إعلام إسباني: إسرائيل المستفيد الأول من الهجوم على "نطنز" الإيرانية
.jpg)
تحدثت صحيفتان إسبانيتان عن مدى استفادة إسرائيل من حدوث هجمات تستهدف المنشآت النووية الإيرانية قبل الانتخابات الرئاسية في طهران وأي اتفاق نووي محتمل.
وقالت صحيفة الكونفدنسيال إن الهجوم على منشأة نطنز الإيرانية جد قبل أيام فقط من المفاوضات بشأن عودة الولايات المتحدة إلى استئناف الاتفاق النووي لعام 2015، في فيينا.
وتوضح الصحيفة الإسبانية أن إسرائيل تعد المستفيد الأول من هذا الهجوم على المحطة التي تقع في محافظة أصفهان وسط البلاد.
وتنسب طهران مسؤولية الهجوم إلى تل أبيب التي - كما فعلت في مناسبات أخرى - لم تؤكد أو تنكر مسؤوليتها.
وأوردت الصحيفة أن إيران تعهدت بالانتقام للهجوم السيبراني على محطة نطنز النووية في 11 أبريل/نيسان 2021.
عموما، يحدث كل هذا قبل أيام فقط من المفاوضات بشأن عودة الولايات المتحدة إلى استئناف الاتفاق النووي لعام 2015، في فيينا.
وفي جميع الأحوال، سيحدد ما يفعله الإيرانيون الآن المستقبل القريب للمفاوضات، وهي إحدى أولويات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
ونوهت الصحيفة بأن نطنز، أحد أهم منشآت إيران لتخصيب اليورانيوم، وقد تعرض لانفجار أثر على النظام الكهربائي لأجهزة الطرد المركزي.
ومن المرجح أن يؤدي الضرر إلى تأخير جهود البلاد لتخصيب اليورانيوم إلى المستوى المطلوب لصناعة الأسلحة.
وحتى الآن، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هجوما إلكترونيا مشابها "لستوكسنت"، الذي طور بالاشتراك بين إسرائيل والولايات المتحدة، والذي دمر خمسة أجهزة طرد مركزي إيراني في عام 2010، أو لقنبلة مثل تلك التي تسببت في حريق في يوليو/تموز سنة 2020 في نفس المنشأة.
لماذا الآن؟
أشارت الصحيفة إلى أن توقيت الهجوم ليس صدفة، خاصة بالتزامن مع استمرار المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران.
وفي واقع الأمر، عارضت إسرائيل بشدة الاتفاق الأصلي الذي أيدته قبل ست سنوات إدارة باراك أوباما، وتنفست الصعداء عندما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق في سنة 2018 وفرض بعد ذلك عقوبات اقتصادية شديدة على إيران.
من جهة أخرى، يبدو أن الرئيس بايدن مستعد لرفع بعض تلك العقوبات، لدفع المحادثات إلى الأمام. لكن طهران، التي تبدو يائسة في وقت مبكر من المفاوضات، لم تساهم في جعل المحادثات سهلة.
وأضافت الصحيفة أن الإسرائيليين قلقون إزاء إعادة إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى ومن انتهاء صلاحية العديد مما يسمى بـ "بنود انقضاء الوقت" في الصفقة، في عام 2026، بحيث يمكن لطهران أن تبدأ في توسيع برنامجها النووي بشكل كبير بينما تلتزم، تقنيا، بشروط الاتفاقية.
وفي ظل هذا الوضع، تشعر تل أبيب أنه من الملح وقف النسخة الثانية من الاتفاق النووي قبل أن تقترب إيران من المستويات الخطيرة من تخصيب اليورانيوم.
ولكن، كيف يؤثر هجوم نطنز على المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران؟
أوردت الصحيفة أنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان الهجوم سيقلل من قيمة ورقة المساومة الإيرانية الرئيسة؛ المتمثلة في التهديد بتخصيب اليورانيوم بشكل أسرع.
لكن، من المؤكد عمليا أن تداعياته ستسمم البيئة السياسية الداخلية في إيران، حيث يصعب دائما تقديم أي تنازل لـ "الشيطان الأكبر"، خاصة الآن، حيث ستعقد الانتخابات الرئاسية في غضون شهرين.
