خالد حبوباتي.. صاحب "نادي قمار" سلمه الأسد خزائن أكبر هيئة إغاثة حكومية

12

طباعة

مشاركة

رغم أن رئيس منظمة الهلال الأحمر التابعة للنظام السوري خالد حبوباتي سليل أسرة دمشقية ثرية ونافذة، إلا أن افتتاحه نادي قمار باسم "كازينو دمشق" عام 2010، جعله يختفي لسنوات قبل أن يعود عام 2016 رئيسا للمنظمة بأمر من رئيس النظام بشار الأسد.

ولم يكن استلام حبوباتي للمنظمة السورية العريقة ذات الدور الإنساني الكبير التي تأسست منذ ثمانية عقود، إلا لمساعدة عائلة الأسد على تجاوز العقوبات الدولية، ونقل أموالها للخارج بفضل علاقاته الشخصية وروابط المنظمة مع نظيراتها الدولية.

ورأى الأسد، وفق مراقبين، أن حبوباتي هو الشخصية المناسبة للقيام بأدوار مشبوهة للعائلة تحت قناع إنساني، وتوجيه المساعدات الدولية لصالح إكساء وإطعام قوات النظام في ثكناتها العسكرية وعلى الجبهات وحتى في دفع الرواتب.

وكان حبوباتي حاضرا حينما التقى بشار الأسد مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير بدمشق في 9 مايو/ أيار 2022، وبحثوا "عمل اللجنة في سوريا والاستجابات الإنسانية لتلبية احتياجات السوريين في القطاعين الإنساني والخدمي".

النشأة والتكوين

ولد خالد أحمد توفيق حبوباتي في دمشق عام 1957، لأسرة دمشقية كان والده تاجرا مشهورا تربطه علاقة قوية مع النخب الثقافية والسياسية والدبلوماسية السورية والعربية بحكم افتتاحه مطعم "نادي الشرق" وسط دمشق عام 1951.

 وعد ذلك النادي منذ ذلك الحين أحد معالم العاصمة والمقصد الأول لتلك النخب، لكن حبوباتي الابن اضطر لبيع "نادي الشرق" لرجل الأعمال السوري الشهير موفق قداح بمبلغ مليار ليرة قبل عام 2011، أي ما يعادل 20 مليون دولار، بحسب أسعار الصرف آنذاك، والذي قيل عام 2018 أن قداح باعه لأحد واجهات عائلة الأسد المالية.

ووازن حبوباتي علاقاته العائلية بين السياسة والاقتصاد، إذ تزوج بنت رجل الأعمال الشهير في دمشق، راتب الشلاح الملقب بـ "شهبندر تجار سوريا" والحاصل على دكتوراه في المالية وإدارة الأعمال من "جامعة كاليفورنيا" والذي بقي لسنين رئيسا لغرفة تجارة دمشق.

كما قام حبوباتي بتزويج ابنته لخالد وليد المعلم ابن وزير خارجية النظام السوري السابق الذي تولى الوزارة منذ 2006 حتى وفاته عام 2020.

وكان حبوباتي رجل أعمال من الفئة المتوسطة العاملة في القطاع السياحي والاستيراد والتصدير وبيع السيارات.

وهو مدير عام وشريك مؤسس في "شركة نادي المحيط"، ويمتلك حصة فيها بنسبة 30 بالمئة، وهو شريك مؤسس في "شركة الرخاء للتجارة" وتبلغ حصته منها 18.5بالمئة.

كما يعد شريكا مؤسسا في "شركة ميرا للخدمات" وله نسبة 2 بالمئة منها. كما هو شريك مؤسس في "شركة لينا للاستثمارات"، وتبلغ حصته منها 33 بالمئة.

وترأس حبوباتي نادي الوحدة لكرة القدم الأكثر شعبية في العاصمة دمشق، بين عامي (2002- 2004)، ونجح حينها بإدخال تجربة الاحتراف إلى سوريا.

وجرى تعيين حبوباتي في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2016، رئيسا لـ"منظمة الهلال الأحمر العربي السوري" بقرار من رئيس مجلس الوزراء السوري آنذاك عماد خميس، بدلا من عبد الرحمن العطار الذي استقال حينها.

اللافت وقتها أنه جرى تعديل المادة 20 التي منحت رئيس حكومة الأسد الحق باختيار واحد من بين المرشحين الأربعة لمجلس إدارة المنظمة، ولو كان ذلك الاختيار من خارجها، والتي رست على حبوباتي القادم بتوصية مباشرة من "القصر الجمهوري" تتطلبها المرحلة.

تمكن حبوباتي من أن يصبح "صديق العائلة"، والتي بدأها مع شقيق بشار الأكبر، باسل الأسد، والذي توفي بحادث سير غامض بدمشق عام 1994.

ثم أصبح صديقا شخصيا لبشار، قبل أن يقود اندلاع الثورة السورية عام 2011، ماهر شقيق بشار وقائد "الفرقة الرابعة" مدرعات إلى جذب حبوباتي إليه لمساندة فرقته في تحصيل الإتاوات عبر حواجزها الأمنية المنتشرة بكل المحافظات.

كازينو حبوباتي

بعيدا عن "نادي الشرق" الذي كان يديره شخصيا بحكم رواده من الشخصيات المخملية، فجر حبوباتي قنبلة في الأوساط السورية، حينما افتتح عام 2010 "كازينو دمشق"، الكائن في فندق ومطعم مطار دمشق الدولي.

أثار "الكازينو" غضب الأوساط الشعبية والدينية حينها، الأمر الذي دفع السلطات السورية لإغلاقه بعد ثلاثة أشهر من افتتاحه.

