يوسف الحسيني.. إعلامي ضلل المصريين في أزمة الدولار وحرض على قتلهم

12

طباعة

مشاركة

جدل كبير وتساؤلات مهنية في مصر أحدثها الإعلامي يوسف الحسيني، خلال استضافته هاتفيا رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وفي سابقة نادرة، بقي الحسيني واقفا طوال مدة مداخلة السيسي في برنامجه "التاسعة" على القناة الأولى الرسمية، وسط استغراب من فكرة وقوف مذيع لمدة ساعة ونصف، حتى لو كان الضيف رئيسا.

الخصوصية التي يتمتع بها الحسيني جعلته من الأركان الأساسية لإعلام السيسي، والمبشر الدائم بـ"إنجازاته" الوهمية، ومع ذلك فهو "نموذج فج" لدوره الإخباري من خلال تنبؤاته الخادعة، مثل "انهيار الدولار"، والتي جعلته محل سخرية واسعة في مصر.

"الواد يوسف"

ويلعب الحسيني في هيكلية نظام السيسي أكثر من دور، فهو من الناحية الرئيسة إعلامي موال للنظام، ومن ناحية أخرى برلماني عن "قائمة من أجل مصر"، المشكلة على يد المخابرات العامة.

ويعرف الحسيني نفسه بأنه "شيوعي موحد بالله"، في حين أنه معروف في أوساط المعارضين بـ"الواد يوسف"، وهو وصف أطلقه عليه مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل، في تسريب شهير.

ولد يوسف مصطفى محمد الحسيني في 20 فبراير/ شباط 1975، بالعاصمة القاهرة.

والده هو الكاتب الصحفي والمترجم مصطفى الحسيني، الذي كتب سنوات عديدة لمجلة "روز اليوسف"، ووالدته الكاتبة تحية عبد الوهاب.

حصل يوسف على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1997 من جامعة القاهرة.

بدأ نشاطه الإعلامي عام 1998 كمذيع في القناة الفضائية المصرية، واستمر لمدة 9 سنوات قدم من خلالها بعض البرامج مثل "كل يوم كتاب" و"مقال الأسبوع".

انتشر بشدة عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، عندما انضم إلى قناة "أون تي في" التي كانت مملوكة لرجل الأعمال المثير للجدل، نجيب ساويرس، ليقدم برنامج "رمضان بلدنا".

بعدها انطلق إلى البرامج السياسية عندما قدم البرنامج الرئيس في القناة "السادة المحترمون" ثم برنامج "بتوقيت القاهرة".

وتبنى الحسيني منذ المرحلة الانتقالية لثورة 25 يناير 2011 معاداة التيار الإسلامي، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين. 

وكان من أشد مناهضي حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، ودائم الهجوم عليه وعلى المؤسسات المنتخبة.

وبطبيعة الحال، دعم الحسيني الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، بقيادة وزير الدفاع (آنذاك)، السيسي. 

لكن كان الانتقال بين الهجوم إلى التحريض على القتل والدم حدثا فارقا في مسيرة الحسيني. 

فإبان مذبحة رابعة العدوية والنهضة، في 14 أغسطس/آب 2013، انتشر التحريض وحديث الفتنة، وتصدر الحسيني كتيبة الإعلاميين الداعين لقتل المتظاهرين وأنصار الرئيس مرسي. 

ووصف جماعة الإخوان المسلمين بـ"الكاذبين" و"المجرمين"، و"عصابة من القتلة الذين يجب شنقهم" كما جاء على لسانه قبل الفض بأيام قليلة، مرورا بقوله "الإخوان قتلوا معتصمي رابعة قبل الفض لإلصاق التهمة بالشرطة".

وفي اليوم التالي للمذبحة، كتبت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن "الآلة الإعلامية المصرية استمرت في تكريس خطاب العنف والفتنة على شاشات التلفزيون والصحف، ما أدى إلى مقتل مئات المدنيين"، في إشارة واضحة إلى رسائل الحسيني الدموية وأمثاله من بقية الإعلاميين.

"كلينكس" النظام

في يناير/ كانون الثاني 2015، نشرت قناة "مكملين" الفضائية تسريبا نسب للواء عباس كامل مدير مكتب السيسي حين كان وزيرا للدفاع، وهو الآن رئيس جهاز المخابرات العامة.

التسريب كان مثيرا للدهشة، حيث تحدث كامل عن الأذرع الإعلامية التي تم بناؤها ودسها داخل المؤسسات، سواء الحكومية أو الخاصة.