من جانب آخر، بينما تم تعزيز الموقف التفاوضي للأميركيين، فإن قضية نطنز ستزيد من تآكل الإرادة المتبادلة للتسوية، والتي هي بالفعل منخفضة للغاية بعد أن توقفت إيران عن الامتثال لشروط اتفاقية تخصيب اليورانيوم في مايو/أيار سنة 2019 واغتيال اللواء الإيراني البارز قاسم سليماني بأمر من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أوائل عام 2020.
أشارت الصحيفة إلى أنه من الواضح أن إسرائيل هي المستفيد من هجوم نطنز، وذلك لسببين.
أولا، بغض النظر عن المدى الكامل للضرر الناجم عن الهجوم، فقد قوض ماديا برنامج إيران النووي، على الأقل على المدى القصير.
ثانيا، أدى الهجوم إلى تعقيد العملية الدبلوماسية التي يرغب الإسرائيليون في إيقافها.
في ظل هذا الوضع، يتعين على إيران الآن الاختيار بين الانتقام القوي، الذي من شأنه أن يؤخر رفع العقوبات وتخفيف الصعوبات الاقتصادية داخل إيران، أو الرد الصامت الذي قد يجعل قادة طهران يبدون ضعفاء في الوقت الذي يرغبون فيه في الظهور في صورة المفاوض القوي.
ماذا سيحدث الآن؟
أفادت الصحيفة بأن تداعيات الهجوم في نطنز ستسلط ضغوطا هائلة على محادثات فيينا، وربما تقوي موقف إيران وتقلل من فرص التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران المقبل.
لكن، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فإن قرار الانضمام إلى الاتفاق النووي سيتخذه المرشد الأعلى علي خامنئي. وفي جميع الحالات، ستستمر المفاوضات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاقتصاد الإيراني، الذي ابتلي بالعقوبات، عانى بشكل كبير في العام 2020 بسبب وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط، الذي لا يزال بإمكانه تصديره.
وفي جميع الأحوال، قد لا يحظى "القيام بكل ما يلزم للتوصل إلى اتفاق" بشعبية لدى العديد من المحافظين في الداخل، لكن تخفيف العقوبات الأميركية يعد حافزا اقتصاديا هائلا، لا يمكن أن تتجاهله إيران.
باختصار، لا تزال كل من الولايات المتحدة وإيران ترغبان في العودة إلى النسخة الأصلية، المتعلقة بالاتفاق النووي.
لذا، فإن السؤال بالنسبة لحكومة إسرائيل ليس متعلقا بما إذا كان سيتم توقيع اتفاق نووي جديد أم لا، ولكن متى سيتم التوقيع.
في نفس السياق، نقلت صحيفة "الأندبندينتي" الإسبانية عن مايكل ستيفنس، الخبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بي بي سي، أن "الإسرائيليين يحاولون إخراج البرنامج النووي الإيراني عن مساره، بطريقة محفوفة بالمخاطر".
في المقام الأول، يمكنهم تقويض القدرة التفاوضية للولايات المتحدة وعزمها على العودة إلى الاتفاقية النووية.
ثانيا، يمكن للإيرانيين النظر في كيفية مواجهة هذه الأعمال وكيفية الانتقام. وفي جميع الأحوال، أثبتت إسرائيل أنها يمكن أن تلحق الضرر بالقدرة النووية الإيرانية، ولكن بأي ثمن؟".
وبالنسبة لكاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست إيشان ثارور، فإن إسرائيل "تقوض جهود وخطط بايدن في إيران".
وعموما، فإن الهجمات تعزز موقف مؤيدي الانتقام في إيران، في الوقت الذي لم يتبق فيه سوى القليل من الوقت لإجراء الانتخابات الرئاسية في البلاد.
ويضيف ثارور أن رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منافسة الإيرانيين وإخراج المفاوضات عن مسارها هي مجرد تفاصيل بسيطة في السياسة المعقدة المحيطة بهذه المحادثات.
وبشكل عام، يمكن للانتخابات المقبلة في إيران أن تزيح البراغماتي حسن روحاني وتكون لصالح الجهات الأكثر صلابة في النظام والأكثر ترددا في تقديم أي تنازلات.
ونوهت الصحيفة بأنه في كل مرة تشن فيها إسرائيل هجوما مثل هجوم نطنز، فإنها تعطي ذخيرة لمعارضي روحاني وتعطي آيات الله ذريعة مثالية لمواصلة تخصيب اليورانيوم.
لكن، على الرغم من أن سياسة الاستنزاف هذه "تؤخر تقدم البرنامج النووي الإيراني، إلا أنها لا تبطله".