آخرهم الإماراتية آلاء الصديق.. لندن عاصمة "الموت الغامض" للمعارضين العرب

12

طباعة

مشاركة

ترقب شعبي عربي وحقوقي دولي، لنتائج التحقيق في مصرع الناشطة والمعارضة الإماراتية آلاء الصديق، إثر حادث سير "مريب" في 20 يونيو/حزيران 2021، بأحد شوارع العاصمة البريطانية لندن.

ويرى كثيرون أن الحادث "مدبر"، وشككوا في كونه "عفويا"، خصوصا أن "الصديق" ناشطة حقوقية معارضة لنظام الحكم في الإمارات، جراء الانتهاكات التي يمارسها بحق مواطنين، بينهم والدها محمد الصديق العبيدلي.

وكانت الصديق تقيم في لندن، بعد حصولها على اللجوء السياسي إثر مغادرتها الإمارات عقب اعتقال النظام والدها عام 2012 ضمن ما يعرف بقضية "جمعية الإصلاح"، وترأست منظمة "القسط" الحقوقية للدفاع عن معتقلي الرأي وضحايا الانتهاكات بالإمارات.

وبمصرعها في لندن، يخشى كثيرون أن تنضم "الصديق" إلى قائمة الضحايا الذين تم "تمييع" قضاياهم أو قيدت ضد مجهول، أو إخراجها كحادثة وفاة "غير مدبرة" من قبل السلطات والأجهزة الاستخباراتية في بريطانيا.

واشتهرت لندن بكونها عاصمة للاغتيالات السياسية، إذ جرى تصفية عدد من المعارضين والناشطين، فيما بقيت حوادث اغتيالهم "لغزا"، ولم تكشف عن تفاصيلها "الحقيقية" السلطات.

ووصف المفكر الموريتاني محمد المختار الشنقيطي الحادثة بكونها تشبه "العمل الإجرامي"، وأوضح في تغريدة له: "توفيت مديرة مؤسسة القسط الحقوقية آلاء الصديق بعد صدمها بسيارة في بريطانيا فيما يشبه العمل الإجرامي".

وأضاف الشنقيطي: "قد قضت العقد الأخير من عمرها مدافعة عن تحرير والدها السجين في أبوظبي مع خيرة أبناء الإمارات، وعرفتها في الدوحة ملتزمة كريمة السجايا".

عاصمة الاغتيالات

عرفت لندن بكونها عاصمة الاغتيالات السياسية في العالم، وشهدت العقود الماضية عددا من حالات الاغتيال لمعارضين سياسيين، أبرزهم، رسام الكاريكاتير الفلسطيني، ناجي العلي، المشهور بـ"حنظلة"، حيث تعرض لهجوم بإطلاق النار نحوه في 22 يوليو/تموز 1987 غرب لندن، فقد على إثرها الحياة.

ووجه العلي برسوماته نقدا لاذعا للواقع الفلسطيني والأنظمة العربية في تلك الفترة، الأمر الذي عرضه للخطر، وتلقى على إثرها عددا من رسائل التهديد بالقتل قبل أن يتم اغتياله، و"يتم تمييع قضيته حتى اللحظة".

ووجهت أصابع الاتهام إلى جهاز "الموساد"، بسبب نشاط "العلي" المعارض للاحتلال الإسرائيلي، في حين اتهم آخرون أنظمة عربية بالوقوف وراء مقتله.

وقبل ذلك بسنوات، وتحديدا في 4 يناير/كانون الثاني 1978، اغتيل أول ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية بلندن، سعيد حمامي، في مكتبه برصاصات أطلقها عليه شخص لاذ بعدها بالفرار.

وقد نشط حمامي في لندن بمقالاته الصحفية ومقابلاته الإعلامية والسياسية، واشتهر بخطاباته العامة في مختلف المنابر، بما فيها حديقة "هايد بارك" الشهيرة.

وكان لخطابات حمامي الجريئة، أثر كبير في تدويل القضية الفلسطينية ووضعها في أجندة الفعاليات العالمية، بشكل أربك الخطط الدبلوماسية وآلة الدعاية الإسرائيلية التي صورت العرب والفلسطينيين على أنهم دعاة حرب ويرفضون السلام، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأشارت أصابع الاتهام حينها لـ"الموساد"، بالنظر إلى طريقة تنفيذ العملية والجهة المستفيدة أساسا من هذه الجريمة، حسب "وفا".

​إلقاء من الشرفة

طريقة الاغتيال لم تقتصر على إطلاق الرصاص الحي على الضحايا، بل تنوعت في بعض حالاتها، ومن بين تلك الطرق، الإلقاء من الشرفة وإخراج الحادثة كـ"حالة انتحار"، وهو الأمر الذي شاع في لندن، وحصل لعدد من المعارضين والسياسيين البارزين، بينهم السياسي ورجل الأعمال المصري أشرف مروان، زوج منى جمال عبد الناصر ابنة الرئيس الأسبق.

وفي 27 يونيو/حزيران 2007، ألقى مجهولون بمروان من شرفة منزله في لندن، وأدلى شاهد عيان بأن الحادثة لم تكن انتحارا، بل رأى مروان يطير من الشرفة بشكل أفقي لمدة ثانيتين، قبل أن يسقط للأرض وتحجب الرؤية عنه أشجار مرتفعة، في إشارة إلى أنه تم دفعه بقوة من شرفة المنزل ولم يرم بنفسه كما لو كان حادث انتحار.

