حسن دنائي فر.. دبلوماسي إيراني يسعى لتوحيد صفوف الشيعة بالعراق

يوسف العلي | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

عسكري إيراني شغل مناصب مهمة بالحرس الثوري، ثم انتقل للعمل الدبلوماسي وعين سفيرا لبلاده في بغداد لمدة 6 سنوات، كونه يتمتع بمواصفات ميزته عن غيره من القادة الإيرانيين، والتي ربما تؤهله أيضا لخلافة الجنرال قاسم سليماني في إدارة ملفات الخارج.

الدبلوماسي السابق حسن دنائي فر، ظهر اسمه بقوة خلال الأيام القليلة الماضية بعدما تمكن من توحيد صفوف معظم القوى الشيعية بالعراق للقبول بمصطفى الكاظمي رئيسا للحكومة، إثر مكوثه في بغداد لمدة 5 أيام ، وممارسة الضغط على حلفاء بلاده.

إيراني مرحّل

ولد حسن دنائي فر في بغداد عام 1962، وتعرض وأسرته للترحيل من العراق في ثمانينيات القرن الماضي على يد نظام حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين أثناء الحرب الإيرانية - العراقية لأنه من أصول إيرانية.

عمل بعد ذلك مع المعارضة العراقية في "منظمة بدر" الذراع العسكري لـ"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، والذي تغيّر اسمه لاحقا إلى "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"، كما أنه خدم في فيلق القدس الإيراني.

وقضى "دنائي فر" معظم حياته المهنية في الحرس الثوري الإيراني كمهندس مدني ولوجستي، حيث كان نائب قائد سلاح البحرية فيه عندما كان علي شمخاني يتولى قيادتها، وتولى قيادة شركة "خاتم الأنبياء للإعمار" والتي تمثل الإمبراطورية الاقتصادية للحرس الإيراني.

ويعرف أيضا عن دنائي أنه من الشخصيات المهمة والقيادية في الحرس الثوري الإيراني، وعمل لمدة في مؤسسة تشخيص مصلحة النظام التي كان يرأسها الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني.

"مهندس التوافقات"

لم تكن مفاوضات القوى الشيعية بالعراق، والتي أدت إلى تمرير حكومة مصطفى الكاظمي بالبرلمان، وليدة الساعات الأخيرة من يوم 7 مايو/ أيار 2020، وإنما كانت نتيجة عمل مكثف أشرف عليه دنائي فر قبل ذلك بخمسة أيام من أجل توحيد موقف القوى الشيعية للتصويت لصالح الكاظمي.

وأوضحت عدد من التقارير أن "الوفد الذي يرأسه السفير الإيراني السابق لدى بغداد حسن دنائي فر، أشرف على مفاوضات القوى السياسية الشيعية لتشكيل الحكومة العراقية، وضغط عليها بشدة للقبول بالكاظمي وتمريره في البرلمان".

وأكدت أنه "لولا الوفد الإيراني لما مُررت الحكومة، لا سيما أن زيارة الجنرال إسماعيل قاآني السابقة إلى بغداد، هي من أبعدت رئيس الوزراء المكلف السابق عدنان الزرفي، والاتفاق على اختيار الكاظمي بديلا عنه، وهذا يعد أول اختبار له بعد غياب قاسم سليماني".

وقبل ذلك، أشرف حسن دنائي بصفته مسؤولا عن الملف السياسي العراقي في إيران، على اجتماعات مكوكية جرت في مارس/آذار 2020 بمنزل زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي ببغداد حضرها السفير الإيراني إيرج مسجدي لإزاحة السياسي عدنان الزرفي عن تكليفه بتشكيل الحكومة.

وأفضت هذه الاجتماعات المكثفة التي التحق بها في أبريل/ نيسان 2020 قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني إلى إبعاد الزرفي عن مهمته، والتوصل إلى إجماع شيعي على تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة العراقية.

خدمته بالعراق

عقب سقوط نظام صدام حسين بالغزو الأميركي للعراق، تولى حسن دنائي منصب الأمين العام لـ"مركز التنمية الاقتصادية بين إيران والعراق"، وكذلك رئيس اللجنة الإيرانية لإعمار وترميم "الأضرحة المقدسة لدى الشيعة في العراق".

وفي أغسطس/ آب عام 2010 عين سفيرا لطهران لدى بغداد، إذ إنه يتقن اللغتين العربية والكردية إلى جانب لغته الفارسية، ويرتبط بعلاقات قوية مع عدد كبير من السياسيين العراقيين، ولا سيما رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي.

