صحيفة تركية: لماذا تصر واشنطن على لقاء "مظلوم كوباني"؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب بولانت أوراك أغلو، تناول فيه الإصرار اللافت للولايات المتحدة الأمريكية، على اللقاء بزعيم ما تعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم كوباني، المطلوب لدى السلطات التركية بتهم "الإرهاب" .

وقال الكاتب في مقاله: إن "كوباني مطلوب لتركيا لتورطه في قضايا إرهابية كثيرة استهدفت الجنود والمواطنين الأتراك"، مشيرا إلى: أن "واشنطن ملزمة بتسليم هذا الإرهابي إلى أنقرة امتثالا للاتفاقية الموقعة بين الطرفين، ولا سيما وأنه على لائحة المطلوبين لتركيا والتي تسمى باللائحة الحمراء".

بطولات ميدانية

وشدد على: أن "القوات المسلحة التركية سجلت بمحاذاة الجيش الوطني السوري، بطولات ميدانية؛ ساحقة كالبلدوزر على القوات الإرهابية والتي تسمي نفسها بقوات سورية الديمقراطية"، وتوجت هذه البطولات بمثيلاتها على الطاولة بين كل من تركيا وروسيا وتركيا والولايات المتحدة كل على حدة".

وأوضح: "كما هو معروف، قضت كل من الاتفاقيتين على انسحاب القوات الإرهابية التابعة لبي كاكا من شرق الفرات شمال سورية تماما من الشريط الحدودي بطول 440 كم وبعمق 32 داخل الأراضي السورية".

ورأي الكاتب: أن تركيا وهي تخوض غمار هذه المعركة وتنتصر عليها، تحطم محاولات بناء "إسرائيل الثانية" التي شرعت القوى الاستعمارية الإمبريالية في تأسيسها على حدود تركيا، ليستحيل الممر الإرهابي إلى ممر سلام بفضل هذه العملية العسكرية "نبع السلام"، وبدلا من أن يكون هناك "ممر إرهاب" سيكون هناك ممر سلام و"منطقة آمنة" في شمال سورية.

وأشار إلى اهتمام الصحافة العالمية باتفاق أنقرة وواشنطن الأخيرة حول سوريا، بالقول: كان لهذه الاتفاقيات بين كل من الأطراف الثلاثة صدى واسع في مختلف الصحف الإقليمية والعالمية، حتى أنه قد تصدرت وسائل الإعلام الأمريكية عناوين مثل "أردوغان ينتصر على ترامب" وكذلك صحف أخرى مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز عنونت بـ"تركيا تحصل على ما تريده"؛ فيما كان لبعض العناوين الأخرى مثل "جارديان" و فرانس 24" و"لوس أنجلوس تايمز" تركيا تحقق ما تريده.

وبيّن الكاتب: أن هذه الصحف تتشاطر مع الرأي القائل إن هذه الاتفاقيات هي اتفاقيات تعود بالمنفعة التركية بالمقام الأول، حتى أن قنوات الإذاعة والتلفزيون اليونانية قامت بقطع البث التقليدي وأعلنت تفاصيل الاتفاقية.

أما وسائل الإعلام التركية، يقول الكاتب: إنها اختلفت في توصيف العملية العسكرية "نبع السلام" والتعليق على نتائجها، فقسم منها، كتب بعد المباحثات والاتفاقيات مع واشنطن وموسكو مثل" هل هو نصر أم هزيمة؟  هل ثمة حل بالأفق بعد هزيمة العناصر الإرهابية؟ لتفاهم الحكومة التركية والنظام السوري من جديد.. المنطقة الآمنة على وشك أن تكون ممرا آمنا للعناصر الإرهابية، عناصر قوات سورية الديمقراطية ليسوا منظمة إرهابية".

وبين الكاتب: أن "مثل هذه العناوين والآراء تضمنت الانتقادات وتوجيه الملاحظات لكل من الحكومة ولحزب الحرية والعدالة أثناء وبعد انتهاء العملية أو وصولها إلى هذه اللحظة".

وأكد أنه: بلا شك استفادت العمليات العسكرية السابقة "درع الفرات" وأيضا عملية "غصن الزيتون" وأخيرا "نبع السلام" من الصناعات العسكرية العملاقة التي تنتج محليا، في جميع جوانب العملية سواء الاشتباك المباشر أو اقتحام مناطق الإرهابيين وحتى رصده تحركاتهم داخل الحدود أو خارجها.

وأردف الكاتب: "لقد أثبتت تركيا مرة أخرى أنها على قدر التحدي سواء في الميدان أم على المباحثات داخل الغرف المغلقة، وأبطلت هي مساعي تقسيم سورية وإنشاء دولة أو دويلة ما على حدودها الجنوبية، وقدمت خطوة أكيدة على أن الحل في سورية لا يمكن أن يأتي على حساب تركيا ولا حتى على حساب تقسيم الأراضي السورية".

يأتي أي الاتفاقيتين والعملية العسكرية تأكيدا لما جاء في القمة التي عقدت في أنقرة يوم 16 سبتمبر/أيلول الماضي، برعاية تركيا وحضور كل من روسيا وإيران حيث أعلن إنشاء لجنة صياغة الدستور؛ فيما أكد الرئيس أردوغان أن اللجنة ستجتمع للمرة الأولى في 30 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وقال: "توقعنا أن تمهد اللجنة الدستورية الطريق لتغيير سياسي حقيقي وشامل في إطار التوقعات المشروعة والمبررة للسوريين".

