طارق صالح.. عسكري فشل بحماية رئيس اليمن السابق وارتمى بحضن الإمارات

12

طباعة

مشاركة

عاد العميد طارق صالح قائد القوات المشتركة في الساحل الغربي باليمن، إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، بعد أن أعلن مؤخرا عن تأسيس كيان سياسي جديد على غرار المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في عدن والمحافظات الجنوبية.

اختلف اليمنيون بشأن نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فبعضهم يعده عنصرا يسهم في تقويض الدولة وإضعافها من خلال إنشاء كيانات سياسية موازية للحكومة اليمنية، ويعمل كمرتزق وعميل جديد لأجندة خارجية.

وهناك من أبناء اليمن من يرى في طارق صالح بطلا يستحق الإشادة، وذلك بإعلانه في 25 مارس/آذار 2021، إنشاء مجلس سياسي جديد يهدف من خلاله إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في البلاد.

"تارك" صالح

استقر طارق صالح في الساحل الغربي لليمن، بعد أن فر من العاصمة صنعاء، عقب الاشتباكات التي اندلعت بين أتباع عمه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح والحوثيين في 2 ديسمبر/كانون الأول 2017، ودامت نحو 4 أيام في محيط منزل صالح بمنطقة حدة وسط صنعاء، وأسفرت عن مقتل الأخير.

عقب الاشتباكات توجه العميد طارق الذي كان يتولى حينها قائد حراسة صالح إلى مأرب (وسط) وشبوة (جنوب)، ومن ثم إلى عدن (جنوب) الخاضعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا منتصف يناير/كانون الثاني 2018، ومن هناك وجه نداء لقتال جماعة الحوثي، التي قتلت عمه.

كانت الإشادة به وبقتاله لجماعة الحوثي قد بلغت مستوى عاليا إبان اشتباكات صنعاء، غير أن فراره تسبب بخيبة أمل وخذلان كبير لمن كانوا يراهنون عليه لحماية عمه وقيادة حراك مسلح ضد جماعة الحوثي، ما دفعهم مرة أخرى لإطلاق لقب (تارك صالح) عليه، بدلا عن (طارق صالح)، في إشارة إلى تركه لعمه في مواجهة مصيره مع "الحوثي".

تشكيلات مسلحة

في تلك الفترة بدا أن طارق صالح على وفاق مع أبوظبي التي كلفته بالإشراف على إنشاء تشكيلات عسكرية في الساحل الغربي، وهي مجموعات مسلحة تعمل خارج إطار وزارة الدفاع اليمنية.

بالفعل قام طارق صالح منذ منتصف يناير/كانون الثاني وحتى نهاية مارس/آذار 2018، بإنشاء التشكيلات المسلحة من عناصر الحرس الجمهوري السابق والقوات الخاصة التي كان يرأسها أحمد علي صالح نجل الرئيس الراحل، وهي عناصر تلقت تدريبا نوعيا وحظيت برعاية خاصة إبان فترة حكم صالح.

تواصل طارق صالح مع قيادات مهمة وضباط نوعيين، وأقنعهم بالانضمام إلى التشكيلات العسكرية التي يقوم بإنشائها، مؤكدا لهم بأن الهدف من إنشائها هو قتال جماعة الحوثي، وإنهاء الانقلاب، فانضم بادئ الأمر نحو 10 آلاف ضابط وجندي بالإضافة إلى متطوعين آخرين ممن يدينون بالولاء لشبكة الرئيس الراحل.

وفي أبريل/نيسان 2018، أعلن طارق صالح عن تأسيس قوات عسكرية في الساحل الغربي تحت مسمى "قوات حراس الجمهورية"، ويبلغ قوامها نحو 30 ألف جندي، تتقاضى مرتباتها من أبوظبي.

حسب متابعين، تتلقى هذه القوات دعما عسكريا كاملا من الإمارات، وتعمل لخدمة أجندتها، وترفض الاعتراف بالشرعية اليمنية، ليتم دمجها لاحقا مع التشكيلات الأخرى، "المقاومة التهامية"، و"ألوية العمالقة"، ضمن مسمى (القوات المشتركة)، وتنصيب طارق صالح قائدا لها.

