مارتن غريفيث.. مبعوث أممي تواطأ مع "الحوثي" وحمل أجندة مشبوهة باليمن

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

كثف المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من جولاته لحل الأزمة اليمنية، في الفترة الأخيرة، غير أن تحركاته تواجه كثيرا من الصعوبات، بسبب الدور المشبوه الذي يؤديه ضد الحكومة الشرعية في اليمن لصالح أجندة أخرى.

في 14 يوليو/تموز 2020، أعلنت الحكومة الشرعية في اليمن رفضها لمقترحات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الأخيرة بشأن مسودة الحل الشامل في اليمن.

الحكومة قالت: إن المسودة تتجاوز مهمته كمبعوث أممي، وتنتقص من سيادتها، واتهمته بالرضوخ المستمر لمطالب الحوثيين غير المشروعة، مبدية استغرابها من إصرار غريفيث على تثبيت أعمال مليشيا الحوثي والتغطية عليها دوليا، حد قول الحكومة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الشرعية في اليمن راجح بادي في تصريحات صحفية: إن المقترحات تتجاوز وتنتقص سيادة الحكومة ومسؤولياتها، وتتجاوز بشكل واضح مهمته كمبعوث.

منذ تعيينه مبعوثا أمميا، والاتهامات الصادرة من الحكومة الشرعية توجه إليه بالتواطؤ مع الحوثيين وعدم وضوحه في التعامل، وكثيرا ما اتهم مدير مكتب الرئاسة عبد الله العليمي، في وقت سابق غريفيث بـ"التراخي، وعدم الوضوح في تسمية معرقلي اتفاق الحديدة".

وقال العليمي: "التراخي في تنفيذ الاتفاق وغياب الوضوح في تسمية المعرقلين يدفع إلى فشل اتفاق السويد"، مشيرا إلى أن التصعيد المستمر للحوثيين وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية والاعتقالات اليومية تشير إلى عدم وجود أي نوايا للسلام.

وواجه المبعوث الأممي تصعيدا غير مسبوق من مسؤولين في الحكومة الشرعية، وذلك بعد الإحاطة التي بارك من خلالها الانسحاب الذي قام به الحوثيون.

المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي صرح في وقت سابق، أن "مارتن غريفيث لم يعد نزيها ولا محايدا في أداء المهمة الموكلة إليه وفقا للقرارات الدولية، وأنه انحرف عن مسار المهمة الموكلة إليه".

دور مشبوه

في واقع الأمر، فإن دورا مشبوها وسمعة سيئة سياسيا قد لحقت بالرجل منذ تعيينه مبعوثا أمميا في فبراير/شباط 2018، خلفا للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، فمنذ توليه ملف الأزمة في اليمن، عمل المبعوث الأممي على تعزيز موقف مليشيا الحوثي وتحويلها من جماعة مسلحة غير شرعية، إلى طرف يمثل سلطة الأمر الواقع.

عزز غريفيث هذه المكانة، عبر الدعوة للحوار بين الشرعية والحوثيين في ستوكهولم في ديسمبر/كانون الثاني 2018، والذي ساوى فيها بين الطرفين، وكانت تلك المحادثات التي فشل غريفيث في تنفيذها وإلزام الحوثيين بها، خطوة باتجاه تعزيز موقف جماعة الحوثي.

في 15 مايو/أيار 2019، قدم غريفيث إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي أشاد فيها بخطوة الانسحاب الأحادي الجانب من مدينة الحديدة، وكال الثناء لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

وعلى أعقاب ذلك الموقف، وجه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ضمنها جملة من الاتهامات ضد غريفيث بارتكاب تجاوزات وصفت بغير المسبوقة، ومنها أنه "يصر على التعامل مع الانقلابيين كحكومة أمر واقع ومساواتها بالحكومة الشرعية".

وتضمنت تلك الاتهامات ما اعتبره الرئيس هادي "موقفا عمليا سلبيا للمبعوث الأممي من قرار مجلس الأمن رقم (2216) بشأن اليمن والعمل على تجاوزه وبقية القرارات من خلال تبنيه لإطار سياسي للمفاوضات خارج سياق القرارات الدولية وخارج إطار ما توصلت إليه جولات المشاورات التي سبقت مشاورات السويد".

مواقف ضبابية

رغم فشل كل الاتفاقيات التي أشرف عليها والحوارات التي دعا إليها، لم يقم غريفيث بدوره في تسمية الطرف المعرقل، ما جعل الحكومة الشرعية تتهمه بـ"الضبابية"، وقالت: إذا كانت هي الشرعية هي الطرف المعرقل فينبغي على غريفيث الإفصاح عن ذلك، وإن كان الحوثيون فيجب إحاطة مجلس الأمن بذلك الأمر.

الأحزاب السياسية المساندة للشرعية طالبت الأمم المتحدة بأداء أكثر وضوحا وصرامة ضد الانقلابيين، وقال ممثلو الأحزاب السياسية، خلال لقائهم غريفيث: إن "تساهل الأمم المتحدة شجع مليشيا الحوثي على الاستمرار في انقلابها، ورفضها للحل السلمي وتحديها للمجتمع الدولي"، ودعا ممثلو الأحزاب المبعوث الأممي إلى توسيع دائرة مستشاريه وعدم حصرهم في توجه معين.

ورغم أن اتفاق السويد قضى بتسليم الموانئ للحكومة الشرعية، إلا أن الحوثيين سلموها من أنفسهم لأنفسهم، ومع ذلك رحب المبعوث الدولي بهذه الخطوة واعتبرها إنجازا مهما.

