"متلازمة 2013".. صحيفة إسبانية: قمع السيسي أثر نفسيا على شباب الثورة

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "ألموندو" الإسبانية، إن "قمع النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي أثر على الجانب النفسي لأبطال الثورة في أرض الكنانة منذ الانقلاب في 3 يوليو/تموز 2013".

وفي هذا السياق، أوضحت الصحيفة، أن "أحد رموز الثورة، الناشط وائل غنيم، يعاني مشاكل نفسية، في بلد تصاعدت فيه حالات الانتحار والرغبة في الهجرة بشكل كبير".

وأشارت إلى أن "غنيم كان رمز إحدى الثورات اليتيمة التي تفتقر إلى قادة، وكان يعمل آنذاك في شركة غوغل، وأدار صفحة على موقع فيسبوك، تحمل اسم كلنا سعيد خالد؛ كانت بمثابة حافز للاحتجاجات التي أدت في فبراير/شباط 2011 إلى طرد الثمانيني حسني مبارك".

ولفتت الصحيفة إلى أن مؤسسة ألموندو الإسبانية للإعلام، منحت جوائزها العالمية للصحافة سنة 2011  إلى ناشطين عربيين، أحدهما غنيم، الذي لعب دورا بارزا في تحريك ثورة 25 يناير.

وخلال العقد الماضي، حاول غنيم هضم الأحداث الخطيرة والمؤلمة التي مرت بها مصر، لكن قبل عامين، وبعد ما اعتبره شهورا من الاختباء وراء الحقيقة، قرر رمز الثورة كسر الصمت والاعتراف علنا بجراحه النفسية التي كان يحملها، ومن هنا، "مثلت صور شعره الذي حلقه بالكامل والتي تجسد الواقع الذي أخفاه، زلزالا هز الكثير من المواقع".

استعادة التوازن

ونقلت الصحيفة أنه على حساب غنيم على "إنستغرام"، حيث يتابع أكثر من 700 ألف مستخدم للإنترنت معركته لاستعادة التوازن النفسي، ولـ"تصفية حساباته مع أشباح ثورة التحرير".

وكتب غنيم قبل أيام العبارات التالية: "في يوم مثل هذا اليوم قبل 10 سنوات، اعتقلت من قبل أمن الدولة وعشت 11 يوما من الرعب اليومي.. تجربة صعبة استغرقت وقتا طويلا للتعافي". 

ونقلت ألموندو عن الشاب المصري، شادي الغزالي حرب، قوله إن "غنيم صديق مقرب له وأنه يتفهم تماما الألم النفسي الذي مر به ومحاولته التعلم من تجاربه". 

وتجدر الإشارة إلى أن الشاب الغزالي حرب "كان يحلم منذ عقد في ميدان التحرير في القاهرة بتجسيد تحول ديمقراطي على أرض الواقع، أجهضه الجيش بوحشية". 

وأوضح: "خلال السنوات العشر الماضية عشنا تجارب أكثر بكثير مما يمكن أن يختبرها كثير من الناس في حياتهم بأكملها، من الواضح أننا نحمل بعض الصدمات التي أثرت علينا على مستويات مختلفة، نتيجة لذلك، وافق البعض على الانسحاب من المشهد السياسي، وواصل آخرون كفاحهم ودخلوا السجن، وقرر كثيرون الفرار إلى المنفى".

وأَضاف: "بالنسبة لي، أعتقد أن السجن جعلني أقوى نفسيا، لأنه رغم أن النظام الحالي أكثر قمعية من نظام مبارك، إلا أنه لم يتمكن من سلب الأمل الذي أعطته لنا الثورة". 

ونوهت الصحيفة بأن مرونة وصمود الغزالي حرب "ليست سوى جانبا من جوانب الحالة النفسية المرتبطة بذكرى الأحداث التي غيرت الجيل الذي قاد ثورة ضد الظلم والاستبداد والفساد". 

في هذا السياق، نقلت "ألموندو" عن الطبيبة النفسية، عايدة سيف الدولة، ومديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، أن "آلاف الأشخاص الذين شاركوا في تلك الثورة يقبعون في السجون، أما من أفرج عنهم من السجن، فهم مكتئبون ويعانون من حالة خيبة أمل شديدة". 