بالإضافة إلى ذلك، أدلت منى جمال إفادة قالت فيها إن زوجها "تم اغتياله، حيث تسلل رجلان للشقة، وسمعت صراخه جارتهم اليابانية، قبل أن يتم الإلقاء به من شرفة المنزل".

ورغم ذلك، أعلنت الشرطة أن القضاء البريطاني "أكد انتحار الرجل ونفى وجود شبهة اغتيال أو قتل عمد".

وبنفس الطريقة التي تم التخلص بها من مروان، تم قتل الفنانة المصرية سعاد حسني، بإلقائها من شرفة منزلها في الدور السادس من منبى "ستوارت تاور" في 21 يونيو/حزيران 2001، فيما لم تكشف الشرطة البريطانية عن المتورط بقتلها.

وفي الوقت الذي لم يثبت التقرير البريطاني أنها "ماتت مقتولة حتى الآن"، أكدت عائلة سعاد حسني أنه "تم قتلها ولم تنتحر"، وأن ضربة في مؤخرة رأسها "كانت ظاهرة بشكل واضح"، رغم عدم تضمين هذه المعلومة في التقرير الطبي البريطاني وكذلك المصري.

وكان الفنان المصري سمير صبري قد أشار لهذا الأمر أيضا في لقاء له مع عمرو الليثي في برنامج "واحد من الناس" على قناة "الحياة" المصرية، في 15 يناير/كانون الثاني 2021.

وتدور شكوك حول تورط "صفوت الشريف" ضابط المخابرات السابق وزير الإعلام بعهد الرئيس الراحل حسني مبارك بقتلها، وذلك عقب تهديد سعاد حسني بكتابة مذكراتها وتضمينها معلومات تكشف الكثير من الأسرار عن صفوت الشريف ورجال كثيرين في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ، وعلى أية حال فما زال مقتلها رهن التكهنات رغم "وجود مؤشرات على تصفيتها وليس انتحارها".

 وفي نفس المكان الذي قتلت فيه سعاد، وجد مؤسس الحرس الجمهوري المصري محمد الليثي ناصف مقتولا، بعد أن قالت الروايات إنه سقط من الدور العاشر بعمارة "سيتوارت تاور" في شقة تابعة للرئاسة المصرية بلندن في 24 أغسطس/آب 1973.

وخلصت التحقيقات التى أجرتها المباحث البريطانية، إلى أن "ناصف" توفي نتيجة شعوره بدوار، وأن ما أدى إلى سقوطه بهذا الشكل كونه طويل القامة، وبالتالي يسهل سقوطه من الشرفة.

 ورغم انتهاء التحقيقات بتلك النتيجة التي قدمها الأمن البريطاني، إلا أن عائلة وأصدقاء "ناصف" لم يقتنعوا بتلك النتيجة، مؤكدين أن ما حصل للضحية "حادث اغتيال مدبر".

مسرح مناسب

بدورها، وجدت الاستخبارات الليبية، بريطانيا، مسرحا مناسبا لتنفيذ عمليات اغتيال وتصفية معارضين سياسيين، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1995، اغتيل المعارض علي محمد أبو زيد، في متجره وسط لندن، بسبب دوره الأساسي في عملية باب العزيزية عام 1948، حيث قاد مجموعة من الثوار حراكا شعبيا قيل إنه كان يهدف لاغتيال الزعيم معمر القذافي.

كما نفذت أجهزة الاستخبارات الليبية، عملية تصفية للمذيع المعارض محمد مصطفى رمضان في 11 أبريل/نيسان 1980، وكذلك المحامي المعارض محمود عبدالسلام نافع بلندن في 25 أبريل/نيسان من نفس العام.

ومن بين المعارضين السياسيين الذي تم اغتيالهم في بريطانيا، المعارض السوري عبدالهادي عرواني، الذي وجد مقتولا في سيارته بأحد شوارع ويمبلي في منطقة "غرين هيل" المعروفة بكثافة سكانية غرب لندن، بعد أن تعرض لإطلاق الرصاص في 7 أبريل/نيسان 2015.  

وكان عرواني قد غادر سوريا حين كان شابا في 1982، وذلك بعد نجاته من مجزرة حماة، وكان أبرز من شارك في التظاهر عام 2012 ضد نظام بشار الأسد أمام سفارة دمشق في لندن.

وأوردت صحيفة "ذي ديلي ميل" نقلا عن مصدر في الشرطة البريطانية، أن مقتل المعارض والإمام السابق بأحد مساجد لندن، عرواني، يحمل "كل البصمات التي تدل على أنه اغتيال تدعمه دولة"، قبل أن تتهم الشرطة شخصا آخر بمقتله على خلفية "خلاف شخصي".

كما انضم إلى قائمة ضحايا الاغتيال السياسي على الأراضي البريطانية، الزعيم السياسي الباكستاني عمران فاروق، الذي اغتيل في سبتمبر/أيلول 2010، طعنا بالسلاح الأبيض شمال لندن.