هدى فرعون.. مدللة بوتفليقة تخرج من الوزارة إلى غياهب "الحراش"

12

طباعة

مشاركة

"هدى فرعون.. من تصنيف فوربس إلى سجن الحراش"، هكذا عنونت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرها عن اعتقال وزيرة "البريد وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" الجزائرية السابقة.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، قررت محكمة "تيبازة" غربي العاصمة، إيداع "فرعون" الوزيرة السابقة في حكومة نور الدين بدوي، الحبس المؤقت في سجن "الحراش".

نُسبت لـ"فرعون" عدة تهم فساد، أبرزها التورط في ما يعرف في الجزائر بملف "الإخوة كونيناف"، الذراع المالي لعائلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إثر حصولهم على امتيازات ونهب للمال العام وقروض خيالية بطريقة غير قانونية.

وتوصلت التحقيقات التي أجرتها السلطات الأمنية في يناير/كانون الثاني 2020، إلى تورط "فرعون" في منح امتيازات غير قانونية لشركة “موبيلينك” المملوكة للإخوة "كونيناف"، الأمر الذي كبّد خزينة الدولة أكثر من 30 مليون دولار.

من هي فرعون؟

ولدت "فرعون" في 6 يونيو/حزيران 1979، بولاية سيدي بلعباس غربي الجزائر، وحصلت على الماجستير في الفيزياء بجامعة "سيدي بلعباس" عام 2001، وعلى دكتوراه في الفيزياء من جامعة "جيلالي لبايس" عام 2005، وفي نفس السنة، دكتوراه أخرى في العلوم الهندسية بجامعة "بلفور ومونبليار للتكنولوجيا" الفرنسية.

شغلت "فرعون" منصب أستاذة في جامعة تلمسان بين (2013 و2015)، وقبلها أستاذة محاضرة في الجامعة ذاتها بين (2008 و2013)، وقبلها أستاذة مساعدة بين (2006 و2008)، وملحق مؤقت بالتعليم والبحث في جامعة "بلفور ومونبليار للتكنولوجيا" بين _(2004 و2006).

كما عملت الوزيرة السابقة في جامعة "أبي بكر بلقايد تلمسان" مسؤولة عن تخصص "فيزياء المادة المكثفة الخاص بمرحلة الماجستير" بين (2010 و2011)، ورئيس "فرقة البحث عن المعادن والسبائك في وحدة البحث عن المعادن والطاقات المتجددة" في الجامعة ذاتها.

كما شغلت "فرعون" منصب مدير عام الوكالة الموضوعاتية للبحث في العلوم والتكنولوجيا بين (2012 و2015)، ومدير عام الوكالة الوطنية لتطوير البحث الجامعي بين (2011 و2012)، وممثلة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية. 

وبعد 5 سنوات في الوزارة (1015-2020)، وإثر الحبس المؤقت (في ديسمبر/كانون الأول الجاري)، طعنت هيئة الدفاع عن "فرعون" لدى غرفة الاتهام للمحكمة العليا في القرار.

وفي انتظار انتهاء أطوار المحاكمة، تقبع الوزيرة السابقة في سجن "الحراش" إلى جانب عدد من المسؤولين السابقين، الذين ثبتت في حقهم تهم الفساد ونهب المال العام.

محاولة هروب

في يناير/كانون الثاني الماضي، ضاق الخناق على هدى فرعون، بعد أن ورد اسمها في عدة قضايا فساد.

واعتبرت وسائل إعلام محلية، أن النظام السابق كان يحمي فرعون منذ فترة طويلة، وذكرت أنها تمتعت بحماية الرجل القوي، رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح.

وركز البحث القضائي على شبهات تبديد الأموال العامة، ومنح مزايا غير مستحقة، وامتيازات غير قانونية لرجال الأعمال المحتجزين في سجن الحراش منذ أبريل/نيسان 2019.

استهدف وزيرة "البريد وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" السابقة، حظرا على مغادرة التراب الوطني، أصدره القضاء في اليوم التالي لرحيل الحكومة في 4 يناير/كانون الثاني 2020.

وحاولت الوزيرة السابقة مغادرة الجزائر إلى فرنسا من مطار الجزائر الدولي "هواري بومدين" ومطار "قسنطينة"، لكنها مُنعت من الصعود إلى الطائرة.

مقربة بوتفليقة

عندما تم تعيين "فرعون" وزيرة لـ"البريد وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" عام 2015، كان من الهدف من هذه الفيزيائية التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 36 عاما، "تأنيث" الفريق الحكومي، رفقة 3 وزيرات أخريات. 

