"يني شفق": كيف دافعت نقابة المحامين في تركيا عن الشذوذ الجنسي؟
أثارت نقابة المحامين في أنقرة، الجدل، بعد أن انتقدها رئيس أعلى هيئة دينية في البلاد بسبب تصريحات قال فيها: إن المثلية الجنسية تسبب الأمراض وأبرزها الإيدز، وإن الإسلام يدين الشذوذ الجنسي الذي يفسد الأجيال.
واتهمت النقابة أواخر أبريل/نيسان 2020، رئيس الشؤون الدينية التركية، والمعروفة باسم ديانت، علي أرباش بـ "التحريض على الكراهية والعداء"، في حين فتحت السلطات التركية تحقيقا بحق النقابة بتهمة "إهانة القيم الدينية لدى فئة من المجتمع".
وبدورها، وصفت صحيفة يني شفق النقابة وغيرها من التكتلات التي تحمل هذا الاسم ببقايا نظام الوصاية. وقال الكاتب إبراهيم كارغول: "يجب التخلص من هذه المؤسسات ومن هي على شاكلتها فورا، وإن تعذر ذلك فليبصق المواطنون بوجه هؤلاء المحامين في الشوارع والطرقات".
قصة الشذوذ
وتصدرت القضية الموضوعات الأكثر تداولا على تويتر في تركيا، وغرد المؤيدون لأرباش عبر وسم "علي أرباش ليس وحده"، فيما كتب معارضوه انتقادات تحت وسم "الحقوق الجنسية من حقوق الإنسان".
وقارن كاراغول بين موقف النقابة ومواقف بعض الدول غير المسلمة وكيفية تعاطيها مع شهر رمضان كتظاهرة إسلامية "بل وهنأت المقيمين بالشهر الكريم، كما تتعالى أصوات الأذان من العواصم والمدن الأوروبية".
وفيما يواجه العالم كله أخطر وباء في تاريخ البشرية، فيروس كورونا الذي قتل الآلاف، وفي ظل هذا كله اتخذت بعض الدول إجراءات احترازية مثل إغلاق المساجد ومنع الطواف، لكن "بعض السفلة يهاجمون الإسلام والمسلمين ويشتمونهم ويكيلون لهم الإساءات في هذا الوقت الحرج"، وفق تعبير الكاتب.
وقال: إن "بيان نقابة المحامين يعد واحدا من أشرس الهجمات التي عهدنا نماذجها في أوروبا حتى اليوم"، مضيفا أن "هذا البيان لا يختلف البتة عن توجهات الأحزاب اليمينية المتطرفة سواء في إسرائيل أو القارة العجوز وما يعرف بالمحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وهو كذلك مثال شديد الوضوح على معاداة الإسلام بكل معنى الكلمة".
ورأى الكاتب أن هذا البيان يأتي ليفضح الجبهة المتشكلة عالميا للحرب على الإسلام والتي يخوض غمارها اليمين المتطرف في كل العالم ومنذ ثلاثين سنة، كما يعطي إشارة على مدى توسع ذلك التحالف وسوء نواياه.
وأضاف: "كشف نص ذلك البيان المفعم بالكراهية، النقاب عما يحملونه من كراهية شديدة لتركيا والإسلام والمسلمين ومدى خطورتهم وما يمكنهم فعله لو سنحت الفرصة أمامهم".
وقال: "أولئك الذين نشروا هذه الكراهية قتلوا مئات الملايين من البشر حول العالم وارتكبوا مجازر جماعية واحتلوا دولا وأشعلوا فتيل حروب أهلية".
وعد الكاتب أن هذه الكراهية هي "ذات اللغة المستخدمة في بيان نقابة المحامين في أنقرة، وهي تنبع من ذات المنبع، وينتمون للمكان نفسه، وهي قادمة من ذات الجهة التي عذبت الأبرياء في سجن أبو غريب في العراق وغيره من الأماكن حول العالم".
كما أنهم، بحسب الكاتب، "ينتمون للأصل ذاته الذي ينتمي له أولئك الذين قتلوا مئات المسلمين بالتعذيب في قندهار فقط لأنهم مسلمون أو من اختطف مسلمين وقام بتعذيبهم في قواعد سرية أنشئت على أسطح السفن وسط المحيطات الغابرة".
ودعا الكاتب المسلمين في تركيا مؤسسات وأشخاصا وجماعات على اختلاف مشاربهم إلى رفع دعاوى ضد نقابة المحامين في أنقرة، والقائمين عليها، ومن وجه بكتابة ذلك البيان ومن قام بصياغته.
