نانسي بيلوسي.. رئيسة نواب أميركا عدوة ترامب وبكين الداعمة للشذوذ والإجهاض
منذ سنوات، ويتزايد تدوال اسمها في أروقة السياسة ووسائل الإعلام الأميركية والدولية، رغم أنها ترأس مجلس النواب في واشنطن الذي عادة تجهل اسم صاحب هذا المنصب الأغلبية حول العالم.
إنها رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي (82 عاما)، التي تصفها هيئة الإذاعة البريطانية بـ"أقوى امرأة في السياسة الأميركية"، والتي عادت أخيرا إلى الواجهة من جديد بعد تداول مقطع مصور لها تتوعد فيه الرئيس السابق دونالد ترامب بلكمه وإهانته.
وخلال السنوات الأخيرة سطع نجم بيلوسي مع خوضها جدالات ضارية ضد دول مثل الصين وروسيا، وفي الداخل ضد ترامب في أكثر فترات عنفوانه بالبيت الأبيض، حيث لم يكن يجرؤ أكثر الرجال ثقلا في السياسة الأميركية على مواجهته.
وفي 14 أكتوبر/ تشرين الثاني 2022، جرى الكشف عن فيديو تظهر فيه بيلوسي أثناء الهجوم على مبنى الكونغرس (الكابيتول) في 6 يناير/ تشرين الثاني 2021، من قبل أنصار ترامب.
وظهرت نانسي وهي تسأل إن كان ترامب سيأتي هو أيضا لمهاجة الكونغرس، لترد عليها مديرة مكتبها "تيري ماكولو"، أن جهاز الخدمة السرية منعه من القدوم إلى الكابيتول للانضمام إلى مؤيديه.
لتقابل بيلوسي ذلك بالقول: "آمل أن يأتي، أريد أن ألكمه، هذه لحظتي التي كنت أنتظرها، أريد لكمه وسأذهب إلى السجن وسأكون سعيدة".
“I hope he comes, I’m going to punch him out ... I’m going to punch him out, I’m going to go to jail, and I’m going to be happy.”
— The Recount (@therecount) October 14, 2022
— House Speaker Nancy Pelosi’s just-revealed response to the prospect of former President Trump potentially marching to the Capitol on January 6th. pic.twitter.com/XePdjploDg
سياسية مخضرمة
ولدت نانسي باتريسيا بيلوسي في 26 مارس/ آذار 1940 في مدينة بالتيمور بولاية ميريلاند الأميركية.
بيلوسي تنتمي إلى عائلة سياسية، فوالدها "توماس داليساندرو" كان ينتمي للحزب الديمقراطي الأميركي، وشغل منصب عضو في الكونغرس عن ماريلاند، وأصبح عمدة بالتيمور بعدها بسبع سنوات.
أما والدتها "أنونشاتا"، وهي إيطالية الأصل، كانت ناشطة في المجال السياسي، إذ نظمت قسم النساء الديمقراطيات في ميريلاند، وعلمت ابنتها "نانسي" قيمة التواصل الاجتماعي، وصناعة شبكات مؤثرة، بحسب ما أدلت في إحدى تصريحاتها.
وفي عام 1958، تخرجت بيلوسي من معهد نوتردام ، وهي مدرسة ثانوية كاثوليكية للبنات في بالتيمور.
وفي عام 1962 ، تخرجت من كلية ترينيتي في واشنطن العاصمة بدرجة بكالوريوس الآداب في العلوم السياسية.
صعودها السياسي
بدأت الدخول إلى مجال السياسة في مطلع الستينيات، عندما تدربت مع السيناتور دانيال بروستر (ديمقراطي من ماريلاند)، إلى جانب زعيم الأغلبية في مجلس النواب (آنذاك) ستيني هوير.
وشهد عام 1976 طفرة في حياتها السياسية، عندما انتخبت كعضو في اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا.
ثم جرى انتخابها كرئيسة للحزب في شمال كاليفورنيا عام 1977، وبعد أربع سنوات اختيرت لرئاسة الحزب الديمقراطي في كاليفورنيا، الذي قادته حتى عام 1983.
