حسين العائب.. رجل القذافي وحفتر يقود مخابرات ليبيا بدعم مصري إماراتي
.jpg)
مع اندلاع الثورة الليبية عام 2011، وتهاوي قلاع نظام الزعيم الراحل معمر القذافي ومؤسسات حكمه واحدة تلو الأخرى على يد كتائب الثورة، آثر الضابط بجهاز المخابرات، حسين محمد خليفة العائب، القفز مؤقتا من السفينة الغارقة، بإعلانه الانشقاق عن النظام.
وفي أتون تلك الحرب المستعرة والاضطرابات السائدة، نجا الضابط "العائب"، بنفسه كأحد أركان النظام المهزوم، ولم يكن معلوما وقتها للعامة، وإن ظل محافظا بعد ذلك على وجوده وعلاقته بفلول النظام.
"العائب" لم يعرف حينئذ أن القدر يسوقه للعودة مرة أخرى إلى أروقة الاستخبارات بعد سنوات، ولكن هذه المرة ليس كأحد ضباط الوسط، وإنما رئيسا لجهاز المخابرات.
رجل القذافي
في 5 مايو/ أيار 2021، أعلن المجلس الرئاسي الليبي، برئاسة محمد المنفي، تكليف العائب، بمهام رئيس جهاز المخابرات، خلفا لعماد الطرابلسي.
القرار كان صدمة للشارع الليبي، نظرا لخلفيات العائب على الصعيد الأمني والسياسي، وأنه أحد العناصر التي كانت مقربة من القذافي، وما زال على علاقة بأركان نظامه المتبقين.
ويرجع أصل رئيس جهاز المخابرات الجديد إلى مدينة تيجي حيث قبائل الصيعان بمنطقة الجبل الغربي غربي ليبيا، لكنه مستقر منذ سنوات في العاصمة طرابلس.
العائب، حمل رتبة عقيد في الجيش، وعمل تحت إمرة عبدالله السنوسي، رئيس جهاز المخابرات العامة للجماهيرية، خلال فترة نظام القذافي، وكان من المقربين بشدة للسنوسي، وتولى اختصاص الأمن الخارجي بالجهاز.
لكن اسمه ورد بأنه كان من الضباط المعروفين بمهام التصفية الجسدية للمعارضين، في تلك الحقبة.
وبالتالي لا يمكن أن ينفك اسم العائب، عن سمعة جهاز المخابرات في عهد القذافي، حيث وسم بأنه "سيء السمعة"، ومتورط في مهام وعمليات قذرة، تسببت في دخول ليبيا إلى دائرة مظلمة من العقوبات والنبذ الدولي.
فعلى المستوى الداخلي، وضعت المخابرات سائر المجتمع تحت المراقبة الصارمة، وحدت من أي مظاهر للمعارضة أو التظاهر والاحتجاج، وكانت تقدم تقارير دورية إلى رئيس النظام.
أما خارجيا، حيث كان العائب أحد ضباط ذلك القسم، فعملت على قتل المنشقين الليبيين في الخارج وتتبع أفراد الجالية والتجسس عليهم في مختلف دول العالم.
كذلك تورطت المخابرات في تفجير ملهى برلين في 5 أبريل/ نيسان 1986، عندما قام عملاؤها بزرع قنبلة في الملهى ليسقط عدد من المدنيين والعسكريين.
وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول 1988، جاءت الواقعة المأساوية، المعروفة بكارثة "لوكربي"، عندما فجرت المخابرات، طائرة مدنية تابعة للخطوط الأميركية، فوق مدينة "لوكربي" الاسكتلندية، وقتل في الحادث 270 شخصا، بعدها دخلت ليبيا في مسار طويل من العقوبات، لم تنفك عنه حتى قيام ثورة 17 فبراير/ شباط 2011.

العائب والثورة
مع اندلاع الثورة الليبية، وتهاوي قلاع نظام القذافي ومؤسسات حكمه واحدة تلو الأخرى على يد كتائب الثورة من بني غازي إلى رأس لانوف والزاوية ومصراته وطرابلس، وصولا إلى سرت التي قتل فيها الزعيم الليبي، آثر العائب القفز مؤقتا من السفينة الغارقة، عندما أعلن انشقاقه عن نظام معمر، وحول اسم جحفل الصيعان (أبناء قبيلته) الذي كان تحت إمرته إلى لواء "ثوار الصيعان".
عندما كان القذافي يشق عباب الصحراء هربا من جحيم الثوار، كان نظامه يتحلل رويدا رويدا، وإمبراطورية الاستبداد التي شيدها خلال 40 عاما تنهار سريعا، لا سيما وهو يقضي ساعاته الأخيرة مختبئا غربي مدينة سرت، قبل أن تعثر عليه قوات المجلس الوطني الانتقالي، وتقتله في 20 أكتوبر/ تشرين الثاني 2011، لتنهي أسطورة واحد من أعتى حكام الشرق وأكثرهم قسوة.
ومع ذلك، احتفظ العائب بعلاقات وثيقة مع أركان النظام، ثم انزوى إلى فريق الثورة المضادة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات.
