خالد فودة.. لواء مصري "متحرش" يحمي الإسرائيليين في جنوب سيناء
من أبرز قطاعات الدولة التي يسيطر عليها العسكريون في مصر عادة، مناصب المحافظين، إذ تجري بالتعيين المباشر بلا انتخابات محلية على عكس ما يجري في غالبية دول العالم.
لكن هناك شخص متفرد استمر على مدار سنوات طويلة في منصبه، حتى صار أقدم المحافظين وأكثرهم ثقلا في دولاب الدولة، وهو اللواء أركان حرب خالد فودة، محافظ جنوب سيناء.
ويعد فودة من جيل العسكريين المعاصرين لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي في سنوات الكلية الحربية، وكذلك هو صهره ومن أقرب المقربين منه.
وفي الأيام الأخيرة انتشرت الأنباء عن حادثة تحرش فجة تورط فيها فودة (68 عاما)، بحق صحفية مصرية، تدعى دنيا سمير.
الجنرال المتحرش
وفي 3 أغسطس/ آب 2022، كتب الصحفي المصري جمال سلطان، عبر "فيسبوك": "الصحفية (دنيا سمير فتحي) اشتكت من تحرش محافظ جنوب سيناء، اللواء أركان حرب خالد فودة، بها، فأمر باعتقالها ، وأودعها السجن.
وكشف أنه "لفق لها، كالمعتاد، تهمة الانضمام لجماعة إرهابية، والصحفيون يستغيثون لنجدتها رحمة بأطفالها الثلاثة الذين نكل بهم النائب العام ورجاله مجاملة لأسياده".
من جانبها، كتبت صفحة باسم "ضباط من أجل الثورة" على "فيسبوك" تأييدا لصحة تلك الواقعة، إذ ذكرت أن "اللواء خالد فودة (ابنه متزوج من آية السيسي) يتحرش بكاتبة صحفية اسمها دنيا سمير".
وأوضحت أن "دنيا سمير كانت تعيش مع أولادها في شرم الشيخ، وتعمل مرشدة سياحية مع الأفواج السياحية بشرم وجنوب سيناء عموما".
وأكدت الصفحة أنه "بالفعل جرى اعتقال الصحفية في 28 مايو/ أيار 2022، وترحيل أولادها لطليقها الموظف الذي يعيش بالقاهرة، بينما تم التنكيل بها على جميع المستويات، لرفضها الانصياع لرغبات اللواء المصري".
بينما خيم الصمت كالعادة على السلطات المصرية ووسائل الإعلام التابعة لها، في محاولة للتغطية على هذا الانتهاك.
رحلته العسكرية
وولد خالد فودة صديق محمد، عام 1954 بمدينة العمال في منطقة إمبابة بالقاهرة الكبرى، وهناك نشأ وتلقى تعليمه الأولي من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية.
بعدها بدأت رحلته العسكرية، عندما التحق بالكلية الحربية، وتخرج فيها برتبة ملازم أول عام 1976 (قبل عبدالفتاح السيسي بدفعة واحدة، السيسي تخرج عام 1977).
وحصل فودة لاحقا على الماجستير من كلية القادة والأركان، كما نال كذلك على نفس الدرجة من "أكاديمية ناصر العسكرية".
وشغل فودة خلال فترة خدمته بالقوات المسلحة العديد من المناصب؛ منها: رئيس عمليات لواء مدرع، وقائد كتيبة دبابات، ورئيس أركان لواء مدرع، وقائد لواء مدرع.
وكذلك رئيس أركان فرقة مدرعة، ورئيس فرع التخطيط بهيئة عمليات القوات المسلحة.
ثم مدير معهد المدرعات، وأخيرا قائدا لقوات الدفاع الشعبي والعسكري بمحافظة الأقصر.
وابتعث اللواء خالد فودة إلى العديد من دول العالم كمبعوث عسكري، في مقدمتها الولايات المتحدة، وإيطاليا، واليونان، والكويت، وصربيا، والسعودية، والإمارات، وفرنسا.
كما عمل كملحق بوزارة الدفاع في الكونغو الديمقراطية وإفريقيا الوسطى.
عميد المحافظين
سيظل اللواء أركان حرب خالد فودة أحد ألغاز المرحلة الانتقالية للمجلس العسكري عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
فمع أول حركة محافظين أقرها المجلس العسكري برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي (آنذاك) تم تعيين خالد فودة محافظا للأقصر عام 2011، وكان يشغل فيها منصب قائد قوات الدفاع الشعبي.
بالنسبة للمواطنين كان خالد وجها جديدا من داخل المؤسسة العسكرية، وكان الشعب يتطلع للتغيير من أجل حياة أفضل ونظام عيش قائم على العدالة الاجتماعية.
لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح مع استبدال نظام حسني مبارك ببيروقراطية عسكرية جديدة.
فودة الذي بدأ رحلته كمحافظ وأدى القسم أمام وزير الدفاع طنطاوي لم يتزحزح عن منصبه رغم كل العوامل والمتغيرات التي طرأت على الحالة المصرية.
حتى في عهد الرئيس الراحل المدني المنتخب محمد مرسي، حافظ فودة بصورة غير متوقعة على منصبه كمحافظ، لكن بدل الأقصر انتقل إلى جنوب سيناء.
