أديب سلامة.. لواء سوري معاقب دوليا اشتهر بإعدام المدنيين بطرق بشعة
تواصل وزارة الخزانة الأميركية تحديث قوائم العقوبات ضد الشخصيات التابعة للنظام السوري التي ارتكبت جرائم بحق الشعب ومنهم اللواء أديب نمر سلامة.
وورد اسم سلامة ضمن قائمة عقوبات جديدة فرضتها واشنطن في 7 ديسمبر/كانون الأول 2021 على عدد من الضباط التابعين لقوات النظام السوري.
بموجب العقوبات يحظر جميع ممتلكات ومصالح الضباط في الولايات المتحدة، إلى جانب كيانات مملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر لهم، بنسبة 50 بالمئة أو أكثر.
كما يحظر على المواطنين الأميركيين التعامل معهم أو تقديم أي خدمات لهم أو تلقي أي مساهمة منهم.
اسم مرعب
وهذه الأسماء لا تزال محفورة في ذاكرة الشعب السوري كلما ذكر جلادو رئيس النظام بشار الأسد الذين نكلوا بالمدنيين قتلا وتعذيبا وتشريدا وعلى رأسهم سلامة.
يشكل اسم اللواء سلامة كابوسا للسوريين، وعنوانا للإجرام والأساليب المرعبة التي اتبعها في قتل المدنيين الثائرين ضد الأسد، ولا سيما وقوفه وراء مجزرة "نهر قويق" بصفته رئيس فرع المخابرات الجوية بمدينة حلب.
تلك المجزرة الدموية جرت في 28 يناير/كانون الثاني 2013 وراح ضحيتها 128 مدنيا، إذ استفاق أهالي مدينة حلب صبيحة ذاك اليوم على عشرات الجثث مرمية في النهر، وهي مكبلة الأيدي، وبينها جثث بدأت بالتحلل، جرت تصفيتهم بنفس الطريقة عبر رصاصة في العين اليسرى.
ولد أديب نمر سلامة في بلدة ظهر المغر بريف حماة وسط سوريا عام 1953، لأسرة من الطائفة العلوية، وتخرج في الكلية الحربية باختصاص دفاع جوي، وتدرج في المناصب والرتب العسكرية حتى أصبح عميدا.
وكان سلامة على وشك التسريح من الخدمة العسكرية نهاية عام 2010؛ لكن اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 أدى لتمديد مهامه إلى جانب عدد من الضباط بأوامر مباشرة من الأسد.
وفي عام 2016 أطاح الأسد باللواء سلامة بعد تنامي نفوذه في عاصمة الاقتصاد السوري، كونه أصبح يلقب بـ "رئيس حلب".
إذ وجه اللواء أديب سلامة علاقاته الأمنية في ابتلاع اقتصاد مدينة حلب عبر توطيد علاقاته مع كبار تجار المدينة والصناعيين.
وأصبح عرابا لتمرير صفقات لهم وتسهيل معاملات لدرجة أنه دخل شريكا في بعض معامل المدينة ليحصد بذلك لقب "رئيس حلب" ضمن الوسط الشعبي.
وهذا يبدو أنه لم يرق لبشار الأسد ليوعز بنقل سلامة حينها ليشغل منصب نائب مدير إدارة المخابرات الجوية في دمشق، والذي اعتبر بداية التجميد لنفوذه الكبير، قبل أن يجرى إحالته إلى التقاعد عام 2020.
ومنذ عام 2012 أدرج اسم أديب سلامة في قوائم العقوبات الأوروبية والكندية، حيث كان يشرف بصورة مباشرة على عمليات القتل والاعتقال التعسفي والتعذيب في فرع المخابرات الجوية بحلب وإدلب ضد السوريين.
ووفقا لموقع "مع العدالة"، فإن سلامة في فترة رئاسته لفرع المخابرات الجوية في المنطقة الشمالية بحلب، أشرف على عمليات القتل والاعتقال العشوائي والتعذيب الممنهج التي كانت ترتكب بصورة يومية في فرع المخابرات الجوية.
إضافة إلى تنفيذه عمليات تفجير مفبركة لإظهار النظام السوري بمظهر "الضحية" التي تواجه الإرهاب، حيث كانت العناصر التابعة للعميد سلامة تلقي جثث المعتقلين على الطريق القريب من الفرع.
مجرم حرب
وبحسب الموقع المذكور فإن سلامة مسؤول عن مجزرة حي صلاح الدين بحلب المرتكبة في 22 يونيو/حزيران 2012 والتي أطلق فيها عناصر الأمن النار على المتظاهرين، بأمر مباشر منه.
