180 مليون حاوية نقل بالعالم في "المكان الخطأ".. ما أسباب الأزمة؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

دخلت صناعة النقل البحري في أزمة غير مسبوقة بسبب جائحة كورونا، في ظل توقعات باستمرارها حتى نهاية عام 2021.

وتستخدم السفن كوسيلة نقل لكثير من المنتجات، وتأتي الحاويات في طليعة منصات التخزين المستخدمة في النقل.

أسباب الأزمة

وعن هذا الأمر تقول وكالة الأناضول التركية إن عدد الحاويات، التي يمكن أن نعرفها بـ"الصناديق المعدنية الكبيرة التي لا يمكن الاستغناء عنها في الشحن الخارجي"، لا تكفي لتشغيل التجارة العالمية الحالية على النحو المطلوب.

هذا إضافة إلى ارتفاع أسعار حاويات السفن بنسبة 282 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، وفقا لـ"World Container index".

وقال الأستاذ في الجامعة التركية الألمانية حسين خيري نور أوغلو في مقال: "هناك أسباب عديدة لأزمة الحاويات، يؤدي بعضها إلى بعض وتضع قطاع النقل في مأزق".

يتمثل أهم هذه الأسباب في عدم وجود الحاويات في المكان الذي ينبغي عليها أن تكون فيه، أي في آسيا، تأثرا بالخطط التي لم تنجح في ظل ظروف الوباء.

وأوضح: تنتج الصين ـ وهي أكثر الدول تصديرا ـ ودول شرق آسيا الأخرى، العديد من المنتجات التي تحتاجها أوروبا والولايات المتحدة الأميركية أهمها المنسوجات والملابس الخفيفة. 

وبما أن هذه المنتجات ترسل في حاويات سفن، ينبغي لهذه الحاويات التي تذهب إلى أوروبا والولايات المتحدة ممتلئة، وأن تعود إلى آسيا فارغة.

غير أن الحاويات ظلت عالقة في أوروبا والولايات المتحدة بما أن القيود مستمرة جزئيا هناك في الوقت الذي أنهت فيه الصين القيود والحظر أولا وعادت إلى وضعها الطبيعي بعد الوباء. 

ويشير مارك ييغر، مدير ريد وود للخدمات اللوجستية، إلى أن "هناك 180 مليون حاوية في العالم، لكنها في المكان الخطأ".

وشرح ذلك بالقول: تعود واحدة من كل ثلاث حاويات متجهة إلى الصين وهي ممتلئة. فيما تنتظر معظم الحاويات الفارغة في الموانئ الغربية، الانطلاق إلى حيث يحتاجون إليها في الموانئ الشرقية. 

ووفقا لبيانات منصة بيانات التجارة العالمية "FreightWaves SONAR"، زادت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 54 بالمئة مقارنة بالعام 2020. 

وفي المقابل، نمت صادرات أميركا إلى الصين بنسبة 4.4 بالمئة فقط. ووفقا للخبراء، يجب إعادة نقل أكبر عدد من الحاويات الفارغة بأسرع وقت إلى بكين للتغلب على أزمة الحاويات.

 ولسوء الحظ، لا يبدو أنه من الممكن القضاء على عدم التوازن في عدد الحاويات خلال وقت قصير، بحسب ما يراه الكاتب التركي.

مشاكل أخرى

ويؤكد نور أوغلو: ليس هناك نقص في الحاويات فقط كمشكلة في قطاع النقل؛ فمن الصعب العثور على مساحات فارغة على متن السفن أيضا. 

فلم يكن من المتوقع أن تشهد التجارة مثل هذا الارتفاع بعد رفع القيود، حيث لم يتم إجراء أي استثمار إضافي في النقل بما يتجاوز حده الطبيعي. 

لذا، فإن القدرة الحالية ليست كافية لتغطية احتياجات التجارة الدولية التي زادت مؤخرا بشكل مفاجئ.

ويردف: إضافة لذلك، ظل عدد عمال الحدود والموانئ والمستودعات أقل مما كان ينبغي عليه أن يكون بسبب ارتفاع أعداد المصابين بينهم عند بداية الجائحة. 

وهكذا تباطأت عمليات تفريغ السفن وتحميلها بعد فرض القيود الحدودية في نطاق التدابير الوبائية.

واستطرد قائلا: ووفقا للمعلومات التي قدمها الرئيس التنفيذي لشركة "Flexport Ryan Peterson"، فإن 5.5 بالمئة من أسطول الحاويات في العالم تنتظر تفريغها في أي ميناء كان. 

كما أدى نقص الحاويات والسفن والموظفين إلى زيادة أسعار النقل الخارجية. فمثلا، كانت رسوم الحاوية القياسية التي يبلغ طولها 12 مترا حوالي 1000-2000 دولار قبل الوباء، لكنها الآن تزيد عن 8000 دولار.

