استخدام مقاتلات إسرائيل قواعد المغرب العسكرية.. ما تأثيره الداخلي والإقليمي؟

12

طباعة

مشاركة

تصاعد وتيرة تعميق العلاقات المغربية الإسرائيلية، خاصة على المستوى العسكري، دفع لطرح تساؤلات استشرافية حول مستقبل هذا التعاون المتنامي وغير المحدود، وتأثيره على الداخل في المملكة وتداعياته على المحيط الإقليمي.

ووصل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي إلى المغرب في 18 يوليو/تموز 2022 ضمن زيارة استمرت ثلاثة أيام، جرى فيها التركيز على الاتفاقيات الثنائية التي أنتجت ردود فعل كبيرة.

ومع حديث وسائل إعلام مغربية عن مقترح إسرائيلي بـ"استخدام القوات الجوية الإسرائيلية للقواعد المغربية"، نبه خبراء ومناهضون للتطبيع من هذه الخطوة التي ستجر البلاد إلى خطر فقدان السيادة الوطنية.

اختراق عسكري

وقال موقع "لوديسك" خلال تقرير له في 21 يوليو 2022، إن "قائد أركان الجيش الإسرائيلي ناقش لدى استقباله بالمملكة إمكانية استخدام القوات الجوية الإسرائيلية للقواعد المغربية خلال لقاء مع كبار المسؤولين لم تخرج منه إلا بعض المعلومات القليلة".

وتأتي هذه المعلومات الخاصة، في وقت زار فيه كوخافي، قاعدة "بن جرير" الجوية واجتمع مع قائدها، حسن محور.

وتحدث الطرفان، في 20 يوليو، عن إقامة تعاون بين القوات الجوية للجيوش، بما في ذلك مشاركة قوات إسرائيلية في مناورات "الأسد الإفريقي" التي تجرى في المغرب تحت القيادة الإفريقية للجيش الأميركي "أفريكوم".

وعزز طرح الموقع المحلي، إعلان الجيش المغربي عقب لقاء جمع الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي مع كوخافي، في 19 يوليو، اهتمامه بإقامة مشاريع مشتركة مع إسرائيل في مجال الصناعات الدفاعية.

وقالت القيادة العامة للجيش، في بيان، إن "هذه الزيارة تأتي لتعزز التعاون الثنائي في سياق التوقيع التاريخي أمام الملك محمد السادس، على الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020".

وتضمن اتفاق التطبيع التوقيع على مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون في مجال الدفاع بين "وزارتي الدفاع الإسرائيلية والمغربية".

ولفتت القيادة في البيان إلى أن المسؤولين المغربي والإسرائيلي أشادا بـ"الجودة والدينامية التي تميز التعاون العسكري الثنائي".

من جهته أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أن رئيس أركانه الذي يزور المملكة على رأس وفد عسكري رفيع المستوى “ناقش فرص التعاون العسكري، سواء في التدريبات أو في المجالات العملياتية والاستخباراتية”.

المحلل السياسي والخبير العسكري، محمد الإدريسي، رأى أن "أنباء استخدام إسرائيل للقواعد الجوية المغربية حتى وإن صحت في ضوء أن البيانات لم تشر لذلك، فالاتفاق لا ضرر فيه لأنه يأتي في سياق التفاهمات، بمنطق شراكة متبادلة يستفيد منها الطرفان وفق المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة".

وشدد في حديث لـ"الاستقلال" على أن "المغرب سيستفيد من الصناعات الإسرائيلية وستتيح له توظيف لوبياته الضاغطة للحصول على أسلحة مهمة من الولايات المتحدة، وبيان الجيش المغربي واضح في هذا السياق بتأكيده على الاهتمام بإقامة مشاريع مشتركة في مجال الصناعات الدفاعية".

وعن التخوفات من اختراق سيادة المملكة بهذا القرار، يعتقد الإدريسي أن "المغرب دولة لها تاريخها وبروتوكولاتها الضابطة، والاتفاقيات مع إسرائيل مؤطرة بالقانون وواضحة المعالم كغيرها مع باقي الدول الأخرى، والرباط لن تجد أي حرج في إيقاف أي تفاهمات حال تبين لها أن هناك خللا في بنود الاتفاقيات".

وقال الخبير المغربي، إن "القوى الإقليمية لا يجب أن تهول من هذه الاتفاقيات أو تتجه نحو تهييج أطراف أخرى لتحجيم وتقييد المغرب لمواصلة أهدافه التسليحية، لأن التطورات التي تعرفها الساحة الدولية تقتضي من كل دولة اختيار مسارها لحماية مصالحها".

خطوات خطيرة

هيئات وشخصيات مدنية وحقوقية، حذرت من هذه الزيارة والاتفاقيات الثنائية الموقعة بين الطرفين خاصة ما لم تذكره البيانات الرسمية، مشددة على أن تبعات هذه الخطوات خطيرة على حاضر المغرب ومستقبله.

وبين رئيس "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع"، أحمد ويحمان، أن "زيارة مجرم الحرب، الإرهابي عفيف كوخافي، لبلادنا تأتي بدعوة من التيار الذي اختطف الدولة ومؤسساتها وأقحم البلد كله في مقامرة ترهن مستقبل واستقرار وأمن ووحدة وتماسك المجتمع المغربي.. وبالتالي كينونة ومصير البلد بيد الكيان الصهيوني!".

وشدد في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك، على أن "القضية مصيرية بالنسبة للمغرب، أرضا وشعبا ودولة، هي مصيرية لأن السؤال اليوم هو: هل سيبقى البلد قائما مع سيرورة الأسرلة (جعلها إسرائيلية) المفترسة التي ما انفكت تنهش في كيانه منذ مدة؟".

