حاكم الزاملي.. سياسي عراقي بخلفية عسكرية أصبح ذراعا فتاكا لمقتدى الصدر

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع اندلاع الأزمة السياسية في العراق بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي الموالية لإيران، برز نائب رئيس البرلمان المستقيل حاكم الزاملي متقدما صفوف أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر خلال عملية اقتحام المنطقة الخضراء ببغداد في 27 يوليو/ تموز 2022.

وتلا الزاملي بيان الصدر الذي دعا فيه أنصاره بالانسحاب بعد دخولهم مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان شخصية الزاملي الجدلية، التي كانت حاضرة في الحرب الطائفية في العراق عام 2006.

وسبق أن كلفه الصدر بعضوية لجنة التهيئة لصلاة الجمعة الموحدة التي أقامها في 15 يوليو 2022 بمدينة الصدر، وحضرها الآلاف من أنصار التيار، فيما وصفها الزاملي بأنها كانت "مليونية".

"حاكم الحاكم"

حاكم عباس موسى الزاملي من مواليد مدينة الكوت في الأول من يوليو/ تموز 1965، لكنه يقيم في مدينة الصدر شرق العاصمة بغداد، وهو متزوج وحاصل على الماجستير من كلية اللغات في جامعة بغداد، وبكالوريوس علوم عسكرية، ودبلوم إلكترونيك.

وآخر منصب تولاه الزاملي، كان النائب الأول لرئيس البرلمان بعد انتخابات 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، لكنه استقال مع الكتلة الصدرية (73 نائبا) بتوجيه من مقتدى الصدر في يونيو/ حزيران 2022.

وبعد انتخابه نائبا لرئيس البرلمان، خفتت قبضة الرئيس محمد الحلبوسي بشكل كبير، وبات الزاملي، هو الذي يحكم قبضته على البرلمان، حيث ترأس أكثر من ثلثي الجلسات التي عقدت منذ يناير 2022 وحتى استقالته، فيما غاب الحلبوسي عن حضورها.

وكان الزاملي ولأكثر من دورة برلمانية منذ عام 2010 عضوا في اللجنة الأمنية البرلمانية، وآخرها في عام 2014 إلى 2018 أصبح رئيسا للجنة ذاتها، حيث كان الوحيد الذي استثناه الصدر من كتلة الأحرار الصدرية الذي سمح له بالمشاركة في انتخابات 2014 وسط حرمان الجميع.

وعندما أصبح نائبا للحلبوسي، أصبح يمارس دور الأخير في قيادة البرلمان عبر قيامه باستدعاء الوزراء واستضافتهم في جلسات البرلمان والتحقيق معهم في قضايا عدة، وأبرزها استضافته لوزيري المالية والخارجية.

وعلى ضوء ذلك، نشبت خلافات حادة بين الزاملي والحلبوسي اللذين كانا في تحالف "إنقاذ وطن" الذي يجمع التيار الصدري مع تحالف السيادة السني الذي ينتمي إليه الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث اختلفا حول صحة تسمية هيئة رئاسة البرلمان من عدمها.

وكان الزاملي يطالب بتسمية "هيئة رئاسة البرلمان" في المخاطبات الرسمية، بينما يؤكد الحلبوسي أن تلك التسمية غير صحيحة دستوريا، والأصح رئيس البرلمان ونائباه، لأن المنصب من حصة المكون السني على غرار رئيسي الوزراء والجمهورية، فالأول للشيعة والثاني للأكراد.

ولم يقف الزاملي عند هذا الحد، بل أصبح يصدر كتبا رسمية يطالب فيها الوزارات وحتى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، باتخاذ إجراءات من صلب عمل الحكومة ومؤسساتها.

وفي أبريل/ نيسان 2022، تدخل الزاملي لإنهاء أزمة البنزين بالعراق، بعدما أغلقت محطات الوقود الأهلية أبوابها، جراء تقليل وزارة النفط حصصها، لكن تدخله جعل الوزارة تعدل عن قرارها، حتى وصف حاكم بأنه هو الحاكم الفعلي للبرلمان والحكومة.

قائد مليشيا

وعرف عن حاكم الزاملي بأنه أحد قادة فرق الموت التي كانت تقتل العراقيين على الهوية، إبان اندلاع الحرب الطائفية في عام 2006 و2007، وذلك من خلال توليه منصب وكيل وزير الصحة في العراق.

وتطال الزاملي اتهامات بإشرافه على اختطاف أطباء ومرضى من أهل السنة من المستشفيات الحكومية، ثم يعثر عليهم مرميين على قارعة الطريق.

حيث اتهم باختطاف الدكتور علي المهداوي من داخل مقر وزارة الصحة في بغداد، والذي كان مرشحا من جبهة التوافق السنية لاستلام منصب وكيل وزير الصحة عام 2007.