وتواصل: "عند إطلاق سراحهم، يجدون بيئة مختلفة تماما عن تلك التي تركوها وراءهم، الشعور السائد هو الاكتئاب والإحساس بالفقد والحزن والهزيمة، في الواقع، فقد العديد منهم وظائفهم وطرد آخرون من الكلية". 

وأضافت الصحيفة أن المركز الذي أسسته الطبيبة النفسية عام 1993 أعاد فتح أبوابه للتو، بعد الانتصار أمام قرار الإغلاق الذي أصدرته السلطات المختصة في المحكمة".

متلازمة ما بعد 2013

وتعليقا على ذلك، تقول الدكتورة: "نحاول مساعدتهم، لكن البيئة لا تساعد على إعادة التأهيل. أحاول أن أبقي غضبي تحت السيطرة، هناك الكثير من الظلم وهو أمر محبط، في الواقع، هناك مجتمع منقسم بين أولئك الذين يملكون القوة والموارد والأمن في حياتهم الشخصية والمهنية وأولئك الذين يفتقرون لذلك، وهم الغالبية العظمى". 

وأوردت الصحيفة عن أحمد سعيد، الجراح الذي اعتقل عام 2015 لمشاركته في المظاهرة، والذي يعيش منذ الإفراج عنه في المنفى ببرلين الألمانية قوله: "جميعنا ممن عشنا الثورة لدينا عامل مشترك؛ نحن مصدومون، نعاني من متلازمة ما بعد أحداث 2013". 

وتجدر الإشارة إلى أنه في يوليو/تموز 2013، قاد رئيس النظام الحالي، وزير الدفاع آنذاك، السيسي "انقلابا لاحق أي تلميح للمعارضة السياسية وسحق أي ممارسة للحرية، دون غض النظر عن القمع وحالات الاختفاء القسري".

وأفادت الصحيفة بأنه يبدو أن "المضايقات لا نهاية لها، خاصة في ظل إضافة تهم جديدة لمعارضين على وشك الإفراج عنهم من السجن؛ ومراقبة قاسية لأولئك الذين استعادوا حريتهم؛ وتكتيكات لمضايقة عائلات النشطاء في المنفى". 

وعلّق سعيد في هذا السياق قائلا: "بعد 10 سنوات، ما زلنا نكافح مع صدماتنا لأن القصة لم تنته بعد، علينا أن نتعود على فكرة أنه في أي يوم من الأيام يمكن أن ينتهي المطاف بصديق أو أحد أفراد العائلة في السجن أو أن يتوفى شخص قريب منا خلف القضبان بسبب الإهمال الطبي أو التعذيب".

وأضاف "عموما، إنها إستراتيجية للنظام حتى لا نجد لحظة سلام أو نتغلب على الصدمة".

وبينت الصحيفة أن "حالة التدهور واليأس الجماعي بدأت تظهر في الإحصائيات، ووفقا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية نُشر عام 2018، تتصدر مصر ترتيب الدول العربية التي سجلت أعلى نسبة انتحار لكل 100 ألف شخص".

وتعد هذه الحالات نتيجة لتدهور الصحة النفسية، التي ساهمت فيها الأزمة الاقتصادية والهاوية الاجتماعية، والتي تصاحب أيضا من يتجه إلى المنفى. 

ونقلت "ألموندو" عن ليلى سويف، والدة علاء وسناء، وهما رمزان من رموز القمع، قولها: "لقد كنت مشغولة للغاية بمحاولة الاعتناء بأولادي في السجن والاحتجاج لدرجة أنه لم يكن لدي وقت لأشعر بذلك". 

وتواصل: "مر زوجي أيضا بكل هذا، كان في السجن وتعرض للتعذيب في الثمانينيات.. خرج من السجن وبنى حياة جديدة تماما كمحامي حقوق الإنسان، يحظى بإعجاب الكثيرين، في الواقع، يعتمد التعافي على إيجاد طريق للمضي قدما". 

واختتمت سويف حديثها بالقول: "لدي أمل مجرد في المستقبل، أعرف أن هذا النظام يمكن أن يحافظ على الخوف، ولكنه لا يمكن أن يعد باستقرار البلاد، وفي حالة عدم الاستقرار هناك دائما فرص".