بعد خاشقجي.. ثلاث عمليات تكشف استمرار ابن سلمان في تعقب معارضين

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يواجه أسبوعا صعبا، بسبب التطورات السريعة في ملفات معارضيه بالخارج، حيث نشرت وكالات الأنباء العالمية آخر الأحداث التي حصلت مع 3 أشخاص دفعة واحدة، لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بانتقاد سياسات حاكم السعودية المطلق.

اعتقد المراقبون للحالة السعودية أن حادث اغتيال الكاتب الصحفي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية الرياض في إسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وخروج تفاصيله إلى العلن، سيمثل رادعا لابن سلمان فيما يخص طريقة تعامله مع معارضيه.

لكن إفلاته من العقوبة أول مرة أتى بعكس التوقعات، إذ انطلق أعوانه في كل مكان يحصدون المعارضين في الداخل والخارج، إما بالاعتقال، أو التنكيل بذويهم للضغط عليهم ودفعهم للعودة إلى البلاد وتسليم أنفسهم، أو الاعتداء عليهم في بلدان المهجر، ومحاولة استدراجهم لمصير خاشقجي.

ابتزاز بالاختراق

تقارير صحفية، اتهمت ولي عهد السعودية شخصيا، باللجوء إلى التجسس والقرصنة الإلكترونية لاستدراج معارضين، أو ممارسة الابتزاز، كما حدث مع الملياردير الأمريكي، جيف بيزوس، مالك صحيفة "واشنطن بوست"، والذي تعرض لمحاولة اختراق هاتفه من رسالة شخصية من محمد بن سلمان.

الناشط السعودي عمر عبدالعزيز، المقرب من الصحفي المغدور "خاشقجي"، تعرض هو الآخر لاختراق هواتفه، قبيل حادث إسطنبول، كما تعرض لاحقا لمحاولة استدراجه عبر مندوبين للسفارة السعودية في كندا.

في 29 مايو/ أيار 2019، كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، قيام السعودية باستهداف المعارض السعودي الذي يعيش في لندن، غانم الدوسري، بحملة قرصنة إلكترونية متقدمة، وذلك حسب الإخطار القانوني الذي أرسل للمملكة.

وقالت الجارديان: "تم تقديم الإخطار القانوني للسفارة السعودية في لندن وواشنطن، نيابة عن مقدم البرامج الساخرة من القيادة في المملكة، غانم الدوسري، متهما حكومة بلاده باستهدافه بهجوم خطير ببرمجية خبيثة من صناعة الشركة الإسرائيلية (إن إس أو جروب)".

يذكر أن شركة "فيس بوك – واتس آب"، تقاضي الشركة الإسرائيلية بمحاكم كاليفورنيا، وذلك لدورها في اختراقات برنامج المحادثات الشهير، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، حسب موقع "كورت ليسينر" المتخصص بنشر أخبار القضايا والمحاكم الأمريكية.

ملاحقة جريح

لم يكتف ابن سلمان بملاحقة "خاشقجي" واغتياله بطريقة بشعة هزت مشاعر الناس في أصقاع الأرض، بل حاول ملاحقة خطيبته بشتى الطرق، وذلك بعد فترة قصيرة من الحادث.

وكشفت الجارديان، عن حصول الاستخبارات البريطانية على تحذير من نظيرتها الأمريكية، العام الماضي، بشأن خطة سعودية للتجسس على "خديجة جنكيز"، خطيبة الصحفي الراحل "جمال خاشقجي"، أثناء وجودها في لندن.

وتابعت: "التحذير الأمريكي استنفر الاستخبارات البريطانية، التي بدأت بمتابعة جنكيز لحمايتها من المخطط السعودي"، بحسب مصادر استخباراتية غربية.

وأضافت أن محاولات النظام السعودي ضد "جنكيز"، حدثت بعد 7 أشهر فقط من مقتل خطيبها داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، في قضية تسببت بصدمة على الساحة الدولية من الانتهاكات السعودية.

الصحيفة البريطانية رجحت أن تكون خطورة التحذير الأمريكي، وقرب العهد بجريمة القنصلية، قد دفعت بريطانيا إلى التحرك على مستويات مختلفة لوقف المخطط السعودي، بما في ذلك عبر القنوات الدبلوماسية.

الناشطة السعودية وزميلة معهد ماستوتشوستس، هالة الدوسري، قالت: "السعودية تحاول وضع غطاء على قصة خاشقجي برمتها، ولذلك فمن المفهوم أنها قد تحاول ضمان إسكات صوت خديجة وحراكها"، بحسب الجارديان.

