شركات الهواتف الذكية تنشئ سلاسل تصنيع جديدة.. لماذا فضلت تركيا؟

12

طباعة

مشاركة

أعلنت شركة الهواتف الذكية الصينية أوبو "Oppo" أنها ستطلق منتوجها الأول من تركيا في فبراير/شباط 2021، حيث يصل حجم استثماراتها نحو 50 مليون دولار، وتعتزم تصديره إلى أوروبا السوق الرئيس للشركة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت الشركة الصينية بدء سلسلة الإنتاج في تركيا، فيما دخلت شركة "تكنو" "Tecno" السوق التركية، في الشهر نفسه، بثلاثة موديلات من هواتفها الذكية.

ومن المتوقع أن تعلن شركات أخرى بينها أسماء بارزة في سوق الهواتف الذكية، استثماراتها في تركيا خلال الفترة المقبلة، مستفيدة من البنية التحتية في البلد الأوروبي ذات الموقع الإستراتيجي والإمكانات الاستثمارية الهائلة.

وقبل فترة، بدأت شركة التكنولوجيا الكورية الجنوبية العملاقة "سامسونج" إنتاج الهواتف المحمولة في تركيا تحت العلامة التجارية Sunny، فيما يتوقع مراقبون أن يكون لذلك مردود على المستهلك التركي من خلال انخفاض أسعار الهواتف بنسبة تصل إلى 40 بالمئة.

شركة "أوبو"

شركة "أوبو" التي تأسست عام 2004 في الصين، لديها أكثر من 40 ألف موظف حول العالم، ووصلت إلى أكثر من 300 مليون مستخدم، وبلغت مبيعاتها في الربع الثالث 2020، إلى 31.8 مليون وحدة، وحلت في المرتبة الخامسة عالمياً بعد شركة آبل، من حيث المبيعات.

الشركة أعلنت في 2020، أنها تستثمر 7 مليارات دولار عالميًا لتطوير التقنيات الأساسية في الأجهزة والبرامج والأنظمة، جنبًا إلى جنب مع 5G / 6G على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

ويعتبر مركز البحث والتطوير الخاص بشركة "أوبو" في الهند، هو الأكبر خارج الصين، وتسعى الشركة أن تكون من بين العلامات التجارية الأولى التي تطرح تقنية 5G في قطاعات أسعار منخفضة.

أما شركة الهواتف الذكية الصينية "تكنو" فقررت أيضاً أن تستثمر في تركيا، واتخذت الخطوات اللازمة لبدء الإنتاج فيها بقيمة تجاوزت 25 مليون دولار، على أن تنتج الشركة أول هاتف ذكي لها بتركيا مارس/ آذار المقبل.

وحسب تصريحات الشركة، فإن مصنعها الذي أسسته بمنطقة بنديك بإسطنبول، سيخدم المستخدمين الأتراك وسيصبح قاعدة إنتاجية تقوم بالتوزيع للسوق الأوروبية.

واحتلت "تكنو" مكانة بين أكبر 10 علامات تجارية منتجة للهواتف الذكية على مستوى العالم، ودخلت السوق التركية في نهاية عام 2020 حيث أطلقت 3 طرازات للهواتف الذكية لأول مرة.

ومع هذا القرار الاستثماري، ترغب الشركة في أن تكون لاعباً أساسياً في كل من السوق المحلية والمنطقة الأوروبية، فقد اتبعت "تكنو" خطوات أقرانها الصينيين "هواوي" و"شومي" و"أوبو"، الذين بدأوا بالفعل التصنيع في تركيا. 

وحسب شركة "ستيت كاونتر" لتحليل البيانات ومقرها أيرلندا، فإن "تكنو" تستحوذ على رابع أكبر حصة في السوق الإفريقية بنسبة 8.14 بالمئة، وتستهدف زيادة حصتها في السوق الأوروبية.

إنعاش السوق

أيضا بدأت شركة التكنولوجيا الكورية الجنوبية "سامسونج" التصنيع في تركيا، من خلال افتتاح فرع في إسطنبول مع شركة محلية، معلنة أن الإنتاج سيتم بشكل أساسي من خلال تجميع الأجزاء الإلكترونية من الهواتف الذكية.

"سامسونج" التي تأسست عام 1938، من قبل Lee Byung-chul بمبلغ 30 ألف وون (27 دولارًا فقط)، هي ثاني أكبر مصنع في العالم حاليا، حيث حققت أعلى ربح من مبيعات الهواتف الذكية في الست سنوات الماضية بحسب النتائج المعلنة في الربع الثالث من 2020.

ومع اشتداد المنافسة على إنتاج الإلكترونيات في تركيا مؤخرًا، أبرمت "سامسونج"، الرائدة في سوق الهاتف المحمول التركي بحصة 40 بالمئة، اتفاقية مع Atmaca Elektronik وبدأت الإنتاج منذ عدة أشهر لبعض الأجهزة الإلكترونية.

