حقوقية من الحويطات لـ"الاستقلال": هذه خطواتنا لملاحقة ابن سلمان دوليا

12

طباعة

مشاركة

منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017، تتزايد معاناة 20 ألف مواطن سعودي، بسبب مشروع "نيوم" الذي أعلنه ولي عهد السعودية محمد بن سلمان.

المشروع المتعثر بسبب أزمات داخل المملكة تصل تكلفته إلى 500 مليار دولار، وتخطط السعودية إقامته على مساحة 26 ألف كيلو متر مربع من الأرض الجرداء المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وسعيا منها في إتمام مشروعها العملاق، تواصل سلطات المملكة تضييق الخناق على أبناء قبيلة "الحويطات"، في محاولة لتجريدهم من أراضيهم ومنازلهم التي يقيمون عليها منذ عقود.

تلك المعاناة دفعت أهالي القبيلة إلى خطوات احتجاجية ضد المملكة، وأخذت فيما بعد منحى قانونيا في شكوى تقدم بها محامون موكّلون من أبناء "الحويطات" لدى الأمم المتحدة.

وبحسب الشكوى المرفوعة في تاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2020، والتي اطلعت عليها "الاستقلال"، فإنه "تم إرسال رسالة عاجلة إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق السكان الأصليين".

تمت مخاطبته "بشأن حقوق الإنسان الخاصة بالمهجرين داخليا، كما تم إرسال رسالة مماثلة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نيابة عن قبيلة الحويطات في السعودية".

ولتفاصيل أكثر عن الشكوى وتأثيرها على صورة ولي العهد دوليا، حاورت "الاستقلال" الناشطة السياسية والحقوقية البارزة "علياء أبوتايه الحويطي"، المنتمية لقبيلة الحويطات والتي تعيش في لندن.

5 قضايا

  • ما هي القضايا التي تضمنتها الشكوى؟

تضمنت الشكوى 5 قضايا وهي: طلب التحقيق في مقتل المواطن عبد الرحيم الحويطي (15 أبريل/نيسان 2020)، واستخدام العنف والآليات الثقيلة وهدم منزله عليه، إضافة إلى خطف "سليمان الطقيقي الحويطي" لنشاطه على تويتر.

فضلا عن التهجير القسري دون توفير مأوى ولا تعويض مناسب، وإرهاب المواطنين عبر الآليات الثقيلة وسيارات الشرطة والهدم، وترويع الأطفال والسكان عبر موظفي الإخلاء وإمارة تبوك، وأخيرا التحقيق في خطف واختفاء 13 من أفراد القبيلة وعدم معرفة مصيرهم.

والمختطفون هم: رشيد إبراهيم الحويطي، وعبد الله إبراهيم الحويطي، وعبد الإله رشيد الحويطي، وعون عبد الله الحويطي، وصالح سليم الحويطي، وضيف الله الحويطي، وسامي هليل الحويطي، وسليمان محمد الحويطي، وهادي سالم الحويطي، ومحمود سالم الحويطي، وأحمد عبد الناصر الحويطي، ومحمد صقر الحويطي، وعبد الله صالح الحويطي، وتم حديثا إضافة شخصين إلى قائمة المختطفين لم يتسن التعرف على اسميهما.

  • هل هناك إمكانية بتحويل الشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

نعم الأمر وارد بنسبة 200%. إذا لم يستجب النظام سنصعد القضية عبر القوانين الدولية ومنظمات حقوق الإنسان التي تدعمنا.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر مهم أن القانون السعودي فيه ثغرات بمسألة التهجير القسري، فحسب الشريعة والقانون والدستور في المملكة لا يحق لهم (السلطات) ذلك.

  • إلى أين وصلت مجريات الشكوى؟

الآن هناك متابعة حثيثة. الأمم المتحدة أبدت اهتمامها بهذا الشأن، ولكي تكونوا في الصورة أود التوضيح بأنه قبل اللجوء إلى الأمم المتحدة، أرسلنا رسالة إلى 35 مستثمرا أميركيا في مشروع نيوم ولم نتلق ردا ثم كررنا الأمر برسالة تذكيرية.

شرحنا لهم القضية بحذافيرها وأشرنا إلى مقتل "عبد الرحيم" وما حدث من تهجير للسكان، كما أوضحنا لهم أن هذه الأرض (المنوي إقامة المشروع عليها) غير خالية ومأهولة بالسكان، وأكدنا لهم أن السلطات السعودية غررت بأبناء الحويطات بوعود واهية.

أوصلنا رجاء أخلاقيا ومهنيا إلى هؤلاء المستثمرين، وطلبنا منهم ألا يقوموا بهذا المشروع، فإن لم يستجيبوا لنا سيكونون تحت المساءلة الدولية، لكن لم نتلق ردا على الرسالة الثانية فاضطررنا إلى تقديم الشكوى لدى الأمم المتحدة.