وكان ملفتا للانتباه في التسريب وجود كم كبير من "الاحتقار والدونية" التي يتعامل بها جنرالات الجيش مع نجوم إعلامية يفترض أن لها شعبية جماهيرية وحضورا قويا على الأقل بين المؤيدين للانقلاب العسكري. 

حينها سخرت مواقع التواصل الاجتماعي من التسريب، وتحدثت بتعليقات عن شخصيات بعينها ذكرها التسريب، على رأسهم الحسيني.

وتناقل النشطاء بكثرة الجملة التي استخدمها عباس كامل، قائلا: "البت بتاعتنا عزة مصطفى والواد اللي اسمه الحسيني".

ويستخدم المصريون كلمة "كلينكس" وهو نوع من المناديل الورقية، للدلالة على قلة قيمة الشخص، أو لإنسان تم استخدامه في مهمة محددة ثم ألقي بعدها ولم يعره أحد اهتماما. 

وبهذه الكلمة، وصف الحسيني نفسه وزملاءه من الإعلاميين، الذين استخدمهم النظام في جرائمه وانقلاباته، ثم تنكر لهم. 

وفي 27 ديسمبر/ كانون الأول 2017، شن الحسيني، الذي أصبح شهيرا بين السياسيين والمعارضين بـ"الواد الحسيني"، حملة هجوم ضارية على منظومة الحكم.

ومن خلال برنامجه آنذاك "السادة المحترمون" المذاع على فضائية "أون لايف"، تحدث عن قانون الصحافة والإعلام الجديد بعد الموافقة عليه من مجلس النواب، والتصديق عليه من قبل  السيسي. 

وقال الحسيني: "الحكومة تقول إنها لا تقدر أن تعطي حريات واسعة للإعلام لأن جانبا منه يقف ضدها". 

وأضاف: "ولو بصينا (نظرنا) هنلاقي (سنجد) حكومة حازم الببلاوي وإبراهيم محلب الأولى والثانية وحكومة شريف إسماعيل كلهم نسوا أن الإعلام وقف معاهم، ونسوا كلهم أن الإعلام لعب دورا شديد الأهمية لإنجاح 30 يونيو (الانقلاب العسكري)". 

وأكمل غاضبا: "نسوا أن الإعلاميين وقتها كانوا مهددين في بيوتهم وأسرهم وجيرانهم وأصدقائهم وبعضهم ترك بيته وغير مساره عشان يعرف يطلع ببرنامجه أو يكتب مقالته".

واستطرد الحسيني: "لكن الحكومة حاليا ترى أن الإعلام بيشتغل ضدها ولا يريدون أن يعطوه حرية واسعة".

وتابع: "حكومات بتتصرف الحقيقة بمنطق (مناديل الكلينكس).. يلا، اللي استخدمناه استخدمناه وبعد شوية نرميه".

فضيحة الدولار 

وفي 15 سبتمبر/ أيلول 2022، تصدر اسم الحسيني محركات البحث في مصر.

وتعرض لموجة واسعة من السخرية، ووصل الأمر لمطالبات بمحاكمته بتهمة "بث شائعات وأخبار كاذبة"، على خلفية نصيحة قدمها للمصريين بالتخلص من الدولار.

وفي 22 أغسطس/آب 2022، طلب الحسيني من المواطنين بضرورة الإسراع إلى التخلص من أية مدخرات بالدولار ووضعها في البنوك قبل 15 سبتمبر.

ومن خلال برنامجه على القناة الأولى بالتلفزيون المصري قال: "من عنده دولار يطلعه ويأخذه إلى البنك قبل 15 سبتمبر.. الحقوا نفسكم، وهذه نصيحة محبة وجدعنة مني".

وأضاف: "زمان محدش سمع الكلام وبعد كده الكل جرى يغير الدولار"، محذرا من يحتفظ بالعملة الأجنبية من خسارة مدخراته وأمواله.

لكن الذي حدث هو العكس تماما، إذ استمر الدولار في الارتفاع أمام الجنيه إلى مستويات لم يشهدها منذ سنوات.

ففي اليوم الذي حدده الحسيني بسقوط الدولار أو تراجعه، تجاوز سعره 19.45 ببعض البنوك، في دلالة على مدى عبثية تنبؤات الحسيني، وأصبح كلما زاد الدولار أمام الجنيه يتذكر المصريون كلمات الحسيني الأولى "اللي عنده دولار يطلعه".