وأشار ويحمان إلى أن "أجندة الاختراق الصهيوني بكل أذرعها الأخطبوطية في عمل دؤوب، على قدم وساق، وليل نهار، في أفق بناء إسرائيل جديدة على أنقاض المغرب".

وتابع: "نعم نحن ما نزال في موضوع الصهينة الشاملة ومسلسل أسرلة المغرب. لا قيمة لأي موضوع آخر أمام موضوع (حياة أو موت) إنسان.. وهي كذلك بشكل مضاعف عندما يتعلق الأمر بمصير شعب أو وطن" .

ونبه ويحمان بأن ذلك "سينتهي إلى الانهيار، كما ينهار الجاموس المثخن بجراح الأنياب ومخالب الوحوش الضارية المتكالبة عليهمن لا يرى هذه الحقيقة ماثلة أمامه فهو أعمى البصر، ومن لم يدرك مخاطر ما يجرى اليوم في البلاد فهو في نظري أعمى البصيرة".

من جانبها، قالت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين في المغرب" إن "استقبال رأس الإرهاب الصهيوني كوخافي جريمة تطبيعية جديدة ضد شعبنا (..) وهي إمعان في مواصلة ربط المغرب/الدولة بالكيان الإجرامي والسعي للتنزيل الممنهج لصهينة الوطن، من خلال توالي خطوات التطبيع المستعرة على قدم وساق خلال الفترة الأخيرة".

وأضافت عبر بيان نشرته في 17 يوليو 2022، أن زيارة كوخافي "جريمة تعد من الجرائم الكبرى والشنيعة والمخزية في تاريخ المغرب والأمة العربية والإسلامية باستقبال رئيس أركان جيش الكيان الصهيوني في أول سابقة معلنة ورسمية من نوعها في تاريخ مهازل التطبيع في الأمة".

وأشارت إلى أن "اليوم هو بكل مقاييس الذاكرة والهوية والحضارة والموقع والموقف المغربي.. يوم عار وخزي ونكبة تسجل بمداد الإهانة لتاريخ المغرب والخذلان لمواقف الشعب المغربي قديما وحديثا، عبر استضافة أكبر عنوان حاليا للإرهاب والإجرام الصهيوني".

وبينت المجموعة أن "استقبال كوخافي يأتي في سلسلة متواصلة من الزيارات والرحلات الصهيونية إلى (المملكة) عنوانها وهدفها: ربط المغرب الكبير بتاريخه وحاضره بكيان الإجرام الصهيوني، ورهن مستقبل الوطن من خلال السعي لتنزيل أجندة الصهينة الشاملة للبلاد".

وأكدت أن "جريمة استقبال كوخافي لا يمكن مطلقا السكوت عليها أو تبريرها بمنطق القضية الوطنية: الصحراء المغربية.. بل إن ذلك يعد جريمة تاريخية بحق القضية الوطنية وإهانة كبرى للمغاربة ولمئات الشهداء الذين ارتقوا دفاعا عن تحرير الوطن وعن توحيده باسترجاع الصحراء".

وكان اعتراف واشنطن بـ"مغربية الصحراء" الدافع الأبرز للتطبيع، رغم عدم إقرار المجتمع الدولي لهذه الخطوة. ويعد المغرب الصحراء الغربية جزءا أصيلا من أراضيه، بينما تسعى جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر لتأسيس دولة مستقلة هناك.

اتفاقيات متسارعة

وفي 10 ديسمبر 2020، أعلنت إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، إثر تجميدها من قبل الرباط عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.

والمغرب، رابع دولة عربية توافق على التطبيع مع إسرائيل منذ 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان، فيما ترتبط مصر والأردن باتفاقيتي سلام مع إسرائيل، منذ 1979 و1994 على الترتيب.‎

وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وقعت إسرائيل والمغرب مذكرة تفاهم أمنية خلال زيارة وزير جيش الأولى بيني غانتس إلى الرباط، بهدف تنظيم التعاون الاستخباراتي والمشتريات الأمنية والتدريب المشترك.

وفي حينه، قال موقع "تايمز أوف إسرائيل"، إن "هذا أول اتفاق من نوعه بين تل أبيب، ودولة عربية على الإطلاق".

وتحدثت وسائل إعلام دولية، بينها صحيفة "إل إسبانيول"، عن أن التعاون الإسرائيلي المغربي بعد زيارة غانتس، يشمل "بناء قاعدة عسكرية" قرب مدينة مليلية.

والقاعدة العسكرية تبنى في منطقة "أفسو"، التي تقطنها جماعة قروية تابعة لقبيلة آيت بويحيي الريفية بإقليم الناظور شمال المغرب.

وفي 20 يوليو 2022، أماطت صحيفة “هآرتس” العبرية اللثام عن عدد من المعدّات العسكرية التي صدّرتها إسرائيل إلى المغرب، منذ عدّة سنوات، وحتى قبل الإعلان بشكل رسمي عن التطبيع.

وجاء في تقرير “هآرتس”، أن العلاقات الأمنية السرية بين المغرب وإسرائيل، كانت قد توطدت منذ اتفاقات أوسلو عام 1993.

وذكرت أن المغرب اشترى عام 2014، ثلاث طائرات من دون طيار من طراز هيرون، بقيمة 50 مليون دولار.

وأشارت إلى أن "الجيش الإسرائيلي استضاف وحدة كوماندوز مغربية في تمرين متعدد الجنسيات في يوليو 2021.

واستضاف في يونيو/حزيران 2022 ضباط مغاربة كبار للاتفاق على برنامج عمل مشترك لمدة عام، وفق التقرير.

وفي فبراير/شباط 2022، ذكرت الصناعات الجوية الإسرائيلية في بيان أنها ستزوّد المغرب بمنظومة "باراك"، للمضادات الجوية.