تركيا والسودان.. هكذا انتقلا من العلاقات الدولية إلى الدبلوماسية الإنسانية

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في القارة الإفريقية الغنية بمواردها الضعيفة باقتصادها، يبدو أن تركيا تترك بصماتها لسنوات مقبلة عبر القرارات التي اتخذتها والخطط الإستراتيجية التي وضعتها. 

ولا بد من الإشارة هنا إلى علاقات تركيا مع إفريقيا والخطوات التي تجمعهما، وسعي أنقرة لتطبيع علاقاتها مع مصر.

وأيضا يمكن التطرق هنا إلى أهمية العلاقات القوية التي أقامتها تركيا على محور إثيوبيا والصومال والسودان، وفق ما تقول صحيفة يني شفق.

وأوضح الكاتب التركي يوسف يلديريم، أن المشاكل العالمية مثل الحروب والأمراض والصراعات الداخلية والجوع والبؤس في أجزاء كثيرة من العالم تسبب أزمات إنسانية خطيرة. 

والبلدان التي تغطي القارة بأكملها تقريبا تواجه أزمات لا يمكن التغلب عليها بمفردها وهي غير قادرة للأسف على إظهار التعاون اللازم ورد الفعل المشترك، كما أن المنظمات الدولية عاجزة عن إيجاد الحلول.

ولفت الكاتب النظر إلى أن تركيا تحملت المزيد من المسؤولية خاصة بالنسبة للقارة الإفريقية وأظهرت إرادتها فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية. 

لدرجة أن تركيا، في نطاق مبادئ سياستها الخارجية، بنت جهودها على دبلوماسية المعونة الإنسانية في العديد من المجالات من مكافحة الإرهاب إلى بناء السلام والإصلاحات الديمقراطية.

أنقرة والخرطوم

وأردف: وفي ضوء هذه المعلومات، تعد تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بالسودان الذي نال استقلاله عام 1956. 

في عام 1957، بدأت السفارة في الخرطوم أنشطتها وتولى سفير السودان في أنقرة منصبه في 14 سبتمبر/أيلول 2009. 

وأشار الكاتب إلى أن "الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية العميقة للعلاقات التركية السودانية ستترك بصماتها على القرن المقبل". 

واستدرك: كانت إفريقيا واحدة من أهم المجالات بين مبادرات السياسة الخارجية التركية التي بدأت عام 2000. 

ومع عقد قمة إفريقيا في إسطنبول عام 2008، كان هناك تقدم كبير يهدف إلى النهوض بالعلاقات الاقتصادية والسياسية في القارة. كما حضر رئيس السودان آنذاك "عمر البشير". 

وأعقب الكاتب ذلك قائلا: "عمر البشير"، الذي حكم السودان لمدة 30 عاما، أطيح به بانقلاب عسكري في 11 أبريل/نيسان 2019، وفق تعبيره.

وفي ذلك التاريخ، عزلت قيادة الجيش في السودان عمر البشير من الرئاسة (1989 ـ 2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية، ووضعته في سجن كوبر بالعاصمة السودانية.

وخلال عهد البشير، تقدمت العلاقات التركية السودانية وتطورت في شكل نشط للغاية وزادت الاستثمارات في تركيا. 

ومع ذلك، مع رحيل البشير، اتضح أنه لم يكن من الممكن للعلاقات أن تستمر في مسارها الطبيعي وأن الاستثمارات في مختلف المجالات شبه متوقفة، وفق الكاتب. 

وأضاف: في هذه العملية، أصبح السودان، الذي تعرض للحظر الدولي (تصنيفه من الدول الراعية للإرهاب) والذي كانت مؤشراته الاقتصادية تتدهور يوما بعد يوم، أحد الدول التي تطبع مع إسرائيل. 

وردا على هذه الخطوة، أزالت الولايات المتحدة الإدارة السودانية من قائمة الإرهاب ونأت الخرطوم بنفسها عن تركيا بدءا من تلك الفترة سواء في المعادلة الإقليمية أو في نظام التحالفات الدولية، بحسب الكاتب التركي.