وأبرز خطوات العائب خلال المراحل السابقة، هي انتقاله إلى المنطقة الشرقية عام 2014، لينضم إلى حفتر، ويؤازره في "عملية الكرامة" التي شنها ضد كتائب الثوار والإسلاميين في ليبيا، وتسببت في زيادة حدة الصراع الدامي والاستقطاب السياسي في البلاد.
وفي عام 2015، عين العائب مساعدا لرئيس جهاز المخابرات العامة، العميد مصطفى المقرعن المكلف من قبل مجلس نواب طبرق، الذي كان سندا لقوات حفتر في حربها.
ويذكر أن الجهاز بتشكيلته القديمة والتي كان العائب جزءا منها، افتتح مكتبا فرعيا بالقاهرة؛ للتنسيق مع الجهات الاستخباراتية والعسكرية المصرية، فيما يخص ملف إدارة الصراع آنذاك.
بعدها رشح العائب لمنصب وكيل وزير الداخلية في حكومة علي زيدان (عام 2012)، لكنه استبعد من قبل "لجنة النزاهة والوطنية"، نظرا لتاريخه "المؤسف" وعلاقته الوثيقة بنظام القذافي.
ولكن على أثر الحرب المريرة وبدء انفراجة سياسية في 5 فبراير/ شباط 2021 عقب انتخاب سلطة تنفيذية موحدة مهمتها الأساسية، قيادة البلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، كان يأمل الشعب أن تساهم السلطة الموحدة في إنهاء سنوات الصراع المسلح، جراء انتهاكات مليشيا حفتر، ضد الشعب والحكومة المعترف بها دوليا التي مثلت الشرعية.
وبتعيين العائب على رأس جهاز المخابرات، وهو يمتلك هذا التاريخ والسجل "الحافل بالقلاقل"، عاد الاحتقان يطل برأسه كما في السابق، خاصة وأن الإمارات التي رعت ودعمت الثورة المضادة ومليشيات حفتر بكل ما أوتيت من قوة، احتفت وسائل إعلامها بتكليف العائب بالمهمة.
ووصفت صحيفة "العين" الإماراتية، في 6 مايو/ أيار 2021، رئيس المخابرات الليبية الجديد، بأنه "عسكري مخضرم، يقود المخابرات بعد سنوات من الفوضى"، على حد تعبيرها.

غضب عارم
ولم يكد يستقر العائب في منصبه، حتى تحركت مجموعات تابعة لقوات "بركان الغضب" إلى مقر فندق "كورثينا" بطرابلس في 7 مايو/أيار 2021، حيث مقر اجتماع المجلس الرئاسي؛ وذلك احتجاجا على المنفي لتعيينه "العائب".
وفي نفس اليوم، أصدر ضباط يتبعون جهاز المخابرات، بيانا قالوا فيه: "إننا كأعضاء جهاز المخابرات، من ضباط وضباط صف وموظفين وقيادات في (بركان الغضب)، نتابع التخبط الذي يفرضه المجلس الرئاسي على الجهاز، وذلك من خلال تكليف أحد أعوان حفتر (العائب) بالسيطرة على الجهاز في طرابلس".
ووصف الضباط، العائب بأنه "جزء من محور الشر الذي يقوده حفتر، ويسخر كل إمكانياته للسيطرة على الحكم بقوة وإرجاع ليبيا للحكم العسكري".
وبلهجة حادة، شددوا على أنه "يجب على المجلس الرئاسي إلغاء ما يسمى بتكليف العائب من رئاسة جهاز المخابرات".
وتوعدوا قائلين: إن "أيدينا على الزناد ضد الخونة وأتباع المجرم حفتر، ولن نسمح بهذا العبث من التصريحات التي صدرت (..) والقرارات العشوائية التي تصدر عن المجلس الرئاسي بخصوص تكليف أعوان حفتر".
بدوره، رفض قائد قوة الإسناد الأولي في مدينة الزاوية، محمد سالم بحرون، ما أطلق عليه "انبطاح لحفتر، من قبل حكومة الوحدة بتعيين العائب رئيسا جديدا لجهاز المخابرات".
واستطرد في تدوينة له عبر "فيسبوك" مهددا المجلس الرئاسي، "كما مكناهم واستقبلناهم، قادرين على إقالتهم وتوديعهم".
المصادر
- خلفا لعماد الطرابلسي.. الرئاسي الليبي يكلف حسين العائب بمهام رئيس المخابرات
- المجلس الرئاسي الليبي يكلف حسين العائب بمهام رئيس المخابرات
- بعد سنوات من الفوضى.. عسكري مخضرم رئيسا لمخابرات ليبيا
- عمل مع القذافي وقريب من حفتر.. الرئاسي يعيّن رئيسا جديدا للمخابرات
- "مخترقة من الجميع".. دلالات تعيين رئيس جديد للمخابرات الليبية
- فيديو.. ميليشيات تحاصر مقر إقامة رئيس المجلس الرئاسي الليبي
- تعيين رئيس جديد للمخابرات الليبية قريب من حفتر، ما القصة؟
- بحرون يهدد المنفي ..”كما مكناكم قادرين على إقالتكم”
- بركان الغضب: نرفض قرار الرئاسي بتعيين العائب رئيسا للمخابرات لأنه مع «حفتر»