وتعد Atmaca Elektronik شريك "سامسونج" أحد أكبر مصنعي الشاشات في تركيا، وهي أيضًا مورد لعمالقة التكنولوجيا في العالم، حيث تقوم بتصنيع 4 من كل 10 أجهزة هاتف من سامسونج، منتجة في تركيا وعملت أيضًا بالتعاون مع Philips.

وكجزء من الاتفاقية، بدأت هواتف "سامسونج" المحلية الإنتاج في مرافق Atmaca، وتهدف الشركتان إلى إنتاج 3 ملايين هاتف ذكي سنويًا.

ويتوقع الخبراء أن أسعار الهواتف المحمولة التي تصل إلى 2500 ليرة تركية (338 دولارًا) يمكن أن تنخفض بنسبة تصل إلى 40 بالمئة مقارنةً بمثيلاتها المستوردة، بينما من المتوقع أن تكون الخصومات 25 بالمئة في الشريحة الوسطى.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، قال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك: "زادت ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في الاقتصاد التركي بفضل نجاحنا في إدارة الأزمات".

وتابع: "المؤسسات الدولية التي رسمت سيناريوهات سلبية للغاية بشأن الاقتصاد التركي، بدأت مطلع العام في تعديل توقعاتها لنمونا بشكل إيجابي".

 

إستراتيجية متكاملة

في تصريحات للصحافة المحلية، في ديسمبر/كانون الأول 2020، قال بُراق داغلي أوغلو، رئيس مكتب الاستثمار في الرئاسة التركية، إن تركيا تعتبر مركز جذب للمستثمرين في قطاع التكنولوجيا، لما تملكه من قوى عاملة شابة ومدربة، وبنية تحتية صناعية متطورة ورقمية قوية، وموقع جغرافي إستراتيجي يسمح للمستثمرين بالوصول إلى أسواق متنوعة.

وأضاف أن المكتب يسعى أيضا لدعم المستثمرين في بلدانهم، من خلال مكاتبه في الولايات المتحدة وألمانيا والإمارات والصين وكوريا الجنوبية وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا واليابان وقطر وبريطانيا والسعودية وسنغافورة.

وأوضح أن الشركات الدولية في مختلف القطاعات تضع بلدنا مركزا إقليميا للبحث والتطوير والتصميم والإنتاج والخدمات اللوجستية والإدارة، مذكرا أن معظم مصنعي الهواتف المحمولة في العالم يجرون في هذه المرحلة تقييمات حول الإمكانات والمزايا التي توفرها تركيا من أجل اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

ولفت المسؤول، إلى أن "السوق التركية وحدها تشهد مبيع أكثر من 10 ملايين هاتف محمول سنويا، وهذا يجذب الشركات العالمية التي ستعمل على تلبية احتياجات السوق المحلية أولا، ثم الأسواق القريبة بدول المنطقة".

وذكر داغلي أوغلو، أن بدء شركات دولية في إنتاج الهواتف الذكية بتركيا، سينعكس بصورة إيجابية على زيادة معدلات الإنتاج المحلي بشكل تدريجي، وأضاف أن ذلك سيخلق فرصة للمصنعين المحليين للاندماج في سلسلة التوريد العالمية بمجال صناعة الهواتف الذكية.

داغلي أوغلو لفت أيضا إلى أن تركيا تقف على أعتاب فرصة حقيقية لتطوير صناعاتها، وخاصة قطاعات الإلكترونيات والآلات والكيماويات.

وقال إن تركيا قادرة على الاستفادة بشكل كبير من التغييرات العالمية المحتملة، حيث يجري مكتب الاستثمار الدراسات اللازمة مع الوزارات المعنية لدراسة المتغيرات وتحديد المجالات والخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها.

وأوضح أن أنقرة أدخلت إصلاحات مهمة في التشريعات والقوانين من أجل دعم الحوافز وتسهيل عملية الاستثمار لمنتجي الهواتف المحمولة، وزاد: "هذه الإصلاحات والتعديلات التي اتخذتها وزارة الصناعة والتكنولوجيا تهدف لزيادة الاستثمارات بشكل عام وقطاع إنتاج الهواتف الذكية بشكل خاص".

وتابع: "بالطبع كل دولة لديها بعض الميزات والفرص الفريدة التي تقدمها، إلا أن تركيا توفر للمستثمرين جميع المزايا المهمة التي توفرها كبرى الدول"، واستكمل قائلا: "فضلا عن أن تركيا تعتبر وجهة مهمة للاستثمار ليس فقط في المنطقة بل في جميع أنحاء العالم".

وأضاف أن "بيئة الأعمال الصديقة للمستثمرين التي تم توفيرها خلال السنوات الـ18 الماضية، واللوائح والتشريعات المتخذة وفقا لاحتياجات المستثمرين وأجندة الإصلاح المتابعة للتطورات الاقتصادية بالعالم، شكلت فرصة مهمة للمستثمرين".