تأرجح الأحزاب السياسية.. أبرز سيناريوهات الانتخابات في ألمانيا

3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في ألمانيا والمقرر إجراؤها في 26 سبتمبر/أيلول 2021 تزداد تقلبات استطلاعات الرأي لتبرز المنافسة الكبيرة بين الأحزاب الألمانية والمرشحين لخلافة أنجيلا ميركل في منصب المستشارية. 

وعلى خلاف العادة حيث كانت تجري المنافسة بين مرشحين اثنين يتنافس هذا العام ثلاثة مرشحين على منصب المستشارية.

وهم أرمين لاشيت مرشح حزب الاتحاد المسيحي المحافظ (حزب ميركل) ورئيس الحزب الحالي، وأولاف شولتس مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يشغل منصب وزير المالية الحالي، إضافة إلى مرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك.

وتعتبر هذه المرة الأولى منذ عام 2005 التي يتنافس فيها مرشحون على منصب المستشارية ليس بينهم المستشار المنتهية ولايته، بعد أن قررت ميركل التقاعد وعدم خوض الانتخابات بعد 16 عاما قضتها في المنصب. 

فرص الأحزاب

تنص القوانين الألمانية على انتخاب البرلمان المعروف باسم "البوندستاغ" من عامة الشعب ليصوت بعد ذلك على منصب المستشار أو المستشارة الجديدة للبلاد.

وبعدها، يعمل الفائز بمنصب المستشار على تشكيل حكومة غالبا ما تكون ائتلافية بسبب عدم حصول أي من الأحزاب المتنافسة على الأغلبية المطلقة في البرلمان. 

ووفق استطلاع للرأي جرى في 30 أغسطس/آب 2021 فإن المنافسة الجارية بين الأحزاب على مقاعد البوندستاغ بدأت تتسع لصالح الحزب الاشتراكي الديمقراطي على حساب الحزب المسيحي الديمقراطي (حزب ميركل). 

وتوضح نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد إينزا لصالح صحيفة بيلد ارتفاع أسهم الحزب الاشتراكي بمقدار نقطتين إلى 25 بالمئة مقارنة بالاستطلاع السابق الذي جرى قبله بأسبوع، مقابل تراجع حزب ميركل بمقدار ثلاث نقاط بعد أن حصل على 20 بالمئة، بعد أن كان الحزبان متساويان في الاستطلاع السابق. 

وحل في المرتبة الثالثة حزب الخضر بحصوله على 16.5، ثم الحزب الديمقراطي الحر "الليبرالي" بحصوله على 13.5، ثم البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي الذي حصل على 11 بالمئة، ثم اليسار بـ 7 بالمئة. 

تشير هذه الأرقام إلى وجوب قيام تحالفات داخل البرلمان من أجل تشكيل حكومة ائتلافية، ويشير استطلاع الرأي إلى واحد من خمس احتمالات. 

ويوضح تقرير لموقع دويتشه فيله الألماني في 30 أغسطس/آب 2021 أن أربعة من هذه الاحتمالات تحت قيادة الحزب الاشتراكي، بينها ائتلاف يضم الحزب الاشتراكي مع المسيحي الديمقراطي والخضر، وآخر يضم الحزب الاشتراكي والمسيحي والديمقراطي الحر الليبرالي.

أما ثالث هذه التحالفات فيستبعد حزب ميركل ليضم الاشتراكي والخضر والليبرالي.

فيما يضم الاحتمال الرابع تحالف حزب ميركل مع الخضر والحر الليبرالي، ويضم التحالف الأخير الاشتراكي الخضر واليسار. 

واعتبر الصحفي الألماني مات كارنيتشينج أنه في حال تم تأكيد النتائج الواردة في استطلاعات الرأي في صناديق الاقتراع فستؤدي هذه النتيجة إلى تعقيد حسابات الائتلاف الحاكم.

وأشار في تقرير له بصحيفة بوليتيكو الأميركية في 24 أغسطس/آب 2021 إلى أنه في حال فشل الديمقراطيون المسيحيون في الفوز بتفويض واضح بانتصار مقنع، فإن حزب الخضر الذي من المرجح أن يلعب دور صانع الملوك سيواجه ضغوطا من قاعدته لبناء تحالف مع أبناء عمومتهم الأيديولوجيين الاشتراكيين الديمقراطيين واليسار. 

