحو 9 ملايين تونسي، زاعمة أن ذلك يرجع إلى "غياب المال السياسي عن المشهد الانتخابي".

بينما أكدت جبهة الإنقاذ المعارضة (تضم أغلب القوى السياسية التي قاطعت الانتخابات)، أن نسبة المشاركة الحقيقية لم تتجاوز 2 بالمئة، وطالبت سعيد بالاستقالة والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. 

وهو المطلب ذاته الذي رفعه ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #قيس_سعيد، #يسقط_الانقلاب، وغيرها، مشيرين إلى أن النتيجة الأولية للانتخابات تعني أن قرابة 92 بالمئة من الشعب التونسي يقول لقيس سعيد "ارحل".

وأكدوا أن التونسيين رفضوا وبإجماع مهزلة الانتخابات السابقة لأونها بالإضافة إلى الأزمات السياسية التي جر سعيد البلاد إليها منذ انقلابه في 25 يوليو/تموز 2021، لافتين إلى أن هذه المقاطعة الواسعة للانتخابات البرلمانية تؤشر إلى الرغبة في طيّ صفحة الانقلاب.

وأكد ناشطون أن قيس سعيد فقد شرعيته ولم يعد رئيسا لتونس بعدما أهلك وأضاع البلاد وشعبها، مشيرين إلى أن عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات يؤكد وعيهم ورفضهم لبرلمان صوري يكرس الاستبداد ومناهضتهم لشرعنة إجراءات ديكتاتورية.

صفعة للانقلاب

وتفاعلا مع نتيجة الانتخابات، وجه الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، رسالة لسعيد، قال فيها: " بعد هذا الفصل الأخير من مهازلك استقل لو لديك ذرة من الكرامة كما فعل شارل ديغول (الذي تشبهت به يوما) سنة 1969 عندما رفض الشعب الفرنسي مجاراته في خياراته السياسية".

ورغم ذلك توقع المرزوقي ألا يستقيل المنقلب "لأن ليس له ذرة من الكرامة بعد الحنث على القرآن، كذلك ليس له ذرة من الشرعية"، مشيرا إلى تعرض سعيد لثلاث صفعات هي "صفعة الاستشارة، وصفعة الاستفتاء، وصفعة الانتخابات".

وحث المرزوقي الشعب على التجنّد لطرد كاريكاتور رئيس من قصر قرطاج وإحالته على المحاكمة و"إعادة قطار 17 ديسمبر على السكة لاستعادة استقلالنا واستئناف بناء دولة القانون والمؤسسات".

من جانبه، أشار رئيس تحرير مجلة "زوايا" الإلكترونية عبيدي وائل، إلى أن الشعب التونسي العظيم يلقن المنقلب وأعوانه درسا قاسيا.

فيما قال السياسي والحقوقي المصري أسامة رشدي، إن نظام الـ8 بالمئة هو الوصف الدقيق لسلطة قيس سعيد وهي النتيجة التي تعكس وزنه اليوم وتجعل من انقلابه أضحوكة في التاريخ.

وأضاف: "يحمد لتونس وعي سياسييها ومجتمعها المدني وحتى اللجنة التي أدارت الانتخابات، كل هذا ساهم في جعل هذه الانتخابات التي جرت وفق قانون ملفق كاشفة لضآلة هذا القيس وجنونه".

أما السياسي والوزير التونسي الأسبق عبدالوهيب مطر، فقال إن 17 ديسمبر 2022 هو تاريخ بداية صفع الانقلاب شعبيا، متسائلا: "هل يكون 14 يناير 2023 تاريخ عزله والشروع في محاكمته؟" كما لفت الإعلامي والناشط الحقوقي المصري هيثم أبو خليل، إلى أن "التوانسة يصفعون قيس سعيد".

الرحيل أو الإقالة

وطالب سياسيون وناشطون قيس سعيد بالرحيل، وهو المطلب الذي أعلنته جبهة الخلاص الوطني المعارضة ودعت إلى انتخابات رئاسية مبكرة، قائلة إن سعيد فقد الشرعية بعد نسبة الإقبال الضعيفة التي لم تتجاوز 2 بالمئة.

من جانبه، قال نائب رئيس حركة النهضة التونسية نورالدين بحيري، إن قيس سعيد لم يبق أمامه إلا الرحيل، مرددا هتاف "يسقط الانقلاب".

ورأى عضو المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة محمد القوماني، أنه لم يبق من حل بعد لطخة الانتخابات المهزلة وبعد قرار صندوق النقد الدولي بإلغاء جلسة تونس، وبعد المشاركة الفاشلة في القمة الأميركية الإفريقية، إلا استقالة قيس سعيد عاجلا، أو إقالته من القوة الحية وسد الشغور في الرئاسة مؤقتا.

وأضاف: وعقب ذلك "إعلان مرحلة انتقالية جديدة للإصلاحات المختلفة تتوج بانتخابات عامة رئاسية أولا ثم تشريعية".

ورأى المحامي والوزير السابق عبد الرزاق الكيلاني، أن الشعب قال كلمته: "انتهت شرعية ومشروعية قيس سعيد وعليه الرحيل".

فضيحة كبرى

وعد الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، نتيجة الانتخابات التونسية فضيحة مدوّية لقيس سعيّد؛ ولمن يديرونه، مشيرا إلى أن نسبة التصويت في الانتخابات الهزلية لبرلمان هزلي؛ بلغت 8.8 بالمئة.

