يحظى بتأييد شعبي.. لماذا يشكل رئيس السلفادور مصدر إزعاج لبايدن؟

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع إيطالي أن الرئيس السلفادوري نجيب أبوكيلة يحظى بتأييد شعبي واسع بفضل وعوده بمحاربة الفساد وتحسين الظروف المعيشية لشعبه. 

في المقابل، أدى فوز حزبه في الانتخابات التشريعية إلى زيادة مخاوف المنتقدين الذين يتهمونه بإحكام قبضته على السلطة وتقويض المؤسسات الديمقراطية.

قال موقع "مركز الدراسات الجيوسياسية" إن مزيد السيطرة داخليا لأبوكيلة، الذي كانت تربطه علاقات جيدة في الماضي بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، من شأنه أن يؤدي إلى خلق مشاكل لخطط السياسة الخارجية للرئيس الحالي جو بايدن. 

تهديد للديمقراطية

ذكر الموقع أن أحزاب الائتلاف الحاكم بقيادة الرئيس السلفادوري، حزب نويفاس آيدياس وحليفه جانا، فازت في 28 فبراير/شباط 2021 في الانتخابات البرلمانية والبلدية التي شارك فيها حوالي مليونا سلفادوري.

وهو ما أسهم في تمتع أبوكيلة بأغلبية الثلثين داخل الجمعية الوطنية التشريعية في الوقت الحالي. 

من جانبهم، يعتبر النقاد أن صعود الرئيس السلفادوري يشكل تهديدا على الديمقراطية، لاسيما وأنه سيتمكن الآن من تعيين القضاة وأعضاء اللجنة الانتخابية ورؤساء الهيئات الحكومية. 

كما سيكون بإمكانه إلغاء عدد فترات الولايات الرئاسية المسموح بها بإجراء تعديلات دستورية.

ويذكر أن أبوكيلة بات في 2019، بعد أن شغل منصب عمدة سان سلفادور،  أصغر رئيس في أميركا اللاتينية بعد أن حاز على ثقة السكان بوعده بشن حرب شديدة ضد الفساد والفقر. 

في بداية ولايته، أمر الرئيس السلفادوري بتشكيل لجنة مستقلة مهمتها التحقيق في ظاهرة الفساد. 

إلا أن الحكومة لم تقدم أي تفسير حول كيفية، على سبيل المثال، التصرف في التمويلات التي قدمها المانحون أثناء وباء كورونا، كما أنها أعاقت تحقيقات اللجنة التي أرسلت إلى وزارة العدل بعض الأدلة حول سوء التصرف في الأموال. 

أردف الموقع بالقول إن الدعم الشعبي لأبوكيلة مستمد أيضا من بعض الإجراءات التي اتخذها لمحاولة حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن  تفشي وباء كوفيد19، على غرار التبرع بمبلغ 300 دولار وتقديم مساعدات غذائية لفائدة الطبقات الفقيرة. 

وتابع بأنه على الرغم من أن المحكمة العليا بالبلاد قد أدانت نجيب أبوكيلة  قرار الإغلاق الذي فرضته السلطات معلنة عدم دستوريته، أشادت منظمة الصحة العالمية بطريقة مجابهة الوباء. 

في الوقت نفسه، أدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة إلى انكماش اقتصادي بنسبة 9 بالمئة تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.

كما خفضت وكالتا التصنيف الائتماني موديز و فيتش راتنج تصنيف الدولة إلى سلبي، مما يشير إلى احتمال تحقيق نسبة نمو لا تتماشى مع القدرة على سداد الديون المتراكمة.

لفت الموقع إلى أن الرئيس السلفادوري يستخدم القنوات التي توفرها منصات مواقع التواصل الاجتماعي ليبعث برسائله، واتهام خصومه والتشهير بهم، ولجذب انتباه الرأي العام أيضا. 

وأضاف بأنه على غرار القادة الشعبويين، ينتقد صراحة النظام الديمقراطي ويظهر احتراما ضئيلا للمؤسسات.

وفي هذا الصدد، يذكر أنه اقتحم في فبراير/شباط 2020، رفقة قوات مسلحة مقر الجمعية التشريعية الوطنية على إثر رفض البرلمان المصادقة على قرض لفائدة تجهيز الأمن القومي.