علاقات تاريخية 

بموجب اتفاق جوبا للسلام، الذي وقعته الحكومة الانتقالية السودانية والجماعات المسلحة في أكتوبر/تشرين الأول 2020، التزم 25 بالمئة من الأخيرة بالمعاهدة، لكن لم يتحقق أي انتقال مدني في الفترة التالية. 

وأردف الكاتب: وبالنظر إلى موقف تركيا، التي رحبت سابقا بالاتفاق ودعمت الانتقال المدني، تسببت هذه الصورة في توتر قصير الأجل في العلاقات التركية السودانية. 

كما هو معروف، قبل هذه العملية برمتها، أدلى الرئيس "رجب طيب أردوغان" بعدة تصريحات حول التطورات في السودان في مؤتمره الصحفي المشترك مع رئيس بوركينا فاسو "روش مارك كريستيان كابوري" في 11 أبريل 2019.

وقال أردوغان: "السودان بلد تربطنا به علاقات تاريخية عميقة الجذور وبالطبع نحن نؤيد استمرار هذه العلاقات العميقة الجذور".

وتابع: "في هذه المرحلة، مرة أخرى، آمل أن ينجح السودان في هذا العمل في شبكة أخوة سلمية وأن يبدأ العملية الديمقراطية الطبيعية". 

لذلك، بهذه الكلمات، كشف الرئيس أردوغان عن نهجه للتعاون المحتمل بين البلدين قبل كل هذه التطورات.

وأردف الكاتب: اتخذت تركيا خطوات جادة في الدبلوماسية تجاه القارة الإفريقية مع خبراتها في السياسة الخارجية، وواصلت أنشطتها في مجال المساعدات الإنسانية مع وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا".

وأيضا اتخذت خطوات مع الوكالة الدولية للتنمية الزراعية، والهلال الأحمر التركي، ومؤسسة الديانة التركية في المناطق الجغرافية المضطهدة بنهج تصاعدي، مع مراعاة مشاكل شعوب المنطقة.

جهود مبذولة

واستدرك: هدف المساعدات المقدمة للعديد من الدول هو تحقيق سياسات تركيا وأهدافها الخارجية وتنفيذ إرادتها السياسية الخاصة.

لكن في الوقت نفسه، تتخذ تركيا خطوات تستند إلى علاقة مربحة للجانبين من خلال تطوير إستراتيجيات موجهة نحو التنمية لتلبية احتياجات الفقراء، كما قال.

وفي هذا السياق، بدأت جهود المساعدات الإنسانية مع السودان أخيرا في التحرك مع فترة الرئيس التركي الأسبق "توركوت أوزال" وجرى افتتاح مستشفى في السودان عام 1996. 

ومع زيارة "رجب أكداغ" وزير الصحة في عام 2003 السودان مع حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا، تحققت العلاقات مع عدد من الاتفاقيات الصحية الثنائية. 

وأضاف الكاتب أن أردوغان، الذي ذهب إلى السودان كرئيس للوزراء لقمة إفريقيا عام 2006، رأى شخصيا الأزمة هناك، وبعد ذلك جرى افتتاح مكتب تنسيق برنامج تيكا الخرطوم. 

وقد بدأت حملة "المعونة الإنسانية السودانية" بنشاط مع الهلال الأحمر والعديد من المنظمات غير الحكومية. 

ومع ذلك، في عام 2014، جرى افتتاح المستشفى التركي السوداني في دارفور وتلبية معظم احتياجات المنطقة من قبل العاملين الصحيين من تركيا. 

وفي وقت لاحق، لعبت تركيا دورا رئيسيا في تدريب العاملين الصحيين السودانيين، يقول الكاتب.

وأشار إلى أن "دعم تركيا للمساعدات الإنسانية للسودان ودعمها في مجالات أخرى هو جهود لجعل الخرطوم أقوى وتطوير نفسها في جميع المجالات". 

وعلق يلديريم: نأمل أن تتقدم العلاقات بين تركيا والسودان، وهما دولتان شقيقتان، في السنوات القادمة كما في فترة البشير سواء مع معدل النمو في حجم التجارة أو مع دراسات التنمية البشرية.