الأردن يخشى تفاهمات نتنياهو وبن غفير.. ما الذي قد يتغير في العلاقات؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت وسائل إعلام عبرية عن "خوف الأردن الشديد" من التفاهمات الأخيرة التي توصل إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلَّف بنيامين نتنياهو وعضو الكنيست إيتمار بن غفير.

وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وافق نتنياهو، على منح زعيم "القوة اليهودية" اليميني المتشدد إيتمار بن غفير، حقيبة الأمن القومي في الحكومة التي يعكف على تشكيلها. 

وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، إن حزب "الليكود"، الذي يتزعمه نتنياهو، وقع اتفاقا مع حزب "القوة اليهودية" حول ملحق المناصب في الحكومة المقبلة.

وأضافت: "يقرب التوقيع على ملحق المناصب الاتفاق الشامل الذي سيشمل الميزانيات والمسائل الفنية والمبادئ التوجيهية".

وتابعت: "وفقا للاتفاق، ستتولى القوة اليهودية وزارة الأمن القومي بصلاحيات واسعة، بما في ذلك الشرطة الخضراء، وسلطة إنفاذ الأراضي، وشرطة الحدود في الضفة الغربية". وقال بن غفير في بيان: "اتخذنا خطوة مهمة لتشكيل حكومة يمينية كاملة".

وفي 13 نوفمبر، كلف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، نتنياهو بتشكيل الحكومة. ومن أجل الحصول على ثقة الكنيست فإنه بحاجة إلى 61 صوتا على الأقل من مقاعد الكنيست الـ 120.

إعلان حرب

وتقول مصادر في السلطة الفلسطينية إنه بعد تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، سيلتقي الرئيس محمود عباس، وملك الأردن عبد الله الثاني لصياغة خطة للتعامل مع حكومة نتنياهو، وفق موقع "نيوز ون" العبري.

وسيتأكد الطرفان من الحفاظ على الخطوط الحمراء في الأردن والسلطة الفلسطينية في كل ما يتعلق بالحرم القدسي، ووضع شرق القدس وحل الدولتين.

وشنت السلطة الفلسطينية حملة دولية ضد الحكومة اليمينية الجديدة في إسرائيل، عبر وزارة الخارجية التي أصدرت تحذيرًا من "مخاطر الاتفاق بين حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحزب بن غفير".

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن خطط الحكومة الإسرائيلية الجديدة هي "إعلان حرب على الفلسطينيين"، الذين أعدوا خطة لمواجهة المستوطنات وتوسعها في أراضي الضفة الغربية.

ويرى الموقع العبري أن رد الفعل الفلسطيني كان متوقعًا، ولا يفاجئ أحدا، والأكثر إثارة للقلق هو رد فعل الأردن الذي أبرمت إسرائيل معه اتفاقية سلام منذ 1994، وأيضا لها معه أطول حدود مع دولة عربية.

وبحسب مسؤولين أردنيين، بدأت الحكومة سلسلة من المشاورات مع السلطة الفلسطينية في رام الله من أجل صياغة إستراتيجية موحدة تجاه الحكومة اليمينية الجديدة في إسرائيل، بما يخدم مصالح عمان الحيوية.

وقال النائب الأردني محمد العبادي إن الحكومة اليمينية في إسرائيل ستفرغ الضفة الغربية من سكانها، وستصدّر الأزمة الناتجة إلى الجانب الشرقي من الأردن. 

ووجه حزب "جبهة العمل الإسلامي" تحذيرًا شديدًا من استمرار التطبيع مع الحكومة اليمينية في إسرائيل "التي تعمل على الإضرار بالمملكة الأردنية".

مسألة وقت

وحسب تقدير الحزب، فإن الصراع بين الحكومة اليمينية في إسرائيل والمملكة الهاشمية ليس سوى مسألة وقت.

ولفت الموقع العبري إلى أن الحكومة اليمينية الجديدة بقيادة نتنياهو تشكّل كابوسًا مستمرًا للأردن والملك عبد الله.

وعلاقة الملك الأردني مع نتنياهو غامضة، رغم أنه اتصل به وهنأه على فوزه في الانتخابات، بينما امتنع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن ذلك. 

ويقول مسؤولون أردنيون إن الخطة الأساسية لنتنياهو هي القضاء على القضية الفلسطينية وخلق وضع جديد في أراضي الضفة الغربية.

