"حجج باطلة".. كيف يرى العُمانيون إمكانية تطبيق التقاعد الإجباري؟

12

طباعة

مشاركة

تباينت ردود فعل رواد موقع التواصل الاجتماعي العُمانيين على ما روج مؤخرا بشأن احتمالية صدور قرار بإحالة كل موظف أكمل 30 عاما إلى التقاعد الإجباري، إذ اعتبر فريق من الناشطين بأنه "قرار صائب"، لكن طيفا آخر انتقده ووصفه بأنه تخلي عن الموظفين.

ورأى مؤيدو القرار- الذي لم يعلن رسميا حتى كتابة هذه السطور- عبر تغريداتهم على وسم #التقاعد_الإجباري، أنه حل لأزمة البطالة وتخفيف العبء على الموازنة العامة في الدولة، بينما جزم الرافضون بأن تطبيق القرار ينتج عنه مشاكل اجتماعية ومالية أكبر لا يمكن تجازوها.

ولا تزال مشكلة البطالة في سلطنة عُمان قائمة، وتؤكد التقارير أنها بين الشباب بمعدل 50 بالمئة، فيما يبقى 70 بالمئة من الإناث خارج سوق العمل.

وتشير البيانات الصادرة عن "المركز الوطني للإحصاء والمعلومات" بالسلطنة إلى أن نحو 231593 عملوا في القطاع الحكومي في عام 2018 ارتفاعا من 28681 شخصا في عام 1979، بينهم 78335 وافدا من جنسيات أخرى.

وتكشف الإحصاءات أن عدد المسجلين في صناديق التقاعد ارتفع بنسبة 2 بالمئة إلى 541.777 بنهاية 2018، والعدد الأكبر منهم يعملون في القطاع العام والبالغ 280.558، وفي القطاع الخاص 261.219.

تبعات التقاعد

وكتب علي الحسني الإعلامي المختص باستطلاع الرأي العام، سلسلة تغريدات يعلن فيها رفضه لتطبيق التقاعد الإجباري، ويؤكد أنه ليس حلا وله تبعات، مستغيثا بسلطان عُمان هيثم بن طارق.

وقال الحسني: "كلنا يقدر الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها السلطنة؛ لكن التقاعد الإجباري لمن أكمل 30 سنة في الخدمة بهذه الطريقة ليس هو الحل؛ قد يخفف الضغط على الميزانية العامة؛ لكن في المقابل سيخلق مشاكل مالية واجتماعية وقانونية لكثير من أسر هؤلاء المقاعدين".

وأضاف: "يبدو أن قرار التقاعد الإجباري لم تتم دراسته من جميع النواحي، حيث درس من جانب نتائجه على الميزانية العامة للدولة ولم ينظر إلى ظروف الموظفين الذين لديهم التزامات مالية أسرية وبنكية مجدولة بناء على سن التقاعد القانوني وهو ما سيخلق مشاكل خطيرة".

وطرح الحسني جملة تساؤلات: "أين مبدأ لا ضرر ولا ضرار من تطبيق التقاعد الإجباري؟ لماذا لم تقدم حوافز تشجيعية للمقاعدين تخفف الآثار السلبية الحادة التي ستنجم عن هذا الإجراء الذي اتخذ في ظل أزمة كورونا التي يطالب فيها الكثيرون بتأجيل الأقساط البنكية فكيف بتقاعد إجباري؟".

واتفق معه في الرأي عبدالله البلوشي، الذي أوضح أن المشكله تكمن في كون غالبية هؤلاء الذين تمت إحالتهم للتقاعد الإجباري أنهم ليسوا على كامل الاستعداد لمثل هذا الأمر من جميع النواحي وخصوصا الالتزامات المادية. وكان من المفترض أن يتم دعمهم بما يساعدهم على ذلك إن لم يكن هناك مكافآت مادية مجزية مع التقاعد.

تطبيق القانون

ودعا ناشطون إلى تطبيق القانون وترك الموظفين في وظائفهم لحين انتهاء فترة عملهم المقررة قانونيا، مطالبين بالنظر في أمر المتقاعدين السابقين المتضررين.

ورأى مدير دائرة الثقافة بمحافظة ظفار سالم اليافعي، أن ‏‎#"‎التقاعد_الإجباري خطأ كبير ‏ترتكبه الدولة، لو تم تطبيقه فعلا وقد يخلق قلاقل ومشاكل اجتماعية ونفسية، الحكومة في غنى ‏عنها في العهد الجديد، لأنه سوف يتسبب في تضييق الحياة على أعداد كبيرة من المواطنين ‏والأفضل الالتزام بالتقاعد القانوني المتعارف عليه. ولاتشيل حجارة تضرب بها رأسك والصبر".‎

تأييد التقاعد

وفي المقابل، أعلن ناشطون تأيدهم لمقترح "التقاعد الإجباري"، واعتبروه حلا لأغلب المشاكل التي تعاني منها السلطنة. ورأى زياد البلوشي أن "#التقاعد_الإجباري خطوة ممتازة تفسح المجال للباحثين عن عمل وتخلق درجات مالية كثيرة".

