مواقف لافتة.. هل تتجه أيرلندا إلى الاعتراف بدولة فلسطينية قريبا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثارت عدة تصريحات جاءت على لسان مسؤولين في الحكومة الأيرلندية الحديث عن احتمالية اعتراف البلد الأوروبي بدولة فلسطينية مستقلة.

هذه التصريحات لفتت أنظار الإعلام الإسرائيلي، ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريرا حمل عنوان: "هل تتجه أيرلندا للاعتراف بدولة فلسطينية قريبا؟".

ويقول التقرير إن التصريحات الأخيرة التي صدرت عن قادة أيرلنديين عند زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى البلاد، أثارت مخاوف المجموعات الداعمة لإسرائيل من أن دبلن تخطط للاعتراف بدولة فلسطينية.

وزار "عباس" أيرلندا في 17 سبتمبر/ أيلول 2022، بصحبة كل من وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، وسفيرة فلسطين لدى أيرلندا جيلان وهبة عبد المجيد.

ووجه عباس الشكر إلى القادة الأيرلنديين لمواقفهم السياسية الداعمة للقضية الفلسطينية في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية، وثمن المساعدات التي تقدمها أيرلندا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والمنح الجامعية التي تقدمها للطلبة الفلسطينيين.

لكن ما أثار المخاوف الإسرائيلية كان وصف رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، والرئيس مايكل هيغينز، عباس بأنه "رئيس دولة فلسطين"، في تغريدتين عن لقائهما معه.

فشل حل الدولتين

وكانت الإشارة الأخرى المثيرة للقلق بحسب الصحيفة الإسرائيلية، هي رد وزير الخارجية الأيرلندي، سيمون كوفيني، على سؤال وجهه أحد برلمانيي بلاده قبيل زيارة عباس بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية.

إذ كان رد الوزير أن "أيرلندا قد تتخذ هذا القرار (الاعتراف بدولة فلسطينية) إذا شعرت أن التقدم نحو حل الدولتين قد توقف".

وأضاف: "إن التزامنا هو الاعتراف بدولة فلسطينية كجزء من تسوية دائمة للصراع حال وجودها، أو عندما نعتقد أن هذا الاعتراف سيؤدي إلى تقدم جهود حل الدولتين أو حماية سلامة الأراضي الفلسطينية".

كما أكد الوزير أنه في حالة غياب التقدم نحو حل الدولتين، فإنه سيكون مستعدا لتوصية الحكومة الأيرلندية بالاعتراف بدولة فلسطين.

وثمّة هوّة بين الموقف الفلسطيني الذي يرى بحل الدولتين، تطبيقا لقيام دولة فلسطينية عاصمتها "القدس الشرقية" على حدود الأراضي المحتلة عام 1967 (الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة) وبين الموقف الإسرائيلي الذي يرفض العودة لذلك.

وتوقفت مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية منذ أبريل/نيسان 2014، على خلفية تملص تل أبيب من خيار حل الدولتين ورفضها وقف الاستيطان والإفراج عن أسرى قدامى.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن البرلمان الأيرلندي كان قد أقر، في ديسمبر/كانون الأول 2014، مذكرة غير ملزمة تطالب الحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين.

وتطلب المذكرة من الحكومة الإيرلندية "الاعتراف رسميا بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كما تنص على ذلك قرارات الأمم المتحدة".

ورأى البرلمان حينها أن هذا الاعتراف سيشكل "مساهمة إيجابية لضمان التوصل إلى حل تفاوضي بين دولتين للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني".

لكن في المقابل، أقر "كوفيني" أن هذا القرار من شأنه أن يتعارض مع السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، الذي تمتلك أيرلندا عضويته.

وبالتالي سيقلل ذلك من تأثير دبلن في مسألة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي داخل أروقة الاتحاد الأوروبي وعلى السياسة الخارجية للبلاد، حسب كوفيني.

دعم مستمر

ونقلت صحيفة "ذا جيروزاليم بوست" قول الوزير الأيرلندي: "إن توقيت وسياق أي قرار من هذا القبيل سيؤثران على ما إذا كان فقدان هذا التأثير، سيقابله فائدة متكافئة للشعب الفلسطيني وتأثير إيجابي على عملية السلام وحل الدولتين أم لا".

وفي مناسبة أخرى، وخلال مؤتمر صحفي له مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي، قال كوفيني إن أيرلندا "ليست معادية لإسرائيل بتاتا".

كذلك أكد أن حكومته لا تتفق مع "بعض المسؤولين في النظام السياسي الأيرلندي الذين يظهرون وكأنهم يريدون قطع جميع العلاقات مع إسرائيل".

وفي المقابل، صرح أن "إسرائيل تتصرف بشكل غير قانوني كقوة احتلال على الأراضي الفلسطينية".

وخلال هذه التصريحات التي قد تبدو متعارضة، تستعرض "جيروزاليم بوست" بعض مواقف الحكومة الأيرلندية، لتدلل على دعم "دبلن" المقدم للفلسطينيين.

إذ تقول الصحيفة العبرية إن عباس والمالكي توقفا وهما في طريقهما إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ليحلا في أيرلندا ويقابلا المسؤولين هناك.

وترى الصحيفة أن هدف المسؤولين الفلسطينيين هو الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، الأمر الذي تدعمه أيرلندا وفق تصريحات وزير خارجيتها.

كما أشارت إلى الدعم المالي الذي تقدمه أيرلندا لفلسطين، عبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

إذ أعلن "كوفيني" عن دعم إضافي بقيمة مليوني يورو للأونروا، بعد اجتماعه الأخير بالرئيس الفلسطيني، هذا بالإضافة إلى 6 ملايين يورو قدمتها أيرلندا بالفعل للوكالة الدولية خلال العام 2022.

ومنذ انضمام إيرلندا إلى المجموعة الأوروبية عام 1973، كانت الحكومات الأيرلندية في طليعة مناصري القضية الفلسطينية داخل القارة العجوز.

وفي عام 1980، كانت إيرلندا أول عضو في المجموعة الأوروبية يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، وفي عام 1993، كانت آخر من افتتح سفارة إسرائيلية في العاصمة دبلن.

وفي مايو/ أيار 2021، تبنى البرلمان الإيرلندي قرارا غير مسبوق لدولة في الاتحاد الأوروبي، إذ أدان السياسات التي تنتهجها إسرائيل بحق ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وعلى خلفية الاحتلال الإسرائيلي الوحشي للشعب الفلسطيني وقوانين الفصل العنصري، أعربت إيرلندا بشكل متزايد عن دعمها للقضية الفلسطينية، وشجبت الاحتلال غير القانوني، وأقرت عددًا من القوانين المؤيدة للفلسطينيين التي أثارت غضب القادة والمشرعين الإسرائيليين.