مراقب برلمان الكويت لـ"الاستقلال": التطبيع استسلام وتداعياته سلبية على أمن الخليج
أكد مراقب البرلمان الكويتي عضو مجلس الأمة أسامة الشاهين، أن حالة الهرولة من قبل عدد من الدول العربية نحو الكيان الصهيوني مخيفة، وتعكس حجم الضعف والذل والجهل الذي يعيشه المطبعون.
وشدد الشاهين في حوار مع "الاستقلال" على أن التطبيع مع إسرائيل "استسلام" وسيكون له تداعيات سلبية كبيرة على الأمن والاقتصاد والحريات في الخليج والوطن العربي.
وأشار إلى أن البرلمان الكويتي يؤدي دورا قياديا في تحركات التعريف بالقضية الفلسطينية العادلة وخطر الصهاينة على السلام بالعالم، مؤكدا أن علاقة بلاده بالقضية الفلسطينية، علاقة دين وتاريخ طويل.
وفي 2020، توصلت أربع دول عربية، هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، إلى اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، وقوبلت برفض شعبي عربي كبير.
كما لفت البرلماني الكويتي إلى أن الواقع العربي عموما مزر للأسف والخلافات مستمرة بين الدول العربية، وما إن تهدأ فتنة عربية- عربية حتى تشتعل أخرى.
وأوضح الشاهين أن الكويت تتبنى دائما خط السلام والمصالحة والوجود في مكان وسط بين النزاعات خاصة المسلحة والدبلوماسية بين الدول والأنظمة المختلفة.
وفي السياق الإقليمي، لفت إلى أن العلاقات مع تركيا في ظل إدارة حزب العدالة والتنمية ازدادت ترسخا وقوة من خلال المواقف المشتركة في عديد من الأزمات.
وأسامة الشاهين (43 عاما)، حاصل على ليسانس وماجستير في القانون، وشغل عضوية "جمعية المحامين الكويتية"، و"رابطة برلمانيون لأجل القدس"، وعمل كمحامي دولة بقطاع التشريع في إدارة الفتوى بمجلس الوزراء الكويتي.
وإضافة إلى منصب "مراقب مجلس النواب" فالشاهين رئيس لجنة الأولويات منذ 15 ديسمبر/ كانون الأول 2020، كما أنه عضو في المكتب السياسي لـ"الحركة الدستورية الإسلامية" بالكويت.
الموقف من التطبيع
موقف دولة الكويت من أكثر المواقف الصلبة في مواجهة التطبيع بالمنطقة العربية عامة والخليج خاصة.. ماذا وراء ذلك؟
علاقة الكويت كدولة وشعب وحكومة بالقضية الفلسطينية، علاقة دين وإسلام، لارتباطها بأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.
وهي كذلك علاقة قديمة تعود لبدء القضية، حيث نرى التبرعات لإعانة المجاهدين وإغاثة المنكوبين في فلسطين، تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وزيارات المسجد الأقصى المبارك امتدت حتى احتلال القدس الشرقية في 1967.
والمميز بالعلاقة بجانب كونها دينية تعبدية، وتاريخية ممتدة، كونها علاقة الدولة ككل حكومة وشعبا، على امتداد تاريخها الطويل.
وبرلمان الكويت يتزعم التعريف بقضية الفلسطينيين العادلة وخطر الصهاينة على المنطقة والعالم.
لرئيس مجلس النواب الكويتي مرزوق الغانم موقف رائد في المحافل الدولية ضد التطبيع.. ما تلك المواقف المعبرة عن نبض الشارع الكويتي؟
البرلمان الكويتي كرئيس وأعضاء وشعبة برلمانية ووفود صداقة برلمانية، لهم دور قيادي في تحركات التعريف بالقضية الفلسطينية العادلة، وخطر الصهاينة على الإنسان العربي في فلسطين والسلام في المنطقة والعالم.
ونتشرف في هذه الأيام باستضافة "رابطة برلمانيون لأجل القدس" في مجلس الأمة الكويتي، وهي رابطة مقرها مدينة إسطنبول التركية، وتضم خمسة آلاف برلماني من حول العالم، من مختلف الجنسيات والأديان، وأتشرف بعضوية هيئتها التنفيذية.