تعيين حسن دنائي فر عام 2010 (استمر 6 سنوات)، أثار تساؤلات في وقتها عن الأسباب التي دفعت إيران إلى تغيير سفيرها السابق حسن كاظمي قمي في هذا الوقت تحديدا، إلا أن تقارير صحفية تحدثت لاحقا عن أسباب سياسية تقف خلف الموضوع.

تقارير رجحت حينها أن سبب تعيين دنائي فر، هي نتائج الانتخابات العراقية البرلمانية التي جرت في السابع من مارس/ آذار 2010، وأظهرت خسارة قوى موالية لإيران بزعامة نوري المالكي، وفوز قائمة "العراقية" السنية بقيادة السياسي الشيعي العلماني إياد علاوي.

وأشارت إلى أن "إيران تريد أن تكثف وجودها في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية، لذا استبدلت سفيرها السابق بالسفير الجديد الذي تعتبره صديقا للعراقيين لأنه من مواليد العراق ويتمتع بصداقات قوية هناك".

وبحسب تقارير، فإن حسن دنائي فر لديه مواقف معادية لتوجهات الأكراد العراقيين، إذ يعتبر الضابط السابق في الحرس الثوري الإيراني أن سياستهم في إقليم كردستان العراق تهدف إلى التقسيم والانفصال.

وكشفت أن حسن دنائي فر وقبيل الانتخابات البرلمانية العراقية في 2010 عمل مع بعض مكاتب الحوزة العلمية في النجف وبمساعدة وكلاء المرجع علي السيستاني عبدالمهدي الكربلائي وأحمد الصافي في الترويج لقائمة المالكي.

وأشرف الدبلوماسي الإيراني على لم شمل "التحالف الوطني" (الشيعي) مع ائتلاف "دولة القانون" بقيادة المالكي، أفضت إلى إعادة توحيد القوى الشيعية وتسمية الأخير رئيسا للوزراء لولاية ثانية في العراق.

وقبل ذلك عمل بقوة على تحشيد الأموال والأفراد في جميع محافظات العراق الوسط والجنوبية ذات الغالبية الشيعية من أجل حشد أكبر عدد من الأصوات لقائمة المالكي وبإشراف مباشر من محمد رضا نجل المرجع السيستاني، وفقا للتقارير.

مواقف مثيرة

في الأول من يناير/ كانون الثاني 2020، صدرت تصريحات مثيرة عن السفير الإيراني السابق لدى العراق حسن دنائي فر، أشار فيها إلى أن العراق أصبح ملعبا لتصفية المشاكل بين إيران وأميركا.

وقال في تصريحات نشرها موقع "إيران إنترناشيونال": إن "الهجوم على السفارة الأميركية ببغداد في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2019، يعد انتقاما من العدوان الأميركي على مقر الحشد الشعبي"، مؤكدا أن "التوتر بين طهران وواشنطن سيتصاعد، والعراق هو ملعب تصفية المشاكل مع أميركا".

وقبل ذلك، أدلى دنائي فر خلال مقابلة مع قناة "العالم" الإيرانية في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أكد فيها أنه كان قد حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من سقوط الموصل العراقية والدور الأميركي في ذلك، لافتا إلى أن الأميركيين قد دخلوا الحرب على تنظيم الدولة بشكل متأخر وبعد وضع شروط.

وأشار إلى أنه في إحدى الجلسات مع رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي أعرب عن قلقه من أن بعض النشاطات التي تقوم بها بعض الأجهزة وخاصة الأميركية من شأنها أن تؤدي إلى سقوط الموصل، وكان ذلك قبل ستة أشهر من سقوط المدينة.

وأوضح دنائي فر، قائلا: كنا قد تحصلنا على معلومات تدل على أن نشاطات خطيرة تجري في شمال وغرب العراق، ومن اللافت أن المالكي قال لي إن الأميركيين لم يقولوا شيئا لنا بهذا الجانب. فقلت له: "قد يكون هؤلاء جزء من المؤامرة".

وتابع: "رأينا أن الأميركيين دخلوا وبشكل متأخر إلى الحرب مع تنظيم الدولة، وذلك بعد وضعهم شروطا، أي أنهم تركوا أن تسقط مناطق كثيرة بيد التنظيم، لكن إيران فور طلب رئيس الوزراء آنذاك وطلب رئيس إقليم كردستان لبوا الطلب، ودخلت في الحرب ضد التنظيم، وقدمت شهداء ومساعدات مادية واستخبارية وتدريبية لافتة".