نيويورك تايمز: ترامب سيتجه للديكتاتورية حال انتخابه مرة ثانية
في 2016، عندما كان دونالد ترامب يترشح للرئاسة الأميركية، ادعى القادة الجمهوريون أن الرجل سيحترم سيادة القانون، لكنه لوح وهدد بخرقه في كثير من المرات وسمم الخطاب العام في الولايات المتحدة.
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز على الأمر ناقلة عن السيناتور جون ماكين: "ما زلت أعتقد أن لدينا مؤسسات حكومية من شأنها أن تكبح شخصا يسعى إلى تجاوز التزاماته الدستورية، لدينا الكونغرس، والمحكمة العليا. نحن لسنا رومانيا".
وفي لهجة تهكمية يتابع التقرير الذي نشرته الصحيفة: "تبدو رومانيا جيدة جدا هذه الأيام. فبعد أن قامت فريدوم هاوس، وهي منظمة تراقب الحريات السياسية في الدول حول العالم، بخفض تصنيف الولايات المتحدة إلى درجة 86 من أصل 100، أصبحت الأخيرة أعلى بثلاث نقاط فقط من رومانيا، وأقل بكثير من أقرانها الديمقراطيين السابقين مثل بريطانيا وألمانيا".
وهو أيضا أقل بكثير مما حصلت عليه الولايات المتحدة نفسها في عام 2010، ويتمثل في 94 نقطة. وقد استفاد ترامب من هذا الانخفاض المزعج وساهم فيه، وفق التقرير.
انتهاك الدستور
واستدرك: "ولكن لإعطاء ماكين حقه، لم ينتهك الرئيس بعد بشكل واضح قوانين أو دستور الولايات المتحدة، لكنه هدد بخرق القانون، وكان يتراجع دائما عن ذلك في اللحظة الأخيرة في أهم الحالات".
وتابع: "نبع الضرر الذي ألحقه الرئيس للبلاد من خلال تسميمه للخطاب العام بالأكاذيب والشتائم، أيضا من خلال جهوده، غير الناجحة إلى حد كبير، لتوجيه التحقيقات الجنائية ضد أعدائه".
كذلك تلاعبه بدوافع سياسية في منصبه لتعزيز مكانته على حساب السياسة الخارجية الأميركية والمصلحة العامة الأوسع. أضف إلى ذلك تعيينه لمعدومي الكفاءة في المناصب العليا في الحكومة، وخياراته السياسية السيئة جدا، بما في ذلك إهماله لوباء فيروس كورونا، وفق التقرير.
كل هذا كان قانونيا، للأسف، مع استثناء غامض حول إعاقته (غير الناجحة في الغالب) للتحقيقات الجنائية لمساعديه.
وتابع التقرير: كل هذا يثير السؤال: ماذا سيحدث إذا أعيد انتخاب ترامب؟ جون بولتون (مستشار الأمن القومي السابق)، وصف رئيسه السابق بأنه "خطر على الجمهورية" إذا أعيد انتخابه.
وتساءل: "هل سينتهك ترامب أخيرا، إذا ما حكم لفترة ثانية، حدود الدستور، كما توقع الكثير من النقاد منذ توليه منصبه في عام 2017؟".
الجواب على الأرجح لا، ولسببين: أولا، المؤسسات الأميركية، رغم تضررها، تظل قوية. ويوضح التقرير ذلك، بالقول: "لقد وقفت هذه المؤسسات بقوة عندما حاول ترامب دفعهم جانبا؛ فكثيرا ما حكمت المحاكم ضد ترامب، بل وأدانته".
ولم تكن الصحافة منزعجة من مضايقة ترامب للصحفيين. كذلك تجاهلت الولايات أوامر الرئيس برفع عمليات إغلاق Covid-19 أو قمع الاحتجاجات ضد وحشية الشرطة.
أيضا، رفض الجيش عندما هدد ترامب بإرسال الجنود لقمع المتظاهرين (على خلفية مقتل المواطن الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد).
في معظم الأحيان، لم تتهاون وزارة العدل في الغالب خلال التحقيقات بشأن حلفاء ترامب، ويعد سحب الدعوى ضد مايكل فلين (مساعد سابق لترامب أدين خلال تحقيق بالتورط في حدوث تدخل روسي مزعوم في الانتخابات الرئاسية السابقة)، استثناء نادرا، وفق التقرير.
ثانيا، والمثير للدهشة بالنسبة للبعض، أن ترامب لم يحاول توسيع سلطاته. ويوضح التقرير، بالقول: "هناك تاريخ طويل في البلدان الأخرى للقادة المنتخبين ديمقراطيا الذين يسيطرون على السلطات الديكتاتورية في حالات الطوارئ، وتوقع منتقدو ترامب الشيء نفسه منه".
ولكن عندما ضربت أزمة حقيقية الولايات المتحدة في شكل جائحة، كان ترامب غير مهتم بشكل واضح في الاستيلاء على السلطة أو حتى استخدام السلطات التي يمتلكها بالفعل.