الرياضي الكويتي محمد العوضي الذي رفض اللعب أمام نظيره الصهيوني بات أيقونة فخرا للشباب العربي.. ما قصته؟
يلتزم الرياضيون الكويتيون، وكثير من الرياضيين العرب بمقاطعة التطبيع الرياضي مع لاعبي الكيان الصهيوني المحتل.
وأخيرا رفض اللاعب الكويتي الصاعد "محمد جاسم العوضي" ملاقاة لاعب صهيوني، في بطولة للتنس الأرضي أقيمت في الإمارات، وهذا موقف شجاع ومبدئي منه يسجل له.
لذلك قام البرلمانيون والإعلاميون وجمعيات نفع عام كويتية بتكريمه، لتشجيعه وتشجيع كل رياضي على اتخاذ ذات الموقف الشريف.
كيف ترى حالة الهرولة غير المنطقية في المنطقة العربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني؟
حالة الهرولة نحو الكيان الصهيوني مخيفة، تعكس حجم الضعف والذل والجهل الذي يعيشه المهرولون، فلا يخطب ود جلاّده ولا يركض للهاوية؛ إلا من بلغ فيه الضعف والذل والجهل مبلغه!
والمخيف بالأمر أنه لا يهرول للتطبيع ويركض للهاوية بمفرده، بل يقود شعبه ووطنه معه، أمام عصابة إجرامية عنصرية تحتقر "الأغيار" ولا تلقي لحرماتهم ومصالحهم اعتبارا.
وهذا "الاستسلام" ستكون له تداعيات سلبية كبيرة على الأمن والاقتصاد والحريات في الخليج والوطن العربي.
ما حقيقة ما يثار من آن لآخر بشأن وجود رجال أعمال يتبنون الدعوة للتطبيع في الكويت؟
التاجر الكويتي كبقية مكونات المجتمع مناهض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وللإخوة الفضلاء في غرفة تجارة وصناعة الكويت مواقف قومية معروفة ضد الصهاينة ومع المقاومة الفلسطينية.
وقمت أخيرا بتوجيه أسئلة برلمانية لجميع الوزراء للوقوف على مدى استعدادهم لتحديات المرحلة الجديدة المتمثلة في تطبيع دولة خليجية شقيقة بكل أسف مع الصهاينة.
والإجابات التي تلقيتها مطمئنة، كما تلقيت إجابة من محافظ بنك الكويت المركزي، يؤكد فيها متابعته الحثيثة والدقيقة عن كثب لحالة شركة صرافة كويتية، يدرس فرعها الخليجي الدخول بشراكة مع رؤوس أموال صهيونية.
العلاقات الإقليمية
الكويت قامت بدور الوساطة منذ اندلاع الأزمة الخليجية الأخيرة بين الأشقاء، كما سعت لإنهاء الأزمة اللبنانية الخليجية.. ما رؤيتكم لهذا الدور؟
تتبنى الكويت دائما خط السلام والمصالحة والوجود في مكان وسط بين النزاعات خاصة المسلحة والدبلوماسية بين الدول والأنظمة المختلفة.
وهذا الدور قديم سواء الوساطة العراقية- الإيرانية، أو الوساطة اليمنية– اليمنية، أو المصالحة اللبنانية ما قبل الغزو العراقي وبعده، وأيضا امتدت إلى المصالحة أو الوساطة الخليجية - العربية مع قطر الشقيقة.
وهو ما أهلَّ الكويت لكي تحمل لقب كويت الصداقة والسلام، فهو دائما خط الكويت نظاما وشعبا.
وبجانب العمل الحيادي والمصالحات؛ فإن العمل الخيري الكويتي يمثل أيضا ذراع للصداقة والسلام مع مختلف دول العالم.
فالعمل الخيري الكويتي الرسمي والشعبي يصل لشعوب العالم أجمع تقريبا، سواء عن طريق اللجان الخيرية أو المساعدات الرسمية التي تحمل اسم "الكويت بجانبكم".