وتطرق الكاتب في مقاله إلى ردة الفعل الأمريكية: بأن واشنطن أكدت عبر لسان وزير الدفاع الأمريكي مارك أسبر، أن بلاده لن تتواجه عسكريا مع تركيا، مشددا على: أنه "لن نشن حربا على حليف لنا في الحلف الأطلسي (ناتو)"، في إشارة إلى تركيا وفي ذات الوقت أعلنت القوات الأمريكية انسحابها تماما من شمال سوريا.

ذريعة واشنطن

الكاتب لفت إلى: أن واشنطن تتذرع بالتعاون مع "قسد" على مقاتلة تنظيم الدولة، ومع ذلك، في مقابل محاولات بعض العناصر في "قسد" لإقامة علاقات مع النظام وروسيا ، قام المسؤولون الأمريكيون فجأة بتغيير تصريحاتهم وبدأوا في شرح أنه يمكنهم العمل مع منظمة "قسد" و"بي كا كا" مرة أخرى بعيدا عن حدود "المنطقة الآمنة".

واستطرد: هنا خرج للنور اسم إرهابي كبير عرف نفسه على أنه قائد وحدات الشعب الكردية أو ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، بأسمائه الحركية المختلفة مثل "مظلوم كوباني" أو " شاهين جيلو، ومظلوم عبدي" فيما اسمه الحقيقي فرهاد عبدي شاهين، بل حتى إن ترامب أجرى مكالمة هاتفية معه ودعاه لزيارة أمريكا قريبا.

وأشار الكاتب: إلى جهود مختلفة من مجلس الشيوخ الأمريكي لتحصيل دعوة من أجل حضور هذا مظلوم كوباني إلى واشنطن، تحت ذرائع وحجج مختلفة وهو أي "مظلوم" مطلوب للشرطة الدولية الإنتربول وهو على اللائحة الحمراء لأكثر المطلوبين خطورة في تركيا.

وتُعد النشرة الحمراء طلبا إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان المجرم واعتقاله مؤقتا في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني آخر. وعادة ما تتضمن النشرة المعلومات اللازمة للتعرف على الشخص، كالاسم، وتاريخ الولادة، والجنسية، والصور الفوتوغرافية، والبصمات في حال توافرها، إضافة إلى المعلومات المتعلقة بالجريمة المطلوب لارتكابها.

مطارد دوليا

وفرهاد عبدي شاهين، وهو معروف بلقب "مظلوم كوباني"، تطلق عليه الولايات المتحدة اسم "الجنرال"، كما قال عبدالله أوجلان إنه "ابنه المعنوي"، مُسجل في بلدية المالكية (ديريك) السورية ومُدرج ضمن القائمة الحمراء للمطلوبين في تركيا، ووضعت وزارة الداخلية مكافأة بقيمة 4 ملايين ليرة تركية لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله كما يوجد مذكرة توقيف دائمة صادرة بحقه في كل من ولاية ديار بكر، وفان، وهكاري، وشرناق.

"كوباني" كان عضوا بالكادر الجبلي الخاص بتنظيم "بي كاكا" منذ 28 عاما  وهو المسؤول الرئيسي عن العديد من هجمات التنظيم الدامية، كما شغل منصب مسؤول ما يسمى "إقليم سيلو" في ريف هكاري ما بين عامي 1991 – 1996. وشغل منصب مسؤول أوروبا الخاص في حزب العمال الكردستاني ما بين عامي 1997 – 2003.

وبحسب الكاتب: فإن كوباني، غسل أدمغة العديد من الشبان في مختلف أنحاء أوروبا، وجمعهم في جبل قنديل وسعى جاهدا لمنح حق اللجوء السياسي في إيطاليا لرأس التنظيم عبدلله أوجلان. بعدها عاد إلى معسكر مخمور التابع للتنظيم في العراق، وعمل هناك مدة عام .

وأوضح: أن كوباني غادر العراق إلى سوريا عام 2013 للعمل كمسؤول للقوات الخاصة والاستخبارات لدى قوات "قسد". أجرى محادثات مع الولايات المتحدة وإيران، وأسس تحالفا مع الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، وبات على اتصال مع إدارة واشنطن منذ عام 2014.

ونوه الكاتب إلى: أن كوباني اكتسب قوة كبيرة بفضل آلاف الشاحنات المحملة بالذخائر والأسلحة التي أرسلتها له الولايات المتحدة بحجة قتاله ضد تنظيم الدولة، مكّنته من السيطرة على الشمال السوري وجعله تحت إدارة "بي كاكا" بما في ذلك الجانب السوري من الشريط الحدودي مع تركيا.

ولفت إلى: أن شاهين مسؤول عن مذبحة راح ضحيتها 25 ألف كردي على يد حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية منذ عام 2013 وحتى اليوم، إضافة إلى تجنيد الأطفال وضمهم إلى صفوف تنظيمه.

وأضاف الكاتب: أن "شاهين جيلو أو أيا ما كان اسمه، جلس حتى على طاولات الأمم المتحدة، ووقع معها اتفاقية دولية، بحجة عدم تجنيد الأطفال داخل صفوف المليشيات التي يقودها، وهو الذي قتل العشرات من الأتراك في عمليات هجومية متعددة، بأوامر من عبد الله أوجلان زعيم تنظيم حزب العمال الكردستاني "بي كاكا" والذي وصفه ذات مرة بأنه "الابن المعنوي" له.

ولفت الكاتب إلى: أن "واشنطن ملزمة بتسليم كوباني إلى تركيا فور وصوله إلى واشنطن للقاء ترامب أو أي من المسؤولين الأمريكيين وفق الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، خاصة وأن هناك مخاوف جدية من أن يتم تسريب المعلومات التي بحوزة واشنطن من قبله إلى روسيا والنظام السوري بعيد الاتفاق الأخير الذي جرى بين الأطراف الثلاثة وعلى إثره انسحبت الميليشيات من المناطق التي تسيطر عليها".