حيث أدى اللواء المصري القسم أمام الرئيس مرسي كمحافظ لتلك المنطقة الإستراتيجية للغاية في الأهمية في أغسطس/ آب 2012.
ومع ذلك لم يحافظ على قسمه وانحاز للانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، بقيادة عبدالفتاح السيسي، وبقية جنرالات الجيش.
ومع إطاحة حكومة الانقلاب بقيادة رئيس الوزراء حازم الببلاوي بمعظم المحافظين وتغييرهم بسبب الانتماء السياسي، بقي خالد فودة على وضعه.
وأدى القسم أمام الرئيس المؤقت المعين من قبل الانقلاب، المستشار عدلي منصور، في أغسطس 2013، كمحافظ لجنوب سيناء أيضا.
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، جدد السيسي الثقة في خالد فودة محافظا لجنوب سيناء، ليصبح فودة أقدم محافظ في البلاد، وفق صحيفة الأخبار الحكومية.
عسكرة المحافظة
ولمحافظة جنوب سيناء وضع خاص داخل الدولة المصرية، كونها مركزا سياحيا كبيرا يستقطب ملايين الأفراد سنويا.
كذلك تتمتع بدور دبلوماسي بارز، لا سيما في مدينة شرم الشيخ.
وتصل مساحة المحافظة إلى 31 ألف كم مربع، وتعدادها السكاني يبلغ 173 ألف نسمة.
ومع ذلك فلا يمكن إغفال الدور السلبي الذي لعبه فودة في جذب السياحة الإسرائيلية إلى المدينة، بينما شدد الأمر على المصريين.
ففي 8 أغسطس/ آب 2021، نشر موقع "فرانس برس" تقريره على توافد السياح الإسرائيليين إلى جنوب سيناء.
وقال: "يمكن أن يدخل أي إسرائيلي قادم من فلسطين المحتلة شبه جزيرة سيناء، في أي وقت يريد، وتتوفر له حماية ويلقى اهتماما من الجانب المصري، بخلاف حال أبناء البلاد نفسهم".
وأضاف: "يتمتع السياح الإسرائيليون بالاستجمام على شواطئ جنوب سيناء، وقد تجاوز عددهم 70 ألفا منذ مطلع الصيف الحالي (2021)، جميعهم قدموا للاستفادة من جمال هذه الشواطئ وتوفيرها إمكانات استضافة رائعة".
وعلى الصعيد المجتمعي يلعب فودة دورا مختلفا آخر، ففي عام 2012 عمد فودة إلى عسكرة المحافظة، تحديدا القطاع التعليمي، حيث اتخذ قراره بتحويل المدرسة الثانوية للبنين بطور سيناء إلى مدرسة عسكرية.
وذلك بعد حصوله على إذن خاص من القوات المسلحة، وسرعان ما بدأ التنفيذ لتصبح أول مدرسة عسكرية بالمحافظة.
وصرح فودة حينها أن "المدرسة لن تكون الأخيرة، حيث سيتم إنشاء مدارس عسكرية بباقي مدن المحافظة، لبث روح الانتماء والاعتزاز بتاريخ أهالي سيناء، والتدريب على الانضباط العسكري" على حد تعبيره.
علاقته بالسيسي
تفسر علاقة المصاهرة بين السيسي وفودة كثيرا من سر قوة الأخير واستمراره في منصبه.
ففي 5 يناير/ كانون الثاني 2014، تم عقد قران "آية" الابنة الوحيدة للسيسي، على نجل اللواء خالد فودة.
وجرى الزفاف فى حفل عائلي بحضور عدلي منصور، وحازم الببلاوي، وعدد من قيادات القوات المسلحة، في مقدمتهم الفريق صدقي صبحي رئيس أركان القوات المسلحة (آنذاك) واللواء محسن الشاذلي رئيس عمليات القوات المسلحة (آنذاك)، واللواء الراحل محمد العصار مساعد وزير الدفاع لشؤون التسليح.
ولا تمر مناسبة إلا ويشيد فيها فودة برئيس النظام المصري وحسن قيادته والتفاف الشعب من حوله.
أما الأخير فكلفه بمهام محددة، أبرزها ما أعلن عنه في 21 مارس/ آذار 2022، أن شرم الشيخ ستبقى مدينة عالمية، وسيتم إنفاق مليارات الجنيهات عليها.
وذلك في إطار تأهيل السيسي للمدينة حتى تدخل المستوى العالمي خلال مؤتمر المناخ الذي ستستضيفه مصر.
ويحمل السيسي ومن ورائه فودة، وبقية أركان النظام، على مؤتمر المناخ الذي سيعقد في شرم الشيخ بجنوب سيناء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، آمالا عريضة في تجميل وجه وصورة النظام.
وذلك في ظل انتقادات حقوقية حيث طالبت 36 منظمة حقوقية، منها "هيومن رايتس ووتش" في 12 يوليو/ تموز 2022، بضرورة تخفيض القبضة الأمنية وإطلاق سراح المعتقلين، واحترام حق التعبير، في دولة تعهدها الجنرالات بقبضة من حديد، وباتوا يسيطرون على جميع مفاصلها المحلية والأمنية والاقتصادية.