كما أنه مسؤول عن مجزرة حي الشعار بحلب في 20 يوليو/تموز 2012، والتي أطلقت فيها قوى الأمن التابعة لسلامة النار على المصلين في جامع نور الشهداء ما أدى إلى مقتل نحو 26 مدنيا.
وأيضا يقف سلامة خلف مجزرة حي الخالدية بحلب المؤرخة في 5 أغسطس/آب 2012 حينما أمر بشكل مباشر عناصره بإعدام عدد من المدنيين ميدانيا عبر رميهم بالرصاص.
وكذلك مجزرة حي العامرية بحلب في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2012، حينما اقتحمت قوى الأمن حي العامرية واختطفت عددا من المدنيين، وأعدمتهم ثم ألقت جثثهم في أقبية أحد مباني الحي.
كما يعتبر اللواء أديب سلامة مسؤولا بشكل مباشر عن إعدام 70 مدنيا بينهم أطفال ومسنون في قرية الملكية بحلب في 27 فبراير/شباط 2013، وكذلك إعدام 22 شابا رميا بالرصاص في قرية عزيزة ثم التمثيل بجثثهم، وفق مصادر محلية.
وورد اسم أديب سلامة ضمن قائمة 13 شخصية سمتهم واشنطن كمسؤولين عن جرائم قتل للمدنيين حددتها آنذاك المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة سامانثا باو في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
كما جاء اسم سلامة كذلك ضمن "القائمة السوداء" التي ارتكبت جرائم بحق السوريين وأعدها رئيس الوزراء المنشق عن النظام رياض حجاب، عام 2019 بالتعاون مع محامين وضباط منشقين.
وتقدم الائتلاف السوري المعارض حينئذ بطلب لرفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأرسل إليها ملفا يتضمن لائحة بجرائم ضباط وأزلام النظام، بينهم اللواء أديب سلامة الذي ورد اسمه بتسلسل القائمة في الرقم 13.
"مرتزقة سلامة"
في عام 2017 اتهمت شخصيات سورية معارضة اللواء سلامة بالوقوف وراء شبكة متخصصة في الاستيلاء على البيوت والأراضي والسيارات التابعة للسوريين، عبر سجن صاحب الملك بادعاء أنه يمول الإرهاب أو عن طريق تزوير الوكالات.
ووفقا لرئيس المكتب التنفيذي في "الهيئة الوطنية للقانونيين السوريين"، القاضي حسين حمادة، فإن أديب سلامة، عمد قبل اندلاع الثورة ببضعة أشهر، إلى إطلاق سراح بعض أرباب السوابق بالإجرام ومتعاطي المخدرات من السجن.
وأضاف حمادة في منشور على صفحته بفيسبوك 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن هؤلاء راحوا يظهرون في الشوارع بطريقة مستفزة وكأنهم يريدون توجيه رسالة إلى عامة الشعب على أنهم مقربون من السلطة وأصحاب شأن في التأثير على أصحاب القرار.
وأشار إلى أنهم التفوا لاحقا حول شخص جرى تكليفه من "سلامة" لإدارتهم وإطلاق يدهم لسلب أموال الناس.
وعقب اندلاع الثورة زج اللواء السابق بهؤلاء لاختراق صفوف المعارضة السورية، وجمع المعلومات عنهم، حتى وصفوا بـ "مرتزقة سلامة" ولا سيما بعد إلقاء القبض على عددهم منهم من قبل المعارضة واعترافهم بالمهام التي كلفوا بها.
عمد اللواء سلامة عام 2011 عقب اندلاع الثورة إلى تسليح أهالي قريته "ظهر المغر" وأوكل المهمة لشقيقه "مصيب"، وذلك نظرا لوجود حراك شعبي سلمي في القرى المجاورة،.
إذ اعتمد سلامة على الزج بهؤلاء لقمع المظاهرات واعتقال الناشطين والتضييق على معارضي الأسد لإجبارهم على ترك قراهم.
يؤكد موقع "بلدي نيوز" السوري المعارض بتقرير له في 22 فبراير/شباط 2019 أن "مصيب سلامة اشتهر بشغفه بشراء الحيوانات المفترسة كالضباع والأسود والنمور، التي كان يطلقها على المعتقلين ويطعمها من لحومهم بعد مقتلهم".
وكان النظام السوري أول من شكل فصيلا فلسطينيا تحت اسم "لواء القدس" كمليشيا تقاتل إلى جانبه مطلع عام 2013، وذلك عبر تجنيد فلسطينيي المخيمات بحلب وإغرائهم بالمال، بتسهيل وتنسيق بين "أديب سلامة"، وشخص يدعى محمد سعيد وهو يقود اللواء حاليا.