ما مستقبل العلاقات الكويتية العربية بشكل عام؟
الواقع العربي مزر للأسف والخلافات مستمرة بين الدول العربية، وما إن تهدأ فتنة عربية- عربية حتى تشتعل أخرى.
نأمل أن يعم الصلاح والسلام بين دول المغرب العربي، ونأمل أن نرى حلا سريعا للأدوار السيئة للعصابات الحوثية في اليمن، ونأمل لليبيا ولبنان الخروج من الأوضاع الحزبية والمليشياتية المؤسفة فيهما.
فهذه الوقائع والحقائق العربية ماثلة وتمثل تحديات كبيرة، وللأسف الكثير من الحكومات ليست على حجم هذه التحديات، ما لا يجعلنا نتفاءل بحلول عربية قريبة وناجحة لمثل هذه الأزمات.
وأنا فخور لأن الكويت دورها دائما إيجابي في أي خلافات، لكن المسألة تحتاج لأكثر من مجرد دور كويتي، وبالتحديد لنوايا صادقة تسعى نحو التعاون والتكامل بشكل أكبر، والتحرر من التبعيات الأجنبية والخارجية وتعزيز السيادات الوطنية.
فضلا عن انتشار الديمقراطية أكثر وأكثر في هذه المنطقة حتى تحظى بالازدهار والاستقرار الذي تتطلع إليه، أملا في واقع عربي أفضل وأجمل بإذن الله.
ما رؤيتكم لمستقبل العلاقات الكويتية- التركية الاقتصادية والعسكرية؟
تحظى الكويت بعلاقات مميزة جدا مع تركيا، وهذه العلاقات قديمة واطلعت على مخطوطات وتقارير عثمانية تتحدث عن الكويت يعود تاريخها إلى عام 1710.
وهناك شواهد كثيرة عن العلاقات المتميزة مع الكويت سواء مع الدولة العثمانية أو الجمهورية التركية الصديقة.
وهذه العلاقات في العهد الحاضر مع حكومات ورئاسات العدالة والتنمية ازدادت ترسخا وقوة من خلال المواقف المشتركة في عديد من الأزمات مثل القضية الخليجية، والقضية الليبية، وهو ما يزيد العلاقات رسوخا على المستوى الرسمي.
وتركيا تمثل وجهة سياحية للاصطياف أو للسكن في الإجازات للعديد من الكويتيين، الذين تحيطهم الحكومة والشعب التركي الصديق رعاية وعناية جيدة.
ونأمل لتركيا دوام الازدهار ونأمل لهذه العلاقات دوام الاستقرار، وتشرفت بلقاء السفيرة التركية في الكويت، وهي عنصر أساسي في تنمية العلاقات الكويتية- التركية بشكل خاص والتركية- العربية بشكل عام.
كما نتباحث باستمرار مع السفيرة التركية حول سبل تدعيم هذه العلاقات ونأمل أن ننجح في نقلها من الجانب الرسمي والتجاري والسياحي إلى الجانب الصحي والتعليمي والدفاعي بإذن الله في مقتبل العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين.
وهنا لا يفوتني أن أنوه بالتجربة التركية الرسمية والشعبية الخيرية والإغاثية، المميزة في إعمار وبناء الدول المنكوبة، والمساهمة في قيام الدول المسلمة بدورها وواجباتها تجاه مواطنيها كما يحدث في الساحات الليبية، والصومالية، والأفغانية.
تحديات الداخل
ما انعكاس جائحة كورونا على الوضع الاقتصادي في الكويت؟
لا شك أن الكويت ككل دول العالم تضررت اقتصاديا وماليا من جائحة كورونا، وخفف تأثيراتها على الكويتيين كون الشريحة الأكبر بسوق العمل لدينا من المواطنين العاملين بالقطاع الحكومي وقطاع المتقاعدين المؤمن عليهم حكوميا.
بينما الشريحة الأقل تمثل العاملين بالقطاع الخاص والأعمال الحرة، وهم تضرروا كثيرا بلا شك.
وعليه فقد تقدمت للبرلمان باقتراح قانون بأن تقوم الدولة بتعويض الإيجارات ورواتب العمال عن أيام وأسابيع وشهور الإيقاف الإجباري سواء في جائحة كورونا أو أي جائحة أخرى.