اختطاف شاب

في 24 يناير/ كانون الثاني 2020، نقل موقع "ديلي بيست" عن مصادر أمريكية "لم يسمها"، أن السعودية حاولت اختطاف الناشط عبدالرحمن المطيري من الولايات المتحدة.

وقال: إن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" أنقذ المطيري من مصير جمال خاشقجي، مشيرا إلى أن عميلا مشتبها به في الحكومة السعودية حاول اختطاف المطيري.

وأضاف: "بعد استخدام الشاب السعودي لوسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد ولي العهد محمد بن سلمان على خلفية مقتل خاشقجي، رافق رجل مجهول الهوية والد عبدالرحمن المطيري، على متن طائرة للوصول إليه، والضغط عليه وإعادته إلى السعودية رغما عن إرادته".

وقال المطيري لـ "ديلي بيست": "الحكومة السعودية أدركت أنني أشكل تهديدا، مما يمكن أن يمثل أزمة جديدة، خطف وتسليم منشق سعودي على الأراضي الأمريكية"، مؤكدا أنه "إذا عاد إلى السعودية فسوف يقتل في المطار"، على حد قوله.

وفي وقت سابق، نقلت وسائل إعلام أمريكية عن "المطيري" قوله: "تلقيت الكثير من التهديدات بعد اغتيال "جمال" في إسطنبول، وفي كثير من الأوقات كنت أعود إلى منزلي لأجد رسائل تهديد، ولا أعلم مصدرها، لكن الجهة الوحيدة التي قد تمثل تهديدا بالنسبة إلي، هي السلطات السعودية"، على حد تعبيره.

اتهامات "المطيري" لحكومة بلاده، تدعمها تصريحات الصحفية الأمريكية من أصل عربي، دانية العقاد، حيث ذكرت لموقع "ميدل إيست آي"، أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، التقى مكتب التحقيقات الفيدرالي بأربعة معارضين سعوديين في الولايات المتحدة لتحذيرهم من تهديدات صادرة عن السعودية.

"الدب الداشر"

ذكرت صحيفة الجارديان، أن المحكمة العليا في البلاد منحت المعارض السعودي غانم الدوسري، حق القدرة على مقاضاة سلطات بلاده بسبب حوادث قرصنة تعرض لها خلال الفترة الماضية.

ونقلت الصحيفة عن محامي "الدوسري" قوله: "الضوء الأخضر الصادر عن المحكمة العليا يظهر أن لديه قضية "قابلة للجدل".

وأفاد متحدث في شركة "لي داي" للمحاماة بأن هذه قضية نادرة في بريطانيا ضد السعودية، وقال: "يسرنا أن المحكمة قد وافقت على النظر بظروف القضية، واستهداف شخص يعيش في المملكة المتحدة"، بحسب الجارديان.

وغانم الدوسري هو ناشط في حقوق الإنسان، عرف عنه وصف ولي العهد السعودي بـ "الدب الداشر"، وله وجود نشط على قناة "يوتيوب" ينتقد فيها العائلة المالكة السعودية، وتحظى بأكثر من 300 مليون مشاهدة.

بعد اغتيال "خاشقجي"، بات يعيش الدوسري حالة خوف على حياته، حيث قامت الشرطة البريطانية بتركيب نظام إنذار "بانيك بوتون"، في منزله، بعد محاولة اعتداء مباشرة عليه في شوارع لندن، حسب "نيويورك تايمز".

وخلال العام الماضي، اكتشف "الدوسري" أن أجهزة الخلوي والحاسوب التي يتملكها، مخترقة بفيرس "بيغاسوس"، الذي طورته شركة إسرائيلية، واستخدمته بعض الكيانات بغرض تحويل الهواتف الذكية إلى أدوات تجسس على مستخدميها، والتي ارتبطت بشكل مباشر بالحكومة السعودية.

وكان "الدوسري" قد تساءل في مقابلة سابقة مع "فرانس برس"، "إن كان المعارضون في الخارج يقتلون، فما الذي يمكن أن يحصل للذين هم داخل البلاد؟". مضيفا "هذا هو الإصلاح الذي يسوقه ولي العهد لنا: قتل الناس في القنصلية وتقطيعهم ومحاولة إسكات وتخويف كل المنتقدين. لكن يجب ألا نرضخ للتخويف، لأن حرية الكلام حق لنا".