وكان المهداوي قد جرى استدعاؤه إلى مبنى وزارة الصحة، وهناك جرى اختطافه هو ومجموعة من حراسه من داخل المبنى، ولم يعثر له على أثر حتى الآن، وكذلك الحال مع الدكتور عمار الصفار النائب الثاني لوزير الصحة رغم أنه كان مرشحا عن حزب الدعوة الشيعي.

وعلى أثر ذلك اعتقلته القوات الأميركية في فبراير/ شباط 2007 وبقي في معتقلاتها لمدة عام ونصف العام، ثم سلمته إلى القضاء العراقي بتهمة اختطاف العشرات من الأبرياء حيث اعترف بعد اعتقاله مباشرة على وزير الصحة آنذاك علي الشمري الذي هرب إلى إيران.

وقدم حاكم الزاملي للمحققين الأميركان أسماء 61 من قادة فرق الموت في بغداد والنجف والسماوة واعترف أنه وقائد حماية الوزارة حامد الشمري كانوا يستخدمون عربات الإسعاف لنقل الأسلحة والمختطفين إلى منطقة خلف السدة في جانب الرصافة من بغداد لقتلهم هناك.

كما أقر بدوره في بيع الجثث لذوى القتلى الذين يجرى العثور عليهم من دائرة الطب العدلي في بغداد، إضافة إلى المناقصات المالية التي كان يستحوذ عليها، وقيل إنها كانت قضايا فساد مالي تستخدم عائداتها لتمويل فرق الموت التي يقودها الزاملي، إذ كانت وزارة الصحة من نصيب التيار الصدري.

انتشار تفاصيل تلك الاعترافات جعلت الأميركان يعلنون عن أن لجنة تحقيق أميركية برئاسة الكولونيل مارك مارتنيز أحالت الزاملي والشمري، إلى محكمة علنية وصفت بأنها ستكون أهم من محاكمة مسؤولي النظام السابق.

وقدّم الأميركان في حينها وعدا بأن المحكمة ستكون علنية، وصرح رئيس الوزراء المالكي بموافقته على إحالة الاثنين للمحاكمة. فيما صرحت قيادات في جيش المهدي والتيار الصدري، بأنها ستقف إلى جانب الزاملي مع التشكيك بصحة الاتهامات.

وفي 2009 أعلنت المحكمة الجنائية العراقية، تبرئة كل من الزاملي والشمري من التهم المسندة إليهما وإطلاق سراحهما بعد عام من الاعتقال، وذلك بعدما عجز الشهود وأصحاب الدعاوى من الوصول إلى المحكمة للإدلاء بشهاداتهم في جلسات محاكمته بسبب تهديدات بالقتل تلقوها من متعاونين مع الزاملي.

ضابط سابق

وفي 3 مارس/ آذار 2014، اتهم مكتب القائد العام للقوات المسلحة عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي بطباعة أكثر من 5 آلاف هوية مزورة باسم لجنة الأمن والدفاع.

وتولى الزاملي في عام 2014 لجنة للتحقيق في سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم الدولة، كونه كان رئيسا للجنة الأمن والدفاع البرلمانية، كما شرع مع مليشيا "سرايا السلام" التابعة للتيار الصدري بمحاربة تنظيم الدولة.

ويقول الزاملي على موقعه الإلكتروني إنه "بعد دخول تنظيم الدولة وتدنيسها المناطق الشمالية والغربية من العراق، لبى حاكم الزاملي دعوة المرجعية الدينية، والقائد مقتدى الصدر للجهاد والتصدي للإرهابيين وتطهير المناطق من دنسهم، وكانت مشاركته في (سامراء، وآمرلي، جرف النصر، تكريت، الإسحاقي".

وكان الزاملي أحد أعضاء لجنة استرجاع الأراضي الخاصة بالمكون المسيحي والأقليات والتي شكلها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، حسبما يذكر موقعه الإلكتروني.

وسبق أن شغل الزاملي، منصب معاون مدير عام الدائرة الإدارية والمالية والقانونية في وزارة الصحة، ثم مدير عام الدائرة الإدارية والمالية والقانونية، حتى أصبح الوكيل الأقدم للوزارة للفترة من 2005 إلى 2007.

وفي عهد الرئيس الراحل صدام حسين، كان حاكم الزاملي ضابطا في الجيش العراقي برتبة مقدّم، لكنه انخرط في صفوف التيار الصدري بعد الاحتلال الأميركي في 2003.

وأصبح قياديا بارزا في جيش المهدي الذي شكله الصدر عام 2004 لمحاربة الأميركان في بداية الأمر قبل أن يتحول إلى مليشيا تقتل العراقيين على الهوية من عام 2006 إلى 2008.