وآمل أن أنجح في إقرار هذا القانون كي نعوض هذه الشريحة التي تضررت بجزء من الخسائر التي لحقت بهم.
وآمل أن يكون في ارتفاع أسعار النفط الحالية رخاء تستفيد منه دولة الكويت، وأتمنى أن يخرج العالم مجتمعا بشكل أقوى وأصح وأكثر عدالة من جائحة كورونا.
ما أسباب التغيير الوزاري الأخير وما رؤيتكم له؟
لدينا في الكويت حاليا حالة من عدم الاستقرار سببها الرئيسي عدم احترام الحكومات المتعاقبة لقرارات الناخبين والأغلبيات البرلمانية، وهذه الأزمات متكررة منذ 2012.
هناك أغلبية نيابية تتبنى القوانين الإصلاحية التي تتيح المزيد من الحريات العامة؛ لكن للأسف التشكيلات الحكومية تأتي تبعا على خلاف هذه الأغلبية وغير منسجمة معها، ما يؤدي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار.
إضافة إلى استمرار التجاذبات السياسية والمناكفات بين الحكومة والبرلمان، وما الاستقالة الأخيرة لوزيري الدفاع والداخلية إلا ذات السلسلة من عدم التوافق الحكومي النيابي.
وأتطلع وأسعى مع إخواني في الكتلة البرلمانية للحركة الدستورية الإسلامية إلى أن نكون عنصر توازن واستقرار بحيث ندفع إلى التعاون بين الجانبين، الذي لا يجب أن يكون على حساب الدستور أو الشعب؛ بل لصالحهما معا.
ما طبيعة وجود صوت عنصري ضد الوافدين الأجانب بشكل عام في الكويت؟
الكويت هي بلاد العرب، وهذا الشعار حملته الكويت سنوات طويلة على أوراقها الرسمية، لكن بدأ يخبو أخيرا وخاصة منذ 1990 مع الغزو والاحتلال العراقي، الذي شكل صدمة كبيرة للحكومة والشعب على حد سواء.
من ناحية احتلال جار عربي لبلدنا العربي الذي كان داعما للعراق خصوصا وللبلاد العربية عموما.
وهذه الصدمة أحدثت أجواء أكثر انغلاقا وأبعد عن روح الانفتاح التي كنا نشهدها لدى الشعب الكويتي قبل الغزو.
وقد فاقم الأمر ما حدث من الحكومة من سوء توظيف للعمالة الوافدة حيث لدينا مشكلة كبيرة في تكويت مرفق القضاء الذي تصر الحكومات المتعاقبة على عدم إعطائه الأولوية بينما هو يمثل أولوية لدي ولدى قطاع كبير من المواطنين.
فالقضاء مظهر من مظاهر سيادة الدول التي نأمل أن نراها متحققة على أرض الواقع.
ولكن كما هو الحال نرى وجود أساتذة أفاضل من جنسية عربية معينة، ويمثلون أغلبيات وأرقام كبيرة في مختلف محاكم الدولة واستشاراتها القانونية.
نعم هناك حاجة لإصلاح سوق العمل، ولتوظيف الكويتيين وعدم توظيف أجانب في أية وظيفة هناك شخص كويتي مؤهل لها، لكن في المقابل هناك حاجة للعمالة الوافدة في كثير من قطاعات الخدمات والمقاولات التي لا يشتغل فيها المواطنون.
وللأسف الحكومة تتفرج على هذه المطالبات دون إجراءات حقيقية ما يتسبب في ظهور بعض الشعارات الجارحة والخارجة التي لا أؤيدها.
وأطمئن الجميع أن الشارع الكويتي واعي ومهذب بوطنيته وإسلامه، لذلك يُقوّم نفسه بنفسه باستمرار نحو أطروحات واقعية وعقلانية تدعو لأولوية العنصر الوطني مع احترام الزائر والوافد الأجنبي حتى تكون الكويت كما هي دائما بلد منفتح ومُرحب بإخواننا العرب والمسلمين.