ويرى كارنيتشينج أن كلا من الائتلافات المحتملة تطرح تحدياتها الخاصة مما يشير إلى أن الجهد المطلوب لبناء تحالف سيكون شأنا طويل الأمد وربما يستمر إلى ما بعد يوم الانتخابات في 26 سبتمبر/ أيلول 2021. 

أما كبير المحررين في موقع بلومبيرغ الأميركي الصحفي الأسكتلندي آلان كروفورد فاعتبر أن ما ربحه حزب الخضر في تصورات الكفاءة السياسية قد يكون فقده من خلال أخطاء مرشحته أنالينا بربوك، خاصة بعد اتهامها بتجميل سيرتها الذاتية وعدم تقديم نصوص تم نسخها على أنها اقتباسات لأقسام من كتابها. 

وأضاف في مقالته 19 أغسطس/آب 2021: "تبخرت نتائج الاستطلاع القوية في أبريل/نيسان ومايو/أيار، ويتبع حزب الخضر الآن الكتلة التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة أرمين لاشيت ويتنافسون مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي على المركز الثاني.

وقال: إن ألمانيا تواجه احتمالية غير مسبوقة لسباق ثلاثي، حيث تستمر الكتلة الحاكمة في الانهيار تحت قيادة لاشيت بينما يحتشد الحزب الاشتراكي الديمقراطي تحت قيادة أولاف شولتس، وزير المالية ونائب المستشار الذي يراه الناخبون على رأسه يدا أكثر أمانا. 

ولاشيت هو مرشح مرح وإن كان عرضة للخطأ ويرأس منطقة شمال الراين ويستفاليا الأكثر اكتظاظا بالسكان في ألمانيا.

ويضيف سقوط أفغانستان في أيدي حركة طالبان طبقة أخرى من عدم القدرة على التنبؤ إذا كان انتقاد الحكومة له صدى وعودة الهجرة كموضوع للحملة.

تقرير آخر لصحيفة "نويه تسوريخه تسايتونغ" السويسرية علق على تقلبات الرأي العام الألماني بأن ألمانيا التي عرفت في السابق انتخابات تشريعية صعبة في توقع نتائجها لم تر من قبل مثل هذا التردد بين الناخبين قبيل موعد التصويت.

وأشار التقرير المنشور في 22 أغسطس/آب 2021 إلى تصاعد شعبية شولتس مقابل هبوط لاشيت، فيما يراوح شريكا التحالفات المحتملة حزبا "الخضر والحزب الديمقراطي الحر" مكانهما. 

وقال التقرير: إن كل هذا لا يعطي صورة واضحة لما يمكن أن تسفر عنه الانتخابات المقبلة، وأنه من الصعب تخيل أن أولاف شولتس سيقود الحكومة المقبلة بتحالف مع حزب اليسار، في الوقت الذي بدأ فيه مرشح المحافظين أرمين لاشيت سباق المستشارية بشعبية متدنية.

خليفة ميركل

أظهرت المناظرة الأولى التي جرت في 29 أغسطس/آب 2021 بين المرشحين الثلاثة ارتفاع أسهم مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي على حساب مرشحة حزب الخضر التي كانت متقدمة في استطلاعات الرأي قبل المناظرة.

 لكن الثابت قبل تلك المناظرة وبعدها هو تراجع مرشح حزب ميركل وابتعاده عن المنافسة ولو قليلا.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أولاف شولتس مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي فاز في المناظرة التلفزيونية. 

ويشير استطلاع للرأي أجرته محطة "آر تي إل" التلفزيونية الألمانية وشمل 2500 مشاهد أن 36 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع يرون أن شولتس تقدم على منافسيه وفاز في المناظرة التلفزيونية.

واعتبر 30 بالمئة أن بيربوك كانت هي الأفضل، بينما أيد أداء لاشيت زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه ميركل خلال المناظرة 25 بالمئة فقط من المشاركين. 

لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق بحسب الكاتب الصحفي كروفورد هو تنحي ميركل وحرمان الألمان من الاستقرار المقيد.

وبين أنه "حتى لو كانت هناك رغبة في التغيير تظل ميركل السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا، وهو إنجاز فريد بعد حوالي 16 عاما على رأس أكبر اقتصاد في أوروبا ودولة مهيمنة، وسيتعين على برلين مواجهة التحديات القادمة بدونها".

ويقول كارنيتشينج: "فيما يبدو، فشل لاشيت حتى الآن في إقناع الجمهور بجدارته لخلافة ميركل التي تخطط للتنحي بعد 16 عاما في المنصب".

ويصور كارنيتشينج اندفاع الحزب الاشتراكي الديمقراطي نحو المقدمة بأنه المفاجأة الأكبر خلال الحملة الانتخابية الجارية خاصة بعد الأداء الضعيف في الانتخابات الأخيرة وصراعه للتغلب على الخلافات الداخلية. 

وأضاف: "يبدو أن شولتس، حامل لواء الحزب الاشتراكي يستفيد من زلات منافسيه الرئيسين أرمين لاشيت وأنالينا بربوك، ومن وضعه كمرشح وحيد يتمتع بسجل طويل وثابت من الخبرة التنفيذية"

 

وقال كارنيتشينج: إن شولتس العمدة السابق لهامبورغ، كان عنصرا أساسيا في السياسة الألمانية لعقود من الزمان ويحظى بثقة واسعة من قبل الناخبين من جميع الأطياف السياسية.

وبين أن العديد من الناخبين يرون أن شولتس المعتدل، هو ثاني أفضل شيء بعد ميركل، التي ساعد مسارها الوسطي في جعلها السياسي الأكثر شعبية في البلاد.

وفي 23 أغسطس/آب 2021 قال شولتس خلال حدث انتخابي في منطقة كارلسروه: "يجب على الاتحادين المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي، أن يأخذوا قسطا من الراحة في المعارضة لقد حكموا هذا البلد لفترة كافية".

وعن تأييد الألمان شولتس يقول كارنيتشينج: إن ذلك يرجع جزئيا إلى تعثر حملة منافسيه، خاصة بعد أن تم الكشف عن ارتكابهما سلسلة من الزلات وواجه أسئلة غير مريحة حول الانتحال المشتبه به في رسائلهم العلمية.

كارنيتشينج يرى أيضا أن أحد أكثر الجوانب غير المتوقعة خلال الحملة الانتخابية الجارية هو الدرجة التي تحركها شخصية المرشح وليس القضايا.

وبرهن على ذلك بعدم حصول حزب الخضر الذي يركز على البيئة وتغير المناخ على دعم كاف خلال استطلاعات الرأي بعد الفيضانات المدمرة الأخيرة في ألمانيا الغربية التي سلطت الضوء على المخاوف بشأن الظواهر الجوية الشديدة، وأنه إذا كان هناك أي شيء، "فقد خسر الخضر أرضهم وسط الأداء الفاتر لمرشحهم".

في المقابل واصل الحزب الاشتراكي صعوده في استطلاعات الرأي رغم إخفاقه في عملية إجلاء الموظفين الألمان والمحليين قبل أسابيع من سقوط العاصمة كابول في أيدي طالبان، حيث ألقي باللوم في هذا الإخفاق على وزارة الخارجية التي يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي. 

وختم كارنيتشينج تقريره بالقول: إن الناخبين الألمان "قد يوجهون تركيزهم إلى التفاصيل الدقيقة للبرامج السياسية للأحزاب والاتجاه الذي يريدون أن تتجه بلادهم إليه في أوروبا أو التحالف عبر الأطلسي أو المعركة ضد تغير المناخ".

ولكن مع نقص الاستقرار السياسي في جميع أنحاء العالم، يبدو أن الأيديولوجية أقل أهمية لكثير من الناخبين من العثور على ما اعتمدت عليه ألمانيا الحذرة على مدار الـ 16 عاما الماضية، وفق قوله.