وسخر قائلا: "قد تدخل موسوعة غينيس، بوصفها الانتخابات الأكثر بؤسا في التاريخ!!، التوانسة الأحرار؛ بما في ذلك الذين خُدعوا بفكرة الانقلاب، استيقظوا على الحقيقة، ووجهوا صفعة لمن أداروه".

وكتب أستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور عبدالله الشايجي: "انتخابات برلمانية مبكرة في تونس بنسبة مشاركة فضيحة هي الأدنى في العالم 8.8 بالمئة! بينما زعيم جبهة الخلاص يقول نسبة المشاركة 2% فقط! وفقد قيس سعيد شرعيته ورئاسته!".

وأوضح أن ذلك يعني أن 9 من كل 10 ناخبين قاطعوا الانتخابات، متسائلا: "متى تستوعب هذه الأنظمة أن هذا استفتاء على شرعيتها وشعبيتها وعلى ادائها".

وسخر الإعلامي فيصل القاسم من كشف جبهة الخلاص الوطني عن أن نسبة المشاركة في انتخابات قيس سعيد في تونس لم تتجاوز اثنين بالمئة، قائلا: "أعتقد هناك تزوير في هذه النسبة، وهي أقل من اثنين بالمئة".

وأكدت الكاتبة الصحفية والباحثة السياسية المصرية شرين عرفة، أن نسبة التصويت في الانتخابات التشريعية التونسية تمثل شرعية قيس سعيد ومقدار تأييده بين التونسيين، ووصفتها بأنها "فضيحة كبرى وخذلان".

دلالات النتائج

الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط فراس أبو هلالة من جانبه قال، إن نسبة المشاركة في انتخابات تونس فضيحة للانقلاب من جهة، ودلالة على وعي الناس من جهة أخرى.

وأضاف: "قد يكون سعيد حصل على بعض الشعبية بسبب يأس الناس من حل مشاكلهم بعد سنوات من الثورة، ولكنه الآن أصبح بمواجهة الشعب مباشرة"، مؤكدا أن الجيل الذي عاش سنوات الثورة لا يمكن خداعه للأبد".

ورأى السياسي الجزائري المعارض وليد كبير، أن نسبة المشاركة المتدنية تؤكد فشل مشروع حاكم قصر قرطاج المدعوم من نظام الثكنات، وأن الشعب التونسي يعاقبه، قائلا: "المجد للشعب التونسي العظيم". وأوضح المؤرخ الجامعي التونسي محمد ضيف الله، أن مقاطعة 92 بالمئة من الشعب للانتخابات، تعني إفلاس الأحزاب المشاركة فيها كانوا يتصورون أن دعواتهم للبلاتوهات تعني شعبيتهم، فإذا بهم لا وزن لهم.

وقال الشاعر والروائي عزالدين الصغير، إن فشل الانقلاب في الانتخابات التشريعية التي فرضها بقوة السلاح على الشعب هو قبل كل شيء يعبر عن سقوط المنقلب وضرورة تنحيه في أقرب وقت ممكن.

وأوضح أن الأهم هو هزيمة الدولة العميقة الصارخة وسحل الاستعمار بوضوح كامل، قائلا: "يبقى لمناهضي الانقلاب أهمية ترجمة غضب الشعب بإعادة البلاد للمسار الديمقراطي دون تراخي".

فساد الهيئة

وأعرب ناشطون عن غضبهم من اتهام رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس فاروق بوعسكر، الشعب "ضمنيا" بالفساد وتبريره ضعف المشاركة الانتخابية، بـ"غياب المال السياسي الفاسد".

ونشر أستاذ علم الاجتماع بجامعة قرطاج الدكتور عبدالستار رجيب، مقطع فيديو لبوعسكر يبرر فيه أسباب المقاطعة الشعبية للانتخابات، متسائلا: "هل هذا قاض فعلا؟، كيف يسمح لنفسه باتهام من قاطع بالفساد؟"

وأضاف: "إذا صح كلامه، وهو الذي كان في عهدتين للهيئة كيف قبل على نفسه ألا يتكلم في أي من ندوات الهيئة سابقا؟ هل كان متواطئا مع الفساد؟"

وعرضت المغردة التونسية هدى، المقطع ذاته، قائلة: "نعم نحن الشعب الفاسد...الذي انتخب من نصّبك على هيئته".

وعدت الصحفية خولة بن جايس، كلام بوعسكر إهانة لكل مواطن تونسي ولكل المنظمات، مستنكرة تحميله فشله.

ورأى الصحفي التونسي محمد كريشان، قول بوعسكر على مسؤوليته كرئيس لهيئة الانتخابات أن هذه أول مرة تصير انتخابات وحملة انتخابية "نظيفة"، يعني أنه كان مورطا في تمرير انتخابات سابقة "فاسدة".

وأشار إلى أن الرجل كان عضوا في الهيئات السابقة، قبل أن يقبل بأن يصبح منصّبا لا منتخبا.

وحذر أسامة خليفي، من أن سلطة الانقلاب وهيئة ما يسمى بالانتخابات أصبحت تمثل الخطر الداهم الحقيقي على الأمن القومي في البلاد.