الحياة الاجتماعية

وأثارت تصريحات أبوكيلة ضد اتفاقيات السلام في تشابولتيك، التي أنهت حوالي ثلاثين عاما من الحرب الأهلية الدموية التي دمرت البلاد من عام 1979 إلى عام 1992 وتسببت في مقتل أكثر من سبعين ألف شخص، انتقادات شديدة. 

وكان أبوكيلة، قد وصف الاتفاق الذي أدى إلى تفكيك قوات المتمردين، مما سمح بدمجهم في الحياة السياسية للبلاد، بالمهزلة والاتفاق بين الفاسدين. 

من جهتها، تشعر الإدارة الأميركية بالقلق البالغ بشأن احترام الديمقراطية وسيادة القانون في الدولة الواقعة في أميركا الوسطى، يقول الموقع.

أشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة استخدمت خلال إدارة ترامب، مساعدات التنمية لتحفيز حكومات أميركا الوسطى على التصدي لظاهرة الهجرة. 

بينما  تواجه إدارة بايدن، خطر تآكل المعايير الديمقراطية في معظم منطقة أمريكا الوسطى، بما في ذلك السلفادور، وفق تعبير الموقع. 

وأوضح أن واشنطن تهدف إلى محاولة تحسين الظروف المعيشية لسكان المثلث الشمالي من أجل تشجيعهم على البقاء في بلدانهم، لكن لن يكون من السهل على بايدن أن يتصل برئيس "شبيه بترامب" مثل أبوكيلة.

لهذا السبب، يرى الموقع أن واشنطن ستعمل على إبقاء المبادئ الديمقراطية في مركز الاهتمام، مع معالجة الأسباب الجذرية لموجات الهجرة. 

علاوة على ذلك، يبدو أن مستويات الفساد والجريمة الموجودة في منطقة أمريكا الوسطى باتت أعلى بكثير مما كانت عليه عندما تعامل معها بايدن شخصيا كنائب للرئيس خلال فترة رئاسة باراك أوباما، يشير الموقع. 

في الوقت نفسه، يمكن أن تمثل هيمنة أبوكيلة السياسية عقبة أمام طموحات بايدن، الذي يعتبر أن توطيد الديمقراطية في بلدان أمريكا الوسطى له أهمية حاسمة لوضع حد للتدفقات الهائلة للمهاجرين من المثلث الشمالي. 

وفقا لوكالة أسوشيتيد برس، تشعر إدارة بايدن بمخاوف جدية من تعامل الرئيس السلفادوري مع الديمقراطية وسيادة القانون. 

وفي فبراير/شباط، قبل الانتخابات البرلمانية السلفادورية، رفض بايدن مقابلة أبوكيلة الذي رتب زيارة خاصة إلى واشنطن وذلك بسبب اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية. 

من جهته، نفى أبوكيلة أنه طلب لقاء بايدن، مما أجبر بريندان أوبراين، القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في سان سلفادور، على مطالبته بتأكيد ذلك أمام الكاميرات.

أوضح الموقع بالقول إن إدارة ترامب على الرغم من اتهامها بغض الطرف عن نمو ظاهرة الفساد في أمريكا الوسطى، إلا أنه من المحتمل جدا إحباطها لمحاولة الانقلاب المحتملة من قبل أبوكيلة في فبراير/شباط 2020 عندما دخل الأخير البرلمان برفقة الجيش.  

بين الموقع أن الرسالة التي بعث بها خمسة عشر عضوا من الكونغرس في 24 فبراير/شباط 2021 إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين والتي أعربوا فيها عن مخاوف جدية بشأن الوضع الديمقراطي في السلفادور تحت حكم أبوكيلة مطالبين بإدانة تحركات الرئيس السلفادوري، تؤكد أن العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وسان سلفادور تمر بمرحلة حرجة.

في الختام، يتوقع الموقع وقوع مزيد التوترات في المستقبل القريب، بين إدارة بايدن ورئيس هندوراس أورلاندو هيرنانديز أيضا على خلفية تصريحات لخوان غونزاليس، مستشار بايدن ميركا اللاتينية، الذي أكد أن الولايات المتحدة لن تعتبر القادة الذين لا يضعون مكافحة الفساد على رأس جدول أعمالهم السياسي، حلفاء لها.