بعد ذلك عملت بيلوسي كرئيسة للجنة المضيفة في مؤتمر سان فرانسيسكو الوطني الديمقراطي، ثم كرئيسة للجنة الأعضاء الديمقراطيين داخل مجلس الشيوخ من 1985 إلى 1986
ومنذ يناير/ كانون الثاني 2019 أصبحت أول امرأة في تاريخ الولايات المتحدة تشغل منصب رئيس مجلس النواب.
لذلك تعد بيلوسي المرأة الأرفع منصبا عن طريق الانتخاب في تاريخ الولايات المتحدة، بصفتها رئيسة لمجلس النواب، وأنها تأتي في المرتبة الثانية في خط الخلافة الرئاسية، مباشرة بعد نائب الرئيس.
عدوة ترامب
كانت بيلوسي أشرس مسؤولة أميركية واجهت ترامب، وكانت مهندسة عملية محاكمته، عام 2019 في مجلس الشيوخ، سعيا إلى عزله مستندة إلى فقرتين هما "إساءة استخدام النفوذ" و"عرقلة عمل الكونغرس"، قبل أن يبرئ مجلس الشيوخ ترامب من هذه التهم لاحقا.
وسيظل التاريخ الأميركي يحتفظ بلحظة إعلان رئيسة مجلس النواب، في 20 ديسمبر/ كانون الثاني 2019، أن رئيس البلاد (ترامب) يواجه محاكمة قد تفضي إلى عزله، وهي تضرب بمطرقتها ناظرة بسخط إلى النواب المهللين في المجلس بعد سماعهم هذه النتيجة.
لكن قبلها حدث مشهد جدلي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عندما انتشرت صورة تظهر فيها بيلوسي وهي تقف وراء طاولة واسعة مستديرة، محاطة بعدد من زملائها الرجال أعضاء الكونغرس، وآخرين يشغلون أعلى المناصب العسكرية.
بينما كانت تشير بإصبعها نحو ترامب الجالس قبالتها وكان يبدو مذهولا في تلك اللحظة من الاجتماع الدائر حول الوضع في سوريا.
وهو ما تسبب بحرج بالغ لترامب الذي غرد بعدها مباشرة عبر تويتر قائلا إن نانسي "انهارت" في الاجتماع.
ثم وصفها بأنها "سياسية من درجة ثالثة"، فردت رئيسة المجلس بأن ترامب هو من "انهار" وقررت جعل تلك الصورة صورة غلاف لحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
بلغ الصدام أوجه بين بيلوسي وترامب يوم 5 فبراير/ شباط 2020، فبعدما أنهى ترامب خطابه، أخذت بيلوسي (كانت تقف خلفه) نسخة من الخطاب ومزقتها، وهو ما أظهره مقطع فيديو.
ثم صرحت لوسائل إعلام أميركية أن تمزيق خطاب ترامب كان أكثر الخيارات المتاحة تهذيبا، واصفة إياه بالخطاب القذر المليء بالأكاذيب.
وقبيل الخطاب مدت بيلوسي يدها لترامب من أجل مصافحته لكنه تجاهلها ولم يصافحها.
حينها علق ترامب على الحدث بتغريدة على صفحته الرسمية بتويتر، قال فيها: "نانسي بيلوسي المجنونة".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 خسر ترامب الانتخابات الرئاسية، لصالح مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، وكان لبيلوسي دور بارز في إسقاط ترامب عبر الجدلات العبثية التي أدخلته فيها، وفق مراقبين.
لا تخشى الصين
تعد نانسي بيلوسي من أشد أعداء النظام الشيوعي في الصين، داخل دولاب السياسة الأميركية.
وموقفها من بكين ليس وليد السنوات الأخيرة، فعلى مدار 4 عقود كاملة وجهت الدبلوماسية الأميركية سياستها الخارجية ضد الصين.
وجاءت الواقعة التي تعد الرمز الذي يبرز موقفها من النظام الصيني، عام 1991 خلال زيارتها لبكين.
حينها ذهبت بيلوسي إلى ساحة "تيانانمن" الشهيرة، ووقفت وهي ترفع لافتة لإحياء ذكرى الضحايا، الذين قتلوا في الموقع نفسه قبل عامين فقط من زيارتها، فيما يعرف بـ"مذبحة تيانانمن".
