عبر تجويعها.. مركز تركي: واشنطن تجر أفغانستان إلى حرب أهلية جديدة

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية قبل أيام أن مسؤولين كبارا بإدارة الرئيس جو بايدن التقوا مع مسؤول أمني بحركة طالبان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 بالعاصمة القطرية الدوحة، للمرة الأولى منذ مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في يوليو/ تموز 2022 بكابل.

وتفاعلا مع ذلك، أكد مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام"، أنه رغم سحب قواتها العسكرية من أفغانستان في أغسطس/ آب 2021، إلا أن أميركا ما زالت تحكم البلاد عبر سلاح الفقر والفوضى الذي تدفع به الشعب نحو التمرد ضد طالبان.

معركة متواصلة

وذكر المركز التركي أن الممثل الخاص للولايات المتحدة في أفغانستان "توم ويست"، كان قد حذر في 29 سبتمبر/ أيلول 2022، من إمكانية استئناف الحرب الأهلية في أفغانستان. 

وأثار هذا التصريح مرة أخرى الجدل حول أن الولايات المتحدة تريد جر أفغانستان إلى حرب أهلية.

فعلى الرغم من انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في أغسطس 2021، إلا أنها تواصل خطواتها لمنع الاستقرار في البلاد.

في هذه المرحلة، لم يتم الاعتراف بإدارة طالبان، التي حكمت أفغانستان لأكثر من عام، من قبل أي دولة أو منظمة دولية. 

ولهذا، فإن الولايات المتحدة هي الفاعل المهيمن على النظام الدولي، والمجتمع الدولي ينظر إلى حد كبير في موقف إدارة واشنطن من حيث العلاقات مع طالبان.

وبعيدا عن اتخاذ خطوات لتمهيد الطريق للاعتراف، تواصل الولايات المتحدة اتخاذ خطوات من شأنها تعميق الحالة الفوضوية في البلد المعني. 

وعند النظر إلى سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان، نجد أنها تقول لطالبان: "لقد انسحبنا من بلدكم، لكنكم فشلتم في الحكم".

في الواقع، على الرغم من الانسحاب، قامت أميركا أولا بتجميد احتياطات أفغانستان النقدية ثم نقلتها إلى بنك سويسرا تحت اسم "الصندوق الأفغاني".

ومن المتوقع أن يؤدي الصندوق وظيفة مصرف أفغانستان المركزي. 

وبهذا التصرف تهدف الولايات المتحدة إلى إبعاد طالبان عن الصندوق وبالتالي السلطة النقدية، وبهذا تكون قد منعت طالبان من السلطة وأن تصبح الحاكم في أفغانستان.

وهذا يجلب معه عجز الطالبان عن القضاء على مشاكل العمالة في البلد والفقر الذي يتطور وفقا لذلك.

وفي هذه المرحلة، يمكن القول إن اللعبة التي تريد الولايات المتحدة تأسيسها تهدف إلى جعل الشعب الأفغاني، الذي يزداد فقرا يوما بعد يوم، يتمرد على حكم طالبان.

مخطط واضح 

ولفت المركز التركي إلى أن دول المنطقة على دراية أيضا بخطة الولايات المتحدة هذه. 

حيث إن البيانات التي أدلى بها ممثلو روسيا والصين وباكستان في الاجتماع حول أفغانستان الذي عقد داخل الأمم المتحدة في 28 سبتمبر 2022 مهمة للغاية من حيث الكشف عن هذا الوعي. 

ففي تقييمها للصندوق الأفغاني، قالت ممثلة روسيا لدى الأمم المتحدة "آنا فستينيان": "تفيد التقارير أن هذه الأموال لن تكون في متناول السلطات الأفغانية وسيتم إنفاقها على بعض المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية المؤقتة. وندعوهم إلى إعادة الأصول المسروقة فورا إلى الشعب الأفغاني". 

وفي إطار الوعي نفسه، وافقت إدارة موسكو على تصدير الحبوب والنفط إلى أفغانستان من أجل منع تعميق المشاكل الاقتصادية في أفغانستان. 

وبالمثل، في 28 سبتمبر، أدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "وانغ ون بين" بتصريحات حول المسألة الأفغانية ودعا المجتمع الدولي إلى التصرف بموضوعية بشأن أفغانستان. 