وجرى الترويج لرواية أن ترخيص الكازينو، بإدارة شركة "أوشن كلوب"، جاء بعد استعادة حبوباتي لرخصة سابقة كان والده توفيق حبوباتي يملكها، وافتتح بموجبها ثلاثة كازينوهات، هي "كازينو بلودان"، و"كازينو فندق المطار"، و"كازينو الشرق"، والتي سبق للحكومة السورية أن أغلقتها عام 1977.

قادت تلك الحادثة حبوباتي إلى الاختفاء، لا سيما أنها جاءت قبل سنة من اندلاع الثورة، ليظهر مجددا على الساحة بثقل أكبر من السابق عبر توليته عام 2016 رئاسة "الهلال الأحمر".

لم يلتزم الهلال الأحمر السوري بمبادئه السبعة (الإنسانية - عدم التحيز - الحياد - الاستقلالية - الخدمة الطوعية - الوحدة - العالمية) التي تأسس عليها عام 1942، لا سيما في عدم الانحياز على أساس سياسي.

إذ مارست المنظمة سياسية الابتزاز في توزيع المساعدات الدولية والأممية التي تتلقاها وحرمت المناطق المحاصرة من قبل قوات الأسد أو الخارجة عن سيطرته من إدخال المواد الغذائية لها.

والمنظمة عضو في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وفي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر في جنيف، والأمانة العامة العربية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر العربية، وهي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري وذات شخصية اعتبارية.

وللمنظمة متطوعون وفروع في 14 محافظة سورية، وتعتمد في تمويل نشاطاتها ومشاريعها على مصدرين رئيسين، وهما: أولا المساعدات الدولية، من المنظمات الأممية والوطنية، وثانيا طابع الهلال الأحمر في سوريا.

وبدا واضحا تحكم جهاز مخابرات الأسد بنشاط منظمة "الهلال الأحمر"، وتسخير عمل أفرادها وفروعها لصالح العمليات العسكرية لقوات الأسد.

بيدق عائلة الأسد

وخلال رئاسته للمنظمة، باتت مهمة حبوباتي مقتصرة على تنفيذ أوامر عائلة الأسد داخليا، وكذلك تخليص ونقل أموالهم عبر الاستفادة من علاقاته برجال الأعمال، وقدرته على التنقل خارج سوريا وحضوره مؤتمرات دولية وأخرى بزعم متابعة أنشطة المنظمة.

ومن أبرز الحوادث على الصعيد الداخلي، لعب حبوباتي دورا لمساعدة مكتب أمن "الفرقة الرابعة" في تحديد قيمة الرسوم الضريبية التي تفرضها حواجز الفرقة على المدنيين كشرط لإدخال البضائع سواء لمناطق نفوذ النظام السوري أو الخارجة عن سيطرته.

وأحيانا تتولى شركاته الحصول على عقد ترسيم بعض المعابر، كما حدث مع معبر خربة غزالة في درعا عام 2017، إذ يحدد عليها دفع مبلغ سنوي معين من مجموع الجباية غير الشرعية.

ويدير مكتب أمن الفرقة الذي تأسس أواخر تسعينيات القرن العشرين، أنشطة اقتصاد الحرب بالتعاون مع شبكة من رجال الأعمال والوسطاء المقربين، ممن اختيروا بعناية، وأوكلت إليهم مهام متعددة لدعم نظام الأسد.

ويساهم حبوباتي في دمج ريع اقتصاد الحرب في الاقتصاد الرسمي، لا سيما أن لديه خبرة كبيرة في التجارة قبل عام 2011، حيث توقفت تجارته، وأبرزها تصنيع مادة قمر الدين المجفف في الغوطة الشرقية.

ويؤكد مراقبون في الشأن السوري أن حبوباتي هو من جملة البطانة التي تساعد ماهر الأسد على الالتفاف على العقوبات الدولية.

إذ تتولى زوجة ماهر الأسد، "منال جدعان" عبر حبوباتي من خلال "الجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة" التي تملكها وتضم نخبة من رجال الأعمال الموالين للأسد، في تسهيل حركة نقل أموال ماهر للخارج، وتغطية أنشطته في تبييض الأموال.

وتوسعت نشاطات حبوباتي بعد أن جرى استقطابه لتنفيذ "مهمات قذرة" تساعد النظام السوري على تبديل الوجوه القديمة والمكشوفة والمعاقبة دوليا من أجل تبييض الأموال.

وأبرزها مد قوات الأسد بالطعام والأدوات والسلع التي تقدمها الأمم المتحدة للنازحين والمحتاجين.

وفي هذا الإطار، لم تكن المساعدة الروسية والإيرانية، السبب الوحيد في بقاء نظام الأسد، بل أسهمت مساعدات الأمم المتحدة في دعمه، بطريقة غير مباشرة، بنحو 30 مليار دولار، دفع منها رواتب قواته وحتى مستلزمات أجهزة المخابرات، وفق تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية في 20 سبتمبر/ أيلول 2018.

ومنحت حرية التنقل خارج سوريا لحبوباتي بحكم عمله كرئيس لـ "الهلال الأحمر"، القيام بزيارات عمل إلى جنيف، تحت مظلة إجراء لقاءات مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، مساحة في إجراء نشاطات مشبوهة تتعلق بتبييض الأموال.

كما عينه بشار الأسد كمبعوث خاص، لإدارة ملف إقناع رجال الأعمال والمستثمرين السوريين للعودة إلى سوريا، وتقديم ضمانات لهم بعدم المحاسبة أو مصادرة الأموال، لكنه فشل في ذلك بسبب اعتراض هؤلاء على الفكرة.

وهذا السجل الأسود كان وراء ورود اسم حبوباتي في يونيو 2020 ضمن قائمة عقوبات قانون قيصر الأميركي لمعاقبة شخصيات النظام السوري المتورطة بقتل السوريين وكذلك المتعاملين معه.