ثلاثة أرجل

  • هل من خطوات تصعيدية أخرى تعتزمون القيام بها؟

نعم، سنقوم بعمل مؤتمرات في جنيف قريبا بعدها سنصعد عن طريق المحاكم الدولية، وهي جاهزة لتناول القضية في بريطانيا والعالم عن طريق المحامين، وهناك محكمتان يمكننا بسهولة رفع القضية أمامهما إذا لم تتجاوب السلطات السعودية.

  • بتقديركم، ماذا يعني قبول الشكوى من الأمم المتحدة؟

قبولها يمثل اعترافا من الأمم المتحدة بأنها قضية تستحق الالتفات إليها، وأن هناك انتهاكات واعترافا بأن النظام السعودي لا يحترم حقوق الإنسان وينتهك كرامة مواطنيه وسيادة أرضه من خلال إعطائها لأجانب (في إشارة إلى المستثمرين)، وكأنهم يبيعون البلد.

  • دوليا، كيف ستؤثر الشكوى على صورة المملكة وتحديدا ولي العهد السعودي؟

صورة المملكة أصلا متضعضعة مهتزة، وأنا أشبهها حاليا بالطاولة الواقفة على ثلاثة أرجل، وأي مصيبة أو كارثة ستقع في السعودية فهي آيلة للسقوط في أي لحظة. وهذه القضية تمثل مسمارا يدق في نعش مصداقية النظام السعودي وأمانته والتزامه.

وأنا أقول دائما إن قضية (الصحفي السعودي) جمال خاشقجي (الذي قُتل في سفارة الرياض بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018) لم تنته بعد حتى تبدأ، وهذه من الأشياء التي ستثقل الملفات والعقوبات، وتضيق الخناق على محمد بن سلمان ونظامه.

هذه القضايا ستُشعر المجتمع الغربي بأنه (ابن سلمان) عبء عليه ويجب التخلص منه في أسرع وقت يمكن، وكما شاهدنا ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أنه أصبح يهدد الأمن القومي الأميركي، وصورة قادة العالم الذين يتحالفون معه، وهذا يمثل كارثة بالنسبة له.

مفاوضات سرية

  • من خلال متابعتكم للقضية، هل الاحتجاجات مستمرة هناك في منطقة الحويطات (نيوم)؟

لا توجد أي احتجاجات حاليا، فقط هناك بعض المحاولات الخجولة من خلال أطفال وبعض أشخاص يكتبون عبارات احتجاجية على جدران منزلهم بالخفاء، لأنه إلى غاية الآن لا يوجد هجوم من الدولة ولا اقتحام بالمدرعات.

ما يحدث بالضبط أن رجال الأمن يقتحمون البيوت أو يتواصلون مع الأهالي هاتفيا لاستدعائهم بغرض التفاوض معهم وتعويضهم ماليا مقابل التنازل عن بيوتهم.

يتم أيضا أخذ أبناء الحويطات من منازلهم فرادى من قبل إمارة تبوك، وتجري معهم مفاوضات سرية بعرض مالي قدره 13 -15 ألف ريال سعودي، ويتم الحديث معهم من قبل المحقق المسؤول الذي يخيرهم بين قبول العرض أو إخراجهم من بيوتهم غصبا بدعوى أن "هذه أملاك دولة".

بعض من هؤلاء ونسبتهم 3% فقط (حوالي 10 أسر) قبلوا بالعرض لأنهم يخشون على حياتهم، أما الباقون فرفضوا الذهاب إلى إمارة تبوك للتفاوض وظلوا مرابطين في منازلهم، فوسيلة أهالي الحويطات الوحيدة الآن هي الرباط في البيوت، وهذه أقوى طريقة يواجهون بها النظام.

النظام السعودي نفسه بعد قتل "عبد الرحيم" متردد جدا في أن يشن هجوما جماعيا أو أن يقوم بتنفيذ عمليات إزالة للبيوت، لأن ذلك قد يتسبب في ثورة ضده.

الجماعة (قبيلة الحويطات) تغلي جدا منذ قتل "عبد الرحيم"، خصوصا أنه إنسان نظيف السمعة ومعروف ومحبوب ومتدين، وبالتالي لديه أتباع وأشخاص معنيون برسالته.

  • هل يمكن حصر الأضرار التي وقعت على أبناء قبيلة "الحويطات" بسبب "نيوم"؟

أولا الناس فقدت ثقتها في الدولة ونظامها الذي سقطت مصداقيته. أبناء "الحويطات" يعيشون في رعب وإرهاب على مدار اليوم. الشرطة تخطف شخصا كل يومين. هناك أجواء من القمع وفرض الرؤية المستبدة على الأهالي.

وحتى نفسيا، الأطفال قلقون للغاية وأصبح لديهم رعب، خاصة بعد محاولة خطف طفل (لم تذكر اسمه) يبلغ من العمر 11 عاما. الشعب (من قبيلة الحويطات) بدأ يغلي.