كورونا يفترسها.. مجلة فرنسية تحذر من اجتياح "السيناريو الهندي" لإفريقيا
رصدت مجلة "جون أفريك" الفرنسية وضع القارة الإفريقية الخطير مع ما يضربها من موجة ثالثة وحشية من فيروس كوفيد-19 (كورونا)، مشيرة إلى أن نسب التطعيم لشعوب القارة ضعيفة جدا رغم الحاجة الملحة للتطعيم.
وأشارت إلى أن "العوائق كثيرة، والكثير من الأفارقة يترددون في الانخراط في حملة التطعيم"، مؤكدة أن "التطعيم ضد كوفيد-19 يمثل تحديا كبيرا في إفريقيا".
وشرحت الوضع المقعد قائلة: "ينتشر متغير دلتا في القارة وتثير الموجة الثالثة من الوباء مخاوف من وصول المزيد من الحالات المفاجئة والأكثر حدة للمرضى المصابين بأمراض خطيرة في المستشفيات".
ولفتت إلى أنه ومع ذلك الوضع الخطير، فإن "الوسائل اللازمة للتعامل مع هذه الموجة غير متوفرة وبعض الهياكل الصحية بلغت ذروتها بالفعل".
"جون أفريك"، أكدت أن الوضع يثير قلقا خاصة في جنوب القارة الإفريقية التي تمر بمنتصف الشتاء الآن، وفي شمال إفريقيا خاصة تونس، وفي أوغندا، لدرجة أن شبح السيناريو "الهندي" يثار أكثر فأكثر.
وضع "غير مقبول"
"حتى الآن، تم الإبلاغ عن نحو 6 ملايين و155 ألف حالة وفاة بالقارة"، تؤكد المجلة، وتبين أنه "لا يمكن الاعتماد على هذه الأرقام بشكل كلي لأن البيانات مجزأة"، في إشارة إلى أن لكل دولة بياناتها الخاصة.
وبشأن إجمالي اللقاحات بمقابل عدد حالات، تلقت 51 دولة في القارة بما في ذلك دول المغرب العربي حوالي 69 مليون و700 ألف جرعة، ويتم الآن تطعيم 18 مليون نسمة عبر الحقنة الثانية.
وأوضحت "جون أفريك"، أنه "ومع ذلك، تم إلى الآن تطعيم أقل من 2 بالمئة من سكان إفريقيا".
وأكدت أن "هذا النقص ملاحظ إلى درجة أن مدير العمليات بالبنك الدولي، أكسل فان تروتسنبر وصف، يوم 14 يوليو/ تموز 2021 ، الوضع بأنه "غير مقبول".
مدير العمليات في منظمة "آليما" غير الحكومية، الدكتور مومني كندة ، استنكر الحملة التي أطلقت حديثا لمساندة 6 بلدان للتوعية بضرورة التطعيم.
ويقول: "الوضع متباين للغاية، في بعض البلدان، هناك نقص في الجرعات، وفي بلدان أخرى، تلقى الناس الجرعة الأولى ولكن لا يمكنهم الحصول على الثانية …".
ويضيف: "علينا تغيير طريقة التطعيم، وإلا فإن الموجة الثالثة التي تضرب جنوب إفريقيا ستصل غرب القارة، وسيكون ذلك فشلا جماعيا".
ويوضح أنه "يجب أن نختار آلية التطعيم النشط، بتوعية السكان والتواصل معهم، لا انتظار قدومهم إلى المراكز".
مخاوف الأفارقة
في هذا السياق المتوتر، يعد التصرف بالتوازي مع انتظار تلقي جرعات اللقاح إنجازا؛ فإن جزءا كبيرا من السكان الأفارقة، يترددون في التطعيم، وفق المجلة التي أشارت إلى أن "عدم الثقة هذا يغذيه بعض القادة الأفارقة".
وأوضحت أنه "بالإضافة إلى الأسئلة المشروعة؛ هناك تحيزات وخطاب مؤامراتي ضد محاولات التسمم المزعومة، أو حتى التعقيم المقنع".
في ديسمبر/ كانون الأول 2020، اعتقد ربع الذين شملهم استطلاع أجراه مركز "الاتحاد الإفريقي لمكافحة الأمراض" (CDC) في 18 دولة إفريقية أن لقاحات فيروس كورونا لم تظهر أي خطر.
ومع ذلك، قال 79 بالمئة منهم: إنهم مستعدون لتقبل حقنة في حال ثبتت سلامتها.
مسؤول تنسيق مشروع سلامة اللقاحات في إفريقيا التابع لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور أمافي إيدام أغبينو، يقول: "يتم تداول الكثير من الأخبار الكاذبة، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي".
ويضيف: "لا يملك المواطنون بالضرورة جميع البيانات لتحليلها ونسعى جاهدين لتزويدهم بالمعلومات".
ويشير لدور الحملات الإعلامية وإنشاء مقاطع فيديو تعليمية ودعم خطابات الدولة كأحد أولويات المنظمة في القارة.
الدكتور مومني كندة، يوضح أن "معارضة اللقاح لها العديد من المصادر: من قبيل تضارب الخطابات، عدم وضوح المعلومات، وسمعة لقاح أسترازينيكا الذي أوقفته بعض الدول الأوروبية مؤقتا ...".