وجدير بالذكر هنا أن التخلص من الحاويات القديمة وإلغاء معظم طلبات الحاويات كانتا من مسببات الأزمة أيضا. 

فعند توقف الحركة في عام 2020، انخفضت الطاقة الإنتاجية للحاويات إلى ما دون المعتاد بسبب القيود المفروضة خلال الوباء، لتنخفض عدد الحاويات الموجودة إلى أقل من متوسط ​​الحاجة، يلفت الكاتب.

ويتابع: ما زاد الطين بلة، انخفاض إمدادات الصلب والخشب اللازمين لإنتاج الحاويات تأثرا بانخفاض قدرات الإنتاج والنقل. 

إلى جانب كل هذا، يقال بأن الصين ـ أكبر مصنعة للحاويات في العالم ـ وغيرها من الشركات المصنعة للحاويات، تعطي الأولوية للمصدرين الآسيويين، الأمر الذي يضع المصدرين الغربيين في موقف صعب. 

وينوه قائلا: العديد من القطاعات تتأثر سلبا بهذا النقص. فمثلا، تواجه شركات إعادة التدوير في الولايات المتحدة صعوبة في تصدير المواد في مخازنها لأنها لا تستطيع العثور على حاويات. فيما ارتفعت أسعار إيجار الحاويات بنسبة 50 بالمئة في الأشهر الستة الماضية. 

وأخيرا كان لانخفاض عدد رحلات الطيران التي كانت تستخدم لنقل البضائع في نفس الوقت بعد القيود والحظر، تأثير على أزمة الحاويات أيضا. 

فقبل الوباء، كان من الممكن استخدام طائرات الركاب لنقل بعض المنتجات مما خف حمله وغلا ثمنه. لكن ومع الإغلاق والقيود، انخفضت قدرة نقل طائرات الركاب بشكل كبير بسبب توقف الرحلات أو قلتها، بحسب الكاتب.

دور الوباء

ويرى نور أوغلو أن الوباء لم يكتف بتغيير العديد من عاداتنا فقط، بل سرع عملية التغيير أيضا. فخلال الفترة الماضية ازداد التسوق عبر الإنترنت أكثر من أي وقت مضى.

ومن المعروف أن الذين بدؤوا في العمل عن بعد، يطلبون العديد من الأثاث والمعدات المكتبية ومنتجات الوقاية الطبية لتحويل منازلهم إلى مكاتب، خاصة في أوروبا.

ويقول: وبالطبع كانت الشركات الدولية التي تبيع عبر الإنترنت هي المستفيد الأول من هذا. غير أن الزيادة غير المتوقعة في التجارة الإلكترونية أدت إلى زيادة الضغط على قطاع النقل الذي يعاني بالفعل من نقص في القدرات وقلة حجم المنقول. 

وهكذا لم تتمكن مواقع التجارة الإلكترونية من الوفاء بالتزاماتها في التسليم وكان التأخير أمرا حتميا لا مفر منه.

واستدرك: كان هناك الكثير من الحديث مؤخرا عن نقص الرقائق الإلكترونية الذي تسبب في توقف المصانع عن الإنتاج، وخاصة في قطاع السيارات. 

بيد أن الإنتاج تعطل كاملا بسبب تأخيرات النقل، ونفاد مخزون العديد من الشركات الغربية من القطع الرئيسة الأخرى. ويوصي الخبراء بتقديم طلبات الشراء قبل الموعد المحدد لذلك، لتجنب ذلك.

وبدأت بعض الشركات تفريغ الحاويات من السفينة بشكل أسرع، وتقصير فترات الاحتجاز، للقضاء على انسداد النقل الخارجي. 

لكن لا يمكن لمثل هذه الممارسات أن تكون ذات فائدة كبيرة في التغلب على الأزمة بالعديد من الموانئ، التي شهدت أعلى مستوياتها من الطاقة الاستيعابية في الفترة الماضية، بحسب الكاتب.

ويتابع: وفقا للمعلومات التي صرحت بها جهات الإعلام الرسمية الصينية، طلبت وحدة صناعة الحاويات الصينية (CCIA) من المصنعين زيادة إنتاجهم بشكل كبير، ليرفع المنتجون ساعات عملهم اليومي إلى 11 ساعة. 

لكن هذه الإجراءات لن تحل أزمة الحاويات على المدى القصير. لذا يتوقع أن يستمر ارتفاع تكاليف النقل حتى نهاية العام.

وختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن هذا العام سيكون صعبا؛ خاصة وأن الاضطرابات في سلسلة التوريد وتعطل النقل ستؤثر سلبا على التجارة الدولية، وبالتالي على الاقتصاد العالمي.