غريفيث أدلى بإحاطة خلال اجتماع مجلس الأمن مؤخرا، بشأن انسحاب جماعة الحوثي، وطالب فيها أعضاء المجلس بالترحيب بذلك الانسحاب، كما طالب بإصدار دعوة لطرفي النزاع، بالعمل مع رئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة مايكل لوليسغارد.

وكالة "فرانس برس" للأنباء نقلت عن فرحان حق المتحدث باسم الأمم المتحدة تأكيده بدء عملية الانسحاب التي وصفها مارتن غريفيث بأنها "خطوة أولى".

رئيس الحكومة معين عبد الملك، انتقد دور المبعوث الأممي وإجراءاته بشأن تنفيذ اتفاق ستوكهولم المتعلق بتسليم موانئ مدينة الحديدة. وقال خلال لقائه السفير الروسي لدى اليمن فلاديمير ديدوشكين: "ما جرى في الحديدة من تسليم مليشيا الحوثي الموانئ لأنفسهم أمر غير مقبول، ويخالف الاتفاق بشكل صريح".

وأوضح عبد الملك، أن "مهام المبعوث الأممي ورئيس لجنة إعادة الانتشار هي تطبيق قرارات مجلس الأمن وليس مباركة الخطوات الأحادية الالتفافية للاستمرار في الحرب ضد الشعب اليمني".

"لعبة غريفيث"

من جانبه، طالب رئيس المكتب الفني للمشاورات، عضو الوفد الحكومي محمد العمراني بإنهاء دور المبعوث الأممي مارتن غريفيث، متهما إياه بعدم النزاهة والحياد. وقال العمراني في لقاء تلفزيوني على قناة اليمن الرسمية: "غريفيث ينطلق من مبادئ خاطئة، ويساوي بين حكومة شرعية ومليشيا".

وأوضح العمراني، أن "اجتماعات عمّان الأخيرة بين ممثلي الحكومة ومليشيا الحوثي لمناقشة إيرادات موانئ الحديدة، وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تعنت المليشيا، وتماهي المبعوث الأممي معها". 

ووفق مستشار رئيس الوزراء اليمني محمد الصبري، فإن الحكومة منذ فترة وهي تراقب ما وصفها "لعبة غريفيث"، مؤكدا أن مواقفه الأخيرة المتمالئة مع الحوثيين وإحاطته لمجلس الأمن عن اللعبة التي تم إدارتها في مدينة الحديدة كشفت بشكل كامل عن السوء الذي يمثله الرجل.

وأشار إلى أن غريفيث في الأصل معني بتنفيذ قرار مجلس الأمن، فإذا به يدخل في ممارسات لا تتفق مع وظيفته الدبلوماسية والدولية، ولا مع قرارات الأمم المتحدة، وتساءل الصبري: "كيف للحكومة أن تتعامل مع مبعوث لا يحترم مهمته؟".

وتجاه ذلك التصعيد الحكومي أعربت الأمم المتحدة عن قلقها الشديد من الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن وكذا تشدّد الخطاب تجاه مبعوثها الخاص خلال الأيام الماضية. 

وقال المتحدث باسم الأمين العام استيفان دوجاريك: إن الإجراءات المتخذة في اتفاق الحديدة إيجابية، معربا عن تفاؤل الأمم المتحدة إزاء الالتزام الثابت الذي كرره الرئيس هادي وحكومته.

خلافات أممية

رئيس فريق المراقبين السابق المعين من قبل الأمم المتحدة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت كان قد قدم استقالته، بعد أن عجز عن تنفيذ اتفاق السويد المتعلق بتسليم مدينة الحديدة وموانئها من قبل الحوثيين.

وحسب مصادر حكومية فإن خلافات حادة  كانت قد اندلعت بين غريفيث وكامرت، جراء عملية الانتشار الصورية التي قام بها الحوثيون في ميناء الحديدة، وحول مباركة غريفيث لعملية الانسحاب الزائفة، ومباركته لها.

إثر ذلك استقال كاميرت، تم تعيين الجنرال الدنماركي مايكل أنكر لوليزغارد خلفا له لمراقبة عملية الانتشار في الحديدة، وهو الأمر الذي لم يتم حتى اللحظة.

مطلع يناير/كانون الثاني 2019، رفض غريفيث طلبا لأمهات المختطفين بلقائه في صنعاء، من أجل الضغط على جماعة الحوثي والإفراج عن أبنائهن المختطفين.

وحسب أمة السلام الحاج رئيسة رابطة أمهات المختطفين، فإن مارتن قد رفض مقابلة الأمهات، وأجاب عليهن: من أنتم؟. ولم يسجل للمبعوث الأممي أي جهود حقيقية للإفراج عن المختطفين في سجون مليشيا الحوثي، كما لم يمارس أي ضغوط عليهم، من أجل إيقاف حملات الاختطاف المستمرة حتى اليوم.

سيرة ذاتية

مارتن غريفث هو بريطاني من مواليد 1951، ويعد أحد أهم الدبلوماسيين الأوروبيين وفقا للأمم المتحدة وهو المدير التنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام في بروكسل ، 

عمل في سوريا مستشارا للمبعوث الأممي الأسبق كوفي عنان، وفي 13 فبراير/شباط 2018 أعلنت الأمم المتحدة عن تعيينه مبعوثا أمميا إلى اليمن خلفا لإسماعيل ولد الشيخ أحمد.

كان المدير المؤسس لمركز الحوار الإنساني في جنيف، والذي يتخصص في الحوار السياسي، استمر في ذلك المنصب من عام 1999 إلى عام 2010.

عمل غريفيث في السلك الدبلوماسي البريطاني ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والمنظمة الخيرية (أنقذوا الأطفال).

عُين مديرا للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في جنيف في عام 1994 وأصبح منسق الإغاثة الطارئة لها في نيويورك عام 1998.