مباشرة بعد تعيينها في منصبها الوزاري، صعدت أصغر وزيرة انضمت إلى حزب "جبهة التحرير الوطني" عام 2010، إلى المركز التاسع بين أقوى النساء العربيات الأعضاء في الحكومات، في تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية. 

عُينت الوزيرة في مايو/أيار 2015، خلال تعديل حكومي أجراه الرئيس السابق بوتفليقة، في وقت حساس بالنسبة للجزائر، إذ تطلعت الحكومة -آنذاك- إلى مواجهة تراجع في إيرادات النفط بعد هبوط أسعاره العالمية والتعامل مع قضية الأمن على الحدود مع ليبيا ومنطقة الساحل.

ربطت "فرعون" التي استمرت في المنصب حتى يناير/كانون الثاني 2020، وفق وسائل إعلام محلية، علاقة مباشرة بعائلة بوتفليقة، وظهرت الوزيرة السابقة بشكل مفاجئ في الساحة السياسية، بدعم مباشر من أسرة الرئيس السابق قبل سنوات.

لكن مع سقوط النظام في الجزائر، ارتبط اسم "فرعون" بعدد من صفقات الفساد التي توبع على إثرها مسؤولون من النظام السابق.

كما أثارت "فرعون" الجدل في الجزائر، عندما كانت “تحظى بشرف” قراءة خطب الرئيس خلال احتفالات عيد المرأة، ما جعلها تكتسب لقب "الوزيرة المفضلة لآل بوتفليقة". 

وقد استمرت "فرعون" على رأس وزارة "البريد وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" لمدة 5 سنوات، وكانت محل متابعة خاصة من وسائل الإعلام المحلية.

قضية كونيناف

قالت مجلة "لوبوان" الفرنسية: "إن السعيد بوتفليقة مستشار وشقيق الرئيس السابق عبد العزيز، من المحتمل أن يتم استجوابه في قضية وزيرة البريد السابقة فرعون والأخوين كونيناف".

وتكشف المجلة الفرنسية، أن قضية وزيرة البريد السابقة، التي كانت نافذة في عهد بوتفليقة، تتعلق بالعقد الذي حصلت عليه “موبيلينك” شركة الاتصال التابعة للمجموعة الصناعية للأخوين "كونيناف" المسجونين بتهمة الفساد، منذ أبريل/نيسان 2019. 

وتضيف المجلة أن الإجراءات غير الدقيقة للوزيرة السابقة، أثرت بعمق على التطور في مجال التقنيات الجديدة، والدفع الإلكتروني والازدهار في القطاع بشكل عام في بلد متأخر جدا من حيث “مسألة الإنترنت”.

وفي مارس/آذار 2020، أشارت العديد من وسائل الإعلام الجزائرية إلى قيام الوزيرة بإغلاق مشروع مد "الألياف الضوئية" في المناطق الحدودية، والصحراء بالبلاد، وكانت الوزيرة متورطة في عرقلة المشروع.

والأسوأ من ذلك -حسب لوبوان- أن هذه الشركة لم تنفذ المشروع، وتعاقدت سرا مع شركات خاصة أخرى، مما تسبب في خسائر بالمليارات.

وأوضحت مصادر إعلامية، أن امتداد شبكة الألياف الضوئية إلى هذه المناطق له طابع إستراتيجي وأمني، لأنه يهدف إلى تأمين حدود الدولة.

وتابعت "لوبوان" التوضيح، أنه تم حظر مشروع مهم آخر، وهو الدفع بواسطة الهاتف المحمول، وحدث تغيير جذري نهاية عام 2015، عندما أعطى البنك المركزي موافقته على خيار الدفع عن طريق الهاتف المحمول، إذ قامت الوزيرة بإقالة رئيس شركة “موبيليس” بحجة توقيع عقد مع شركة “أورانج” دون الرجوع إليها.

لكن مسؤولين سابقين لدى شركة "موبيليس" -تقول لوبوان- أكدوا أن هدف الوزيرة من هذا القرار هو “منع إطلاق الدفع بواسطة الهاتف المحمول في الجزائر لحماية شركة “مونيتكس” الجديدة التي أنشأها الأخوان كونيناف، ومشاريعها التابعة لـتطوير الخدمات المصرفية الإلكترونية مع مكتب البريد والبنوك العامة الأخرى.