ويضيف: "لذلك نستخدم العلاقات المجتمعية، والأشخاص القادرين على شرح الأشياء للناس، ويجب التحلي بالشفافية بشأن الآثار الجانبية للقاحات، وأن نوثقها ونبلغها بجدية، لطمأنة الناس".
مدير العمليات في منظمة "أليما" غير الحكومية، مومني كندة، يستنكر ما يصفه بـ"الرسائل المتناقضة".
ويقول: "بعض الذين يرسلون جرعات إلى إفريقيا يرفضون دخول مواطني بلادنا، بعد تلقيحهم، إلى أراضيهم"، معتبرا أن "هذا مؤسف جدا ولا يطمئن الناس".
ويضيف "يجب أن ينتهي الشك: لدينا خبرة جيدة جدا في التطعيم الجماعي، فنحن قادرون، على الذهاب إلى القرى، ومن بيت إلى آخر".
ويؤكد أننا "نعرف كيفية القيام بذلك، يجب أن نتوقف عن التفكير بأننا في إفريقيا، لا نقوم بالتطعيم بشكل صحيح".
طبيب الصيدلة والخبير في علم المناعة الدكتور أمافي إدينام أغبينو، يؤكد أن "البلدان الإفريقية لديها دخل محدود بالتأكيد، لكن أنظمتها الصحية غالبا ما تكون محنكة وقادرة على نشر حملات تطعيم واسعة النطاق".
ويضيف أنها "معتادة على تلقيح أكثر من 10 ملايين شخص في الأسبوع ضد الحمى الصفراء والتهاب السحايا وشلل الأطفال".
430 مليون لقاح
وقالت "جون أفريك": إن "آلية كوفاكس، أعلنت عن 31.5 مليون جرعة من لقاح (بي فايزر) ستسلم لإفريقيا بنهاية أغسطس/ آب 2021".
وأكدت أن "الاتحاد الإفريقي أمن 400 مليون جرعة من لقاح (جونسون) الذي يتطلب حقنة واحدة فقط بالربع الثالث من عام 2021".
وفقا للمدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في القارة الدكتور ماتشي ديسو مويتي، يجب أن تكون عمليات تسليم اللقاح أكبر بكثير في شهري يوليو/ تموز، وأغسطس/ آب 2021.
منظمة الصحة العالمية، أكدت أن أميركا بصدد إرسال 25 مليون جرعة، و3.5 مليون أخرى من النرويج والسويد وفرنسا والمملكة المتحدة.
كما التقى البنك الدولي والعديد من القادة الأفارقة يوم 15 يوليو/ تموز 2021، في أبيدجان لمناقشة مساعدات التنمية المتوقعة للسنوات الثلاث المقبلة، ولا سيما لمكافحة الوباء.
وتعلق المجلة الفرنسية: "لكن تخشى المنظمات غير الحكومية أن تنتهي صلاحية جرعات التبرعات بسرعة كبيرة بحيث لا يكون لدى البلدان الوقت الكافي للقيام بحملة التطعيم.
إنتهاء الصلاحية
ومن المفارقات، على الرغم من النقص، إن مجموعات من اللقاحات انتهت صلاحيتها بالكونغو، وفق إعلان وزير الصحة جان جاك مبونغاني في 14 يوليو/ تموز 2021.
وأكدت "جون أفريك"، أن هذه ليست الحالة الوحيدة، موضحة أن الدول الأخرى تفشل في تصريف اللقاحات في الوقت المحدد، ودمرت ملاوي في مايو/ أيار نحو 20 ألف جرعة منتهية الصلاحية.
في المقابل أعادت الكونغو وجنوب السودان وجنوب إفريقيا اللقاحات إلى أصحابها أحيانا، إما لأن صلاحيتها كانت على وشك الانتهاء أو عن طريق رفضها التصرف في لقاح أسترازينيكا، غير الحاسم ضد المتحور الجنوب إفريقي.
ومع اقتراب موعد نهاية صلاحية جرعاتها، كثفت الكاميرون حملات التطعيم، فيما يقال إن 20 دولة جنوب الصحراء الكبرى تواجه هذا الخطر، مع انتهاء صلاحية بعض الجرعات نهاية الصيف.
مراكز منظمة الصحة العالمية، ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، في إفريقيا تدعم الدول منذ شهور في تنظيم حملات التطعيم الخاصة بها، وجرى تركيز نظام مراقبة منتظمة للمخزونات والمواعيد النهائية لها.
يقول أمافي إدينام أغبينو: "في بعض البلدان، تم تجميد استخدام أنواع معينة من اللقاحات لاستنفاذ الجرعات ذات الأولوية".
ويضيف: "جرى فتح مراكز التطعيم مبكرا عما كان متوقعا لتوجيه حملة التطعيم نحو فئات ليست من ذات الأولوية، لكن معدل استخدام اللقاحات المتلقاة يختلف من منطقة إلى أخرى".
ووفقا لأحدث الأرقام المتاحة لمنظمة الصحة العالمية، قامت المغرب وأنغولا ورواندا باستنفاذ جميع جرعاتها.
تليها نيجيريا وملاوي وكينيا وتونس وغانا وأوغندا وجنوب السودان، الذين تجاوزوا نسبة 90 بالمئة من استعمال الجرعات المتاحة.
في حين بقيت السودان وساحل العاج وغامبيا وإيسواتيني في حدود 80 بالمئة.
واستخدمت 30 دولة، ما بين 30 و80 بالمئة من جرعاتها وهناك سبعة بلدان أخرى متأخرة فعلا.