وأشار حمد بن عبدالله العزاني إلى أن الوظيفة لها تاريخ تعيين وتاريخ انتهاء، قائلا: إنه "مالم تنجزه خلال سنوات الخدمة  الـ 30 لن تنجزه بين ليلة وضحاها".

وأضاف: أن "من يعمل يدرك تماما بأن للمبنى بابين باب للدخول وباب للخروج شكرا جزيلا لخدماتكم واتركوا العمل لجيل أثبت كفاءته خلال هذه الأزمة واسألوا الله لهم التوفيق" .

أسباب التأييد

واختلفت الأسباب التي تبناها مؤيدون للقانون، فمنهم من رأى فيه توفير لميزانية الدولة ويتيح الفرصة لطاقات شابة بتولي مناصب وظيفية، وآخرون رأوها إتاحة للأفكار الجديدة ومواكبة للعصر، وتتماشى مع مصالح السلطنة.

"حجج باطلة"

واختلف ناشطون مع الأسباب التي أعلنها المؤيدون للتقاعد الإجباري، وفسروا الترويج لتنفيذه خضوعا لتوصيات دولية مفروضة على السلطنة لتحسين وضعها المالي.

وكتب الدكتور ناصر العتيقي الباحث في التاريخ العماني وعضو مجلس إدارة "الجمعية العمانية للكتاب والأدباء"، قائلا: "لا أتفق مع كل من يؤيد مقترح التقاعد الإجباري ولي تغريداتي حول هذا الموضوع وللعلم التقاعد الإجباري إن صح لا يعني توظيف الباحثين عن عمل، بل الهدف منه تقليل الأعباء عن ميزانية الحكومة، ولم يثبت أن كل من تقاعدوا سابقا تم توظيف غيرهم من الباحثين فالملفات منفصلة وليست مرتبطة".

وكتب مسالم تبوك: "أعتقد من وجهه نظري أن إحاله من كمل 30 سنة للتقاعد ليس لخلق وظائف جديدة، وإنما لتقليص أعداد الموظفين تماشيا مع توصيات صندوق النقد الدولي الداعي إلى خفض أعداد موظفي الدولة وغيره من الإجراءات، فالوضع المالي صعب ولا يحتمل توظيفا فكيف بتقاعد وتوظيف؟".

وخاطب الناشط صلاح الدين الأيوبي المحتفين بمقترح #التقاعد_الإجباري، قائلا: "الإخوة الفرحانين بـ#التقاعد_الإجباري لا تفكروا أن الحكومة رح توظف الباحثين.. إنسى. الغرض من التقاعد هو ترشيق الجهاز الإداري فقط ولا غير .. يافرحة ما تمت".

حلول بديلة

وحث ناشطون السلطات العُمانية على التعامل بحكمة مع القضية، مقترحين حلولا بديلة للتعامل مع الأزمات المالية والبطالة دون المساس بحقوق الموظفين.

وقالت زينة اليعربي: إن "التعامل مع قضية مثل هذه لا بد أن يكون حذرا جدا ومدروسا يحقق التوازن بين الطرفين"، موجهة نصيحة لبعض المغردين بالتعاطي في مثل هذه القضايا برقي وتقدير، هؤلاء المتقاعدون الذين أفنوا شبابهم في خدمة عُمان".

وحذر علي بن سعيد الحجري من أن #التقاعد_الإجباري هو خلق للمشاكل، مؤكدا أن الحكمة تقتضي التعامل بالقانون والذي يكون التقاعد فيه ببلوغ الستين.

وذكّر بما حصل في عامي 1997 و1998 عندما قرر مجلس الوزراء تطبيق التقاعد المبكر فتحول الأمر إلى تصفية حسابات بين المسؤول وموظفيه وظلم البعض وما زالوا مظلومين.

وأكد الحجري أن حل قضية الباحثين عن العمل هي بـ #إحلال_العُماني وفرض الإحلال فرضا ابتداء من أجهزة الدولة وشركاتها وهيئاتها، وقلت #الإحلال_يبدأ_بالقطاع_العام ومن ثم شركات القطاع الخاص. إن كان القصد من #التقاعد_الإجباري توظيف الشباب، أما إن كان القصد معالجة الوضع المالي فهناك بنود وكتبت عنها.