وهي نقطة سوداء في تاريخ الصين، حين قامت القوات المسلحة الصينية بمرافقة الدبابات بهجوم عنيف وإطلاق نار على تجمع حاشد لمتظاهرين مطالبين بالديمقراطية.
كما كانت بيلوسي أيضا من الأصوات الدافعة بقوة خلف قرار الحكومة الأميركية عام 2021 بالاعتراف رسميا بأن بكين ارتكبت "إبادة جماعية" في ممارساتها القمعية بحق أقلية الإيغور المسلمة.
وتعد علاقتها بزعيم التبت المنفي "الدالاي لاما" من مظاهر موقفها الصريح المناهض لبكين، على طول المدى.
ورغم التحذيرات الصينية وعدها مسألة تمس الأمن القومي، أجرت نانسي بيلوسي زيارة إلى جزيرة تايوان، في 2 أغسطس/ آب 2022، متحدية النظام الشيوعي الصيني.
ووصلت بيلوسي التي كانت أرفع مسؤول أميركي يزور تايوان منذ سنوات طويلة، على متن طائرة عسكرية أميركية إلى مطار سونغشان في تايبيه.
وفي أول تصريح لها من هناك، تعهدت بدعم واشنطن لتايبيه، قائلة: "مباحثاتنا مع المسؤولين في تايوان ستشمل الدعم الأميركي لهم، ودعمنا لشعب تايوان أكبر من أي وقت مضى".
وكانت الحكومة التايوانية قد أعلنت أنه "تم تفعيل منظومة الدفاع الجوي في مطار تايبيه" قبيل وصول بيلوسي.
كما كشفت هيئة البث اليابانية أن "8 مقاتلات أميركية انطلقت من جزيرة أوكيناوا شرق تايوان".
وسارعت الصين لإعلان "إغلاق المجال الجوي للطائرات المدنية في مضيق تايوان"،مهددة بأن "الطائرات التي ستنتهك حظر الطيران في مجال تايوان الجوي قد يتم إسقاطها"، لكن ذلك لم يثن بيلوسي عن الزيارة.
جدليات بيلوسي
عرف عن بيلوسي في دوائر السياسة الأميركية أنها كانت سابقة لزمنها في مجموعة قضايا، منها الجيد ومنها السيء.
فمثلا عارضت علنا حرب العراق عام 2003، وناهضت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش (الابن).
ثم كانت من المدافعين عن "الشذوذ الجنسي" في الثمانينيات والتسعينيات، في وقت كانت مثل هذه الموضوعات خارج اهتمامات التيار السياسي السائد في واشنطن.
وفي الآونة الأخيرة قادت حملة شديدة ضد المحكمة العليا الأميركية في يونيو/ حزيران 2022، بسبب قرار إلغاء حق المرأة في إنهاء حملها الذي كان محميا بموجب دستور الولايات المتحدة.
وقالت بعد إعلان قرار المحكمة: "الحرية التي تملكها الأميركيات اليوم أقل من الحرية التي كانت تملكها أمهاتهن"، ووصفت القرار بأنه "صفعة على الوجه"، حيث تؤيد بيلوسي بقوة حق المرأة في "الإجهاض".
وعلى الصعيد العائلي، ورغم ذلك الصعود القوي والطويل لبيلوسي في معرض السياسة الأميركية، نجحت أيضا في تكوين أسرة مع زواجها من الخبير المالي بول بيلوسي.
وعاشا في البداية في مانهاتن في نيويورك، ثم انتقلا إلى سان فرانسيسكو، وفي تلك الفترة كانت بيلوسي ربة منزل، وأنجبت خمسة أطفال، أربع بنات وولدا.
المصادر
- رئيسة مجلس النواب الأمريكي: أريد أن ألكم ترمب وسأدخل السجن بكل سرور
- نانسي بيلوسي: من هي السياسية الأمريكية التي أثارت عاصفة دبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين؟
- أعلى مسؤول أمريكي يزور البلاد منذ استقلالها.. بيلوسي ترأس وفدًا من الكونغرس إلى أرمينيا
- ترامب ينشر فيديو "محذوف" لنانسي بيلوسي "المجنونة": سياسية من الدرجة الثالثة
- بعد تجاهل مصافحتها.. بيلوسي تمزق خطاب ترامب على الملأ
- رغم التحذيرات الصينية.. بيلوسي تزور تايوان