متعهد الإمارات

ورغم إعلان طارق صالح أن هدف إنشاء تشكيلات هذه القوات هو محاربة "الحوثي"، إلا أنها لم تخض أي معركة من أجل إنهاء انقلاب الجماعة، باستثناء المناطق والمعسكرات التي قاتلت قوات طارق من أجل السيطرة عليها، في أبريل/نيسان 2018، كمعسكر خالد بن الوليد الذي يقع في منطقة المخا قرب باب المندب (جنوب غرب).

ومطلع مارس/آذار 2021، تجاهلت قوات طارق دعوات الوقوف مع قوات الجيش الوطني التابع للشرعية في حربها ضد "الحوثي"، خصوصا في محافظة تعز، المجاورة للساحل الغربي.

وعلى العكس من ذلك، كثفت قوات طارق هجومها وحملاتها الإعلامية على قوات الشرعية والقوى التي طالبت برحيل النظام السابق، وهو ذات النهج الذي تتبناه أبو ظبي.

حسب خبراء، سعت الإمارات من خلال تلك التشكيلات المسلحة في الساحل الغربي إلى السيطرة على الممر الدولي في باب المندب وعلى خط سير السفن في البحر الأحمر، بالإضافة إلى الجزر اليمنية المنتشرة في البحر الأحمر، ووضعت طارق صالح خادما لهذا المشروع.

وبعد عامين من تأسيس تشكيلات مسلحة في الساحل الغربي، أعلن طارق صالح في 25 مارس 2021 عن إطلاق مجلس سياسي، كذراع سياسي للتشكيلات العسكرية التابعة له، ورغبة في الحصول على حصة ضمن أي تشكيل حكومي قادم، إلى جانب المجلس الانتقالي، وهي النوايا التي تدفع بها الإمارات، وفق مراقبين.

فشل متلاحق

ولد طارق محمد عبدالله صالح عام 1970، وهو نجل شقيق علي عبدالله صالح، وقد كان والده محمد عبدالله صالح شقيق الرئيس السابق أول قائد لقوات الأمن المركزي في عهد شقيقه صالح حتى وفاته في 14 مايو 2001 متأثرا بمرض الكبد.

يعد طارق أخا لعدد من الأشقاء، أبرزهم يحيى  قائد أركان الأمن المركزي في عهد صالح، وعمار محمد عبد الله صالح وكيل جهاز الأمن القومي سابقا، ولا يمتلك أي امتيازات علمية سوى أنه من ابن شقيق صالح.

تولى طارق صالح قيادة الحرس الخاص واللواء الثالث حرس، أثناء فترة حكم عمه علي صالح، حتى إقالته في أبريل/نيسان 2012، بقرار من الرئيس هادي، عقب توليه الرئاسة، وقراره إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، وتم تعيينه ملحقا عسكريا في ألمانيا.

ماطل طارق في تسليم قيادة اللواء الثالث حرس لأكثر من شهرين، حتى واجه ضغوطا دولية، خصوصا من قبل منظمة "هيومن رايس ووتش" الحقوقية التي قالت إنه كان من القيادات العسكرية التي تتهمه المنظمة بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان إبان ثورة 2011.

توجه طارق إلى ألمانيا لتولي مهمته كملحق عسكري في سفارة اليمن ببرلين، لكنه ما لبث أن عاد في 2014 ليعمل قائدا للحراسة الشخصية لعمه علي عبدالله صالح، وهي الفترة التي توجت بعقد حلف بين صالح وجماعة الحوثي.

كان طارق صالح ضمن شبكة صالح التي سهلت انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية وسيطرتها على المدن اليمنية، وعلى رأسها عمران وصنعاء (غرب) في 2014.

لم تكن حادثة مقتل عمه صالح في ديسمبر/كانون الأول 2017 هي المؤشر الوحيد لفشل طارق، بل سبق وفشل في حماية عمه أيضا عام 2011، أثناء قيادته لقوات الحماية الرئاسية.

وقتها تعرض مسجد دار الرئاسة (جامع النهدين) لعملية تفجير في 3 يونيو/حزيران 2011، في حادثة كانت تهدف لاغتيال صالح، وقتل فيها نحو 11 من حراس الرئيس الشخصيين بالإضافة إلى رئيس مجلس الشورى عبدالعزيز عبدالغني ووكيل وزارة الأوقاف محمد الفسيل.

وأصيب الرئيس بإصابات بالغة رافقته حتى اغتياله في 2017، بالإضافة إلى إصابة رئيس الوزراء علي مجور ورئيس مجلس النواب يحيى الراعي وآخرين.