إذ تحتفظ إسرائيل بكامل القدس وتمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، الأمر الذي يشكّل خطرا كبيرا على الأردن، وسيؤدي إلى انهيار المصالح الحيوية، وتدمير الأساس الكامل للمفاوضات والسلام. 

وفي تقديرهم، نتنياهو يريد أن يتبنى سياسة "الأردن هو فلسطين" كما قال رئيس الوزراء الأسبق "أرئيل شارون"، وفي هذا معنى أن عمان مسؤولة عنهم وهي دعوة لتهجير الفلسطينيين إليها.

وأرسل الأردن رسائل إلى إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وقال إن تعيين "إيتمار بن غفير" في منصب وزير الأمن القومي يعد "خطوة معادية للغاية".

وأشار المحلّل الأمني والسياسي "يوني بن مناحيم" إلى أن الأردن حاول إبعاد بن غفير من الساحة السياسية لكنه فشل فشلا ذريعا. 

ويواجه الأردن تحديًا سياسيًا كبيرًا، ومع ذلك، فقد تجنّب حتى الآن قطع العلاقات مع إسرائيل بسبب تشكيل الحكومة الجديدة.

ولم يصوغ الأردن حتى الآن خطة للتعامل مع العضو الجديد في الحكومة الإسرائيلية، الذي يعده عامل تصعيد يحاول زعزعة استقراره وأمنه والإضرار بمكانته الخاصة في الحرم القدسي الشريف.

ويرى المحلل الإسرائيلي أن تعيين "إيتمار بن غفير" في مثل هذا المنصب المهم والحساس في حكومة نتنياهو الجديدة يمثّل تحديا للأردن لأنه "يعرض حالة الهدوء الحالية في الحرم القدسي للخطر". 

ولفت إلى أن الأردن يناقش الآن كيفية الحفاظ على مصالحه العليا بعد صعود الحكومة اليمينية إلى السلطة في إسرائيل.

مخاوف أردنية

وقالت مصادر أردنية إن الإمارات العربية المتحدة تحاول الآن التوسط بين الأردن وحكومة نتنياهو الجديدة.

وتحاول أبوظبي إقناع الأردن بقبول الواقع السياسي الجديد في إسرائيل والتصالح معه، كما تفعل ذلك أيضا إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وفق "بن مناحيم".

وفي سياق متصل، أشار موقع "واي نت" إلى أنه في مؤتمر المناخ في شرم الشيخ المصرية، وقّعت إسرائيل والأردن في 8 نوفمبر 2022، مذكرة تفاهم لتعزيز مشاريع الازدهار (شراء الكهرباء من الأردن وبيع إسرائيل المياه لعمان). 

ولفت الموقع العبري إلى أنه جرى التوقيع على هذه المذكرة بين إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة - برعاية المبعوث الأميركي لشؤون المناخ "جون كيري".

 وكانت الدول الثلاث قد وقعت إعلان نوايا مبدئي لاستكشاف الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع، وذلك خلال معرض إكسبو دبي الذي أقيم في دولة الإمارات في نوفمبر 2021.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها الأردن في مشاريع متعلقة باتفاقات أبراهام التي وقعتها إسرائيل مع أربع دول عربية عام 2020. 

وقال مسؤول كبير في الوفد الإسرائيلي بمؤتمر المناخ إنه حتى اليوم السابق لتوقيع مذكرة التفاهم، لم يوافق الأردنيون على التوقيع، في ضوء المخاوف التي أعربوا عنها بعد الانتخابات في إسرائيل.

وبحسب قول الموقع، فقد اضطر رئيس الوزراء المنتخب، نتيجة لذلك، إلى إعطائهم رسائل مطمئنة لحملهم على التوقيع.

وأدى صعود الحزب الديني الصهيوني "القوة اليهودية"، إلى مخاوف في الأردن من إلحاق الضرر بالوضع الراهن. 

وقال الموقع، إن "المسجد الأقصى من أهم القضايا بالنسبة للأردنيين وذو إمكانات متفجرة".

وأشار إلى أن نتنياهو الذي بدأ بالفعل العمل على تشكيل حكومته نقل رسالة مطمئنة حول هذا الموضوع إلى الأردنيين الذين وافقوا بعدها على توقيع الاتفاقية.