وذكر "وانغ" أن النظام الاجتماعي في أفغانستان قد استعاد تدريجيا، وأشار إلى أن "الخطوات المتخذة نحو عزل أفغانستان عن المجتمع الدولي ستكون لها عواقب سلبية". 

كما يمكن القول إن باكستان لديها نفس المنظور. حيث ترى أن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الباكستاني "بيلاوال بوتو زرداري" في 28 سبتمبر مهمة للغاية.

من حيث إظهار منظور إدارة إسلام أباد، التي تعتقد أنه يمكن التغلب على حل المشاكل المتمحورة حول أفغانستان باتباع نهج قائم على التعاون. 

وقال "زرداري" إنه بحاجة إلى تحسين علاقاته مع طالبان بدلاً من عزل أفغانستان عن المجتمع الدولي. 

بالإضافة إلى ذلك، صرح وزير الخارجية الباكستاني أن الاحتياطيات الوطنية لأفغانستان ملك للشعب الأفغاني، وعزل أفغانستان سيفيد المنظمات المتطرفة. 

وينبغي التأكيد على أن الموقف الذي طرحه زرداري تتشاطره دول أخرى في المنطقة.

والواقع أن دولا مثل تركمانستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وكازاخستان والهند، تعرب عن استعدادها للإسهام في استقرار أفغانستان وأمنها وسلامها وازدهارها في كل فرصة وتضطلع بدبلوماسية استباقية. 

وفي هذه المرحلة، ينبغي فتح باب المناقشة أمام حقيقة مفادها أن عزلة أفغانستان، التي يلفت "زرداري" الانتباه إليها، سوف تفيد المنظمات المتطرفة، جنبا إلى جنب مع مزاعم الغرب بأن الحرب الأهلية قد تندلع في أفغانستان.

حرب أهلية

ويبدو أن أميركا تريد جر البلاد إلى حرب أهلية من خلال عزل أفغانستان عن المجتمع الدولي، واتخاذ خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الفقر في البلاد.

على سبيل المثال، تريد الولايات المتحدة رفع تحرير التأشيرات وتمديد العقوبات المفروضة على قادة طالبان. 

وفي هذه القضية أيضا، فإن إدارة واشنطن عالقة في حق النقض (فيتو) من روسيا والصين، وهما عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي.

ومن القضايا الأخرى التي تعمق مشكلة الاعتراف بطالبان هي العمليات الجوية التي تقوم بها الولايات المتحدة في أفغانستان في إطار الادعاء بمحاربة تنظيم القاعدة. 

وعلى وجه الخصوص، أثار مقتل زعيم تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري" في هجوم في كابل جدلا بشأن انتهاك طالبان لاتفاقات الدوحة وزاد من ضغط المجتمع الدولي على نظام طالبان.

ومن الممكن القول إن الولايات المتحدة تشجع أيضا التطرف في أفغانستان، لأن صور مسلحي تنظيم الدولة في سوريا والعراق الذين ينتقلون إلى أفغانستان تحت حراسة أميركية لا تزال في الذاكرة. 

وفي الواقع، كان الفاعل الرئيس الذي استفاد من فراغ السلطة الذي نشأ بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان هو تنظيم الدولة. 

لذلك، يمكن للولايات المتحدة استخدام هذه المنظمة المسلحة كوسيلة لزيادة العنف العرقي والطائفي. 

وسيسبب هذا التطرف فوضى إقليمية، من ناحية الصين من خلال ممر فاهان، ومن ناحية أخرى، هناك ادعاء بأنه ينتشر إلى مسلمي روسيا عبر آسيا الوسطى. 

وبصراحة، حقيقة أن إدارة بكين هي الفاعل الرئيس في تحدي الهيمنة العالمية للولايات المتحدة وأن موسكو هي "الآخر" التاريخي للقيادة الأميركية تزيد من دقة هذه الادعاءات. 

ويرتبط النهج الحكيم لدول المنطقة، الذي يحرص على جذب أفغانستان إلى أرض التعاون، ارتباطا وثيقا برؤيتها لهذه المخاطر.

وتصريح الغرب بأن الحرب الأهلية يمكن أن تندلع في أفغانستان يمكن وصفه بأنه اعتراف أو علامة على أقل تقدير، حول خطط الولايات المتحدة.