الدعم السياسي
وتابع التقرير: "على النقيض من ذلك، اتبع زعيم المجر، فيكتور أوربان، سياسة الديماغوجية (استثارة عواطف الناس) للمطالبة والحصول على سلطات شبه ديكتاتورية من السلطة التشريعية".
الحقيقة السياسية العنيفة التي تميز ترامب عن أوربان، هي أن الأول لا يتمتع بشعبية كبيرة ولا يثق به على نطاق واسع، وهو كذلك منذ انتخابه في عام 2016.
وواصل التقرير: "يفتقر (ترامب) إلى الدعم السياسي لأي طموحات استبدادية قد تكون لديه؛ فالأميركيون، الذين لديهم تقاليد ديمقراطية طويلة والتي تفتقر إليها بلدان مثل المجر".
ويؤكد التقرير أن: "كل هذا ليس دعوة للرضا في حالة إعادة انتخابه لفترة ثانية، ولكن للإشارة إلى أننا نركز على الضرر الذي من المحتمل أن يحدثه ترامب بدلا من افتراض أسوأ السيناريوهات التي من غير المرجح أن تحدث".
وطالما ظل الجمهوريون في السلطة بمجلس الشيوخ، فإن ترامب سيبقى يتمتع بحرية التصرف لتعيين الموالين مثل المدعي العام بيل بار، الذي حمى ترامب وحلفاءه بشكل متزايد من التحقيقات والملاحقة القضائية.
وغضبا من الأحكام السلبية الصادرة عن الجمهوريين المعينين في المحكمة العليا، ربما يسعى ترامب إلى تعيين "تابع" إذا شغر أحد المواقع، وفق التقرير.
ويقول التقرير: "لقد جمع ترامب سجلا مذهلا من الفشل لوكالاته التنظيمية، فوفقا لأحد الإحصاءات، حظرت المحاكم إجراءات الإدارة (بما في ذلك إجراءات إلغاء القيود التي يشتهيها حلفاء عمل ترامب) ما يقرب من 90 ٪ من الوقت".
ويتابع: "يمكننا أن نتوقع المزيد من سوء الإدارة للوكالات الأميركية خلال فترة ولاية ثانية. العديد من موظفي الخدمة المدنية محبطون بسبب عداء الإدارة للتنظيم، والبعض الآخر يستاء من الضغوط السياسية التي تأتي من أعلى".
العديد من هؤلاء الأشخاص، الذين يمثلون بئرا عميقة من الخبرة في كل شيء من الطاقة النووية إلى علم الأوبئة، قد يستقيلون بدلا من تحمل أربع سنوات أخرى من الازدراء والمضايقة، كما يتوقع التقرير.
وواصل: "استخدم ترامب العديد من الموارد القانونية المتاحة له لمنع الأجانب من العمل واللجوء إلى الولايات المتحدة وتعطيل التجارة الخارجية، ويكمن توقع المزيد من نفس الأمر، مع ضرر أكبر لاقتصاد أميركا وعلاقاتها مع حلفائها".
ويتوقع التقرير أيضا أن يواصل ترامب إساءة استخدام سلطات الرئاسة في الشؤون الخارجية على حساب السياسة الأميركية، فقد ينغمس أخيرا في دفعه لسحب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي.
وستستمر الديمقراطيات الغربية في إبعاد نفسها عن الولايات المتحدة، مع تنامي الشعور بالاشمئزاز من ميل ترامب لإرضاء الحكام الديكتاتوريين وتقديم تنازلات مقابل دعم مصالحه الانتخابية.
وتابع: "غير مقيد باحتمال رد الفعل الانتخابي، سيستخدم ترامب سلطة العفو الخاصة به بشكل أكثر صراحة مما كان عليه بالفعل لمكافأة الحلفاء السياسيين الذين خالفوا القانون".
في الوقت نفسه، إذا ظل ترامب غير محبوب حتى بعد فوزه بالانتخابات، فمن المحتمل أن تستمر المحاكم والوكالات والكونغرس في تطويقه، مما يمنعه من التصرف بقوة حتى عندما يستدعي الأمر.
وتوضح الصحيفة أن "رئاسة ضعيفة، أيا كان من يشغل المنصب، سوف لن تكون قادرة على معالجة المشاكل المحلية الكبيرة، بما في ذلك المخاطر المستمرة من الوباء والقلق المتزايد بشأن عمل الشرطة، وستشجع الأعداء الخطرين، من روسيا إلى إيران".
وبينت أنه "إذا كان دونالد ترامب يشكل خطرا على الديمقراطية، فذلك ليس لأنه سيطيح بالدستور، بل بسبب ازدراءه للقيم والمؤسسات، وعدم كفاءته كقائد، ومع ذلك قد يقنع الأميركيين بأن الديمقراطية لا تعمل، في حين أننا ما زلنا نبدو بعيدين جدا عن تلك النقطة، فإن أربع سنوات أخرى من ترامب ستقربنا كثيرا".