وأضاف: "ينبغي اتخاذ رد فعل اجتماعي فريد من نوعه"، مبينا أن "من ارتكب مجازر ضد المسلمين خلال العقود الثلاثة الأخيرة قد تجسدوا فيما يبدو داخل نقابة المحامين".
أهداف النقابة
ودافع الكاتب عن أرباش مؤكدا أن خطبته كانت ضمن أحكام الإسلام، وتضمنت نصوصا من القرآن تلاها ضمن مسؤولياته المنوطة به، "وعليه فالذين يهاجمونه إنما يهاجمون الدين الإسلامي وهذا الأمر لا لبس فيه، وهي بشكل عام عملية تصفية حسابات مع الإسلام".
ويرى أن أولئك "يسعون لإشعال فتيل صراع سياسي من خلال جدل ديني. فهذه محاولة لتدعيم أسس المرحلة التركية من مشروع الإسلاموفوبيا الدولي، وهي في الوقت ذاته محاولة لإقامة جبهة داخلية مختلفة".
ولم تتقبل بعض التكتلات النقابية مثل اتحاد الأطباء الأتراك ونقابة المحامين في أنقرة أن تزداد شعبية تركيا حول العالم في أيام تفشي الوباء؛ يواصل الكاتب: "أصبحنا دولة تبهر الجميع وتثير إعجابهم بفضل النجاح في مكافحة الفيروس وتقديم المساعدات للدول الأخرى واكتفائنا الذاتي".
ووصف الكاتب هذه التكتلات بأنها تكره تركيا وتشعر بالانزعاج جراء القوة التي باتت تتمتع بها، "وبالتالي هم يلجؤون لاستخدام عبارات حساسة لتنفيذ مخططات تعتيم داخلي بغرض إحداث التوترات في الدين وبقية شؤون المجتمع خاصة من تلك التي تتسم بشيء من الحساسية".
وأردف في السياق: "ما شهدناه هو محاولة تحريضية خبيثة معدة مسبقا، لكن الأخطر من ذلك أن نصفها بالتحريضية ونقف موقف المتفرج، بل يجب التحرك للحيلولة دون انتشار الاستهتار والوقاحة والكراهية إلى هذه الدرجة".
ودعا إلى "التصدي لأمثال هؤلاء وتذكيرهم بأن لديهم حدودا وأنهم لا يمكنهم أن يهاجموا بهذه الطريقة معارضيهم ومعتقداتهم وقيمهم، كما لا يمكن لأحد أن يقدم لأحد آخر خيارات من قبيل الإساءة لدين ومعتقدات آخرين تحت مسمى حرية التعبير".
ووصف من يهاجم الدين على هذه الشاكلة أنهم "صاروا محاصرين في مساحة ضيقة"، متابعا: أن "تركيا تسير في طريق معاكس لما يرغبون هم السير فيه لكنها تتقدم وترتقي كل لحظة لتستحيل لعنصر فاعل في الساحة الإقليمية والدولية".
وعاد إلى البيان ليؤكد أنه "لا يوجد أدنى فرق بينه وبين الرسوم المتحركة التي نشرت في الدانمارك، والتي هدفت للإساءة للنبي محمد، فالغضب والحقد والكراهية واحدة في كلا الحالتين".
وناشروا البيان بحسب الكاتب أحجموا عن تقديم أي مساعدة ممكنة مع تفشي كورونا، "بل على العكس حاولوا بث اليأس وإفساد الروح المعنوية للمجتمع بعد أن صفقت كل الدنيا لأداء الحكومة والشعب اللافت".
وعن "اتحاد الأطباء الأتراك"، تساءل الكاتب: ماذا فعل بخلاف نشر الفتن والفساد؟ داعيا لحذف كلمة "الأتراك" منه لأنهم ليس لهم ارتباط بتركيا، وفق قوله.
وشدد على أن بيان نقابة المحامين لن يُنسى ولن يترك وأصحابه بدون عقاب. وأضاف: "هذه الأرض ستذيقهم ويلات ما كتبت أيديهم".
وكرر الكاتب دعوته لرفع مئات الآلاف من دعاوى السب والتعويض ضد إدارة نقابة المحامين في أنقرة ومن كتبوا البيان ونشروه وأصدروا تعليمات بذلك، قائلا: "يجب إلغاء تراخيص هؤلاء المحامين المهنية. إذا لم يحدث أي من هذا فابصقوا في وجوههم في الشوارع وحين ترونهم في كل مكان".